نشاهد في فيديو أنتشر عبر المدونات والفيسبوك (انظر مدونة أبو تمام)، هادي العامري، وزير النقل والمواصلات العراقي السابق، وعضو مجلس النواب الحالي، وقائد مليشيا بدر والحشد الشعبي، وهو يقاتل في صفوف الجيش الايراني ضد العراقي، في الثمانينات، اثناء الحرب العراقية الايرانية. مع العلم ان فيلق / ميليشيا بدر، تم تأسيسه وتدريبه بايران، ويضم عراقيين ممن تم تهجيرهم من قبل نظام البعث واسرى الحرب «التوابين». وقد دخلت الميليشيا العراق مع الاحتلال، لتشن حملة تطهير بشعة لكل من اعتبرته جنديا او طيارا شارك في الحرب ضد ايران.
أثار الفيديو تعليقات وتساؤلات كثيرة. تركز معظمها حول مفهوم الولاء للوطن وان تطرق بعضها إلى معنى الوطن نفسه. هل هناك معنى واحد للوطن أم هناك عدة معان أو أوطان، تختلف باختلاف الفرد وتجربته وذكرياته، وما يشكل هويته، وما تمثله بقعة الارض التي ولد وترعرع فيها، وتعلم لغتها؟
ما معنى الوطن لشخص أجبر على الهجرة من وطنه وانخرط في صفوف جيش يقاتل ضده وضد ابناء جلدته، هادي العامري نموذجا، وان كان ليس فريدا من نوعه؟
يقول هادي العامري، في الفيديو، ردا على سؤال مراسل في جهاز الإعلام الحربي الايراني، اثناء وجوده في جبهة القتال: «ننتظر الأوامر لتوجيه بعض الضربات المهلكة إلى العدو الغاشم. اثناء هذا وصلتنا الاخبار ان العدو يتقدم مع المنافقين فتحركت قواتنا. الحمد لله، وصلنا ومسكنا المنطقة ودافعنا اربعة ايام مقاومة عنيفة امام دفاع العدو المجنون».
وحين سأله المراسل، باللغة الفارسية، عن رأيه في وقف اطلاق النار، أجاب: «رأي الإمام أنه الآن وقف اطلاق النار، نحن مع الإمام حتى آخر قطرة دم. الإمام اذا يقول حرب فانها حرب، اذا يقول صلح فهو صلح. نعم نحن مع الإمام. الآن الإمام هو الذي يمثل الإسلام. نحن نعلم بان الإمام هو يمثل الإسلام. اذا الإسلام يحتاج الصلح نوافق، ولكن ان شاء الله، سنستمر بتوجيه الضربات المهلكة حتى آخر قطرة دم».
واذا كانت العلاقة بين المنفي قسرا والوطن، متعددة المستويات في تعقيدها، فالواضح، من هذا الفيديو، ان هادي العامري، ممثل الشعب في البرلمان، حاليا، غير معني بالتساؤل عن ماهية الوطن والولاء له، ولا يعنيه العراق إلا بكونه « عدوا»، ولا يعنيه التمييز ما بين الشعب والسلطة الحاكمة، وهذا اضعف الأيمان. فولاؤه وايمانه، كما يكرره، واضح، مطلق، لايقبل الشك. فهو، ومن معه، مع الإمام (الخميني أيامها، خامئني الآن) حتى آخر قطرة دم. انه الايمان بولاية الفقيه، والإمام، بالنسبة اليه هو الإسلام، على افتراض ان الإمام يمثل الشيعة والسنة معا.
