الناصرة – «القدس العربي»: وسط استعداداته للمشاركة في الانتخابات العامة في حزب جديد بعد استقالته من وزارة الأمن، أصدر وزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه يعلون طبعة جديدة من كتابه « طريق طويل طريق قصير» يفاخر فيه بقيادته عملية اغتيال الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) قبل 30 عاما. ويستذكر أن جنودا من وحدتين خاصتين في الجيش الإسرائيلي (دورية القيادة العامة و «شييطت 13» البحرية) قد وصلت سواحل تونس في 16أبريل/ نيسان 1988 بهدف اغتيال نائب رئيس منظمة التحرير خليل الوزير( أبو جهاد) في محاولة لإطفاء نار الانتفاضة الأولى، كونه قائدا للقطاع الغربي.
في طبعة جديدة من كتابه « طريق طويل طريق قصير « الذي يشمل فصولا جديدة منها فصل خاص بعملية اغتيال أبو جهاد في ذكراها الثلاثين، وهو كتاب يتحدث في جوهره عن ضرورة استخدام القوة المفرطة لكسر روح الفلسطينيين وإخضاعهم على مبدأ « كيّ الوعي « بالنار. يشار إلى أن إسرائيل اعترفت للمرة الأولى باغتيال أبو جهاد قبل ست سنوات فقط بعدما كانت تكتفي بتلميحات مختلفة. ويقول يعلون إنه تدخل وبادر لتولي قيادة عملية الاغتيال بعدما سمع أن الموساد يستصعب تنفيذ العملية لكنه لا يكشف كل التفاصيل بسبب « الرقابة العسكرية «.
وعن ذلك يقول « كنت قائدا لوحدة دورية القائد العام « يوم توجه لي رئيس الاستخبارات العسكرية وقتها الجنرال أمنون ليبكين شاحك وقال إن مهمة قتل أبو جهاد أوكلت للموساد، بيد أنه لم يتمكن من تنفيذها «. ويشير يعلون إلى أنه بعد إطلاعه على الملف الاستخباراتي أدرك أن مهمة الاغتيال ممكنة في تونس. وقال إنه بادر لتعيين ناحوم ليف قائدا لعملية الاغتيال وشرع في التدريبات والتحضيرات بمشاركة وحدات من سلاح الجو والبحرية والاستخبارات والموساد. وبخلاف عمليات اغتيال سابقة شارك يعلون هذه المرة الوحدة خلال تنفيذ جريمة القتل بدلا من البقاء في مقر العمليات في تل أبيب خوفا من وقوع تطورات وتعقيدات تحتاج لوجوده قريبا. ويقول إن عملية الاغتيال تمت بعد تخطيط دقيق وبسرعة نسبيا.
يذكر أن تسريبات صحافية كثيرة تحدثت في الماضي عن قيام يعلون بالتثبت بنفسه من استشهاد أبو جهاد بإطلاق وابل من الرصاص على جثته داخل منزله وقبالة زوجته انتصار الوزير، التي روت رواية مطابقة عن تفاصيل الجريمة. وكان قائد عملية الاغتيال ناحوم ليف قد لقي مصرعه في حادث سير، وهو يقود دراجة نارية في شارع العربة قبل سنوات.
وفي الكتاب فصل جديد عن فضيحة اغتيال الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف من الخليل وهو جريح بواسطة رصاصة في الرأس من قبل الجندي ليؤور أزاريا. ويكشف أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تحفظ على تصريحات يعلون عن عملية الاغتيال، ويضيف «هاتفني نتنياهو في اليوم التالي وسألني لماذا انتقدت العملية بهذه الحدة وقال إنه ينوي استدعاء والدي الجندي القاتل لمكتبه فحذرته وقلت : هذا ممنوع فالجندي أعدم جريحا. أنت تهاجم الرئيس أبو مازن الذي يعزي عائلات القتلى من « الإرهابيين «، في حال دعمت مثل هذه العملية سيؤدي ذلك إلى بلبلة الجيش. استجاب نتنياهو لطلبي لكنه طلب مني عدم تكرار انتقاد عملية قتل الشاب الفلسطيني الجريح، ولكنه بعد أسبوع قرر مهاتفة والدي الجندي ازاريا بخلاف موقف الجيش. والضرر الناجم عن تلك العملية طال الجيش ومس بصورة إسرائيل في العالم، وقد فهمت أنني دخلت مسار التصادم مع الجبهة وهذه خلفية إنهاء عملي كوزير للأمن، لأنني لا أوافق أن تظهر هكذا دولتي «. ويقول إنه في 20 مايو/أيار 2016 هاتف رئيس الحكومة وأبلغه بنيته تقديم استقالته بعدما أدرك أن هذه رغبة نتنياهو أيضا بالتخلص منه. ويتابع «هذا ليس حزب الليكود الذي انتميت له وصوت له للمرة الأولى في 1996 ووقتها كان حزبا يمينيا في رؤيته السياسية والأمنية، لكنها ليبرالية أيضا تحترم سلطة القانون ومع الأيام غادره الطيبون وتبنى لغة قومجية لا تحترم الآخر. لا استطيع أن أكون عضوا في حزب يستهدف العرب واليساريين أو اليهود الغربيين. هذه سياسة تقوم على التقسيم والتجزئة».
وعلى خلفية موقفه المذكور ينفي اتهامه بأنه يساري ويتوقف عند مسيرته ومواقفه التي تذكر بكونه صهيونيا يمنيا متشددا، ويقول إنه يوافق على الكثير مما تفعله حكومة نتنياهو في المجال الأمني والسياسي والاقتصادي وفيما يتعلق بإيران، لكنه يرفض المساس بـ « التوازنات الديمقراطية «. ومع ذلك يحمل يعلون على حكومة نتنياهو ويقول إنها تتخذ القرارات على أساس علامات الإعجاب ( اللايكات) في الفيسبوك وفي الاستطلاعات، معتبرا قضية الجندي أزاريا مثالا صارخا على ذلك. ويضيف « الحكومة انصاعت لمشاعر الشارع الإسرائيلي الذي يفضل الجندي على « المخرب». لكن وظيفة القيادة أن تفهم وتوضح أن الحديث يدور عن جندي ليس مقابل « مخرب « بل جندي أمام قيم الجيش وسلطة القانون ومقابل تعليمات القادة العسكريين. إن مخاطبة غرائز الجمهور أسهل من التشبث بمواقف قيمية معقدة أكثر، لكن قيادة إسرائيل ليست قيادة ومقابلها لن أكون متصالحا مع نفسي في حال لم أطرح نفسي بديلا».
وديع عواودة: