أريحا ـ «القدس العربي»: إذا قرر فلسطيني من الضفة الغربية السفر إلى أي وجهة في العالم، فلا يعني ان قراره سيتحقق أسوة ببقية شعوب العالم. فهذه الرحلة منذ اللحظة التي تستقل فيها السيارة من منزلك باتجاه معبر الكرامة كما يسميه الفلسطينيون أو معبر الملك حسين كما يطلق عليه الاردنيون أو معبر اللنبي كما هو معروف دوليا، لن تكون إلا رحلة نحو «المجهول».
وهذا المجهول مرتبط بشكل أساس بمزاج سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والجنود المتواجدين على الحواجز العسكرية التي تعترض الطريق إلى المعبر الحدودي الوحيد الذي يربط الضفة الغربية بالعالم الخارجي عبر الاردن.
وحتى لو تمكنت من اجتياز هذه الحواجز العسكرية بنجاح وسلام فهذا ايضا لا يعني انك ضمنت السفر، اذ يبقى أمامك عقبة أكبر وربما عقبتان، وهو اجتياز المعبر بنجاح وهذا كما سلف ذكره، يعتمد على مزاج القائمين من الجنود الإسرائيليين عليه. واجتياز المعبر ايضا ليس ضامنا، فلربما تجري الرياح بما لا تشتهي وتقرر السلطات الاردنية إعادتك لأسباب مختلفة إلى حيث أتيت بخفي حنين.. وكما يقول المثل «تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي»، بعد كل هذه المعاناة والساعات الطوال التي أضعتها وتكاليف السفر الباهظة.
وإذا نجحت في اجتياح هذه العقبات الثلاث فان بإمكانك ان تتنفس الصعداء، وتحقيق المراد بالسفر إلى وجهتك التي اخترتها.
هذا هو حال الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية الذي لا يختلف كثيراً عن حال أهالي قطاع غزة.
يذكر في هذا السياق انه ليس بإمكان فلسطينيي الضفة استخدام مطار تل ابيب للسفر كما الوضع في السابق، وذلك بعد القانون العنصري الذي سنه الكنيست الإسرائيلي خلال الانتفاضة الثانية الذي يمنع أي فلسطيني يحمل الرقم الوطني بالسفر من و إلى تل ابيب حتى لو كان ذاك الشخص يحمل جواز سفر دولة أخرى.
ولتوضيح معاناة المرحلتين الأولى والثانية من هذه الرحلة، اليك بشخص يريد مثلا السفر من بيت لحم في وسط جنوب الضفة الغربية.. لا تبدأ الرحلة من المدينة بشكل مستقيم، لان حواجز الاحتلال تحتم عليك سلوك طرق محددة. عليك ان تستقل سيارة أجرة (لا يسمح لك بالوصول إلى المعبر أو ما يسمونه بالجسر، بسيارتك، حتى كبار المسؤولين باستثناء الرئيس ورئيس الوزراء أو المرضي عنهم اسرائيليا، ليس مسموحا لهم الوصول إلى المعبر بسياراتهم الخاصة) بالاتجاه شرقاً نحو وادي النار، وهي منطقة اخترعتها قوات الاحتلال ليسلكها الفلسطينيون كبديل لهم للتنقل بين مدن الضفة الغربية في جنوب الضفة الغربية «الخليل وبيت لحم» باتجاه الوسط «رام الله»، والشمال «نابلس وغيرها». وأول ما يصادفك في هذا الطريق هو حاجز عسكري إسرائيلي سُمي بـ»الكونتينر»، ومزاج جنود الاحتلال وحده هو من يتحكم بعبورك من عدمه، أو توقيفك لساعات طويلة دون سبب.
ووصولك عبر هذا الطريق إلى أريحا الذي يمر بك بقرى القدس أبو ديس، والسواحرة الشرقية، ثم محيط مستوطنة معاليه أدوميم، مروراً بمنطقة الخان الأحمر وصولاً إلى مدخل مدينة أريحا في الأغوار، مرتبط بما يسمى بـ «الحواجز الطيارة» أو الشرطية غير الثابتة في مكان محدد، التي قد تنصبها قوات الاحتلال، إما لإجبارك على دفع غرامات لأي سبب، أو التدقيق بهويتك، وربما يقرر المسؤول عن هذا الحاجز أو ذاك إعادتك إلى حيث اتيت، وما إلى ذلك من إجراءات اعتاد عليها الفلسطينيون.
وإذا كتب لك الوصول إلى «استراحة» معبر الكرامة في مدينة أريحا وهو أقصى نقطة يمكن ان تصلها السيارات التي تحمل لوحات أرقام فلسطينية، تبدأ فصول حكاية أخرى، مختلفة تماماً عن طريقك إليها، ومرتبطة، بإجراءات ذل يعاني منها الفلسطينيون منذ بداية الاحتلال.
ولإلقاء مزيد من الضوء، على هذه المعاناة، التقت «القدس العربي» بالمخرج الفلسطيني رائد الحلو، الذي أخرج فيلما يوثق مثل هذه الرحلات. وقال الحلو ان فيلمه يعد توثيقاً لرحلة كل فرد فلسطيني، في كافة مراحل السفر، بدءً من منزله، ومغادرة مدينته المحاصرة أصلاً بالجدار والحواجز العسكرية، وصولاً إلى ما يُعرف بـ»الاستراحة» في مدينة أريحا، حيث اكتظاظ المسافرين، والبدء بدفع المبالغ المالية الطائلة، مثل «ضريبة المغادرة»، ثم ترك الحقائب لتمشي في حافلة أخرى، وختم جواز السفر عند الشرطة الفلسطينية.
ثم الانتقال إلى «بوابة العلمي» حيث أول نقطة إسرائيلية، وهناك يتم النزول من الحافلة، ومرور المسافرين عبر بوابة حديدية للتفتيش، يقف وراءها جنود إسرائيليون مدججون بالسلاح خلف زجاج ضد الرصاص، ليتم الانتقال إلى حافلة أخرى، دون أي مبرر أو داعٍ لذلك سوى إجراءات الاحتلال.
ويصور الحلو مجريات الأحداث بطريقة توثق كيف يتعرض الفلسطيني للذل والمهانة في هذه الرحلة، إذ تضطر الحافة الجديدة إلى قطع «شارع 90» المخصص للإسرائيليين، وصولاً إلى بوابة أمنية، تُجبر الحافلة على الوقوف أمامها، قبل أن تفتح بمزاج الجنود الإسرائيليين دون أي تفتيش، ثم أقل من كيلو متر واحد، تقف الحافلة مجدداً على الحاجز الثاني الذي يوصلك لقاعة الجسر على الجانب الإسرائيلي، إلى حين السماح بالنزول من الحافلة ودخول القاعة لبدء مرحلة جديدة من الإجراءات العقيمة. وما يميز «الجسر» الإسرائيلي، هو أنك في هذه اللحظة، تشعر بأنك في مكان مجهول، ووجهتك مجهولة، يقول الحلو، ذلك أنك ستبدأ دخول القاعة عبر بوابة تفتيش، بعد أن تكون قد أفرغت كل ما هو معدني لديك، ثم الانتقال إلى نافذة لختم جواز السفر، وخلال كل هذه المراحل، أنت تنصاع لأوامر عسكرية إسرائيلية، مثل «أقعد على الكرسي، إنتظر، مطلوب للمخابرات، مسموح تغادر، أو ممنوع من المغادرة»، وإن سمح لك فإنك ستنتقل إلى حافلة رابعة عبر بوابة إسرائيلية أخيرة يفتحها الجندي ايضا حسب مزاجه، لتنتقل إلى الطرف الاردني، وفي الجانب الاردني، يتم فحص جواز السفر، ثم إلى حافلة أخرى لتنقلك من الجسر باتجاه العاصمة الاردنية عمان لو كنت في طريقك إلى وجهة أخرى.
