نواكشوط – «القدس العربي»: نفت المعارضة الموريتانية المنتظمة بأحزابها ونقاباتها وشخصياتها المرجعية في المنتدى الوطني للديموقراطية، أمس ما أشيع مؤخراً بخصوص «إجرائها مفاوضات سرية مع السلطة القائمة حول تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات».
وأكد المنتدى الموريتاني المعارض في مؤتمر صحافي أمس «أن خبر تفاوضها مع النظام الذي تداوله بعض المواقع عار تماما من الصحة، وأنه لا وجود لأي اتصالات سرية أو علنية بينها مع السلطة حول المسار الانتخابي الذي يصر النظام على تسييره بصورة أحادية»، حسب تعبيرها.
وجدد المنتدى المعارض تأكيده على «ضرورة إطلاق تشاور وطني من أجل تنظيم استحقاقات انتخابية توافقية لتجنيب البلاد العواقب الوخيمة على استقرار البلد ووحدته التي قد
تنجم عن إصرار السلطة الحالية على التمادي في اختطاف الدولة واستخدام سلطتها ووسائلها وإدارتها لصالحها ضد الفرقاء السياسيين الآخرين».
وكانت مواقع إخبارية قد ذكرت نقلاً عن مصادر سياسية «أن لجنة من قيادة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض التقت بصورة غير معلنة، شخصيات من الغالبية الحاكمة للاتفاق على تفاهمات ستعلن المعارضة التي قاطعت الحوار السابق على أساسها، المشاركة في الانتخابات البلدية والتشريعية القادمة».
وأكدت وكالة «الصحراء» المستقلة «أن قادة المنتدى المعارض الذين قابلوا وفد الغالبية طالبوا بتوفير ضمانات للمشاركة في الانتخابات المقبلة بينها اقتراح المعارضة لحكيمين اثنين من حكماء اللجنة المستقلة للانتخابات البالغ عددهم 11 شخصا وقد أكد وفد الغالبية استعداده لمنح المعارضة حكيماً واحداً في هذه اللجنة التي ستتولى الإشراف على الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المقررة خلال السنة الجارية، وعلى الانتخابات الرئاسية المقررة في الفصل الأول من السن المقبلة».
وأوضحت «الصحراء» نقلاً عن مصادرها «أن وفد المنتدى المعارض الذي شارك في التفاوض السري مع الحكومة، ضم رئيسه الدوري محمد ولد مولود، ومحمد محمود ولد سيدي رئيس حزب التجمع (محسوب على الإخوان)، ويحيى ولد أحمد الوقف رئيس حزب «عادل»، بينما ضم وفد الغالبية رئيسها الشيخ عثمان ولد الشيخ أبي المعالي رئيس حزب الفضيلة، ورئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد محم.
واستغرب المدونون في تعليقاتهم تسريب أخبار التفاوض السري من مواقع إخبارية محسوبة على السلطة، ونفيها في نفس الوقت من طرف المعارضة.
واستغربت منى بنت الدي الإعلامية والقيادية في حزب التكتل المعارض «أن ينكر المنتدى المعارض وينفي هذا التفاوض، وأن تؤكده الصحف في نفس الوقت مع تفاصيل ما جرى خلاله وأسماء من شاركوا فيه».
وتساءلت بنت الدي «ترى من نصدق ولماذا يتفاوض النظام سرا مع بعض أطراف المعارضة أو على الأقل لماذا يدعي عبر الصحف المقربة منه أنه يفعل ذلك»، وإذا كان الهدف هو وجود أرضية مشتركة لانتخابات توافقية لماذا لا يكون ذلك علنيا وشاملا لكل الطيف المعارض».
واستشكل الإعلامي أحمد مصطفى «المبرر السياسي لحساسية المعارضة المفرطة من التفاوض مع النظام، ونفيها القاطع وجود أي اتصالات سرية أو علنية مع السلطة، وذلك في وقت يؤكدون فيه زرافات ووحدانا، مشاركتهم في الاستحقاقات القادمة، ويطالبون بالتوافق على مسارها، وآليات ضمان شفافيتها».
وقال «التفاوض مع من تختلف معه ليس جريمة، وإجراء اتصالات معه لا يعني تغيرا حتميا في الموقف منه، أو تنازلا لا مفر منه»، مضيفا قوله: «لا يعجبني انقلاب الوضع لدينا بصناعة «الجمهور» لمواقف القادة، وليس العكس كما الوضع في كل دول العالم».
وتأتي هذه التجاذبات تابعة لمصادقة الحكومة الموريتانية في اجتماعها الأخير على ﺇﺟﺮاءاﺕ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺃﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ ﺘﺴﻴﻴﺮ ﻭﺍﻧﺘﺨﺎﺏ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ، ضمن ما سمته الحكومة «ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﻔﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﺍﻟﻜﺘﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ في حوار أكتوبر 2017».
وتتألف اللجنة من 11 عضواً من ضمنهم إلزاميا ثلاث نساء، ويعين أعضاء اللجنة بالتشاور بين الأغلبية والمعارضة.
وانتقدت المعارضة الموريتانية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأسبوع بخصوص تعيين لجنة الانتخابات خارج الإجماع وعلى أساس مخرجات حوار قاطعته أطياف معارضة وازنة.
واحتجت في بيان أخير لها على ما سمّته «تفرد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتسيير المسار الانتخابي داعية «لتشاور وطني ولتهدئة الساحة السياسية بغية خلق المناخ والظروف الملائمة لتنظيم انتخابات توافقية تخرج البلاد من قبضة الحكم الفردي وتعيد المسلسل الديمقراطي للطريق الصحيح».
وأكدت المعارضة في بيان وزعته أمس «أن موريتانيا تعيش في الوقت الراهن، منعطفا حاسما من تاريخها يجعل السلطة القائمة اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما، أولهما أن تتحلى هذه السلطة بروح المسؤولية وتعمل، بالتشاور مع القوى السياسية الفاعلة على تنظيم مسار انتخابي توافقي يطمئن الجميع ويضمن حياد الدولة، وخاصة السلطة التنفيذية، ومساواة الفرص أمام جميع الفرقاء لتحقيق تناوب حقيقي على السلطة على أعتاب استحقاقات نيابية وبلدية وجهوية فاصلة، وانتخابات رئاسية حاسمة في نهاية آخر مأمورية لرئيس الدولة الحالي».
«أما الخيار الثاني، تضيف المعارضة، فهو أن تستمر السلطة في التفرد بتسيير المسار الانتخابي، وتغليب منطق المجابهة والإقصاء على لغة التهدئة والحوار، وتسخير سلطة ووسائل الدولة لخدمة حكم فردي منصرف ضد جميع الفرقاء السياسيين الآخرين، مما سيزيد الأزمة السياسية تفاقما وينذر بعواقب وخيمة على استقرار البلد ومستقبله، علما أن سد الباب أمام فرص التغيير الديمقراطي عن طريق صناديق الاقتراع، يعني فتح الطريق أمام التغيير عن طريق الهزات التي لا يمكن التحكم في عواقبها.»
وأكدت المعارضة «أن جميع المؤشرات تدل على أن السلطة قد اختارت حتى الآن التمادي في الخيار الثاني لفرض إرادتها ووضع جميع الفرقاء أمام الأمر الواقع من أجل استمرار النظام الحالي بطريقة أو بأخرى».
عبد الله مولود: