مهامها بالغة التعقيد بعيداً عن الشأن السياسي!

حجم الخط
0

رام الله – «القدس العربي»: ما أن أُعلن عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني الجديدة، أو التي أُختير لها أن تكون «تكنوقراط»، هرباً من العقاب الدولي، ورغم الحصول على الدعم الدولي الكافي كلامياً حتى الآن، إلا أن الفلسطينيين حالهم مختلف تجاه هذه الحكومة، بدءا من اسمها، وصولاً إلى ما عليها من مسؤوليات تجاه المواطنين والبلد بشكل عام، خاصة في ظل الظروف الإقليمية المعقدة، والفلسطينية التي تمر بحساسية أصعب. فالتكنوقراط تعني النخب المثقفة الأكثر علماً وتخصصاً في مجال المهام المنوطة بهم، وهم غالباً غير منتمين للأحزاب، والتكنوقراط كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين: التقانة «التكنولوجيا» وتعني المعرفة أو العلم، وقراطية «كراتس» وهي
كلمة اغريقية معناها الحكم، وبذلك يكون معنى تكنوقراط حكم الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة.
لكن هذا لا ينطبق على كثير من الوزراء الذين استلموا حقائبهم فعلاً، وأكبر مثال على ذلك هو الإعتذار الذي قدمه رجل الأعمال الفلسطيني مأمون أبو شهلا، عن تولي منصب وزير العمل، لتعارض التسمية الوزارية مع تخصصه الإقتصادي، واستلام البعض لوزارات بعيدة عن تخصصهم، أو تسلم بعضهم لحقيبتين وزاريتين في ذات الوقت، ومنهم لثلاث حقائب.
لكن التخصص ليس بالشيء الكبير، خاصة وأن الوزارات بموظفيها الحاليين، تمشي على نمط معين يسير به عمل الوزارة وبالتالي تسيير أعمال المواطنين بشكل تلقائي، لكن الوقت الذي أتت به هذه الحكومة والظروف المحيطة هي العبء الحقيقي عليها، ولعل ما حصل في غزة أمام البنوك، من قبل موظفين كانوا يتبعون لحكومة حماس قبل إعلان الحكومة الحالية، أكبر دليل على ما ستواجهه حكومة «التكنوقراط» أو الوفاق، أو المصالحة أو أيا كانت التسمية.
كما أن إجراءات الإحتلال الإسرائيلي، بمنع بعض وزراء قطاع غزة من دخول الضفة الغربية، من شأنه أن يصعب مهمة الوزراء، ووزاراتهم على حد سواء من تأدية المهام المنوطة بهم، وهو ما يعيد للأذهان المجلس التشريعي المعطل منذ بدء الإنقسام، واعتقال عدد كبير من أعضاء البرلمان الفلسطيني في سجون الإحتلال، وبالتالي مؤسسات بدون عمل، رغم صرف رواتب لهم!
السيناريو الأسوأ الذي قد يواجه الحكومة، هو محاولات التخريب وتوجيه ضربات لها، من معارضي اتفاق المصالحة وتحديداً بعد بروز بعض الأصوات داخل حركة حماس، تنتقد علانية ما ذهبت إليه الحركة بعيداً عن إطارها العام «المقاومة» واللحاق بركب السلطة، خاصة بعد تلقي «الاخوان المسلمين» ضربة موجعة في مصر.
ورغم كل ذلك، يرى المحللون بأن هذه الحكومة قد تنجح في الصمود لفترة ليست بالقصيرة، خاصة في حال استفادت عدة أطراف منها، ومن المصالحة الفلسطينية بشكل خاص، فحركة فتح، التي طوعت «اليسار» الفلسطيني في منظمة التحرير، إلى السلطة الفلسطينية وتأييد المفاوضات، هي اليوم تضم حركة حماس على ذات الطريق.
فيما حركة حماس من المستفيدين جداً من اتفاق المصالحة وتشكيل الحكومة، فقد أُرهقت لسنوات طوال من فاتورة الرواتب الخاصة بالحكومة وموظفيها، وتحملت عبء مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، رغم أن السلطة الفلسطينية كانت تصرف أكثر من نصف موازنتها على قطاع غزة.
المشهد الفلسطيني شديد التعقيد، لكن المواطن العادي لا ينتظر من الحكومة الكثير، سوى الالتفات إلى هموم حياته اليومية، وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة في ظل الإحتلال، وتوقف أفق السلام الى أجل غير مسمى.

فادي أبو سعدى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية