نواكشوط ـ «القدس العربي» من عبد الله مولود: إلى جانب جبهة التعديلات الدستورية التي يتواصل فيها القصف السياسي بين الموالاة والمعارضة، انفتحت في موريتانيا أمس ليومها الثالث، جبهة أخرى بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وعدد من كبار شعراء موريتانيا، الذين اتهموه بالسخرية من الشعر والأدب خلال مؤتمره الصحافي ليلة الخميس الماضي. وتوقف الشعراء عند عبارات طرحتها الصحافية جميلة الهادي باللغة العربية الفصحى ولم يفهمها الرئيس، حيث استوضح عنها مرات عدة في المؤتمر الصحافي. وقرض الشاعران الكبيران آدي ولد آدبه ومحمد ولد إدوم قطعتين شعريتين مخصصتين لتقريع الرئيس وهجائه.
وتصدى الشاعر الكبير سيدي ولد أمجاد مبكراً لما يعتبره الشعراء سخرية الرئيس منهم أمام الملأ، قائلاً في تدوينة له «سيدي الرئيس، فقط، لمعلوماتك الساخرة من الشعراء أو الأدباء؛ هل تعلم أن محمود سامي البارودي أبرز شعراء النهضة العربية كان ضابطاً في القوات المسلحة المصرية، وأن شاعر العربية حافظ إبراهيم ضابط شرطة، وأن الشاعر العملاق عمر أبو ريشة عالم كيمياء، وأن نزار قباني لم يتخرج من كلية الشعر في دمشق ولا علاقة له بالآداب إطلاقاً، وأن ابراهيم ناجي صاحب «الأطلال» كان طبيباً؟».
وأضاف الشاعر أمجاد «هل تعلم بأن الحرب أولها كلام والأدب والشعر والإبداع وقود التوجيه المعنوي والنفسي والحضاري للفرد والمجتمع ووسيلة النصر الأولى ورفع المعنويات؟ «.
وأزعجت هذه التدوينة محمدو احظانا رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين الذي تبرأ منها في بيان أكد فيه «أن الاتحاد هيئة أدبية ثقافية لا علاقة لها بالسياسة وتجاذباتها، إذ تحتضن كل المشارب وتحترمها دون التدخل في الالتزامات والآراء السياسية الشخصية للأعضاء، وبالتالي فإن أي موقف يتبناه شخص ينتسب للاتحاد في أي موضوع سياسي وطني أو شخصي لا يلزم إلا صاحبه».
وأكد رئيس الاتحاد «أنه مرتاح تمام الارتياح للمؤازرة والدعم الدائمين من طرف رئيس الجمهورية، وكذلك لتعاون الحكومة مع اتحاد الأدباء، من أجل تأدية الرسالة الأدبية والثقافية لموريتانيا بطريقة مهنية تخدم الوحدة الوطنية ورفعة وسمعة البلد».
وتحت عنوان «لكل مقام مقال»، رد الدكتور إسحاق الكنتي، الأمين العام المساعد للحكومة، عن الرئيس في تدوينة مطولة أمس أوضح فيها «أن مجالس الحكم لا يناسبها من اللغة والأساليب ما يناسب الصخب في الأسواق، كما أن التقعر فيها مستهجن، والإسفاف مستقبح».
وقال «كان حرياً بالصحافية، وهي تخاطب رئيس الجمهورية أن تتخير من لغة العرب الغنية ما يناسب المقام بدل لفظ متنافر الحروف تشترك فيه معان يعافها السوقة».
وأضاف الكنتي مدافعاً عن الرئيس «لا غرابة إذن إذا استوحشت أذن الرئيس لفظاً لا يتداول إلا في أوساط خاصة، وليس في المقام ما يهيئه لسماعه، أما لفظ «أنقذ» الذي ارتقى إليه أسلوب الصحافية فقد وعاه الرئيس فور سماعه».
وزاد «ثم تبارى «الرجال الزرق» ينشلون من الألفاظ حوشيها يصفون بها رئيسهم! وانحدر بعضهم إلى وادي عبقر يقرض الشعر في أسوأ أغراضه، وتحزبوا ضد ولي الأمر يقعون في عرضه، وقد أمروا بالنصح له، يتهمونه زورا بالعداء للغته الأم».