مدريد ـ «القدس العربي»: أهدر ليونيل ميسي فرصة تسجيل هدفه 300 في الدوري الاسباني عندما فضل تمرير ركلة الجزاء التي نفذها بدهاء بالغ إلى زميله لويس سواريز ليكمل ثلاثيته في المباراة التي فاز فيها برشلونة 6-1 على ضيفه سيلتا فيغو يوم الأحد الماضي.
وكانت النتيجة تشير لتقدم برشلونة 3-1 عندما اتجه ميسي لتنفيذ ركلة الجزاء في الدقيقة 81 لكنه فاجأ الجماهير عندما مرر الكرة لسواريز الذي انطلق داخل منطقة الجزاء ليسدد في شباك الحارس سيرجيو ألفاريز. وانطلق ميسي وسواريز في فرحة عارمة قبل أن يلحق بهما باقي اللاعبين الذين بدا عليهم الشعور بالدهشة مثل الجميع. ورفع سواريز رصيده إلى 23 هدفا في صدارة قائمة هدافي المسابقة هذا الموسم مقابل 21 هدفا لكريستيانو رونالدو مهاجم ريال مدريد.
ورفض لويس انريكي مدرب برشلونة تكهنات بأن ركلة الجزاء كان هدفها التسبب في حرج للمنافس وقال إنه شاهد ثلاثي الهجوم المكون من ميسي وسواريز ونيمار وهم يقدمون لحظات ساحرة في التدريبات. وقال انريكي: «هناك من سيحبون الأمر وهناك من لن يحبه. اضافة إلى الفوز بألقاب نحن نحاول امتاع الناس والفوز بطريقة مذهلة ورياضية». وأضاف: «يمكن للمرء تنفيذ ركلة جزاء بهذه الطريقة وهي قانونية وهناك ركلة جزاء ليوهان كرويف نعرفها جميعا».
ونفذ الأسطورة كرويف ركلة جزاء بنفس الطريقة عندما كان يلعب مع أياكس أمام هيلموند سبورت عام 1982 ليمرر الكرة إلى يسبر أولسن الذي أعادها لزميله ليسجل منها هدفا. ولعب الهولندي كرويف في صفوف برشلونة بين 1973 و1978 وسبق له تدريب النادي في التسعينات. وحاول الثنائي الفرنسي روبير بيريس وتييري هنري تنفيذ ركلة جزاء بنفس الطريقة مع أرسنال أمام مانشستر سيتي في 2005 لكنهما أخفقا في التسجيل. وقال انريكي: «لم أكن لأجرؤ على تنفيذ الركلة بهذه الطريقة لأنني كنت سأسقط عندما أضع قدمي على الكرة».
وأضاف: «في هذه البلاد فان ركل المنافس مقبول بشكل أكبر من أي شيء ممتع. نحن لا نهتم بهذا. ما يجب أن نفعله هو الاستمتاع بطريقتنا واحترام منافسينا ومحاولة اظهار اننا أفضل منهم عبر كرة القدم». وتابع: «أنا أسف لكن لا أعتقد بحدوث أي شيء مميز. اعتدت على مشاهدتهم في التدريبات وربما يفعلون ما هو أفضل هناك».
لمحات عبقرية
يتحدث عالم كرة القدم بدون توقف عن اللمحة العبقرية الأخيرة للأرجنتيني ليونيل ميسي، اللاعب الذي لا يكتفي بحصد الألقاب وحسب ولكنه يجمع أيضا في خزائنه العديد من اللمسات الفنية الرائعة التي ستظل خالدة في الذاكرة.
