من اجتثاث البعث لاجتثاث تنظيم «الدولة»… وهزيمته في الموصل لن تنهي الحرب الأهلية… ونهايته ستكشف عن خطوط الصدع الطائفية والإثنية… سنية وشيعية وكردية

حجم الخط
1

لندن ـ «القدس العربي»: ما هو مصير العراق بعد معركة الموصل؟ وهل ستزداد المشاعر الطائفية أم تختفي؟ وهل سينتهي تنظيم «الدولة» (داعش) إلى غير رجعة؟ أسئلة يطرحها المحللون والباحثون منذ فترة وحتى قبل بداية الهجوم على المدينة التي دخلتها القوات العراقية لأول مرة من أكثر من عامين.
وفي تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» جاء أن المسألة لم تعد تتعلق بنجاح أو فشل القوات العراقية باستعادة الموصل ثاني أكبر التجمعات الحضرية في العراق ولكن السؤال هو فيما إذا الجيش العراقي سيواجه وضعا مماثلا في يوم ما.
وترى أن نصرا عسكريا كاملا ضد الجهاديين لن يغير الواقع في ظل غياب اتفاق سياسي ولا توجد ثقة يمكن أن تقود لمصالحة بين السنة والشيعة، فالمخاوف من اندلاع تمرد لا تزال قائمة.
وتضيف الصحيفة أنه لا توجد خطة مباشرة بعد هذه العملية العسكرية من أجل توحيد المجموعات المتعددة من قبائل سنية وأكراد وجماعات إيزيدية ومسيحية والميليشيات المدعومة من إيران وكل جماعة من هذه الجماعات لها أجندة حول نهاية المعركة.

اجتماعات

وأشارت الصحيفة إلى اجتماعات جرت في فنادق في مدينة إربيل، عاصمة إقليم كردستان وشارك فيها دبلوماسيون ومحللون وشيوخ عشائر وبحثوا فيها سبل تحقيق المصالحة ومنع تنظيم «الدولة» من بناء جذور له بين أبناء الطائفة السنية.
ونقلت عن محسن محمد، أحد مشايخ بلدة الحويجة، قرب كركوك قوله إن «الأسباب التي أدت لظهور داعش لا تزال موجودة».
وقال أثناء مشاركته في ورشة عمل نظمها معهد الولايات المتحدة للسلام بالتعاون مع منظمة «سند» العراقية لتحقيق السلام إن الأسباب هي: الفقر والظلم والتهميش.
ورحبت قطاعات من السنة بتنظيم «الدولة» بعد سنوات من الاضطهاد والاستبعاد على يد الحكومة التي يتسيدها الشيعة في بغداد خاصة أن بعض عناصر التنظيم كانوا من المناطق نفسها السنية.
وبعد تجربة عامين ويزيد من حكم التنظيم يقول الكثير من السنة أنهم خائفون منه ويرحبون بدخول القوات العراقية – ذات الغالبية الشيعية ـ وإن لفترة قصيرة.
وفي الوقت نفسه يشعرون بالخوف من تعرضهم لهجمات انتقامية ومزيد من الاستبعاد من الحكومة في بغداد وحلفائها واتهامهم بالتعاون مع الجهاديين. ومن هنا «لا أحد يتوقع أن تسكت البنادق لمدة طويلة».
ويقول حسن نصيف من الحويجة «المشكلة هي أن السياسة ضدنا» و»دعني أكن صريحا معك فسيستمر سفك الدم وهذا هو الواقع».
وتعلق الصحيفة أن الثغرة ما بين النجاحات العسكرية والتقدم السياسي هي «تيمة» واضحة في التورط الأمريكي الطويل في العراق كان يتبع كل نصر زيادة في الانقسام العراقي ويقود إلى خلافات سياسية واقتتال.

فوضى

ويحذر محللون من فوضى جديدة خاصة أن الحكومة العراقية وإدارة أوباما يدفعون بحملة عسكرية ضد تنظيم «الدولة» بدون ترتيبات سياسية لاستيعاب المظالم السنية.
وأشارت الصحيفة إلى ورقة بحث نشرها معهد بروكينغز وأعدها إيان ميريت وكينث أم بولاك حذرا فيها من أن هزيمة تنظيم «الدولة» ستكشف عن التوترات الطائفية والمظالم التي اختفت بسبب الكفاح المشترك ضده».
وحذر رمزي مارديني من المجلس الاطلنطي في واشنطن من حرب أهلية وقد تكون قاتلة». وكتب ديلان اوديرسكول من معهد أبحاث الشرق الأوسط في أربيل من أن تحرير الموصل في ظل الظروف الحالية سيؤدي لعودة تنظيم «الدولة» أو تنظيم جديد بديل عنه.
ويعترف المسؤولون الأمريكيون بتفوق الإجراءات العسكرية على السياسية إلا أن بريت ماكغيرك، المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف الدولي تحدث للصحافيين قبل فترة «لو حاولت حل كل هذه المشاكل فسيظل داعش في الموصل بالمدى المنظور».
وتشير الصحيفة إلى أن المخاوف الحالية تعكس ما حدث بعد الغزو الأمريكي عام 2003. وفي الوقت الحالي فهناك مسائل تتعلق بكيفية التعامل مع المتعاونين المفترض وجودهم بين ما يزيد عن مليون نسمة في الموصل.
وكما جرى في مسألة اجتثاث البعث بعد سقوط صدام حسين فهناك حديث عن عملية مماثلة هي «اجتثاث داعش».
وهناك مخاوف من أن يؤدي استهداف وتطهير كل من تعاون مع التنطيم واعتقال أقاربهم. ومن أجل التعامل مع هذا الوضع هناك حديث عن قيام الحكومة العراقية بإنشاء محكمة جنايات خاصة في الموصل وتعقد جلسات للمتهمين فيما تقدم نقابة المحامين العراقيين بتقديم المساعدة القانونية للمعتقلين.
ومن أهم ملامح المرحلة المقبلة تمكين السنة من إدارة المؤسسات الأمنية والقانون لمنع حدوث انتهاكات كتلك التي حدثت في أثناء حكم نوري المالكي والتي أسهمت في سقوط الموصل عام 2014.
ومع أن الكثير من السنة يرغبون بتحقيق العدالة ضد المتعاونين مع تنظيم «الدولة» إلا أنهم لا يثقون بالنظام القضائي العراقي.
وتمثل مدينة الموصل تحديا أمام أي مصالحة سياسية نظرا لتنوعها الطائفي والديني حسبما ما يقول أسامة غازي، المنسق الإقليمي لمعهد الولايات المتحدة للسلام.
ويركز المعهد جهوده على القواعد الشعبية وجمعها للحديث لكن الجهود من أسفل لأعلى تحتاج كما يقول إلى «مصالحة وطنية تعالج المظالم المتعلقة بالنظام السياسي وإطار الحكم». وتختم الصحيفة بالقول إن هناك من يعول على ظهور شخصية قوية تجمع شتات البلد، موحد وليس شخصية ديكتاتورية كالتي عانى منها العراق سابقا.
ويقول محسن من الحويجة «حتى الآن لم يظهر مانديلا العراق» و»نحن بحاجة لمانديلا في العراق ونريد دفع العراقيين ليكونوا مثل جنوب أفريقيا ولهذا علينا صناعة مانديلا».

شكل العراق ما بعد «داعش»

