نواكشوط-«القدس العربي»: في خضم حملة انتخابية مشتعلة بين عشرات المترشحين لانتخابات أول سبتمبر المقبل، دعا مسعود ولد بلخير رئيس البرلمان السابق ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، المعارضة الموريتانية لتوحيد مرشحها لانتخابات 2019 الرئاسية، وذلك في أول في خطوة وصفت ببداية ابتعاد ولد بلخير عن خط معارضة الوسط.
وأعرب في مقابلة مع وكالة «الأخبار» الموريتانية «عن أمله في أن يتوحد الطيف المعارض، وأن يتخذ موقفًا موحدًا حول انتخابات 2019، وقد جرى الحديث بيني مع شخصيات معارضة حول ضرورة الإجماع على مرشح موحد؛ فهذا الموضوع يجب أن يعطى الأولوية الآن».
وأكد ولد بلخير، وهو وجه سياسي معروف وأحد زعماء «مجموعة «الحراطين» ذات الوفرة العددية (هم مستعربو موريتانيا)، «أنه إذا توصلت المعارضة إلى إجماع على مرشح موحد، ووافقت عليه، فإنه سيدعمه في الانتخابات الرئاسية منتصف عام 2019».
وانتقد اندفاع الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الترويج لمرشحي حزبه في انتخابات الأحد المقبل قائلاً: «عرفت هذه الانتخابات تورط الرئيس في الحملة الحالية، وكذا تورطه في حملة الانتساب الذي أجراه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم)، مؤكدًا «أن الانتساب كان العمود الفقري للائحة الانتخابية، وذلك ربما بهدف إلى تسهيل عمل الحزب خلال الانتخابات المرتقبة».
«لقد تجلى تورط الرئيس، يضيف الرئيس بلخير، في زياراته للداخل وتهديده للمواطنين، حيث لم يخف دعمه لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وأعلن صراحة بأن الحزب حزبه، وأن من يريد مأمورية ثالثة ورابعة يجب أن يصوت لهذا الحزب، وذلك في خرق تام للدستور وللقانون، وفي الحقيقة، هذه التصرفات لا تصدر من شخص يؤمن بالنظام الجمهوري ولا الديمقراطي».
ووجه ولد بلخير انتقادات لعدم إشراك الفاعلين السياسيين، وكذا الناخبين في التحضير للانتخابات المقبلة، مؤكدًا «أن ذلك يوحي بأن الدولة تسعى للإسراع في تنظيم الانتخابات، وكأنها تبيت نيات لم ندرك حقيقتها بعد».
وأكد «أن اللجنة المستقلة للانتخابات لم يتم إشراكها ولم تستشر في هذا الموضوع، وتم إقرار البرمجة والجدولة الانتخابية رغمًا عنها».
وأضاف: «في العادة يتم تحديد مهلة شهرين على الأقل لتحضير المسار الانتخابي، ورغم أن اللجنة مضى عليها بالفعل شهران منذ الإعلان عن إجراء الإحصاء الانتخابي إلا أنها لم تتسلم المعدات اللوجستية، ولم تتوفر على الإمكانات اللازمة من أجل إدارة الانتخابات إلا في مراحل متأخرة، وكذلك تم تسريع الإحصاء الانتخابي، وتقليص المدة المخصصة له بشهر كامل».
وقال: «هذه الفترة التي تم تحديدها لا تكفي لإحصاء جميع الناخبين الذين يحق لهم التصويت، وهذا ما جعل العملية منقوصة، ولا تعبر عن إرادة صادقة لتنظيم انتخابات شفافة، بقدر ما تدلل على سعي الحكومة لتنظيم الانتخابات تحت أي ظرف»؛ مضيفًا قوله «لقد أصبحنا نعتبر أن هناك تواطؤًا من الحكومة في ظل انتشار عشرات الأحزاب، إذ ليس من المعقول أن تكون دولة لا يتجاوز عدد سكانها الأربعة ملايين وفيها مئة حزب غالبها غير موجود في الحقيقة، ومعظمها محسوب على الدولة في الوقت ذاته، ورغم ذلك فتح المجال أمامها من أجل المشاركة».
وشدد ولد بلخير القول بأن «هذا المسار لا يعبر عن إرادة حقيقة لتنظيم انتخابات شفافة، إنها انتخابات مفبركة، أرغم الجميع عليها، في توقيت لم تتم استشارتهم فيه، وهناك نية مبيتة في كل هذا غير واضحة».
وحول إسراع الحكومة في تنظيم الانتخابات، أضاف بلخير: « لقد قلت خلال مهرجان افتتاح الحملة إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يسعى للحصول على ثلثي البرلمان المقبل من أجل تصويت لتغيير الدستور لتحقيق ولاية ثالثة، بل ربما يكون طموح الرئيس يتجاوز الولاية الثالثة إلى الملكية، يريد أن يصبح ملكًا أو حتى ملك الملوك، وهذا السناريو إذا حدث بالفعل، فإن المسؤولية فيه لا ترجع إلى الرئيس، فهو في النهاية إنسان يحق له أن يطمح لتحقيق أي مكسب أو منصب، وهذا التغيير لا يمكن أن يصل إليه إلا عن طريق الشعب، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر».
وقال: «لقد حذرت الجميع من مجاراته فيما يريد، ونحن الآن نرى الحجم القليل للحريات والشراكة الذي يتيحه النظام الرئاسي، في ظل نظام جمهوري، فكيف إذا كان النظام ملكيًا؟» إذن يجب على الجميع أخذ الحذر، وأن يدركوا أن الجميع الآن قد وضعوا رقابهم في حبل واحد، وإذا لم يحذروا فقد يختنقوا».
وتوقف ولد بلخير مطولاً أمام قضية الولاية الثالثة مضيفًا: «بخصوص موضوع المأمورية الثالثة، كنا نظن أن قضيتها قد حسمت وطوي ملفها، إلا أن الأيام كشفت أن موضوعها ما زال مطروحًا، وفي كل مرة يتجدد الحديث عنها، فالرئيس تارة يؤكد أنه لن يترشح، وتارة أخرى يتحدث بطريقة مختلفة، ومثيرة للشكوك حول الموضوع، وهو ينتظر بالموضوع حصول أغلبية برلمانية يستطيع من خلالها تمرير الولاية الثالثة، وهنا أعلن صراحة رفضي القاطع للولاية الثالثة».