من الإتجار بالمهاجرين إلى اغتصابهم وقتلهم

حجم الخط
13

تنشر وسائل الإعلام كل يوم أخبارا فظيعة عن المآسي التي يتعرض لها المهاجرون وكان أحدثها خبر إلقاء مهربين قبالة ساحل اليمن بقرابة 300 مهاجر في البحر مما أدّى إلى غرق العشرات منهم، وتوازى ذلك مع مأساة أخرى أجبر خلالها أحد المهربين 120 مهاجرا على القفز في المياه قبيل بلوغ ساحل شبوة جنوب اليمن خشية اعتقاله لدى وصول المركب إلى منطقة قريبة من الشاطئ.
وكأن عسف المهرّبين وإجرامهم لا يكفي فإن المهاجرين يتعرّضون أيضاً لمخاطر الحرب الدائرة في اليمن ففي آذار/مارس الماضي فتحت مروحية عسكرية النار على قارب يحمل 140 مهاجراً ما أدّى إلى مقتل وجرح العشرات، وألقى تقرير سري للأمم المتحدة تم الكشف عنه الشهر الماضي المسؤولية في إطلاق النار على التحالف الذي تقوده السعودية واعتبر العملية انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
أما في ليبيا فأعادت منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية تذكير العالم بأن آلاف المهاجرين واللاجئين المحاصرين في ليبيا، وخاصة النساء منهم، يتعرضون للاغتصاب والتعذيب والسرقة والعبودية، وفي تحقيق للمنظمة مع 31 امرأة قال ما يقرب من ثلاثة أرباعهن إنهن شهدن قتل أو تعذيب رفيق سفر.
ما يجمع بين مهاجري اليمن وليبيا أنهم قادمون جميعهم من دول افريقية. أغلب المتجهين إلى اليمن (55 ألفا منذ بداية العام) هم من بلدان القرن الافريقي، الصومال، اثيوبيا وأريتريا، وهي بلدان تعاني بدورها من المجاعة والفقر والحرب والتصحّر فلا يجد مواطنوها، الذين انسدت الآفاق في وجوههم، غير ركوب البحر على أمل أن يلقي بهم في إحدى دول الخليج العربي الغنية لتتلقفهم عصابات التهريب والإتجار بالبشر وتفعل بهم الأفاعيل. أما المتجهون إلى ليبيا فأغلبهم من البلدان القريبة من ليبيا، كالنيجر ومالي وتشاد وافريقيا الوسطى والتي تعاني بدورها أحوال الفقر والمجاعة والحروب والأنظمة السياسية الفاسدة.
حمل تقرير المنظمة البريطانية عنوان «تجردتم من القيم الإنسانية» ووجه اللوم لبلدان الاتحاد الأوروبي الغنية التي تجبر المهاجرين على البقاء في ليبيا، وطالبت بنظام عادل وشفاف يعنى بشؤون الهجرة وطلبات اللجوء، وقالت إن عبور المهاجرين البحار ليس خيارا وإنما ضرورة لاستمرار بقائهم على قيد الحياة.
تتحمل الدول الأوروبية مسؤولية كبيرة في الأزمة الراهنة التي تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر حين اتفقت كبرى هذه الدول على تقسيم افريقيا إلى دول من دون ارتباط بالجغرافيا الطبيعية كالجبال والأنهار والبحيرات، أو بالانسجام الإثني والقبلي، أو بالممالك التاريخية القديمة، وهو ما جعل هذه الدول عرضة بشكل مستمر للنزاعات والحروب الأهلية والإثنية والجغرافية.
لكنّ تحميل اللوم للدول الأوروبية وحدها يعني النظر بعين واحدة فقط، فبعض الممالك الافريقية القديمة كانت مراكز استبداد أيضاً، وبعضها كان مواقع لخطف الافارقة أنفسهم واستعبادهم وبيعهم للتجار، وإذا كانت هذه التجارة أصبحت محرّمة عالميّاً فإن بعض الدول الافريقية ما تزال تعامل مواطنيها بأساليب أكثر شراسة من معاملة العبيد، وتساهم أنظمتها الفاسدة في مدّ عصابات التهريب والإجرام بالبشر الذين لا يشعرون بمواطنيتهم وجلّ حلمهم أن يغادروا هذه البلدان الفاشلة للحصول على حياة كريمة في مكان آخر.
المهرّبون، في هذه المعادلة، هم المعادل التاريخي لتجار العبيد وهم، عمليّاً، يمارسون الممارسات الوحشية لأسلافهم أولئك، ويشكلون جزءاً من دورة استغلال كبيرة تبدأ بالأنظمة المصدّرة للهاربين واللاجئين، وتنتهي بالدول الغربية التي تريد أن تعالج النتائج من دون معالجة الأسباب.