وتشير رؤية أخرى بمقال نشرته دورية»فورين أفيرز» وأعده كل من فيرا ميرونوفا الباحثة قي شؤون الأمن الدولي في مركز كيندي في جامعة هارفارد ومحمد حسين، نائب مدير مكتب تقرير النفط العراقي في كردستان للرؤية نفسها غير المتفائلة.
وعلى خلاف ما ورد في تقرير «نيويورك تايمز» حيث تم التركيز على الموصل فقد تساءل الباحثان عن شكل العراق ما بعد استعادتها. وقالا إن «طرد المتشددين من العراق لن يؤدي إلى تقليص عددهم في العراق ولا تخفيف عدد الجماعات المسلحة في البلد ولا حتى تحديد مستوى العنف».
فعوضا عن إنهاء الاضطرابات في العراق فسيترك تنظيم «الدولة» إرثا معاكسا، أي خلق فرص للعنف في المناطق التي خرجت منها الجماعة الجهادية.
ويسوق الكاتبان عددا من الأسباب الداعية لقول هذا وهي أن تنظيم «الدولة» فاقم من المظالم القديمة بين الجماعات التي وقعت تحت حكمه من أجل استغلالها والسيطرة على الجميع. وهناك عامل زيادة السلاح والدعم الخارجي لتسليح الجيش العراقي حتى يكون قادرا على دعم مواجهة الجهاديين.
وقد تسابقت إيران وتركيا وعدد آخر من القوى الإقليمية التي تتنافس على مرحلة ما بعد تنظيم «الدولة». فهنا ستجد بغداد نفسها أمام تحد للسيطرة على التجمعات الدينـية والإثـنية وحـتى داخـل الجماعـة.

توترات

ولاحظ الكاتبان أن التوتر داخل التجمعات الدينية والإثنية في تزايد مستمر خاصة في المناطق المتنازع عليها: في الأجزاء الشمالية من محافظة ديالى والأجزاء الشرقية من محافظة نينوى وفي مدينة كركوك والتي سيطرت عليها القوات الكردية بعد انسحاب القوات العراقية منها صيف عام 2014 وهناك زيادة في التوتر بين العرب والأكراد.
وذكر الكاتبان ما تعرض له العرب الذين لجأوا إلى كركوك بعد هجوم التنظيم على المدينة الشهر الماضي، فحسب الشيخ برهان العاصي، عضو المجلس الإقليمي لكركوك فقد استخدمت الميليشيات الكردية مكبرات الصوت في مساجد المدينة وطالبت العرب النازحين مغادرتها. ويقول الكاتبان إن العرب في المنطقة ليسوا راضين عن التأثير الكردي فيها خلال السنوات الأخيرة.
وفي الوقت الحالي لا توجد لدى القبائل العربية ميليشيات ولكنها قد تجد نفسها مجبرة على هذا الخيار حالة تم طرد تنظيم «الدولة» من المناطق القريبة منها والبحث عن دور لها، وهذا يعني زيادة التوتر.

سنة وشيعة

وبالإضافة للتوتر العربي- الكردي هناك خلافات بين السنة والشيعة. ومع أن الخلاف قائم قبل ظهور تنظيم «الدولة» إلا أنه زاد سوءا في الفترة الماضية.
ويشير الباحثان إلى بلدة سليمان باك، الواقعة بين محافظتي ديالى وصلاح الدين وتم طرد تنظيم «الدولة» منها منتصف صيف 2014 على يد الميليشيات الشيعية والكردية. ومنذ تلك الفترة والميليشيات تسيطر عليها وتمنع السنة من العودة إلى بيوتهم. وحسب المسؤول المحلي طالب محمد «لقد اتبعت الإجراءات المطلوبة لإعادة الناس إلى بيوتهم وفي نهاية الأمر فشلت في إقناع الميليشيات بالاستجابة لتعليمات الحكومة».
ويعلق الكاتبان إن عقم الحكومة المحلية يعكس دينامية أوسع في العراق، فقد منح اعتماد الحكومة في بغداد على الميليشيات سلطات واسعة.
وانتقل الخلاف السني ـ الشيعي إلى المجتمعات التركمانية، وهذا واضح في بلدة تلعفر التي سيطر عليها تنظيم «الدولة» في حزيران/يونيو وعندما يتم طرد الجهاديين منها في النهاية فسيخرج التوتر السني- الشيعي للعلن.

