لندن – «القدس العربي»: بين تقرير متخصص جديد أن حالات القرصنة والانتهاكات التي يتم ارتكابها على الانترنت شهدت ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة الماضية، وذلك على الرغم من الاجراءات التي تتخذها دول العالم من أجل مكافحة الظاهرة، وعلى الرغم من الاستنفار الكبير لشركات التكنولوجيا الكبرى من أجل مكافحة الفيروسات وعمليات الاختراق التي تستهدف المستخدمين على الانترنت.
وتبين أن الشهور القليلة الماضية شهدت ارتفاعاً في أعداد الهجمات الالكترونية التي استهدفت شركات الخدمات المالية والتجزئة، وكذلك حسابات وهويات المستهلكين الشخصية على الانترنت.
وقال تقرير «مؤشر سيفنت لمستوى الاختراقات» الصادر عن شركة (Safe net) المتخصصة بأمن المعلومات إنه خلال الربع الثالث من العام الحالي 2014 تعرض أكثر من 183 مليون حساب وبيانات لعملاء ما بين معلومات شخصية أو مالية إما للسرقة أو الفقدان.
وبحسب التقرير، شهدت منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا 7 في المئة من إجمالي الاختراقات في جميع أنحاء العالم. ووقعت الاختراقات في دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وباكستان وليبيا.
وأشارت «سيفنت» إلى أن الأفراد شعروا أيضا بوطأة اختراقات خصوصية البيانات والتي تحدث عبر استغلال ثلاثة أنشطة استهلاكية رئيسة، وهي الخدمات المصرفية، والتسوق، وتسجيل بيانات الهوية عبر الانترنت.
وبحسب تقرير الشركة، جاءت الخدمات المالية (42 في المئة) وخدمات التجزئة (31 في المئة) في الصدارة من بين جميع القطاعات الخدمية من حيث عدد حسابات العملاء وسجلات البيانات التي تعرضت للاختراق.
وتلتها حالات الاختراق في مجال خدمات تقنية المعلومات والحسابات الشخصية عبر الانترنت (20 في المئة)، مثل البريد الإلكتروني، والألعاب والخدمات القائمة على السحابة الإلكترونية. وبالإضافة إلى ذلك، كانت عمليات سرقة الهوية في صدارة أنواع خروقات البيانات، حيث تمثل ما نسبته 46 في المئة من مجموع الخروقات.
القطاعات الأكثر استهدافاً
ومن أبرز ما ورد في التقرير عن الربع الثالث من العام أن أكثر ثلاثة قطاعات من حيث التأثر، هي «الخدمات المالية» التي شهدت سرقة أكثر من 77 مليون و600 ألف سجل بيانات أو ما نسبته 42 في المئة من إجمالي عدد السجلات التي تمت سرقتها، كما وقعت 11 في المئة من حالات الاختراق في هذا القطاع.
وكان «قطاع التجزئة» ثاني القطاعات المتأثرة، حيث تمت سرقة أكثر من 57 مليون سجل بيانات أو ما نسبته 31 في المئة من إجمالي عدد السجلات، ووقع 15 في المئة من إجمالي عدد حالات الاختراق في هذا القطاع.
وثالث القطاعات هو «خدمات التقنية والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي» حيث تمت سرقة أكثر من 36 مليون سجل بيانات أو ما نسبته 20 في المئة من إجمالي عدد السجلات، كما وقع 11 في المئة من إجمالي عدد حالات الاختراق.
مصادر الاختراق
وفيما يتعلق بمصدر الاختراق فقد تجاوز عدد «الاختراقات الخارجية الخبيثة» 173 مليون و800 ألف سجل أو ما نسبته 97 في المئة، كما وصل عدد اختراقات «الخسارة غير المقصودة» إلى مليونين و800 ألف سجل أو ما نسبته 1 في المئة.
ووصل عدد الاختراقات الحكومية إلى أكثر من مليوني سجل أو ما نسبته 1 في المئة، في حين وصل عدد اختراقات «القراصنة» إلى 117 ألف سجل أو ما نسبته أقل من 1 في المئة.
وشهدت الولايات المتحدة عدداً من اختراقات البيانات فاق أي بلد آخر حيث استحوذت على 62 في المئة من الحالات، تليها المملكة المتحدة بواقع 10 في المئة، ثم كندا بواقع 4 في المئة، ثم أستراليا بواقع 3 في المئة. أما في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا فقد تم تسجيل 7 في المئة من الحالات.
تكنولوجيا حماية جديدة
وبينما ينشغل القراصنة وسارقو البيانات في ابتكار الوسائل والطرق الجديدة التي يمكنهم من خلالها الوصول الى أهدافهم فإن شركات كبرى تعمل في مجال الأمن الالكتروني تجهد على مدار الساعة من أجل التوصل إلى حلول مناسبة وابتكار وسائل الحماية الممكنة للمستخدمين.
وتمكن باحثون من جامعة «أوته» الأمريكية من تطوير نظام جديد أطلقوا عليه اسم (A3) ويختص في مكافحة عمليات القرصنة، حيث لا يتوقف النظام الجديد عن تعقب الفيروسات والملفات التجسسية والقيام بحذفها فور العثور عليها في جهاز الكمبيوتر، وإنما يقوم باصلاح الأعطال والمشاكل التي تسببت بها هذه الفيروسات في الجهاز.
ومن شأن النظام الجديد أن يحمي جهاز الكمبيوتر من أن يكون فريسة لقراصنة الانترنت، حيث يعمل مع جهاز كمبيوتر آخر نظري، يحاكي الأصلي ويضم عدداً من البرمجيات والتطبيقات المختلفة التي تقوم بحماية الجهاز.
ويقول رئيس فريق البحث في الجامعة الأمريكية إريك إيد إن البرنامج الجديد (A3) يقوم بحماية الخوادم وأجهزة الكمبيوتر المستخدمة في الأعمال والشركات، وخاصة تلك التي تستخدم نظام التشغيل «لينوكس»، إضافة الى الأجهزة المستخدمة لدى الجيوش والأجهزة العسكرية، مشيراً إلى أن هذا النظام ربما يتم استخدامه في المستقبل لحماية أجهزة الكمبيوتر المنزلية، بما في ذلك الكمبيوترات المحمولة.
وأضاف إيد: «تكنولوجيا ايه ثري الجديدة قد تجد طريقها يوماً ما إلى أجهزة المستخدمين في المنازل، لتساعد المستخدمين الأفراد أيضاً على حماية أنفسهم من الاختراق، وتساعدهم في حماية أنفسهم من البرمجيات الفاسدة التي تضر بأجهزتهم وبياناتهم».
خسائر بالمليارات
وتتكبد غالبية دول العالم خسائر بالمليارات سنوياً من جراء عمليات القرصنة الالكترونية التي تستهدف الشركات والهيئات العامة والمؤسسات الحكومية، كما تقول الولايات المتحدة التي تتعرض للنسبة الأكبر من الهجمات أنها تتكبد خسائر مليارية سنوياً، وإن غالبية الهجمات التي تتعرض لها تأتي من الصين.
وصرح مدير مكتب التحقيقات الفدرالية (FBI) جيمس كومي الشهر الماضي أن الصين تشن حرباً إلكترونية شرسة على الولايات المتحدة تكلف الشركات الأمريكية مليارات الدولارات سنوياً، مشيراً إلى أن معظم الشركات الأمريكية الكبرى تم استهدافها.
وأضاف: «هناك نوعان من الشركات الكبيرة في الولايات المتحدة. تلك التي تعرف أنها تعرضت للقرصنة من قبل الصينيين وتلك التي لا تعرف أنها تعرضت للقرصنة من قبل الصينيين».
وتابع أن الخسائر السنوية الناجمة عن الهجمات الإلكترونية التي تنطلق من الصين «من المستحيل تحديدها، لكنها تبلغ «مليارات».
ورداً على سؤال عن الدول التي تستهدف الولايات المتحدة، قال كومي «لا أستطيع تقديم لائحة كاملة (…) لكن يمكنني أن أقول إن الصينيين على رأس اللائحة».
وذكر مثالاً على الهجمات اتهام خمسة ضباط في الجيش الصيني في شهر أيار/مايو الماضي بأنهم سرقوا بين 2006 و2014 أسراراً تجارية لشركات أمريكية متخصصة في قطاع الطاقة النووية أو الشمسية والصناعات المعدنية، مشيراً إلى أنهم «يســتولون على هذه المعلومات لتستفيد منها الصناعة الصينية ولا تتحمل عناء الابتكار».