نواكشوط – «القدس العربي»: هيمنت قضية القدس الشريف وقرار الرئيس الأمريكي الخاص بها على مسيرة كبرى نظمتها المعارضة أمس رفضا للأوضاع السياسية في البلد، حيث ندد الخطباء بقرار ترامب وطالبوا بمقاطعة الولايات المتحدة، كما رددوا شعارات ورفعوا لافتات «القدس لنا»، «القدس عاصمة فلسطين الأبدية».
وأكد أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض في كلمة أمام المتظاهرين «أنه في الوقت الذي تنظم فيه المعارضة هذه المسيرة الرمزية الحاشدة، لا يمكن أن يغيب عنا ما يتعرض له القدس الشريف من احتلال».
وعبر «باسمه وباسم الشعب الموريتاني والمسلمين جميعا عن رفضهم البات لقرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذي زعم فيه أن القدس عاصمة للصهاينة»، مضيفا «أن القدس الشريف ستبقى إلى يوم الدين عاصمة لفلسطين، بما يحمله من مكانة ورمزية دينية تتجسد في إسراء ومعراج خاتم الرسل عليه أفضل الصلاة والسلام، وفي كون ترابها الطاهرة يحوي ضريح الكثير من الأنبياء عليهم السلام».
ورفعت المعارضة الموريتانية خلال مسيرتها العلم القديم وهو ما جعل الشرطة تتدخل لانتزاعه من المتظاهرين بل ولاعتقال عدد من النشطاء.
وأكدت المعارضة الموريتانية في بيان وزعته «أن الشرطة اعتقلت، إضافة إلى محمد ولد الدحان والشيخ ولد مزيد القياديين في حركة «محال تغيير الدستور»، كلا من الشيخ ديابيرا، وعباس دياكتنا، ومريم منت ابيليل، وأبوبكر ولد البو.
الأساليب الخارجة على القانون
وأوضحت المعارضة في بيانها «أن اعتقال هؤلاء الشباب في تظاهرة مرخصة يشكل اعتداء على الحريات وإمعانا في القمع والاستفزاز، وتضييقا على الحريات ومصادرة للرأي وحرية التعبير».
«إن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، يضيف البيان، إذ يستنكر بشدة هذه الأساليب الخارجة على القانون، ليدين اعتقال هؤلاء المناضلين ويطالب باطلاق سراحهم فورا».
وأوضحت المعارضة «أن اعتقال نشطائها تم بصورة استفزازية في أثناء المهرجان ومن طرف رجال من الشرطة يرتدون الزي المدني تسللوا بين الجماهير»
وأكدت أنها «تستنكر مثل هذه الأعمال الاستفزازية وغير المسؤولة لما يمكن أن تتسبب فيه من ردات الفعل غير المحسوبة لولا انضباط جماهير المعارضة وتحلي قادتها بروح المسؤولية».
وأكد ولد داداه، في خطابه «أن موريتانيا اليوم مهددة في وحدتها الوطنية من قبل النظام الحالي من خلال ممارساته المرفوضة»، محذرا «من خطورة المساس بتلك الوحدة التي هي الضامن لاستقرار هذا البلد ومصدر قوته».
وطالب «بمواصلة النضال الجدي من أجل الحرية التي نسعى لتحقيقها منذ أزيد من 25 سنة» قائلا «إن موريتانيا بمثابة العين لا يستغني بياضها عن سوادها.»
وأكد ولد داده «أن هدف التغيير لا يمكن أن يتحقق بنضال ظرفي أو موسمي بل لا بد له من نضالي حقيقي سلمي جدي ومستمر».
واستنكر ما سماه «الظلم الذي يمارس اليوم بحق الشيوخ وخاصة الشيخ محمد ولد غده المسجون في إثر ممارسة حقه في التعبير عن رفضه المساس بالدستور الموريتاني والتلاعب بمقدساته ورموزه».
الكف عن تصفية الحسابات
وطالب «بالكف عن تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين».
ودعا ولد داداه «الشرطة الموريتانية للكف عن استخدام العنف ضد جماهير المعارضة المتظاهرة سلميا، وطالبهم «بالإفراج الفوري عن الشباب المعتقلين».
وجاءت هذه المظاهرة أياما بعد نداء وجهته المعارضة بتشكيلاتها الثماني للشعب وانتقدت فيه الأوضاع وبعد أن غابت عن الساحة السياسية عدة أشهر.
