معبرا طريبيل ونصيب… القصة أبعد من مجرد تشغيلهما: الأردن يتفاعل أكثر مع موسكو ويقترب من طهران وأردوغان بحذر

عمان – «القدس العربي» : النبوءة التي تتحدث عن وقوف «إجباري» للأردن على محطة التفاعل مع إيران بعد إعادة افتتاح معبر طريبيل الحدودي مع العراق ونمو التسريبات عن إعادة تشغيل معبر نصيب مع سوريا لها ما يبررها سياسياً الآن.
هذه الخطوات «المهمة جداً» في سياق تفعيل وتنشيط الخيارات الاقتصادية الأردنية التي أصبحت «شبه معدومة» تقريباً عندما يتعلق الأمر بالحلفاء الخليجيين.
يمكن ببساطة ملاحظة أن هذا التحول السياسي برز إلى سطح الأحداث مباشرة بعد تطورين في غاية الأهمية في «الدبلوماسية « الأردنية تمثلا في استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدافئ في عمّان أولاً، ثم تدشين وتفعيل غرفة مراقبة الهدنة في جنوب سوريا في العاصمة عمّان إشراف روسي وموافقة أمريكية ثانيا.
ليس سراً اليوم أن الخيار الدبلوماسي الأردني بدأ «يتعدد ويتنوع» .
وليس سرًا أن الأردن يتجه نحو مساحة مضطرة للتفاهم وفي بعض الأحيان للتفاوض مع إيران ولو عبر وسيط ومع تركيا من دون وسيط خلافاً لاتجاهات بوصلة محور الحصار الخليجي على قطر الحليف للأردن.
هنا حصريا قرأ المراقبون الرسالة الأردنية مبكرا، فعمّان تتجه نحو «تطبيع مرحلي» للعلاقات الحدودية مع العراق وسوريا بصورة تجعل التحاور مع إيران ولو عن بعد محطة أساسية للأردنيين وفي التوقيت نفسه الذي تتبنى فيه أبو ظبي فكرتها الجديدة عن «الاستعمار الإيراني والتركي لسوريا».
هذا ما حصل مؤخراً فعلاً في الخريطة السياسية حيث يتحدث مسؤولون أردنيون همسًا وبكثرة عن الاستعصاء الخليجي في مساعدة الأردن مالياً واقتصادياً، وأكثر من ذلك عن «اتصالات» تثير الريبة لأطراف خليجية مع اليمين الإسرائيلي «تخذل» الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى في الوقت الذي انقلب فيه يمين إسرائيل بمؤسساته تماما على الشريك الأردني السياسي والسلمي.
بمعنى آخر؛ تقديم الأردن لتنازلات حيوية لطرف إقليمي قوي مثل إيران أصبح مظهرًا لافتًا في الدبلوماسية الأردنية التي تسعى لأن يبدل في خياراتها استئناف العمل والحركة في معبري نصيب وطريبيل حيث الطرف القوي في سوريا والعراق الذي يقابل الأردن هو إيران حصرياً.
عمّان دخلت منذ أسابيع في مرحلة تنويع سياسية وأمنية مختلفة لها علاقة بالحفاظ على أمنها الحدودي مع الجبهة الجنوبية لسوريا.. الطرف المقابل في هذه الجبهة كان موسكو التي يوجد لها اليوم في عمق اجتماعات واتصالات عمّان «لجنة عسكرية وأمنية» تنسق الجهود ومن دون اعتراض من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ذلك وضع استراتيجي مستجد في الدبلوماسية الأردنية لأن موسكو التي يزيد منسوب نمو اتصالها مع الأردن هي التي قدمت على الأرض «ضمانات ناجحة» لإبعاد المليشيات الإيرانية عن حدود درعا مع الأردن ولأكثر من 70 كيلو متراً وتماماً للمسافة التي طلبها الأردن عسكرياً وأمنياً.
موسكو بوتين أيضاً تعلن أمام بنيامين نتنياهو «خصم الأردن الأبرز مرحليا» تحالفها القوي مع إيران وتقدم لعمّان يوميا ضمانات على أنها «تسيطر « على النفوذ الإيراني أو تستطيع التعامل معه والتأثير فيه.
في المقابل طرح أردوغان عندما زار الأردن على عمّان صيغة «إيران كالزوجة.. شر لا بد منه» لا بل اقترح أيضا إجراء وساطة وجهود لاحتواء حدة المخاوف الإيرانية من إيران وهي في الأصل ليست ذاتية حسب مسؤول بارز في الحكومة الأردنية بل متعلقة دوما بالعامل السعودي .
معنى الكلام أن الأطراف الفاعلة كلها اليوم في المنطقة مثل تركيا وروسيا تتعامل مع نفوذ إيران في العراق وسوريا باعتباره «أمراً واقعاً» وتحصيلاً حاصلاً.
وهي أطراف تنشد التقارب مع الأردنيين وتعرض عليهم سلسلة تعاونات استثمارية واقتصادية وأمنية بصورة تبعدهم أكثر عن محور دول حصار قطر الخليجي الذي لم يعد متضامناً مع الاحتياجات الأردنية ولا ضامناً للمساعدة في معالجتها، بل يتقارب مع اليمين الإسرائيلي بالتوازي على حساب «تهميش» دور الأردن، خصوصاً الوصاية الهاشمية.
الأردن أكثر ما يقلقه هو تحالف بين بعض دول الخليج الصديقة واليمين الإسرائيلي. وأهمية موسكو بالنسبة للأردنيين اليوم تنحصر في أنها توفر ملاذات آمنة لاستراتيجية الدفاع الأردنية عن المصالح الذاتية وتدعم بقوة تفاهمات أدت فعلاً وخلال الأيام القليلة الماضية لتحييد الشغب الإيراني على مشروع إعادة فتح معابر نصيب وطريبيل مع العراق وسوريا.
فتح المعابر وعودة حركة النقل والتجارة بعد إغلاق دام عامين قد يشكل «قفزة نوعية» ومهمة في محاولة فتح مساحات جديدة أمام قطاعي النقل والتجارة وحركة الترانزيت في الأردن خصوصاً بعدما أكملت السعودية مناكفاتها بافتتاح معبر بري بينها وبين العراق على حساب ميناء العقبة الأردني.
بهذا المعنى يمكن القول بأن تشغيل معبر طريبيل أمس الأربعاء رسميًا خطوة تمهد لتشغيل شقيقه مع سوريا معبر نصيب.
وهي في الأحوال جميعها ليست مجرد خطوة تجارية أو حدودية لأن طهران في المشهد وكذلك موسكو وأنقره وبصورة تعني أن بوصلة الدبلوماسية الأردنية تتبدل ضمن سياق استراتيجي جديد تماماً قد يعقبه الكثير من المطبات أو الانفراجات.

معبرا طريبيل ونصيب… القصة أبعد من مجرد تشغيلهما: الأردن يتفاعل أكثر مع موسكو ويقترب من طهران وأردوغان بحذر
تحريك استراتيجي جديد في المنطقة… واليمين الإسرائيلي مع محور «حصار قطر»
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سوري:

    هذه هي امة العرب تتحالف مع العدو ضد الأخ. عودة على بدء ملوك الطوائف بالأمس، ملوك الطائفية اليوم

  2. يقول يوسف بن علي:

    ( ابو علي بوتين قريبا في حلف المقاومة ). شعار أطلق في شوارع دمشق قبل أشهر. انه محور مطاط كبير مفيد كسوريا المفيدة .او بالاحرى انه كسفينة سيدنا نوح من دخل على متنها .عنده( الامان والنجاة). دولة مظلومة من الأشقاء قبل الأعداء. عدو صهيوني غادر يتربص بها .حروب مشتعلة على حدودها .اقتصاد في العناية الفائقة. اقصد الأردن الشقيق .الذي سيحجز عاجلا أم آجلا مقعدا في المركب (الإلهي) متجها الى ( بر الامان). ..هناك مازال الكثير من المقاعد الشاغرة..سيشغلها .حركة حماس .وربما العراق. وغيرهم .انه مركب محور المقاومة …( لو كان الفقر رجلا لقتلته.) قالها سيدنا علي بن أبي طالب.. الاردن لن يقتل أحدا. وحتما لا يريد من احد أن يقتله.