الوطن، اذن، بالنسبة إلى العامري ومن هم على شاكلته، هو حيث يهيمن الإمام. ومن لا يتبع الإمام، ايا كان دينه او قوميته «عدو» يجب استئصاله. وهي نقطة مهمة جدا لفهم مسار التصفيات والانتقام المنهجي الذي تسلكه الميليشيات واحزابها منذ 2003. المفارقة هي ان العامري، بالاضافة إلى كونه نائبا بالبرلمان، هو قائد « الحشد الشعبي» الذي بات اقوى من الجيش ويحتل اعضاء من ميليشيا بدر مناصب وزارية، ومن بينهم وزير الداخلية محمد الغبان. كلهم يشاركون في حملات التطهير الانتقامية بحجة الدفاع عن الوطن ضد الارهاب. فعن اي وطن يتحدثون؟ وما الذي يعنيه الولاء للوطن لمن وصفهم الشاعر معروف الرصافي، بقوله: «لا يخدعنك هتاف القوم في الوطــن…فالقوم في السر غير القوم في العلن»؟
في «عائد إلى حيفا» يتساءل الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، عن مفهوم الوطن، قائلا: «يا صفية، هل تعرفين ما هو الوطن؟ الوطن هو ان لا يحدث هذا كله». ولأن وجود الفلسطيني مرتبط بوجود أرضه، ولأنه يستنشق عبير ارضه في كل ما يفعل، مهما اجبر على الهجرة ومهما طالت الغربة، مؤمنا بأن وطنه ملك له وحق له مهما استبد الحكام والاستعمار، يعود محمود درويش في يوميات الحزن العادي ليؤكد ماهية الوطن: «ما هو الوطن ؟هو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض. ليس الوطن أرضا. ولكنه الأرض والحق معا. الحق معك، والارض معهم».
ولكن، ماذا عن العراقيين الذين اجبروا على الهجرة بسبب تداخل الاستبداد الداخلي بالهيمنة الخارجية، وقد تجاوزت اعدادهم الملايين؟
هل يبقى الوطن وطنا يستحق التضحية والعمل من اجله والتغني بامجاده أم انه سينمحي، تدريجيا، ازاء واقع الحياة الجديد، ليصبح الوطن ذكرى تتجسد بالأكلات والاغاني الحزينة؟ وهل سيعمل المنفي، يوم يعود، من اجل وطنه الأصلي أم البلد الثاني الذي استقر فيه وربما تعلم اطفاله فيه؟ هل سيكون ولاؤه لوطنه الذي يرى فيه من اذاقه المر أم البلد الثاني الذي وفر له الأمان، مهما كانت الاسباب؟ هذه بعض التساؤلات التي يعيشها المهاجر، غير السياسي، عادة. أما المهاجر السياسي فان مواقفه تساير خط حزبه سواء كان إسلاميا، طائفيا، قوميا أو علمانيا. وقد رأينا كيف تعاون اللاجىء السياسي والمثقف، مع سلطات بلدان اللجوء في امريكا وبريطانيا وايران، مساهما بتحشيد الرأي العام لغزو وطنه، بحجة تخليص العالم من اسلحة الدمار الشامل وارساء الديمقراطية. وكانت النتيجة: خراب الوطن. خراب تستر عليه إفساد الناس بالوظائف المؤقتة والوهمية، بفتات الأموال المنهوبة، المعطرة، بفتاوى دينية، حتى استنفدت أموال الدولة وبدأ التقشف وصراع اللصوص الكبار على الغنيمة المتضائلة، فلم يعد هناك الكثير للفتات.
الأمل، الآن، في صمود الجماهير المتظاهرة، لاستعادة الكرامة من فساد مس الجميع وخرب الوطن باسم الدين، مستحضرين ماقاله الرصافي: «لا لم تعد نجفٌ تفاخرُ باسمكم / لاكوفة، لا كربلا، لا بابلُ / ما انتمُ إلا بناءٌ ساقط / نتنٌ مليءٌ ارضة متآكلُ / انتم كأندلس الطوائفِ اُجهضتْ والموت اما عاجلٌ او آجلُ».
٭ كاتبة من العراق
هيفاء زنكنة
أستاذتنا، يكمن أصل المشكلة في القصر، والقصر في العاصمة، والعاصمة هي مدينة المدن، وفي المدن تتمركز العائلات منابع الأصول والنسب والمال المتوارث كما الإسم والسمعة.
