نواكشوط – «القدس العربي» أكد مصدر في اللجنة التحضيرية لمنتديات الحوار الشامل الذي تعد له الحكومة الموريتانية «أن جهات القرار أجلت موعد تنظيم منتديات الحوار لأسبوع كامل لإفساح المجال أمام المزيد من المشاورات، وبخاصة أمام جهود الوساطة التي تبذلها أطراف سياسية لإقناع المعارضة الجادة بالالتحاق بالمنتديات».
ويرى مراقبو هذا الشأن أن الأمل ضعيف في تراجع منتدى المعارضة الموريتانية عن موقف المقاطعة الذي تبناه بالإجماع والذي بلغ به الحكومة قبل أيام.
وكان منتدى المعارضة الذي يضم عشرات الأحزاب السياسية والتجمعات النقابية وعددا كبيرا من الوجوه السياسية البارزة قد دعا في رسالة بعث بها أمس للوزير الأول الموريتاني «الحكومة الموريتانية للعودة للمسار الذي بدأته الحكومة والمنتدى معا في شهري أبريل/نيسان وأيار/مايو 2015، والذي فتح، حسب ما ورد في الرسالة، بابا لإمكانية تنظيم حوار جدي من شأنه أن يتمخض عن نتائج مقبولة لحل المشاكل الخطيرة التي تعانيها موريتانيا».
وفيما تنتظم الأطراف السياسية المختلفة هنا وهناك ضمن تحالفات استعدادا للمشاركة في منتديات الحوار المقرر، الإثنين المقبل، دعا الحسن ولد محمد رئيس مجلس الإشراف على مؤسسة المعارضة في موريتانيا «نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتقديم ضمانات حقيقية قادرة على إقناع جميع الأطراف بجديته في الحوار وبالتزامه الكامل بتطبيق نتائجه». وجهت هذه الدعوة خلال ندوة نظمتها أمس مؤسسة المعارضة تحت عنوان «الحوار.. ضرورات التوافق ومخاطر المسار الأحادي» وبحضور واسع لأطراف المشهد السياسي.ويرأس الحسن ولد محمد وهو قيادي محسوب على الإخوان مؤسسة المعارضة وهي مؤسسة استشارية دستورية لا تعترف بها المعارضة الجادة لكونها منبثقة عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي قاطعتها المعارضة، كما أن الحكومة تتعامل معها ببرودة شديدة، ما جعل دورها السياسي محدودا في الساحة.
وأوضح في مداخلة أمام الندوة «أن موريتانيا تعيش منذ فترة طويلة أزمة سياسية مستفحلة بفعل السياسات الأحادية للنظام التي عمقت الشرخ بين الفرقاء السياسيين ونشأ عنها مناخ من عدم الثقة بين فاعلي المشهد السياسي».
وأعرب زعيم المعارضة عن «مخاوفه من الانعكاسات المحتملة للأزمة السياسية المشتعلة في موريتانيا»، مؤكدا أنها «أزمة آخذة في التصاعد للأسف ما لم يقدم النظام مبادرات جادة وذات مصداقية قادرة على نيل ثقة كافة القوى الحية في المجتمع بمختلف توجهاتها السياسية والفكرية».
وأكد ولد محمد «أنه من الواجب على نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بما أنه هو الممسك بزمام الأمور، أن يقدم مبادرات لإقناع الفرقاء، لأن تجارب الاتفاقات السابقة تجعله مطالبا بتقديم ضمانات حقيقية تقنع الجميع بصدق نيته وأمانته في تجسيد ما قد يتوصل له من تفاهمات».
وحمل «السلطات المسؤولية التامة عما يعانيه الوطن والمواطن من أزمات على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والتي آخرها الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي حمى الضنك أو الوادي المتصدع».
ووجه ولد محمد انتقادات لاذعة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز مؤكدا أن «سياساته الأحادية وتخبطه العشوائي وسوء تسييره أنهكت كاهل المواطن وأعاقت فرص التنمية الاقتصادية للبلد وهو ما تحدثت عنه مؤخرا، وسائط الإعلام الدولية مثل لوموند التي كشفت حجم فساد ومحسوبية غير مسبوق»، حسب تعبيره.
ودعا «المعارضة الموريتانية لتجاوز خلافاتها وإنكار المصالح والذوات عسى أن تتفق على مسار عمل واضح يفتح أمام الشعب الموريتاني أفق تغيير وديمقراطية وتناوب وعدل وحرية ونماء»، مؤكدا «استعداد مؤسسة المعارضة للقيام بأي جهد مطلوب لتحقيق إجماع داخل المعارضة بمختلف أطيافها حول القضايا الوطنية الكبرى».وتحدث الأستاذ الجامعي ديدي ولد السالك خلال الندوة عن «ضرورة توافق بين النخب السياسية حول مرجعيات محددة»، محذرا «من مخاطر المسار الأحادي للنظام وما قد ينجر عنه من سيناريوهات التدخل الخارجي أو الحرب الأهلية – لا قدر الله – في حال عدم التوصل إلى توافق المعارضة والنظام وإطلاق حوار جاد ومسؤول بين الطرفين».
عبد الله مولود