معركة الموصل: المنطقة بأصابع إيرانية

حجم الخط
1

بالنسبة لإيران فإن معركة الموصل واحدة من حلقات تنفيذ مشروعها الكبير الذي يؤمن لها أن تبقى على الدوام لاعباً أساسياً في تحديد مصير الأزمات الإقليمية ذات البعد الدولي، ولكي لا تتحول إلى دولة مثل باقي الدول فتفقد مبرر قيام ثورتها الإسلامية التي انتصرت في العام 1979.

تكريس نفوذ
 
وفِي هذا الواقع فإن معركة الموصل ستمكن إيران من الحفاظ على نفوذها، وزيادته داخل العراق، وتسمح لها، من ثم، بأن تكون طرفاً فاعلاً وأساسياً لا يمكن القفز عليه في رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد بعد تنظيم «الدولة».
ومن هنا يأتي توجيه إيران لفصائل الحشد الشعبي المدعومة من قبلها ومنها أيضاً كتائب حزب الله العراق وسرايا عاشوراء، بتركيز عملياتها خلال معركة الموصل على الخط الواصل بين نينوى والأراضي السورية، كخيار استراتيجي إيراني يهدف إلى تأمين ممر بري في اتجاه سوريا وصولا إلى سواحلها على البحر المتوسط حيث تخطط لإقامة قاعدة بحرية.
وخلال الأيام القليلة الماضية كثفت الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي خصوصاً بدر وعصائب أهل الحق ومن هي على شاكلتهما من تدفّق مقاتليها على قضاء تلعفر الواقع على الطريق بين محافظة نينوى العراقية والأراضي السورية.

الجولان

وبينما يعلن قادة منظمة بدر والعصائب وباقي الفصائل المدعومة أساساً من إيران، أنّ الهدف من استعادة قضاء تلعفر، هو قطع طريق هروب عناصر التنظيم من الموصل إلى الرقّة السورية، غير أن ما لا تصرح به طهران يأتي أحياناً على لسان حلفائها العراقيين مثل الشيخ أكرم الكعبي الذي كشف عن تشكيل وحدة مقاتلة خاصة للقتال من أجل استعادة الجولان السوري، ما يعني أن تواجد إيران بواسطة حلفائها في تلعفر ينطوي على هدف استراتيجي يتجاوز العراق بحدّ ذاته إلى تأمين ممر حرّ باتجاه سوريا عبر الأراضي العراقية.
كذلك فإنّ الهدف الإيراني الأبعد من تأمين ذلك الممر لأغراض تتعلق بالبعد العقائدي في الصراع مع إسرائيل، هو ضمان منفذ على البحر الأبيض المتوسّط عبر السواحل السورية، تحسّبا لصراع مقبل على تصدير الغاز باتجاه قارة أوروبا، أكبر سوق عالمية لهذه السلعة الاستراتيجية.
ومن هنا يصبح عزل تلعفر عن معركة الموصل، وأن تكون فصائل الحشد الشعبي هي المهيمنة عليها، أولوية إيرانية عاجلة.
وتعد تلعفر موطئ قدم يمكن إيران من البقاء على الأرض وفي الميدان دون الحاجة إلى إرسال قوات عسكرية، وبالتالي لا يمكن لأمريكا وتركيا وغيرهما الادعاء أن إيران تتدخل ولديها تواجد عسكري في الأراضي العراقية عكس تركيا، لأن مشاركة الفصائل الحشدية جاءت بموافقة رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بحجة تحقيق هدف تكتيكي من المعركة هو منع تنظيم «داعش» من الفرار إلى سوريا بِما يمكن إيران من الحصول على موطئ قادم ثابت بسبب موقع تلعفر الجغرافي الذي يجعلها بمثابة محطة طريق مركزية تضمن استمرار وصول التجهيزات المادية والحشود البشرية القادمة من إيران إلى سوريا، خصوصاً وأن غالبية السكان فيها من التركمان الشيعة.
 وتتعارض الخطة الإيرانية مع الخطة الأمريكية لمعركة الموصل، الأمر الذي يفسر التلكؤ في إكمالها، إذ ترغب واشنطن أن تترك القوات المساهمة المحور الغربي خالياً من أي انتشار عسكري لفسح المجال أمام من يفكر في الهرب من التنظيم نحو تلعفر ومن ثم إلى الأراضي السورية.

مواجهة

يمكن القول إن تلعفر مرشحة لأن تتحول إلى ساحة احتكاك ومواجهة غير مباشرة بين إيران وتركيا بسبب تواجد بعض فصائل الحشد الشعبي في منطقة قريبة من القوات التركية في بعشيقة شمال الموصل، وضمن نطاق مدفعية القوات التركية وبالعكس، الأمر الذي دفع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إطلاق تصريحات تهديد اعتبرتها قيادة الحشد الشعبي استفزازية محذرة «أي قوات تركية سنعتبرها عدوة» والإعلان على لسان متحدث باسم العصائب أن الحشد يمتلك خططاً لمواجهة أي تدخل من جانب القوات التركية.
وتبرز في البين مخاوف من دخول معركة الموصل مرحلة جديدة من التعقيد تتعدد فيها أطراف المواجهة الحاليين، بالرغم من اللقاءات السرية التي يقوم بها موالون لإيران في العملية السياسية تحت غطاء «التسوية» لتوفير غطاء سياسي يبرر لهم تقديم تنازلات كبرى للبعثيين ولخصوم جديين للعملية السياسية الراهنة، إذا كان ذلك يحقق الهدف الأكبر لإيران (وبالتالي لحلفائها العراقيين) وهو ربط سوريا بالعراق بممر بري يضمن لإيران أن تبقى حول الطاولة…على الدوام!

معركة الموصل: المنطقة بأصابع إيرانية

نجاح محمد علي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الشنقيطي:

    إيران الصفوية في العراق سلاح دمار شامل غير مرخص وخارج على القانون الإنساني ذخيرته قطعان المستوطنين (العراقيين ) كجماعات الحشد الشيعي (ج.ح.ش) . من ينزع صاعقه قبل أن يفني العراق والمنطقة ؟

إشترك في قائمتنا البريدية