ثم جاء عبد الكريم قاسم، وأباد بمحاكماته المهداوية ومذبحة قصر الرحاب، كل هذه الطبقة، ليبدأ المجتمع مسيرتة العكسية عبر الإنقلابات المتوالية نحو الريف ومن ثم البداوة.
لقد فقد العراق منذ يومه، الأحواز من مشيخة خزعل، لتلحقها الكويت من مشيخة السعدون، وتبعهم شط العرب بعربستانه وجزره، وانتفض الشمال كارهاً بأكراده، وهجر اليهود ومن بعدهم التبعية، لتلحقهم باقي الطوائف صغيرها وكبيرها ركضاً إلى المهجر، فمنهم من عاد لينتقم، ومنهم من لن يعود.
لقد كان هناك زمن سيدتي، حكم فيه ملكنا فيصل الثاني، ملك العراق والحجاز أرضاً بالنسب والبيعة، وقبله جده فيصل الأول ملك سوريا الكبرى بالبيعة، والتي جرى عليها ما جرى على العراق من إفناء للطبقة الوسطى، ففي حين كانت قرية العوجة تحكم ما تبقى من العراق، كانت قرية القرداحة تحكم ما تبقى من سورية الكبرى.
فقدت الشرعية يوم أعلان الجمهورية ومن المدينة إلى الريف فالبداوة عدنا، ومن ملوك كانت تتكلم باسم الوطن، إلى زعامات ترى أنها هي الوطن.
صغرت الأوطان سيدتي لأن من حكمونا عبر عقود، صغار، وصغرنا نحن بحكمهم وطاعتهم وتبجيلهم وتقديسهم حتى صرنا أصغر الأقزام، والأقزام كبيرة عليها أصلاً، حدود سايكس بيكو، والتقسيم آت. والله المستعان.
ناسف لعدم النشر بسبب طول التعليق
هذا الليل إبتدأ فجر يوم ١٤ تموز ١٩٥٨_ وذاك كان فجراً ظالما !
الوطن مسقط الرأس و موطن الآباء و الأجداد….و لا مبرر للخيانة، و إلاّ لماذا قيل ” بلادي و إن جارت عليَّ عزيزة و أهلي و إن ضنّوا عليَّ كرام “
حقد ايران وعملائها من العراقيين العرب وكرههم للعراق و لكل ما هو عراقي هو سبب سرقتهم ودمارهم للعراق بدون رحمه او شفقه لان حزب الدعوه الحاكم هو حزب ايراني لا علاقه له بالعراق لذلك فهم يقتلون ويسرقون ويدمرون العدو لا غير.
اما بالنسبه لثوره 14 تموز الغير مباركه فيجب الغاء الاحتفال بهذا اليوم المشؤوم وتحويل اليوم الوطني العراقي ل 3/10/1932 واعلانه “يوم الاستقلال” لانه يوم استقلال العراق عن بريطانيا ويوم تاسيس الدولة العراقية الحديثه.
لا اجد مبررا لا اخلاقيا ولا دينيا يبيح للانسان خيانة وطنه وتسميته بالعدو الغاشم اجد من المنطقي ان نختلف في حبنا وكرهنا للقيادات اما للوطن فهذا من الثوابت التي لا يتجادل فيها اثنان وبخصوص هادي العامري وامثاله كثيرون ان ما يحصل في العراق هذه الايام هو دليل على ان العراق لازال يمثل لهم عدوهم الاول فلو اجتمعت كل دول واحقاد العالم لم تكن تستطيع ان تخرب هذا البلد مثلما فعلوا هم لم يبقى شيء يستحق الذكر في هذا الوطن المسكين لا تاريخ ولا تعليم ولا اقتصاد ارجعونا قرونا للوراء ومن بشائرهم العظيمه انهم احيوا ذكر الكوليرا في العراق التي لم اسمع بها انا واقراني الا في الكتب انها عملية ممنهجة ياسيدتي لاخفاء العراق عن خريطة العالم ولم يبقى لهم الا خطوات وسترسم خرائط العالم بدون اسم العراق مع شديد الاسف
الأستاذة هيفاء زنكنة
كل عام وأنتم بخير واسلمي لنا