خلافات كردية

ولم تؤد الحرب ضد تنظيم «الدولة» التي وحدت أكراد المنطقة لاختفاء الخلافات الداخلية والتنافسات بينهم. وهذا واضح في منطقة سنجار التي زادت فيها الخلافات بين الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني «بي كي كي» والاتحاد الديمقراطي الكردستاني خاصة بعد طرد تنظيم «الدولة» من المنطقة في عام 2015. وكان «بي كي كي» من الفصائل الأولى التي ردت على دخول تنظيم «الدولة» المنطقة واستهدافه الطائفة الإيزيدية وهو ما سمح له بتعميق جذوره فيها. وقبل وصول الجهاديين كانت المنطقة محل نزاع بين حزب الاتحاد الديمقراطي والجماعات المرتبطة بـ»بي كي كي».
ولم يكن التنظيم راغبا في التخلي عنها لأنها تعتبر صلة ربط له بين العراق والمناطق التي يسيطر عليها الأكراد السوريون في شمال شرق سوريا.
ومع صعود جماعات «بي كي كي» في سنجار أصبحت العلاقة ملتهبة مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني حيث يقوم كل طرف بمراكمة السلاح تحضيرا للمواجهة المقبلة. وأثر الانقسام بين الأكراد على الإيزيديين الذين لم يكونوا مسلحين في السابق، وأصبحوا اليوم ممثلين بعدد من الفصائل المسلحة مثل قوات حماية الشعب في سنجار، الموالية لبي كي كي ووحدات المقاومة في سنجار الموالية للحزب الديمقراطي الكردستاني.
ولا ننسى أن هناك خلافا بين الحزبين الرئيسين في كردستان وهما الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الديمقراطي الكردستاني والتي تتركز على دور مقاتلي البيشمركه والسيطرة على المناطق الجديدة التي تم كسبها في المعارك مع الجهاديين.

الخلافات السنية ـ السنية

ويظل السنة الجماعة الأقل تنظيما في العراق. ولكن هذا الوضع مرشح للتغير حالة هزم تنظيم «الدولة»، وكما في حالة الأكراد فقد يقود التنافس بين الجماعات السنية المختلفة لخلافات داخلية في المستقبل المنظور. وفي الموصل تحديدا هناك جماعات مشاركة في الحرب ضد الجهاديين. وتتلقى بدعم من مصادر مختلفة، فالحشد العشائري تدعمه الحكومة العراقية أما كتائب الموصل فتدعمها تركيا.
ومن المتوقع أن تتنافس فيما بينها عندما يهزم تنظيم «الدولة». وكما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» فمشاكل ما بعد تحرير الموصل والتعامل مع المتعاونين معه ستكون بمثابة تحد للسلطات ومصدرا للعمليات الإنتقامية.
فقد تندفع القبائل التي عانت من ظلم الجهاديين للانتقام من تلك التي وقفت معهم. وأوضح مثال هو قبيلة العبيد والبيات قرب الحويجة.

خلافات الشيعة

بالنسبة للعرب الشيعة، فهم مثل السنة في الموصل ممثلون من خلال عدد من المجموعات التي تحظى بدعم من مصادر مختلفة، خاصة إيران والحكومة العراقية. وأدى النزاع بينها إلى عنف خاصة في المناطق التي تم طرد تنظيم «الدولة» منها. ففي حزيران/يونيو اشتبكت عناصر من منظمة بدر وعصائب الحق وكلاهما أعضاء في الحشد الشعبي في منطقة طوز خورماتو مما أدى لوقوع عدد من القتلى. وبدأت الاقتتال عندما اختطفت عصائب الحق عنصرا من بدر ولم تنته المواجهة إلا بعد انسحاب عصائب الحق من المنطقة.
ويرى الكاتبان أن عدم قدرة الحكومة المركزية في بغداد على فرض سلطتها فستظل البلاد مناطق للنزاع بين الجماعات غير الدول. وهو أمر يدعو على القلق، فكلما زادت الجماعات المسلحة في العراق أصبح من الصعوبة بمكان تحقيق الوحدة المركزية فيها.

من طهران إلى الموصل

ونشرت المجلة لأفشون أوستافار، مؤلف كتاب «طلائع الإمام: الدين والسياسة والحرس الثوري الإيراني» والمحاضر في الكلية البحرية للدراسات العليا في مونتري- كاليفورنيا مقالا حول دور إيران في العراق والموصل.
وتوقع الكاتب أن تكون الحرب دموية لكنها أشارت كغيرها للتحديات التي تواجه المدينة نظرا لتعدد اللاعبين في «تحريرها». وتقول إن الخطة تقوم على حصارها من مجمل المشاركين هي الدخول للمدينة والابتعاد عن القرى للسماح لتنظيم «الدولة» التقدم نحو الرقة وهي آخر معقل للجهاديين. وتقول إن كل طرف في المعركة لديه أجندة خاصة ويرغب بأن يحققها ويمنع الآخرين من تحقيقها.
ومن بين هؤلاء تأتي إيران منافسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والتي تريد مساعدة الحكومة العراقية على طرد الجهاديين وتجد نفسها في تحالف مع أمريكا في العراق. وتجد نفسها مع ذلك أمام تحديات كبيرة.
وتشير للفرصة التي منحها سقوط صدام لإيران التي لم يكن لديها أصدقاء حيث تحول العراق من دولة معادية إلى حليف ونصبت نفسها كدولة راعية للنظام الجديد فيها. ويرى أن قوة إيران في العراق نابعة من دعم طهران للميليشيات الشيعية. فقد قضى الحرس الثوري الإيراني العقد الماضي في تدريب وتمويل ودعم الميليشيات هناك. وتعمل هذه المجموعات تحت قيادة الجنرال قاسم سليماني، مسؤول فرع القدس للعمليات الخارجية والذي يلعب دورا في دعم نظام بشار الأسد في دمشق.
ويعلق الكاتب على أن الميليشيات الشيعية في العراق هي نعمة ونقمة لإيران. فبعد عام 2014 وتشكيل الحشد الشعبي لمواجهة الجهاديين أصبحت الميليشيات جزءا من الدولة وحصلت على شرعية منها مما منح الحرس الثوري وإيران دورا مؤثرا على الساحة.
ولأن قوات الحشد استهدفت السنة فقد اعترضت واشنطن وأنقرة على مشاركتها في عملية الموصل خشية حصول عمليات انتقامية فيها كما حصل في مدن أخرى طرد منها تنظيم «الدولة». ويقول الكاتب إن أي انتهاك يحدث في العملية ستلقى مسؤوليته على الحرس الثوري، خاصة أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله خامنئي يرفضه ويؤكد على لغة إسلامية عامة. وتهدف إيران للحفاظ على العراق الذي ترتبط به بعلاقات أمنية واقتصادية كحليف بالإضافة لسوريا ضد ما تراه تهديدا من الدول السنية.
ولكن علاقة إيران مع العراق مشروطة بعلاقاته الوثيقة مع الولايات المتحدة. ومع أن الميليشيات الشيعية غير راضية عن هذه العلاقة ومحاولة إيران استخدامها من أجل استهداف القوات الأمريكية إذا عادت من جديد إلى البلاد إلا أن إيران تخلت عن الجبهة في الموصل للقوات العراقية المدعومة من الطيران الأمريكي. ويرى الكاتب أن طهران ترى في نجاح الحكومة العراقية بتعزيز سلطتها على المناطق ومنها الموصل مهما لاستراتيجيتها، وكذا توسع تأثير الميليشيات.
ويشير الكاتب هنا للدور التركي الذي بات يمثل تحديا لإيران، فمع أن علاقة طهران مع أنقرة أفضل من علاقتها مع السعودية إلا أنهما تعاديان بعضهما البعض في سوريا.
وترى تركيا التي أكدت دورها في الموصل رغم معارضة كل من طهران وبغداد على أن شمال العراق هو جزء من مجال تأثيرها. وستتعامل إيران مع توسع الدور التركي هنا كتهديد لمصالحها. ويعتقد الكاتب أن تلعفر ذات الغالبية التركمانية قد تحفز مواجهة تركية – إيرانية خاصة بعد التحذيرات التركية وهجوم قوات الحشد الشعبي عليها. وقد يمثل الأكراد تحديا لإيران إلا أن حكومة إقليم كردستان بزعامة مسعود بارزاني على علاقة جيدة مع إيران. ولأن الموصل تعتبر أكبر هدية في العراق وكل طرف يريد الحصول عليها.
وكي تحافظ إيران على حصتها من الكعكة فيجب أن تتجنب التصعيد مع تركيا والأكراد والمصالح الشيعية في الموصل. ويربط الكاتب هنا الموقف الإيراني بالسياسة المحلية. فمن الناحية النظرية تقوم حكومة حسن روحاني بالسيطرة على ملف العلاقات مع العراق.
وترى هذه الحكومة أن الطريق الوحيد للتأثير يكون عبر العلاقات الرسمية الشرعية. ومن الناحية العملية فمن يدير ملف العراق وسوريا أيضا هو قاسم سليماني الذي يرى أن تأثير إيران وحماية مصالحها لا يتم إلا من خلال جماعات وكيلة محلية ـ الحشد الشعبي مثلا. ويرى الكاتب أن معركة الموصل هي أهم المعارك في العراق ضد تنظيم «الدولة» وكل الدول في المنطقة تريد تحريرها مما يجعل أي عملية ترتيب لمرحلة ما بعد تنظيم «الدولة» متقلقلة. ومع أن إيران استطاعت موازنة مصالحها في العراق بين الحكومة ووكلائها من الميليشيات إلا ان تقاطعها في الموصل مع المصالح التركية والكردية والمصالح الشيعية مضافا إليه التنافس السياسي يجعل من الحفاظ على التوازن أمرا صعبا.

من اجتثاث البعث لاجتثاث تنظيم «الدولة»… وهزيمته في الموصل لن تنهي الحرب الأهلية… ونهايته ستكشف عن خطوط الصدع الطائفية والإثنية… سنية وشيعية وكردية

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول البوتاني \ الولايات المتحدة:

    في العراق تجد كل المكونات الاثنية والطائفية والعرقية والسياسية والغير سياسية، ولكن الغريب انك لا تجد عراقيا الا ماندر.
    منذ تاسيس الدولة العراقية وقبلها كانت اليد الطوله في تسيير امور البلد للمكون دون غيره، وعليه تم البناء ولحين سقوط الصنم في 2003.
    لم يكن لباقي المكونات تاثير قيادي يذكر الا باشراف كامل من المكون الذي يعتبربانه الرئيسي والامر الناهي في البلد، واذا سلمنا بان نسبة العراقيين اللذين يؤمنون بعراقتيهم قبل الطائفة كانت لاباس بها، لكن بعد تسنم الصنم السلطة في عام 1979 فقد الامل في الابقاء على هذه النسبة ومع الزمن اختفت وتمترس الجميع خلف طوائفهم لاسباب داخلية وخارجية ومصالح اقليمية واصبح البلد في مهب ريح لايعرف لها تجاه ولا اسمأ لها يمكن ان نتابع به بداية ونهاية موسم هذه الرياح العاتية.
    في العراق، كل ما نحتاج اليه هو المصارحة ولا شي غير المصارحة في ان ينتمي الجميع اولا واخرا للعراق فقط. والا هل يمكن لاصحاب السلطة ولسنوات طويلة التسليم بانهم خسروها بهذه السهولة عام 2003 وتم ركنهم على رفوف متاكلة تتساقط مع ما تبقى لها من زمن افتراضي. وهل للمكون الذي يدعي المظلومية لاكثر من الف عام بان يقبل بالاخر وهو يشعر بانه اصبح السيد والآمر الناهي في عراق لم يكن ليحلموا حتى في ان يصلوا الى صحارى كربلاء والنجف لولا المارد الذي ازاح الصنم.
    اذا كنتم تريدون العراق فعليكم الجلوس الى منضدة العقل والوطنية وفتح الملفات بهدوء وشفافية والاتفاق على ان يكون العراق فوق الجميع اولا واخيرا، والا وهذه حقيقة يعرفها الاعمى في الشوارع الخلفية في اقذر عاصمة من عواصم العالم بان الكل سيمدكم بالسلاح والمال والعتاد والغذاء ليستمر حمام الدم الذي بدء ولن ينتهي.

إشترك في قائمتنا البريدية