  3. يقول سامح //الأردن:

    *من حق (الأردن ) البحث عن مصالحه
    فإذا لم يجدها في الجار القريب
    يبحث عنها في الجار البعيد.
    * إذا كنت محتاج مبلغ وتخلى عنك أخوك
    وقريبك ماذا تفعل؟؟؟
    *حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  4. يقول جزائري:

    انا لا افهم بصراحة النظام السعودي وخليجي بشكل عام كل سياستهم ضد العرب وضد امن دول العربية ولكن بسبب علاقة الخاصة بين الاردن والسعودية استغرب لماذا النظام السعودي يقوم باعمال عدائية ضد الاردن وهو حليف وافي لهو وساهم في دفاع عنو وبناء السعودية وتاسيس جيشو وتطور بلدو لا افهم هؤلاء الاعراب كل مايقومون فية هو استخدام اموال النفط في تدمير الامة العربية لو دفع نظام سعودي ربع الي دفعو لابو ايفانكا لم بقي جائع في كل بلاد العرب الاردن مش بلد سهل الاردن هو الشرق الاوسط ولو ارد لقلب الطاولة على جميع اتمنى الا يخسر خليج الاردن كما خسرو العراق

  5. يقول أنس محمود:

    نأمل أن تكون القيادة الأردنية قد استوعبت الدرس: مشايخ الخليج لن يساعدوا أحدًا (لا بالأموال ولا بأي شيء) ما دام يقوم بكل ما يريدونه بدون تردد، وهذا ما كان يقوم به الأردن في السابق. أنظر، أنهم يساعدون مصر بالمليارات، ليس حبًا في نظام مصر، ولكن خوفًا وارتعابًا من “عودة الإخوان المسلمين”، وهذه هي الورقة الرابحة التي يلعب بها السيسي معهم بمكر كبير: إمّا أن تنهال أموالكم علينا “زي الرزّ” أو البديل هو عودة الإخوان. فما دام الأردن في “حضن” مشايخ الخليج، وينفذ كل ما يطلب منه، فلما يساعدونه: هل لديه ورقة “ضغط” رابحة كالتي عند السيسي؟! نتمنى أن تكون هذه اللحظة هي لحظة يستفيق فيها الأردن بحق، ويبحث عن مصالحه، ولو عند “الشيطان”! الوضع الاقتصادي في الأردن وضع صعب جدًا. فكفكي! لن تقدم لنا دول الخليج سوى الوعود الجوفاء!

  6. يقول حسنين عمر:

    المشكلة والإحباط هو عندما يسمع المواطن العربي الفقير . أن أحدهم تبرع لايفانكا ترامب بمبلغ 100 مليون دولار .. وربما نفس هذا المواطن .اكل على رأسه و بطنه .وربما في أماكن أخرى من جسده عشرات الضربات من الشرطة. بسبب غضبه من أميركا.او من دول الحصار. ما المطلوب أن يفعل هذا الإنسان المقهور ..؟؟ اترك الجواب عند القراء

  7. يقول .الحرحشي _المفرق -الاردن:

    السعودية هي المصدر البلاء الرئيسي لم فيه حال الامة العربية فلقد تخاذلت كثيرا مما وضعها في خانة الشك من هذه الموقف التي لا تعبر الا عن مصالح يمليها الخارج. فموقفها من العراق وتسليمها على طبق من ذهب الى ايران وكذلك مواقفها المتخاذل من الثورة السورية جعل ايران والروس ينفردوا بسوريا وتصبح دمشق امتداد للمحور او الهلال الشيعي. لقد جلب مواقفها مما يحدث في الوطن العربي من احداث منها دعمها للانقلاب في مصر كوارث لا يعلم الا الله عواقبها لن تسلم السعودية منها والايام بيننا. يا لها الزمان كان رجالها ما ترون بأم اعنيكم. نسأل الله العفو والعافية. وحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم.

إشترك في قائمتنا البريدية