في خضم صراعات دوري أبطال أوروبا والدوري الاوروبي هذا الاسبوع، كان كثيرون يتوقعون وجود هوفنهايم الألماني بين الفرق المتصارعة، بعد «معجزة» الموسم الماضي، تحت قيادة المدرب الشاب «الموهوب» يوليان ناغلسمان.
الموسم الماضي، الأول كاملا في مسيرة ناغلسمان في عالم التدريب، كان خرافيا في «البوندسليغا»، فهو كان الأصغر سناً في تاريخ مدربي الدوري الألماني، عندما عينه هوفنهايم وهو في الثامنة والعشرين، وكان تأثيره سحريا على الفريق الصغير، بفضل أساليب تدريب متطورة ورائدة، وخطط عصرية ملهمة، والاهم قدرته على استخراج أفضل ما يمكن من لاعبيه، واعادة احياء مسيرة نجوم اعتقدوا انها انتهت.
ناغلسمان بدأ مسيرته مدافعا، مع أوغسبورغ لكنه لم يلعب له أي مباراة، قبل ان يعلن اعتزاله المفاجئ، وهو في العشرين من العمر، بسبب اصابة بليغة في الركبة، وكان ذلك في 2007، ولكن قبل عامين بالتمام والكمال، عينه هوفنهايم مدربا، على عكس كل التوقعات، بعد معاناة الفريق وقرب هبوطه من الدرجة الاولى، فآثرت ادارة النادي تعيين ناغلسمان لتكون بقية الموسم فترة تجربة له، قبل ان يتسلم تدريب الفريق في الدرجة الثانية في الموسم التالي، ولكن ما فعله المدرب اليافع فاق التوقعات والخيال، حيث نجح في انقاذ الفريق من الهبوط، قبل ان يحقق المعجزة الموسم الماضي، بحلوله في المركز الرابع، وهو المركز الأفضل في تاريخ النادي، ومحققا فوزه الاول في تاريخه أيضاً على العملاق البافاري بايرن ميونيخ، ليؤهل الفريق الى تصفيات دوري الأبطال، لكنه اصطدم بقوة هجومية فتاكة يملكها ليفربول، ليتوقف مشواره عند هذا الحد، وينتقل الى اللعب في الدوري الاوروبي. ومع البداية النارية هذا الموسم، وحلوله ثانيا في المراحل الأولى، توقع كثيرون تكرارا لـ»معجزة» الموسم الماضي، لكن التطور الهائل توقف، وحدث العكس، وهو اقرب الى انتكاسة، ولسبب جوهري وبسيط. فناغلسمان شاهد فريقه المتألق يتفتت ويتشرذم، فرحل أبرز نجومه قلب الدفاع نكلاس سولي ولاعب الوسط سيباستيان رودي الى البايرن، ولحقهما الهداف العملاق ساندرو فاغنر الى النادي البافاري خلال الانتقالات الشتوية، فيما انتقل المدافع الأيمن جيريمي توليان الى بوروسيا دورتموند، لتتبع ذلك حملة فاشلة في مسابقة الدوري الاوروبي، ليخرج الفريق من دور المجموعات، ضمن مجموعة مغمورة شملت لودوغوريتس البلغاري وبراغا البرتغالي وباشاك شهير التركي.
وفي هذا الغضون، كانت الأنباء عن قرب رحيل ناغلسمان لتدريب بايرن ميونيخ تنتشر وتؤثر على المدرب الواعد وعلى تركيزه مع فريقه، الى درجة انه في أحد المؤتمرات الصحفية صرخ في وجه الاعلاميين قائلا: «كل يومين يأتيني 14 سؤالا من الصحفيين عن علاقتي بالبايرن… كفى يعني كفى».
اهتمام البايرن بالمدرب المعجزة، قل وخف بعد اقالة الايطالي كارلو أنشيلوتي، وتعيين المخضرم يوب هاينكس مكانه، خصوصاً بعدما نجح في اعادة الانتصارات للفريق، وابتعاده بالصدارة بفارق 19 نقطة عن أقرب منافسيه. وعندما قابل المدرب العجوز نظيره اليافع في لقاء بالدوري في يناير/ كانون الثاني، كان هاينكس سخيا في الاشادة بناغسلمان، معتبرا انه قدوة للآخرين، رغم ان البايرن سحق هوفنهايم بخماسية بعد تأخره بهدفين. ومنذ ذلك الحين ساءت الامور بشكل ملحوظ لناغلسمان، فهبط هوفنهايم الى المركز التاسع، محققا الفوز فقط بمباراة واحدة طيلة العام الجاري، ويواجه اقرب ما يمكن للأزمة منذ قدوم ناغسلمان الى النادي قبل عامين. فبعد التعادل المخيب 1-1 مع فرايبورغ السبت الماضي، تعرض اللاعبون لصيحات استهجان، ما قاد ادارة النادي الى عقد اجتماع مع رابطة المشجعين لتخفيف من حدة الأزمة.
مهما حصل يظل ناغسلمان موهبة فريدة، رغم انه صعد بنجاحاته السريعة وعانق السماء، الا انه في بعض الاحيان، كي تستمر في التألق والابداع عليك ان تعود الى الأرض!
twitter: @khaldounElcheik
خلدون الشيخ