وأكدت المعارضة في ندائها «أن سنوات حكم ولد عبد العزيز العجاف شكلت محنة حقيقية لهذا البلد، إذ فيها تم الاعتداء مرارا على أقدس مقدسات الشعب، وديست خلالها القيم والأخلاق، ونهبت الخيرات، ونغص عيش المواطنين، وأجهضت آمال الشباب، وشوهت الرموز الوطنية، وهددت وحدة الشعب وانسجامه، وحطمت الإدارة، وفسدت علاقات البلد مع جيرانه وحلفائه، وزج بالبلد في أزمة سياسية متفاقمة تقوده نحو المجهول».
وطرحت في بيانها سلسلة أسئلة على الشعب بينها «هل من بينكم من لا يحس اليوم بأنه مهدد ومضايق في عيشه اليومي بسبب الارتفاع المطرد للأسعار والضرائب وضيق ذات اليد؟، هل من بينكم من لا يحس بالقلق على مستقبل أطفاله بسبب تدهور التعليم وبيع المدارس والاستهتار بالأسرة التربوية؟، هل من بينكم من يطمئن على صحته في ظل ضعف المنشآت الصحية وانتشار الأدوية المزورة في غياب تام للرقابة؟، هل من بينكم من يستطيع اليوم أن ينام مطمئنا على أهله وحياته وممتلكاته مع انتشار الجريمة السائد في أركان هذه المدينة كلها؟، هل من بينكم من يستطيع أن يدير تجارته وأعماله من دون أن تحاصره الضرائب والغرامات؟، من منكم لا تحاصره القمامة في حيه بروائحها الكريهة وانبعاثاتها الضارة بالصحة ومنظرها المشين؟».
ثلة ولد عبد العزيز ومقربيه
نعم، تضيف المعارضة، هناك ثلة قليلة استولت على خيرات هذا البلد، إنها ثلة ولد عبد العزيز ومقربيه، تنعم وأنتم تشقون، تدرس أطفالها في المعاهد والجامعات في الخارج في الوقت الذي لا تتوفر فيه مدارس لأبنائكم لأبسط مقومات الدراسة، تتعالج في أرقى المستشفيات في أوروبا والولايات المتحدة في الوقت الذي لا تتوفر فيه مستشفيات البلد على أبسط مقومات العلاج، يضمنون لأبنائهم الوظائف ويتركونهم يمرحون بالسيارات الفارهة في الوقت الذي يعاني فيه مئات الآلاف من شباب البلد من البطالة وفقدان الأمل، يكدسون الأموال ويشترون القصور في الخارج في الوقت الذي يهدد فيه الجفاف والإهمال مواشيكم ومزارعكم ومصادر عيشكم».
وتابعت المعارضة نداءها للشعب تقول «يحدثونكم عن مكافحة الفقر ومؤازرة الفقراء، في الوقت الذي لا شك أن كل واحد منكم يتذكر كم كان سعر المواد الأساسية يوم استولى ولد عبد العزيز على السلطة وكم سعرها اليوم، كم كان سعر مواد الوقود وكم سعرها اليوم، كم كان سعر الأوقية وكم سعرها اليوم مقابل العملات الأجنبية؟، وأين شركة «سونمكس» التي كانت تغطي بفروعها الوطن كله، تكسر الاحتكار وتثبت الأسعار وتمون الأسواق؟ لقد نهبوها وأفلسوها.»، حسب تعبير البيان.
وأنهت نداءها للشعب بدق ناقوس الخطر حيث خاطبت المواطنين قائلة «إن بلدكم اليوم في خطر، إنه مختطف من طرف نظام لا هم له سوى التمسك بالسلطة من أجل التحكم في رقابكم ونهب خيراتكم، ولن يتغير هذا الوضع المهين والخطير إلا بمشاركتكم، فلا منقذ لكم ولبلدكم سواكم، كفى سكوتا على الضيم وخنوعا للذل والمهانة، فلننهض جميعا في وثبة وطنية شاملة للانتفاض ضد الحكم الفردي المتسلط يوم 25 نوفمبر 2017 عند الساعة الرابعة في ساحة ابن عباس، لا سكوت ولا خنوع بعد اليوم».
وجاءت هذه المسيرة وهذا النداء الذي وجهته المعارضة الموريتانية بعد غياب طويل عن الساحة، وبعد فترة تربص صرفتها المعارضة حسب مصادرها، في تحليل الأوضاع ما بعد الاستفتاء، وتجميع الصفوف ودراسة أكثر الطرق نجاعة لتفعيل العمل المعارض.