تركز الأوساط الإعلامية الغربية كثيرا على مسألة الجهاديين الأجانب، الذين وفدوا من البلدان الاوروبية، للانضمام لصفوف التنظيمات الجهادية في سوريا، ومن يتابع الاهتمام الغربي بهذه المسألة، يظن أن تنظيمات كـ«الدولة» و«النصرة» قائمة بالكامل على العناصر الوافدة من خارج الساحة المحلية في العراق وسوريا، بينما وجودهم الكمي والنوعي محدود، وفق كل الاعتبارات، لكن التركيز الغربي على هذه المسألة، يرجع لأنها مسألة تخص الامن الداخلي لهذه البلدان الغربية.
ولا يشكل هذا العامل الأجنبي، معطى جوهريا أو بنيويا في الدوافع التي أدت لنشوء التنظيمات الجهادية في المشرق العربي، لأنها في العمق، مرتبطة بنزاع أهلي محلي بالدرجة الأولى، أكثر منه مشروعا عالميا جهاديا، كما يتردد في الخطابات الإنشائية لهذه الجماعات.
ولو نظرنا لخريطة المواقع التي وفد منها المقاتلون الأجانب من الدول الأوروبية، لوجدنا معظمهم، ينتمون لمناطق ومجتمعات، لديها إلى حد ما، أزمات داخلية محلية مع المحيط الغربي، كالأحياء المغاربية في ضواحي باريس وبلجيكا، بحيث قال وزير الداخلية البلجيكي، عقب إحدى الهجمات، إن بعض المسلمين البلجيكيين احتفلوا بالتفجيرات الدامية التي وقعت في البلاد، معتبرا أن اندماجهم مع السكان الاصليين يواجه الفشل.
ولهذا فإن، كثرة التركيز على مسألة المقاتلين الأجانب، تعبر عن هموم أوروبية أمنية داخلية، تتعلق بمدى تأثير هذه العناصر، على تأجيج النعرات داخل المجتمعات المحلية التي ينتمون لها عند عودتهم، أو قدرتهم على جذب عناصر مؤيدة لأفكارهم، تنفذ عمليات إرهابية في أوروبا، وهذا التخوف له مبرراته، بدليل أن الأغلبية الساحقة من منفذي الهجمات الانتحارية والتخريبية في هذه الدول الاوروبية، هم من ابناء المجتمعات الإسلامية الاوروبية، الذين رغم ولادتهم ونشأتهم في بلدان غربية، إلا أن واقعهم المحلي جعلهم مهيئين لقبول أفكار متطرفة تدفعهم لشن هجمات على مواطنيهم المدنيين.
لذلك فإن معالجة هذه الظاهرة، تبدأ من معالجة الأزمة المحلية للمسلمين في بعض المناطق بالبلدان الاوروبية، فهي التي تغذي وتخلق عناصر متطرفة، وبالمقابل فإن اندماج ونجاح تعايش الاقليات المسلمة، سواء المغاربية أو غيرها ، في أوروبا، سيكون الضامن الاول لحماية أمن اوروبا من هذه العناصر، وليس الإجراءات البوليسية التقنية التقليدية، وهي ليست مهمة صعبة في ظل وجود أكثرية من المسلمين الاوروبيين، يشعرون بالانتماء لقيم البلدان التي لجأوا إليها، خاصة أولئك الذين هاجروا طلبا للأمن والعدالة الاجتماعية، بعد تعرضهم لقمع بلدانهم الام، وهم في كثير من البلدان، أكثر تعاونا أمنيا مع سلطات بلدانهم ضد العناصر الجهادية، ويمكن أن تسمع تصريحات لمسؤولين وسياسيين أوروبيين تقر بهذا الامر، ومن ضمنها مثلا، أن البلاغات المسبقة، التي وصلت للشرطة البريطانية عن أحد منفذي اعتداءات لندن الاخيرة، كانت جميعها بلاغات من محيطه المسلم حيث يقيم في لندن.
ومن الواضح أن نسبة حواضن التطرف في المجتمعات الاسلامية في اوروبا محدودة للغاية، ولكن سياسات الدول الغربية المتدخلة عسكريا في البلدان العربية، والمؤيدة لانظمة قمعية عربية، أو الداعمة لأطراف دون غيرها في النزاعات الاهلية الطائفية، هي ما تذكي الشعور بالغضب لدى بعض مسلمي اوروبا، وتؤسس لشرخ كبير، وهذا ما قاله العديد من السياسيين الاوروبيين المعارضين لسياسات حكوماتهم، كزعيم المعارضة البريطانية جيرمي كوربين،الذي أرجع أسباب الهجمات الانتقامية في بلاده، لسياسات التدخل العسكري في العراق وسوريا.
بلا شك أن الخطاب الاسلاموي العابر الذي ألهم العناصر الاجنبية، روجته جماعات جهادية خارج اوروبا، لكن هذه الافكار لن تلقى صدى في نفوس المجتمعات في اوروبا، بدون وجود مسببات لأزمة محلية اوروبية، تتقاطع مع هذا الخطاب بنقاط المظلومية والسياسات الحكومية تجاه بلدان الشرق الاوسط، لذلك فان الوافدين من اوروبا كانوا في بعض الاحيان اكثر تطرفا وأكثر طوباوية في الطرح الإسلاموي، من عناصر التنظيم الجهادي المحليين، لأن دوافعهم المحلية الاوروبية قذفتهم في بيئة محلية أخرى، أنتجت اعضاء اخرين في تنظيمات محلية جهادية، وهذا ما يظهر بطريقة اوضح، مع العناصر الاجنبية على ساحة العراق وسوريا القادمين من تونس، فهم اشتهروا بالتعصب الشديد، كردة فعل على قمع حكومات بلدانهم للتدين على مدى عقود، وكان لهم دور في اكثر حملات الانشقاق عن تنظيم الدولة فيما يعرف بالحالة الحازمية، نتيجة اقتناعهم بمدرسة تكفيرية تصل لتكفير معظم المسلمين، وكل الذين سكنوا في مناطق تنظيم «الدولة» و»النصرة» بعد ثورة سوريا، وحتى مناطق تنظيم «القاعدة» بالعراق منذ عام 2003، جميعهم يتفقون على أن هؤلاء العناصر كانوا في كثير من الاحيان، أكثر تشددا حتى من العناصر القيادية المحلية الجهادية في العراق وسوريا، ورغم الخطاب الأيديولوجي الاممي الذي يظهر مشتركا بينهم، الا انه ليس سوى خطاب.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
وائل عصام
نعم هناك بعض التهميش وبعض الملل وفقدان الأمل, ولكن هناك النت الذي يحتوي على أكاذيب داعش !
كمدرس قرآن بمدرسة الأحد إستغرب من أن بعض المراهقين من غير العرب يتابع خطب بعض المتشددين القابعين بالسجون السعودية !!
ولكن والفضل لله تمكنت من نقاشهم وإقناعهم وبالأدلة على أن داعش وفكرها هم نفس الخوارج وتفكيرهم بعد أن طلبت من أهاليهم بإغلاق النت وإخفاء جوازات السفر إحتياطاً ولغاية رجوعهم للوسطية والإعتدال
ولا حول ولا قوة الا بالله