نواكشوط – «القدس العربي»: استمر الرأي العام الموريتاني بعلمائه ومدونيه وكتابه أمس في الانشغال بالمجازر التي يرتكبها التحالف الروسي السوري الإيراني في مدينة حلب.
فبعد وقفات الاحتجاج التي نظمت أمام السفارة الروسية في نواكشوط، طالب علماء وأئمة موريتانيا في بيان وزعوه أمس الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز «بقطع العلاقات الموريتانية مع روسيا وسوريا وإيران بسبب الجرائم التي ترتكبها حكومات هذه الدول في بلاد الشام».
وأكد بيان منتدى العلماء والأئمة «أن هذا الثالوث يذيق الويلات لساكنة الشام وأن على فصائل المقاومة في الشام أن توحد صفوفها وكلمتها لمواجهة الآلة التدميرية لهذا الثالوث». وشدد البيان على «ضرورة هبة شعبية من طرف المسلمين في جميع أنحاء العالم للضغط بكل ما هو مشروع من أجل تنفيس الكرب عن المسلمين في بلاد الشام العظيمة».
ودعا منتدى الأئمة في بيانه «إلى حملة من أجل الدعاء لأهل الشام في كل وقت وبخاصة أوقات استجابة الدعاء حتى ينفس الله عنهم ما هم فيه من كربات». وانتقد البيان «التخاذل والصمت العربيين والتواطؤ الدولي السافر مع المجرمين لإبادة الشعب السوري أمام أعين الجميع».
وضمن هذه المواقف قال العلامة الموريتاني البارز عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، «إن ما يحدث في حلب لا يمكن وصفه بالكلمات، فهو تدمير كامل، وكوارث تدمر الإنسان وتدمر المكان، وهي عار في جبين الزمان». وأوضح في تدوينة له أمس «أن ما تتعرض له سوريا لا يمكن أن تغسله قوافل الإغاثة، وإن كنا نشجعها ونشد على عضدها، فالأبلق خير من الأسود البهيم كله»، حسب تعبيره.
وتحت عنوان « هؤلاء شركاء في إبادة حلب»، دعا المدون الموريتاني البارز محمد الأمين الفاظل «الشعوب العربية أن تستيقظ من سباتها وأن تنظم مسيرات حاشدة للاحتجاج أمام السفارات الإيرانية والروسية في البلدان العربية وفي كل دول العالم، وذلك للتنديد بهذه الإبادة التي تتعرض لها حلب».
وقال «إن ما تتعرض له حلب من إبادة في أيامنا العصيبة هذه ليس بالحدث العابر ولا بالأمر العادي، ولذلك فإن الحديث عن هذه الإبادة يجب أن يكون حديثا غير عادي، حديثاً صريحاً لا يجامل طرفاً، وتفترض هذه الصراحة أن نحدد لكل طرف من الأطراف المشاركة في إبادة حلب نصيبه كاملاً غير منقوص من المسؤولية في هذه الإبادة».
وأكد الكاتب أن «الطاغية بشار يتحمل النصيب الأكبر مما يحدث في سوريا، فهذا الطاغية هو وحده الذي كان بإمكانه أن يجنب سوريا هذا الخراب الذي حل بها، وكان بإمكانه لو كان في قلبه مثقال ذرة من عقل أو من وطنية أو من رحمة أن يتعامل مع الثورة السورية عند انطلاق شرارتها الأولى بأسلوب مختلف، ولو أنه تعامل معها بأسلوب مختلف مثلما فعل الملك محمد السادس في المغرب لكان هو الرابح الأكبر».
«أما المسؤول الثاني عن تدمير حلب، يضيف المدون، فهو إيران وأذيالها من ميليشيا الشيعة، حيث أماطت إيران اللثام عن وجهها الطائفي البغيض، ومن المؤسف أن إيران كشفت عن وجهها الطائفي البغيض في لحظة حرجة من تاريخ الأمة الإسلامية، لحظة كانت تستدعي تجاوز الخـلاف بين السـنة والشـيعة».
وأكد الكاتب «أن الحكام العرب يتحملون جزءاً هاماً من المسؤولية فيما يحدث من إبادة في سوريا بصفة عامة وحلب بصفة خاصة، ويتحمل قادة الدول العربية الكبرى المسؤولية الأكبر في ذلك، فتعويل هؤلاء القادة على أمريكا، ووقوفهم في وجه المطالب المشروعة لشعوبهم، كل ذلك قد أدى في محصلته النهائية إلى هذا الخراب الذي تعيشه سوريا والعراق واليمن وليبيا، والذي لا شك بأنه سيمتد إلى دول عربية أخرى إذا ما ظلت الأمور في بلداننا العربية تدار بهذا الأسلوب العبثي».
وهو يرى «أن الروس وأمريكا وبقية دول الغرب يتحملون هم أيضاً جزءاً كبيراً من المسؤولية فيما يحصل في المنطقة من دمار وخراب، ولكن ليس من الحكمة أن ننشغل اليوم بلوم تلك الدول، ولا بتحميلها المسؤولية، فهذه الدول لا تبحث إلا عن مصالحها الخاصة».
وحمل المدون «المعارضة السورية جزءاً غير يسير من المسؤولية فيما يحدث الآن، ويتعلق الأمر هنا بلجوئها في وقت مبكر لاستخدام السلاح للدفاع عن نفسها وعن الشعب السوري، مع أن الثورات الشعبية يجب أن تبتعد كلياً عن السلاح حتى ولو تعرضت للقصف بالطائرات والدبابات، فإظهار السلمية والمبالغة في إظهارها كلما بالغ الطغاة في استخدام العنف هو الذي يعطي للثورة الشعبية ألقها».
وخلص الكاتب إلى «التأكيد بأننا كشعوب عربية وإسلامية وكنخب نتحمل أيضاً جزءًا من المسؤولية فيما يحدث في سوريا، وذلك بسبب ما يلاحظ من تراجع في مستوى التضامن خاصة في ظل هذه الهجمة الشرسة التي يقودها الروس والإيرانيون ضد حلب».