تونس – «القدس العربي»: استنكر سياسيون وحقوقيون في تونس مقتل ضابط شرطة إثر الاعتداء عليه خلال اشتباكات قبلية شهدتها ولاية القصرين (غرب) فيما تعهد رئيس الحكومة بمحاسبة الجناة، في ظل مطالبة بعض الأطراف بالإسراع في المصادقة على القانون المتعلق بحماية عناصر الأمن في البلاد.
وتوفي الملازم أول مجدي الحجلاوي إثر الاعتداء على سيارته بالزجاجات الحارقة (المولوتوف) خلال محاولته فض اشتباكات قبلية في إحدى الأسواق الأسبوعية في منطقة «بئر الحفي» التابعة لولاية القصرين، فيما أصيب بقية زملائه بحروق شديدة.
وأعلنت وزارة الداخلية إيقاف أربعة أشخاص اعترفوا بإلقاء زجاجات «المولوتوف» على السيارة الأمنية التي كان يستقلها الحجلاوي، ما تسبب بوفاته. فيما اتخذ وزير الداخلية الهادي مجدوب إجراءات عاجلة تتعلق بـ»الإحاطة الاجتماعيّة لعائلته ومتابعة أوضاعها الماديّة والمعنويّة». وفيما تعهد رئيس الحكومة يوسف الشاهد «بمحاسبة المسؤولين على هذه الجريمة النكراء. وتسليط أشد العقوبات عليهم»، استنكر عدد من السياسيين والنشطاء جريمة مقتل الحجلاوي، مطالبين البرلمان بالإسراع في المصادقة على قانون حماية عناصر الأمن.
وأصدرت حركة «مشروع تونس» بياناً أدانت فيه الاعتداء على السيارة الأمنية التي كانت تقل الحجلاوي وزملاءه، مشيراً إلى أنها ستسعى مع بقية الكتل البرلمانية بالضغط للإسراع في المصادقة على القانون المتعلق بحماية عناصر الأمن «حتى تتمكن القوات الأمنية من القيام بواجبها وفق قواعد واضحة تحميها (…) وتحدد حقوقها وواجباتها».
وكتب هشام العجبوني القيادي في «التيار الديمقراطي» على صفحته في موقع «فيسبوك» تحت عنوان «عيد بطعم الموت»: «الناس جميعاً سيحتفلون بعيد الفطر باستثتاء عائلة الملازم الأوّل الشّهيد مجدي الحجلاوي التي ستزفّ ابنها إلى مثواه الأخير»، مطالباً بمحاسبة من تسببوا في وفاته، وأضاف عبد الوهاب الهاني رئيس حزب «المجد»: «رحم الله شهيد الواجب الملازم أوّل مجدي الحجلاوي الذي أحرقته يد الإرهاب والإرهابيين الغادرة الآثمة أحرقها الله بحساب عسير وعقاب شديد في الدنيا والآخرة». واعتبر مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن الحجلاوي توفي وهو «يدافع عن هيبة الدولة وعن السلم الاهلي»، كما حذر من خطورة الاشتبكات القبلية التي تشهدها منطقة «بئر الحفي» في ولاية القصرين، والتي اعتبر أنها «مؤشر خطير على ارتفاع منسوب الاستهتار باحترام حقوق الافراد والجماعات واحترام القانون عامة وهو ايضاً يحمل دلالة اتساع رقعة الشرخ في العلاقات الاجتماعية وضعف منظومة الانسجام الاجتماعي المبني على قيم المواطنة وروح المسؤولية ومن يعتبر غير ذلك فهو مخطئ ونتائجه الفعلية مرتبطة بصفة مباشرة او غير مباشرة بالاطراف التي لا تؤمن بمدنية الدولة واطراف اخرى لا تؤمن بالدولة اصلاً».
وأضاف «هذه الحادثة لا يجب اعتبارها حادثة عرضية كسابقاتها من الأحداث المتفجرة بين عرشين (عائلتين) نظراً لحساسية الفترة الزمنية والموقع الجغرافي لمسرح العمليات. كما ان الدولة أمام تحدٍ صعب ليس لديها فيه خيارات غير خيار تطبيق القانون بكل صرامة ومحاسبة العابثين باستقرار المنطقة واعتبار ذلك من الأعمال الإرهابية التي تؤدي حتماً لتقويض سلطة الدولة حتى يكونوا عبرة لغيرهم ومثالاً لكل من تسول له نفسه بممارسة العنف (…) ولا حلول غير فرض سلطة القانون وهيبة الدولة التي هي المرحلة الارقى في تطور الشعوب، والعودة الى المنطق القبلي أمر مرفوض ولا يؤسس الا للفراغ والعودة الى قانون الغاب».
فيما قرر المكتب التنفيذي لنقابة موظفي الإدارة العامّة لوحدات التدخّل (إحدى النقابات الأمنية) تنظيم وقفة احتجاجية في ساحة الحكومة بالقصبة في محاولة للاحتجاج على «عدم التعجيل بإحالة مشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين، بعد سحبه من مجلس نواب الشعب لإجراء تعديلات عليه، وعدم عرض المشروع الجديد على النقابات الأمنية».
وشهدت تونس في السنوات الأخيرة اعتداءات وهجمات إرهابية متكررة على قوات الأمن، كان أشهدها استهداف حافلة للأمن الرئاسي في شارع «محمد الخامس» وسط العاصمة بهجوم انتحاري تبناه تنظيم «الدولة الإسلامية عام 2015، وأسفر عن مقتل وجرح حوالي 30 عنصراً أمنياً.
حسن سلمان