مخرج الفيلم جمع المواد التسجيلية على مدى ثلاثة أعوام متواصلة لتبيان كيف خططت إسرائيل لهذه الرحلة المذلة، وكيف بإذلالها وتفاصيلها، وأوراقها الكثيرة، وكيف ان هذه الرحلة التي لا تتعدى «خمسة كيلومترات» أي المعابر بمراحلها الثلاث، تأخذ منك ساعات طويلة أحياناً، وبكلفة باهظة.
وأراد المخرج الحلو من هذا الفيلم، تقديم وثيقة رسمية لإدانة الاحتلال، ولجعل العالم بأسره يعلم بالواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون، «لأن إسرائيل أبدعت في رسم صورة طبيعية لإجراءاتها التي تبدو للعالم للوهلة الاولى بأنها رحلة حدود طبيعية، لكن الحقيقة أنها نظام وإجراءات عسكرية نجبر على الخضوع لها». كما أن هناك من لا يعلم بأن إسرائيل، تفصل المسافرين، من أبناء القدس المحتلة عبر معبر خاص، وهناك اجراءات خاصة ومعقدة للمسافرين من قطاع غزة على كافة المعابر، وإجراءات أخرى لحاملي الجوازات الإسرائيلية.
ويعتقد المخرج أنه «من المؤلم أن يتحول شكل الاحتلال العسكري، إلى أمر طبيعي في حياة الفلسطينيين وكأنه قدرهم، فقدرنا ليس كذلك، بل لنا كرامة، ومن حقنا أن نعيش بحرية وأمن وعدالة أسوة ببني البشر».
ودعمت مؤسسة روزا لكسمبورغ فلسطين هذا الفيلم وعروضه الرئيسية من خلال أحد مشاريعها لصالح حملة كرامة، وحملة كرامة هي حملة جماهيرية وطنية تعمل لخدمة أبناء الشعب الفلسطيني، وتأسست في صيف 2008 من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين في الحركة والسفر داخل وخارج فلسطين بحرية وكرامة.
وأعلنت الحملة أنها تدرك أن الحل الجذري لحق الفلسطينيين في الحركة والتنقل، هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن فلسطين، ونيل الفلسطينيين لحريتهم واستقلالهم الكامل، الا أن الحملة تسعى من أجل أن يسافر الفلسطينيون بكرامة وبأقل الاعباء المالية والنفسية، وبما يحفظ كرامتهم الإنسانية وحقوقهم المشروعة.
فادي أبو سعدى
هذه ممارسه واحده من مءات الممارسات الاسراءيليه لتهجير سكان الاراضي المحتله وللاسف فقد جنت اكلها .
والله يا أستاذ فادي ان ماذكرته صحيح بلا كرامه
ولكن ما يجري على معبر رفح أسوأ بكثير
فالتأخير عند الاسرائيليين ساعات لكنها عند السيسيين أياما وشهورا
مع الأسف طرق الاستعباد هذه التي ستكون الشرارة بالربيع القادم
ولا حول ولا قوة الا بالله
اسمة جسر الكرامة – لا فض فيه من اطلق عليه هذا الاسم. كل شيء في هذا الزمن الرديء معكوس والمسميات هي ايضا معكوسة . جسر الكرامه ههههههه اضحك من كل قلبي ضحكات هستيرية ، بالله عليكم سموه جسر العذاب ، جسر المهانة، جسر الذل ، سموه ما شئتم الا جسر الكرامة ..استحلفكم باله هذا اهم من اكلكم وشربكم ونومكم …اتركوا للتاريخ اسما واحدا ليس فيه كذب ولا خداع. لبيك يا جسر العذاب …اخوكم ابوعذاب