نواكشوط – «القدس العربي»: طبقاً لقانون الانتخابات ولما أكدته مصادر رسمية معنية، ينتظر أن تستدعي الحكومة الموريتانية في اجتماعها ليوم غد الخميس هيئة الناخبين الموريتانيين للتصويت في الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المتوقعة مستهل شهر سبتمبر/أيلول القادم.
ويلزم قانون الانتخابات الحكومة باستدعاء الناخبين 90 يوما قبل يوم الاقتراع.
وبينما اضطر منتدى المعارضة للمشاركة في هذه الانتخابات من دون ضمانات من الحكومة لمنع النظام، وفقاً لما أكده محمد ولد مولود الرئيس الدوري للمعارضة، من التفرد بتنظيم الانتخابات المقبلة، لا يزال حزب تكتل القوى الديموقراطية أكبر أحزاب المعارضة، متردداً في المشاركة، حيث انقسمت قيادته السياسية بين اتجاهين: أحدهما يدعو لمقاطعة انتخابات بلا ضمانات، وآخر يدفع نحو المشاركة لعدم جدوى المقعد الفارغ.
وتعرف الحالة السياسية في موريتانيا توتراً صامتاً الآن، لكنه سيكون مسموعاً بل صاخباً عند بدء الانتخابات التي ستجرى في أجواء من الغموض وانعدام اليقين وغياب التفاهم السياسي بين النظام ومعارضيه، خصوصا بالنسبة للانتخابات الرئاسية المتوقع إجراؤها العام المقبل.
وتواصل أحزاب المعارضة الموريتانية تقديم طعونها في تشكيلة اللجنة المستقلة للانتخابات، حيث تقدم حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإخوان المسلمون)، أمس برابع بطعن أمام الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا في المرسوم المتضمن تعيين أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات التي ستشرف على كامل العمليات الانتخابية المقررة.
وهذا هو رابع طعن في شرعية المرسوم رقم: 18/2018 الصادر بتاريخ: 18 – 04 – 2018 بعد الطعن الذي تقدم به حزب الحضارة والتنمية المنضوي في الغالبية، وكذا الطعن الذي تقدمت مؤسسة المعارضة الديمقراطية، إضافة للعطن الذي قدمه حزب اتحاد قوى التقدم.
وطالبت الجهات الطاعنة بإلغاء كامل للمرسوم الذي أصدره الرئيس محمد ولد عبد العزيز المعين لأعضاء لجنة الانتخابات يوم 18 إبريل/نيسان الماضي، باعتباره قراراً إدارياً عديم الأثر لخرقه قوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية ولتجاوزه حدود السلطة.
وبدأت اللجنة المستقلة متجاهلة هذه الطعون، في التحضير للانتخابات القادمة، حيث عينت لجانها الفرعية، ووقعت اتفاقا مع المكتب الوطني للإحصاء لإجراء إحصاء عام ذي طابع انتخابي.
وأكدت أحزاب منضوية تحت لواء «المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة» أنها ستشارك رغم غياب التنسيق الرسمي مع المعارضة، لكنها تطعن في شرعية اللجنة المكلفة بمراقبة الانتخابات.
وقاطعت أحزاب المعارضة آخر انتخابات أُجريت في موريتانيا عام 2013، وشذ عنها حزب «تواصل» ذو المرجعية الإخوانية، الذي تمكن بفضل غياب المعارضة من إحراز نتائج جيدة جعلته أكبر قوة معارضة في البرلمان الحالي.
ويوجه الكثيرون انتقادات للمعارضة في مقاطعتها المتكررة للانتخابات، لكن المعارضة ظلت تؤكد أن الانتخابات من دون توافق بينها والسلطة وبدون وجود معايير وآليات متفق بشأنها، تظل عملية عبثية محسومة النتائج.
ويبدو بالرغم من حالة الغموض وعدم التوافق استعداد الكل للمشاركة، لكن موضوع الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل يظل النقطة الأكثر غموضا وسط شكوك كثيرين في نيات الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إزاء هذه الانتخابات، وهو الذي يمنعه الدستور من الترشح لمأمورية ثالثة.
وعلى الرغم من أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أعلن في شكل متكرر أنه لن يرشح نفسه، فإن كثيرين لا يثقون في وعده ويعتقدون أنه لم يحسم بعد موقفه، وأنه ينتظر اللحظة المناسبة للإفصاح عن نيات مبيتة في الترشح.
وأكد الرئيس ولد عبد عزيز في آخر تصريح له حول الموضوع «أنه سيبقى يمارس السياسة وسيدعم مرشحا، وهذا أمر لا يخالف القانون»، غير أن المعارضة تقول إن وجوده طرفا في اللعبة لن يسمح بإجراء انتخابات حرة وشفافة لا تستخدم فيها هيبة الدولة ووسائلها، ولا تأثير للمؤسسة العسكرية فيها.
ويسبب الغموض في موقف الرئيس من ترشحات الانتخابات الرئاسية، ارتباكا في الساحة السياسية خصوصا منها الساحات الدائرة في فلك السلطة. وأكد القيادي المعارض البارز محمد المصطفى بدر الدين في تصريحات لبرنامج «حوار الساحل» أمس «أن الرئيس ولد عبد العزيز يسعى من خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة لوضع موريتانيا تحت قيادة ذات رأسين أحدهما رئيس شكلي منتخب لكن لا سلطة له يكون في قصر الرئاسة، والثاني هو الرئيس ولد عبد عزيز نفسه الذي سيبقى ممسكا بزمام الأمور بعد مغادرته للسلطة».
وأوضح بدر الدين «أن هذا التوجه الذي تقوم عليه دلائل كثيرة، سيفاقم الأزمة السياسية الحالية ويزيدها تعقداً». وبينما لا يرى كبار المعارضين أهمية في مشاركة المعارضة في الانتخابات المرتقبة، أعلن أحمد سالم ولد بوحبيني نقيب المحامين السابق والرئيس الدوري السابق لمنتدى المعارضة في تدوينة له أمس «تثمينه لتوجه المعارضة للمشاركة في الانتخابات المقبلة»، وقال «هذا توجه إيجابي وقرار ينم عن حكمة بالغة، لأننا نصبو إلى أن تختلف جذريا الانتخاباتُ القادمة عن سابقاتها من الانتخابات التي اتسمت إما بمقاطعة المعارضة لها وإما بالمشاركة فيها وعدم الاعتراف بنتائجها، إننا نريد للانتخابات هذه المرة أن يشارك فيها الكل ويعترف الكل بنتائجها خلافا لما كان يحدث في السابق».
وقال: «لقد برهنت المقاطعة وسياسة المقعد الشاغر على عدم جدوائيتهما، فلو أن المعارضة شاركت في الاستفتاء حول التعديلات الدستورية الأخيرة لتمكنت من قياس قوتها، وعبرت، شرعيا، عن موقفها المتعلق برفض التعديلات، وبما أنها لم تشارك، أصبحت التعديلات الدستورية أمراً واقعاً إذ يتحتم احترامها واحترام النتائج التي أسفرت عن التصويت عليها، فالعلم أصبح هو العلم الموريتاني والنشيد أصبح النشيد المــوريتاني».