وفيما يأتي أروع خمس لقطات أضاءت مسيرة أحد أبرز اللاعبين من الناحية الفردية والمهارات الخاصة عبر التاريخ:
1 ـ ركلة الجزاء التي مررها لزميله لويس سواريز: وهي الركلة التي نفذها الأسطورة الأرجنتينية بطريقة بارعة في الدقائق الأخيرة من مباراة برشلونة أمام سيلتا فيغو في الدوري الأسباني يوم الأحد الماضي. وآثر ميسي تمرير الكرة لسواريز بدلا من تسديدها مباشرة صوب المرمى، حيث قام بلمسة جانبية خفيفة للكرة ليسددها اللاعب الأوروغواني المنطلق من الخلف محرزا الهدف. وقام ميسي في تلك الركلة بتقليد ركلة أخرى نفذها اللاعب الهولندي السابق يوهان كرويف مع أياكس أمستردام عام 1982، عندما قرر الأسطورة الهولندية تمرير الكرة لزميله أولسين، الذي أعادها بدوره لكرويف ليودعها في الشباك.
2 ـ الهدف المارادوني في شباك خيتافي: سجل ميسي في 18 نيسان/ أبريل عام 2007 هدفا أطاح بعقول العالم أجمع، لتتم مقارنته بذلك الهدف الذي سجله مواطنه دييغو ارماندو مارادونا في مرمى إنكلترا في مونديال المكسيك 1986. وسجل ميسي ذلك الهدف في مرمى خيتافي في المباراة التي انتهت بفوز الفريق الكتالوني 5/2. واستلم ميسي الكرة في منتصف الملعب وتجاوز بعض لاعبي الفريق المنافس ثم ركض 55 مترا في 12 ثانية والكرة ملتصقة بقدميه ليسجل هدفا رائعا أذهل كل الحاضرين بملعب «كامب نو«، معقل برشلونة.
3 ـ هدف بالصدر: وجاء هذا الهدف على ملعب «الشيخ زايد» في مدينة أبو ظبي الإماراتية خلال المباراة النهائية لبطولة كأس العالم للأندية عام 2009 والتي جمعت بين برشلونة واستيودانتيس الأرجنتيني. ورغم أنه لا يمكن اعتبار هذه المباراة لقاء سهلا أو من فئة المباريات قليلة الأهمية، قرر ميسي تسجيل هدف فريد في الوقت الإضافي. ووصلت الكرة إلى ميسي من مسافة بعيدة وعلى ارتفاع كبير ليقرر تسجيل هدف مبتكر بصدره أو بـ»قلبه» كما أشارت العديد من وسائل الإعلام آنذاك، حيث برهن النجم الأرجنتيني أنه قادر على لعب الشوط الإضافي لمباراة نهائية كما لو كان يلعب في فناء منزله.
4 ـ أفضل هدف ملغى: وسجل هذا الهدف في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وهو الهدف الذي اعتبره البعض أفضل هدف ملغى في مسيرة ميسي. وجاء هذا الهدف في مباراة برشلونة أمام ميلان الإيطالي في بطولة دوري أبطال أوروبا، عندما قام البرازيلي داني ألفيش بتسديد الكرة من خارج منطقة الجزاء ليرسلها ميسي بكاحل القدم اليسرى من فوق الحارس كريستيان أبياتي.
وتم إلغاء الهدف بداعي تسلل نجم برشلونة، بيد أن ذكرى الهدف، المقصود أو غير المقصود، لا تزال عالقة في أذهان الجماهير.
5 ـ الهدف غير المرئي: إذا كان ميسي قام بتقليد كرويف يوم الأحد الماضي فإنه أعاد في 27 كانون الثاني/ يناير 2013 للأذهان مهارات البرازيلي بيليه عندما قام بمراوغة الحارس بجسده فقط ودون لمس الكرة. وسجل ميسي ذلك الهدف بعد مرور 11 دقيقة من مباراة برشلونة أمام أوساسونا في الدوري الأسباني، عندما تسلم تمريرة من تشافي هيرنانديز ورواغ الحارس اندريس فيرنانديز، الذي انبطح أرضا بفضل المراوغة الجسدية المبهرة للنجم الأرجنتيني ليسجل هدفا مميزا.
ركلات مماثلة في التاريخ
جذبت ركلة الجزاء الغريبة، التي نفذها ثنائي برشلونة الإسباني، ليونيل ميسي ولويس سواريز، خلال لقاء فريقهما، أمام سيلتا فيغو، أنظار واهتمام جميع متابعي كرة القدم العالمية، لكنها ليست الأولى من نوعها التي نشاهدها في الملاعب الأوروبية والعربية.
كانت بدايتها في 4 يونيو/ حزيران 1957، عن طريق البلجيكي ريك كوبنز، في مباراة منتخب بلاده أمام آيسلندا بتصفيات أوروبا المؤهلة لمونديال السويد 1958. وقام كوبنز بتهيئة الكرة إلى الأمام لزميله أندريه بيترز، حيث أعادها الأخير إلى كوبنز مرة أخرى الذي أسكنها الشباك.
وتكرر السيناريو نفسه أوروبيا عام 1964، خلال لقاء إيفرتون ومانشستر سيتي، بالدوري الإنكليزي، عندما سجل مايك تريبلجيك هدفًا بذات الطريقة.
وفي 1982 خلال مباراة أياكس امستردام وهيلمون بالدوري الهولندي، مرّر يوهان كرويف الكرة إلى جيسبر أولسن، وأعادها إليه مرة أخرى ليضعها في المرمى.
وفشل الفرنسي تييري هنري عام 2005، في تسجيل هدف مشابه، بعدما أخطأ زميله في أرسنال وقتها، مواطنه روبير بيريز في التمرير ليتدخل دفاع مانشستر سيتي ويبعد الكرة ويحرم هنري فرحة التسجيل، إلا أن هنري عاد ونجح في تطبيق الطريقة عام 2013، في مباراة ودية بين أصدقاء ميسي ونجوم العالم، عندما مرّر الكرة لمواطنه فلوران مالودا، الذي وضعها في شباك الخصم.
وعلى المستوى العربي، لن ينسى تاريخ كرة القدم، ثنائي النادي الأهلي المصري، الراحلين، صالح سليم ومحمود الجوهري، اللذين كانا أول لاعبين عربيين ينفذان ركلة الجزاء بذات الطريقة، وذلك قبل نهاية مباراة الأهلي ضد المنيا في دوري موسم 1962 بدقائق. وتعود قصة الركلة إلى «رغبة سليم في تنفيذها، رغم علمه برغبة الجوهري في ذلك أيضا، وطلب سليم من المدرب التصدي للركلة، لكنه فاجأ الجميع ومررها للجوهري الذي تمكن من تسجيلها هدفًا للأهلي، لتنتهي المباراة بفوز فريقهما بخماسية نظيفة.
وفي الدوري الإماراتي، عام 2010، تمكن الغيني سيمون فيندونو، لاعب فريق اتحاد كلباء، من تسجيل هدفٍ بنفس الطريقة، عندما استلم كرة من زميله الفرنسي غريغوري دوفرينس، ليساهما في فوز فريقهما أمام فريق العين، بنتيجة (4-1).
وفي البحرين، خطف لاعبا فريق الحد، البرازيلي ريكو، والبحريني سيد محمد عدنان الأنظار، بعدما نفذا ركة الجزاء الغريبة، أمام فريق الرفاع في الدور قبل النهائي لمسابقة كأس الاتحاد البحريني 2015. وانبرى البرازيلي ريكو لتنفيذ الكرة قبل أن يفاجئ الجماهير الحاضرة بتمريرها إلى زميله عدنان، ليقوم الأخير بخداع حارس مرمى الرفاع ناصر محبوب، وأعادها لريكو، فسددها الأخير نحو الشباك في المباراة التي انتهت بفوز الحد بنتيجة 3-1.
وفي دوري كوريا الجنوبية، العام المنصرم، شهدت المباراة التي جمعت فريقي تشنبوك موتورز، وبوهانغ ستيلرز؛ تسجيل ركلة جزاء بالأسلوب نفسه، حين تعاون ثنائي تشانبوك، البرازيليان، ليوناردو رودريغز بيريرا، وكايو، إذ قام الأول بتحريك الكرة إلى الأخير الذي قام بدوره بإحراز هدف منها.