تونس ـ «القدس العربي« أعلن رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة رسميا أنه لن يترشح للإنتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرا إلى أنه لا يرغب بدخول قصر قرطاج من الباب الخلفي و»إن كان الطريق معبّدا»، فيما نفى مستشاره الإعلامي سعيه لترأس الحكومة مجددا بعد الإنتخابات. وقال في خطاب موجه للتونسيين الأربعاء «على إثر توالي الأخبار في مختلف وسائل الإعلام حول إمكانية ترشحي للإنتخابات الرئاسية القادمة، فإنني لن أترشح لهذا الإستحقاق وذلك وفقا لما يمليه علي ضميري وأخلاقي وصراحتي»، شاكرا مختلف الدعوات للترشح والدعم الكبير له في الداخل والخارج.
وأكّد أن قراره بعدم الترشح للرئاسة لم يتخذ تحت أي ضغط، مشيرا الى أنه لا يرغب في دخول القصر الرئاسي من الباب الخلفي، ملمحا إلى أن الطريق كان معبدا أمامه، «لكنه ليس ممن يسعون لاستغلال الفرص».
وأشار إلى أنه يركز الآن على الوفاء بتعهداته الأخلاقية حول إنجاح الفترة الانتقالية بمساراتها الثلاث (مسار الدستور والمسار الحكومي والمسار الإنتخابي)، داعيا جميع المرشحين إلى تقديم خطاب صريح وواع (بعيدا عن الوعود والأحلام) ومحاولة إعادة كسب ثقة الشعب التونسي الذي قال إنه يمتلك من الوعي والثقافة ما يمكنه من إنجاح هذه المحطة الهامة في تاريخ البلاد.
وجاء خطاب جمعة بعد ساعات من مطالبته من قبل الإتحاد العام للشغل (الطرف الأبرز الراعي للحوار الوطني) بتكذيب الشائعات التي تدور حول إمكانية ترشحه للإنتخابات الرئاسية، وتوضيح مدى التزامه بتعهداته المنصوص عليها في خارطة الطريق.
وكان الخبير الدستوري قيس سعيّد أكد في وقت سابق عدم وجود نص قانوني يمنع مهدي جمعة من الترشح للإنتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن خارطة الطريق تنص بالضبط على منع أعضاء الحكومة فقط (وليس رئيسها) من الترشح. وأشارت مصادر إعلامية مؤخرا إلى أن عشرات الشخصيات السياسية والنقابية وجهوا نداء مؤخرا لجمعة بضرورة الترشح للإنتخابات الرئاسية لقطع الطريق على الإستقطابات الحزبية الكبيرة التي تشهدها البلاد.
وأثار خطاب جمعة ردود فعل إيجابية لدى معظم الأطراف السياسية في البلاد، حيث اعتبر الناطق باسم حزب «التكتل الديمقرطي من أجل العمل والحريات» محمد بالنور أن جمعة أثبت أنه «رجل دولة يشعر بمسؤوليته ووفي لعهده»، مشيرا إلى أن تونس نجحت «لأن فيها رجالا مثل جمعة».
كما أكد الناطق باسم حركة النهضة زياد العذاري لإذاعة «شمس» المحلية أن قرار جمعة كان متوقعا، مشيرا إلى أن الحركة تثمن هذا القرار «المطئن» للشعب.
وكانت الحركة أصدرت الأربعاء بيانا نفت فيه أي علاقة لها بجمع إمضاءات لصالح أيّ من مرشحي الرئاسة، في إشارة إلى الإشاعات التي روجتها بعض وسائل الإعلام حول قيام بعض عناصر الحركة بجمع إمضاءات لصالح ترشيح مهدي جمعة للرئاسة.
وذكّرت مجددا بأنها لم تحدّد حتى الآن اسم الشخصيّة التي ستدعمها في الإنتخابات الرئاسيّة القادمة، مشيرة إلى التزامها الكامل بمقتضيات خريطة الطريق.
واعتبر الناطق باسم حزب نداء تونس لزهر العكرمي أن موقف جمعة من الإنتخابات الرئاسية «وطني»، مشيرا إلى أن خطابه «فند كل الشائعات».
فيما أكد القيادي في الجبهة الشعبية زياد لخضر أن قرار جمعة «صائب ولم يخيب الظن»، مشيرا إلى أنه «يتوافق مع جوهر التزاماته السياسية والأخلاقية النابعة من الحوار الوطني وخارطة الطريق، ويساهم في نزع فتيل التوتر في الساحة السياسية».
من جانب آخر، نفى المستشار الإعلامي لجمعة مفدي المسدّي وجود أي نية لدى جمعة لترأس الحكومة مجددا بعد الإنتخابات، كما أشار إلى أنه لا ينوي تأسيس حزب سياسي مستقبلا، لكنه لم يجزم باحتمال عودته للمشهد السياسي عبر الإنتخابات الرئاسية المقبلة عام 2019.
يذكر أن بعض استطلاعات الرأي أكدت مؤخرا تزايد نسبة رضى التونسيين عن أداء حكومة جمعة، مشيرة إلى أنه يتفوق بشعبيته على كل من رئيس الجمهورية منصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر، غير أن بعض المراقبين شكك في هذه الإحصائيات، معتبرا أنها «مسيسة» ولا تعبّر عن الواقع.
حسن سلمان