نواكشوط – «القدس العربي»: جدد الدكتور الشيخ ولد حننا رئيس مجلس الشيوخ (المنحل)، أمس «تصميم المجلس بمكتبه الجديد على مواصلة نشاطه كغرفة برلمانية كاملة الصلاحية من أجل إسقاط الاستفتاء الذي نظمته الحكومة خارج الشرعية الدستورية «، حسب رأيه.
وقال في تصريحات لوكالة «الأخبار» المستقلة «إن أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ (السابق حسب الاستفتاء) متماسكون، وأولوياتهم في المرحلة الحالية تنحصر في إسقاط ما سمّاه «انقلاب الخامس من أغسطس»، الذي وصفه بأنه «يهدد وحدة وسلامة البلاد».
أولوية مفروضة
واعتبر ولد حننه «أن هذه الأولوية فرضت عليهم العمل داخليا وخارجيا من أجل توضيح تهافت الأساس القانوني للاستفتاء الأخير، وانعدام أي مستند دستوري له».
وأضاف: «قمنا بمراسلة الهيئات والاتحادات البرلمانية حول العالم، لتوضيح الصورة الحقيقية للانقلاب الدستوري الذي تعرضت له البلاد، مردفا «أن الجمعية البرلمانية لأفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي أدرجت قضية حل مجلس الشيوخ موريتانيا على جدول أعمال مؤتمرها المقبل».
وأشار ولد حننا إلى «محاولات قامت بها الحكومة الموريتانية للتأثير في قرار الهيئة البرلمانية الدُّولية عبر أساليب وطرق غير شفافة».
وقال «راسلنا اتحادات برلمانية دُولية، وأفريقية، وأوروبية، كما راسلنا الجمعية الوطنية، ونعمل داخليا، وخارجيا لحماية دستور البلاد الشرعي، وصيانة مؤسساته الدستورية».
وأكد ولد حننا الذي انتخبه الشيوخ المتمردون قبل أسابيع رئيسا للمجلس المنحل» أن الجلسة التي تم انتخابه فيها حضرها 28 شيخا، وهو ما يفوق النصاب القانوني»، مضيفا «أن ثلاثين شيخا (من أعضاء المجلس المنحل)، متماسكون وماضون في الهدف الذي رسموه لأنفسهم، وهو حماية الدستور الموريتاني، والدفاع عن المؤسسات الدستورية في البلاد، وصيانة إرادة الشعب الموريتاني التي وكل لهم كمنتخبين حمايتها، موزعة بين سلطات مختلفة تنفيذية وتشريعية وقضائية، لكل واحدة من هذه السلطة مهامها، وما تحمي به نفسها من تغول السلطات الأخرى»، حسب قوله.
وشكك ولد حننه في أثناء تصريحاته في شرعية مؤسسة الرئاسة وكذا شرعية الجمعية الوطنية، مؤكدا «أن المجلس الذي يرأسه هو المؤسسة البرلمانية الشرعية الوحيدة في موريتانيا حاليا».
وأكد ولد حننه «سعي الشيوخ لإنشاء محكمة العدل السامية للقيام بأدوارها كاملة، مبرزا «أن مجلسه طلب من الجمعية الوطنية تسمية ممثليها في المحكمة التي تحاكم الرئيس وكبار مسئولي الدولة».
وتأتي تصريحات ولد حننه بصفته رئيس مجلس للشيوخ حل في استفتاء شعبي نظمته الحكومة في أغسطس الماضي؛ وفيما تعتبر الحكومة أن المجلس أصبح من الماضي، أعلنت عدة أحزاب موريتانية معارضة اعترافها بالمكتب الجديد لمجلس الشيوخ، الذي يتولى ولد حننا رئاسته.
ويخضع اثنا عشر شيخا من الشيوخ الخمسة والثلاثين الذين صوتوا ضد تعديل الدستور، حاليا للرقابة القضائية ويوجد واحد منهم هو محمد ولد غدة قيد الاعتقال منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وذلك كله ضمن ملف قضائي تتهمهم فيه النيابة بتلقي رشاوى من رجل الأعمال الموريتاني المعارض محمد ولد بوعماتو المقيم بالمملكة المغربية.
وكان مكتب مجلس الشيوخ المنحل بموجب استفتاء الخامس من أغسطس / آب الماضي قد دعا في بيان أخير له «الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى التعقل والتراجع عما سماه المكتب «الدوس على الدستور».
وطالب المكتب «الرئيس باحترام رأي الشعب واحترام المؤسسات».
ودعا المكتب «رئيس الجمعية الوطنية محمد ولد ابيليل لتحمل المسؤولية بعدم التمادي في سن القوانين بشكل يخالف مقتضيات الدستور».
وأكد المكتب «أنه تدارس الأوضاع الخطيرة التي تعيشها موريتانيا بعد انقلاب الخامس من أغسطس 2017»، مجددا في بيانه «تمسكه بالشرعية وبدولة المؤسسات واستمراره في أداء مهامه التي انتخب من أجلها واستعداده للدفاع عن المكتسبات الديمقراطية بكل السبل».
الاستمرار في خرق القانون
وحذر المكتب في بيانه مما سمّاه «مغبة الاستمرار في خرق القانون والعبث بالدستور». ودعا المجلس المنحل «الأحزاب وجميع القوى الحية في البلاد كافة إلى الوقوف في وجه الانقلاب الذي يهدد سلامة ووحدة الوطن»، حسب تعبير المجلس.
وكان الشيوخ المتمردون قد رفضوا في آذار/ مارس الماضي، إجازة التعديلات الدستورية التي اقترحتها الحكومة ضمن نتائج الحوار بين النـظام وأطـراف من معارضة الوسط، وهو ما اضطر الحـكومة لعرضها على استفتاء دعا له الرئيس الموريتاني اعـتمادا على المادة 38 من الدسـتور وقاطـعته المعـارضة المتـشددة.
ومنذ أن بدأت الحكومة تنفيذ التعديلات الدستورية، ومقر مجلس الشيوخ مغلقة أبوابه والدخول إليه ممنوع لأنه ألغي في الاستفتاء بصورة رسمية؛ لكن الشيوخ المتمردين الذين ينتمي بعضهم للمعارضة وبعضهم الآخر للموالاة، يرفضون إلغاء المجلس، ولتأكيد ذلك افتتحوا يوم الثالث عشر من تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، دورة برلمانية من ستين يوما، وهي الدورة التي استغرق افتتاحها الرمزي في العراء أمام مقر مجلس الشيوخ المغلق، دقائق قلائل، حيث فرقتها شرطة مكافحة الشغب.