لندن ـ «القدس العربي»: هيمنت أخبار الاعتقالات المفاجئة التي شهدتها مصر والتي طالت عدداً من السياسيين والنشطاء المعروفين والمستقلين، بمن فيهم الدبلوماسي السابق والشخصية البارزة معصوم مرزوق، على شبكات التواصل الاجتماعي وجددت الجدل حول الحريات في البلاد واستهداف النشطاء والسياسيين بغض النظر عن توجهاتهم.
واعتقلت أجهزة الأمن المصرية يوم الخميس الماضي السياسي البارز معصوم مرزوق، و6 آخرين وأحالتهم إلى النيابة العامة التي قررت توقيفهم 15 يوما على ذمة التحقيق بعد أن وجهت لهم عدة تهم من بينها «التحريض على التظاهر» وذلك في أعقاب دعوتهم إلى الاحتشاد في ميدان التحرير وسط القاهرة يوم 31 آب/أغسطس الحالي في إطار مبادرة للمصالحة السياسية الداخلية تهدف إلى إنهاء الأزمة في مصر.
وقال طارق العوضي، عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، إن نيابة أمن الدولة العليا وجهت لمرزوق ومن معه عدة اتهامات وهي: «مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها والاشتراك في تمويلها، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة التحريض على التظاهر».
ومن بين المعتقلين إضافة إلى مرزوق الخبير الاقتصادي رائد سلامة، والأكاديمي المعروف يحيى القزاز، وجميعهم من المعارضين لجماعة الإخوان المسلمين ومن المشاركين في التظاهرات التي أدت إلى إسقاط الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي في صيف العام 2013.
وأثارت هذه الاعتقالات موجة جديدة من الانتقاد للنظام في مصر على شبكات التواصل الاجتماعي، كما جددت الجدل بشأن الحريات في البلاد وتصدرت اهتمام المصريين على نطاق واسع، فيما انطلقت دعوات سريعة على «فيسبوك» و»تويتر» من أجل إطلاق سراح المعتقلين فوراً وضمان حقهم في التعبير عن آرائهم.
وسرعان ما تصدر الهاشتاغ «#معصوم_مرزوق» قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في مصر خلال الأيام الماضية في تعبير واضح عن الاهتمام بهذه الموجة الجديدة من الاعتقالات، فيما أعرب كثير من المغردين والمعلقين عن تخوفهم من أن تتواصل حملة الاعتقالات حتى نهاية الشهر وتطال أعداداً أكبر من وجوه السياسة البارزين في مصر.
وعلق الناشط الحقوقي والمحامي المصري المعروف هيثم أبو خليل، على الاعتقالات الجديدة عبر تدوينة على «فيسبوك» قال فيها: «أي شخص حاول إلقاء حجر في مياة السياسة المصرية الآسنة تم التنكيل به. تذكروا النائب الصعيدي الجدع محمد العمدة الذي يدفع ثمن طرحه مبادرة منذ 3 سنوات. السيسي وعصابته يقتاتون على حالة الإنهيار الحاصلة في مصر ويفزعهم أي محاولة لحلحلة الأمور».
أما الصحافي والكاتب المستقل تامر أبو عرب، فكتب معلقاً على ما يجري بالقول: «كل الناس شايفة إن النظام مستقر ومسيطر إلا النظام نفسه، رعب غير طبيعي من أي مبادرة/مقال/بوست واستسهال غير طبيعي لحبس الناس من غير حتى المعايير الأخلاقية للخصومة اللي كانت موجودة في الأنظمة الأخلاقية ومنها عدم حبس سيدات أو كبار سن أو قصّر. مش قادر أفهم إيه السياق اللي يخليك تحبس راجل سبعيني زي معصوم مرزوق كل اللي عمله مبادرة «سياسية» لم تلاقِ أي ترحيب حتى داخل الفصيل المنتمي له السفير معصوم وانتهى الأمر، ومش قادر أفهم أكتر وأكتر خطوة القبض على باحث اقتصادي مهني ومهم زي الدكتور رائد سلامة لا عمل مبادرة ولا بيتكلم في السياسة ونشاطه وشغله كله على ملف الاقتصاد المتخصص فيه واللي لو خد فرصة ودور واتسمع لآرائه يمكن وضع الاقتصاد المتهاوي كان اختلف».
وأضاف أبو عرب: «يا جماعة اللي بيحصل ده غلط وخطر وآخرته وحشة على الكل، يا جماعة بلاش دايما ايديكم تبقى سابقة لسانكم، يا جماعة أدوات السلطة مش قبض وحبس وتنكيل بس فيه برضه حوار ومواءمات وسياسة، يا جماعة انتوا بتقولوا دايما انكم أنقذتونا من مصير سوريا والعراق وفي نفس الوقت ماشيين على وصفة حافظ وصدام بالمللي. يا جماعة عيب بقى».
وغرد الناشط الحقوقي والمحامي جمال عيد على «تويتر» قائلاً: «محمود بدر وزملاؤه عملوا حركة تمرد أيام مرسي فأصبحوا أعضاء برلمان ومجلس حقوق الإنسان في عهد السيسي اللي بقى رئيس. عمرو بدر عمل حركة شبيهة اسمها البداية اتحبس. معصوم مرزوق عمل مبادرة ممكن تكون مثالية، اتقبض عليه من شوية!! السؤال: هل ستكفي الـ 20 سجن الجدد لاستيعاب معارضي السيسي؟ لا أظن».
وأضاف عيد في تغريدة أخرى: «وهل بعد القبض على معصوم مرزوق ستُلفق له تهمة الانضمام لجماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة».
أما الدكتور سيف عبد الفتاح، فغرد يقول: «عار عليكم اعتقال السفير معصوم مرزوق، أحد أبطال الصاعقة المصرية في حرب أكتوبر والحاصل على نوط الشجاعة من الطبقة الأولى».
وكتب أيمن شويقي مغرداً: «لستُ سعيداً ولا شامتاً باعتقال السفير معصوم مرزوق الذي جاب العالم شرقاً وغرباً لاقناعهم بالتعجيل بالإطاحة بمرسي وكتب عشرات المقالات في الأهرام تأييداً للانقلاب ولكن ما يحدث ضروري كي يتعلم الجميع الأدب واحترام صندوق الانتخابات الذي قضينا عقوداً نحلم بنزاهته ثم كفرنا به مع أول تجربة».
أما الناشط الإسلامي أسامة رشدي، فغرد معلقاً: «لا كرامة لمصري في بلده تحت حكم تتار العسكر، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، واستطالوا على الأحرار بالإرهاب والقمع وتكميم الأفواه. اعتقال السفير معصوم مرزوق من منزله بسبب ما طرحه من أفكار تمثل مخرجا من أزمة الوطن بحسب وجهة نظره يعني أنه لم يعد هناك متسع لفكر أو رأي أو مبادرة. فاشيون».
وكتب الدكتور جمال حشمت: «اعتقال معصوم مرزوق، وكمال خليل وغيرهما يؤكد أن النظام الانقلابي مأزوم، قلق، خائف، افتقد الثقة في النفس، وخاصة أن الخلاف يصل مع (مؤيديه المعترفين بثورة 30 يونيو ورئاسة السيسي) إلى هذا الحد بعد اعتقال عسكريين مثل سامي عنان وقضاة مثل هشام جنينة وصحافيين مثل صلاح دياب وجامعيين مثل حازم عبد العظيم، وذلك لهو من دلائل الاضطراب التي تسبب الانهيار. استبشروا خيراً».
وغرد الناشط مجدي مغيرة، قائلاً: «اعتقال معصوم مرزوق صاحب المبادرة الأخيرة، كما حدث مع عنان وجنينة من قبل، يعني أن النظام لم يعد يحتمل كلمة، ولو كانت في صالحه بنسبة 99 في المئة هي والله علامات الرعب لا علامات الاستقرار».
وكتب جمال نصار: «القبض على السفير معصوم مرزوق كان متوقعاً من سلطة غاشمة لا تسمع إلا صوتها ولا ترى إلا نفسها، وأعتقد أنه لا يمكن زحزحتها عن السلطة بنداء هنا أو مبادرة هناك، بل لا بد من تحرك الكتلة الصلبة من الشعب المصري لاسترداد حقوقها، متى يكون ذلك؟ في علم الله».
يشار إلى أن معصوم مرزوق، دبلوماسي وسياسي مصري عريق، عمل خلال مسيرته كسفير لمصر في عدة دول قبل أن يصل إلى منصب مساعد وزير الخارجية، كما عمل قبل حياته السياسية في سلاح الصاعقة في الجيش المصري، وشارك في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر سنة 1973 أما مبادرته الأخيرة فهي عبارة عن خريطة طريق تحتوي على تسعة بنود موجهة إلى الحكام والمحكومين في مصر وتهدف لإخراج البلاد من الأزمة الراهنة.
7med