من الإتجار بالمهاجرين إلى اغتصابهم وقتلهم

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    ناقشت بعض التبشيريين عن أنهم لا يهتمون بمعيشة الإنسان الأفريقي إنما بتغيير دينه فقط
    وقلت لهم :
    بدلاً من إعطائهم الطعام يحب تعليمهم كيفية إنتاج هذا الطعام من خلال الأدوات ثم المصانع
    فقالوا لي أنهم يفعلون ما يريده المتبرعون والكنيسة منهم فقط !
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول سليمان يعقوب:

      لا تنسى ان معظم هؤلاء مسلمون فمعظم الاثم يقع علينا نحن المسلمون في البلاد العربية والاسلامية الاخرى الذين لم نعد نهتم بهؤلاء المساكين، لكن الجرم جرم الحكام الذي تسببوا في تطفيش الشعوب العربية الاسلامية وتقتيلها وبيع مصالحها للغرب، لو كان الاسلام يحكم لما سمح بهذا حتى لغير المسلمين

  2. يقول محمد نور الدين الزنكي:

    لا اله الا الله محمد رسول الله صل الله عليه وسلم تسليما كثيرا،
    صبر جميل والله المستعان..

  3. يقول جواد ظريف:

    الهجرة هي أكبر تحدي يواجه أوروبا العجوز فمن جهة سينقرض شعبها ألم تضخ فيه دماء جديدة ومن جهة أخري القادمون الذين لا يردون الاندماج حسبهم. مشكلة أوروبا ليست في عدم القدرة علي استيعاب كل الوافديين إليها ألمانيا مثلا تحتاج حوالي مليوني عامل في الخمس سنوات القادمة لاكن تريدهم علي مقاسها يتركون دينهم وطباعهم في بلدانهم الأصلية هناك هجرة يوميا من دول لا نسمع شيء عنها مولدفيا ودول البلطيق وجنوب أمريكا مثلا لا يموت أحد في الطريق ولا يوجد تجار بشر لأن أوروبا تسهل دخولهم إليها والإقامة فيها وتصد أبوابها علي المسلمين والافرقيين فهي سبب موت هؤلاء وازدهار تجارة البشر .

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه. (من الإتجار بالمهاجرين إلى اغتصابهم وقتلهم)
    الفت الانتبا الى بعض فقرات مقال اليوم:اولها(تتحمل الدول الأوروبية مسؤولية كبيرة في الأزمة الراهنة التي تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر حين اتفقت كبرى هذه الدول على تقسيم افريقيا إلى دول من دون ارتباط بالجغرافيا الطبيعية كالجبال والأنهار والبحيرات، أو بالانسجام الإثني والقبلي، أو بالممالك التاريخية القديمة، وهو ما جعل هذه الدول عرضة بشكل مستمر للنزاعات. والحروب الأهلية والإثنية والجغرافية.)
    والثانية :( أما في ليبيا فأعادت منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية تذكير العالم بأن آلاف المهاجرين واللاجئين المحاصرين في ليبيا، وخاصة النساء منهم، يتعرضون للاغتصاب والتعذيب والسرقة والعبودية، وفي تحقيق للمنظمة مع 31 امرأة قال ما يقرب من ثلاثة أرباعهن إنهن شهدن قتل أو تعذيب رفيق سفر.)
    والفقرة الثالثة( المهرّبون، في هذه المعادلة، هم المعادل التاريخي لتجار العبيد وهم، عمليّاً، يمارسون الممارسات الوحشية لأسلافهم أولئك، ويشكلون جزءاً من دورة استغلال كبيرة تبدأ بالأنظمة المصدّرة للهاربين واللاجئين، وتنتهي بالدول الغربية التي تريد أن تعالج النتائج من دون معالجة الأسباب.)
    ما دام قانون الغاب يتحكم في العلاقات الدولية فعلى الاخلاق والقيم السلام.

  5. يقول الصوفي الجزائر:

    تحية تقدير لك اخي كروي
    ان مايفعله النصارى والكنيسة هو عينه ما يفعله المسلمون والجمعيات الخيرية ان لم يكونو خاضعين للمتبرعين فيخضعون الى املائات سياسية.

    1. يقول الكروي داود:

      حياك الله عزيزي الصوفي وحيا الله الجميع
      الإرساليات والبعثات التبشيرية المسيحية تشترط الدخول بالمسيحية قبل إطعام الجائعين بأفريقيا
      بعكس الجمعيات الخيرية الإسلامية التي لا تشترط الدخول في الإسلام من مبدأ المؤلفة قلوبهم في الصدقات
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول مازن امريكا:

    القارة الافريقية تعتبر من اغنى القارات بالموارد الطبيعية ، كالثروة الحيوانية ، والزراعية ، كون القارة تمتلك تربة خصبة
    ومياه متوفرة ، وهذا ما يساعد على استمرارية وبقاء هذه الثروات ، وقيل في أبحاث معظم الجيولوجيين ان افريقيا اقدم القارات
    وعليها تكونت اول حضارات البشر ، ودليلهم ان افريقيا تحتضن معظم الحيوانات الضخمة آكلة الأعشاب ونقيضها المفترسة
    أيضا منذ بداية التكوين ، لان طبيعة الأرض وحرارتها تساعد على البقاء
    جزأت أوروبا القارة منذ مئات السنين وتقاسمتها لتسطوا على مواردها الطبيعية الغنية ، وحتى البشر تم التجارة بهم كعبيد
    وبيعهم في أسواق الرقيق ، ولا زالت القارة الافريقية وخصوصاً الوسط والجنوب يعاني التبعية والتشرذم
    ومع وجود صراعات واقتتال دائم هناك ، نزح وتشرد الكثير من الناس داخل افريقيا وخارجها ، فالسياسيين والعسكريين
    هناك معظمهم مأجورين ولصوص ، ولا يضيرهم سوى مصالحهم الشخصية والمنفعة
    فإن لم تجد قوت تطعم به اطفالك وعائلتك ، وحولك حلقات الموت من الجوع والامراض والحروب ، اول شيء ستفعله
    هو الهروب من المكان ، الى أي مكان ، باي طريقة ، بعيداً عن هنا
    لم يدروا ان موتاً آخر كان ينتظرهم على الضفة الأخرى
    شكراً

  7. يقول Dinars:

    الثورة الصينية تعتبر هي الأنجح إلى حد ما. فالحكم المحلي يدخل تحسينات على الحالة الإقتصادية والإجتماعية مع وجود صرامة من خلال مركزية الإشراف على هيآت التسيير حتى لا ينفلت الأمر.
    البلدان مصدر الهجرة أبعد ما تكون على تطبيق هكذا نموذج يدفع إلى الإستقرار لأن الدول وجهة الهجرة تستثمر الخيانة في تلك البلدان بحيث تشتري الذمم لتكريس التبعية التي تنجر عنها استنزاف الثروات فيحل الفقر والتهميش ويضيع التركيز لإصلاح الأوضاع فيصبح الشغل الشاغل عند الجميع الهجرة إلى حيث استقرت ثروات شعوب باتت تعيش على الهامش فهي لم تغير من حالها فوقعت فيما استسهلت من أهداف اعتقدت أن فيها الحل.

  8. يقول سوري:

    لم يعد للإنسان في عصر حقوق الإنسان أي قيمة في زمن انعدمت فيه القيم. ما زال الاستعمار ومخلفاته يفتك بالشعوب الضعيفة ويصدر أدبيات الأخلاق، زيف ما بعده ولا قبله زيف، ما يعاني منه اللاجئون الأفارقة يعاني منه اللاجئون السوريون والعراقيون واليمنيون والليبيون، إنه زمن استغلال الانسان للإنسان بكل فجاجته وقبحه وإجرامه، إن المسؤول الأول عن هذه الجرائم ليس المهربون وإنما من دفع هؤلاء إلى الهروب من بلادهم وبيوتهم كالهارب من الرمضاء إلى النار، الأنظمة المجرمة الفاشية التي لا تعطي أي اعتبار للبشر أو للحجر، أنظمة تقتل شعوبها وتقذف بها في البحار والبراري، والغرب المتحضر صاحب الأدبيات الأخلاقية السامية اما يتفرج أو يشارك في مذبحة الشعوب، الشعب العراقي، الشعب السوري، الشعب اليمني، الشعب الليبي، والشعوب الدول الافريقية التي نصب الغرب عليها انظمة القمع والديكتاتورية كنظام بشار الكيماوي،

  9. يقول سامح //الأردن:

    *ربما (أوروبا ) تتحمل جزءا من المشكلة
    لكن القسم الأكبر يقع على دول المهاجرين
    الساقطين .
    سلام

  10. يقول سامح //الأردن:

    *حتى لا يفهم أحد تعليقي خطأ
    بقصد بالساقطين(دول وحكومات المهاجرين).
    * الدولة المحترمة التي تحترم مواطنيها
    وتوفر لهم سبل الحياة الكريمة لا يهاجرون.
    سلام

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية