الناصرة – «القدس العربي»: أكد وزير الخارجية الأسبق ومستشار الرئيس محمود عباس نبيل شعث في تصريحات لـ « القدس العربي» أن هبة المقدسيين والفلسطينيين التي حمت الأقصى واستعادت سيادتهم عليه ينبغي أن تكون نموذجا يحتذى للنضال الفلسطيني لإنهاء الاحتلال. وأكد على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رجل شعبوي وكل أدواته ومشروعاته فاشلة حتى الآن ونجاحه الوحيد في الـ 200 يوم في الرئاسة الأمريكية كان استخدام وعده بحل القضية الفلسطينية للحصول على 500 مليار دولار من مؤتمر الرياض.
■ في ظل سياسات الاحتلال وفشل مشروعات ترامب هل نحن مع موعد انفجار جديد؟
■ الانفجار حصل دفاعا عن الأقصى وكانت الهبة مثالا من نواح عدة. كان فيه تحد للاحتلال في زمن العالم غير منتبه لقضيتنا ولا الأشقاء العرب مهتمون بها، وكان توحدا كاملا لكل الجماهير وشهدنا إبداعا في ابتكار أدوات سلمية وفعالة غير عنيفة ومن كان يتوقع مواجهة الإسرائيليين بالصلاة بالجباه على إسفلت مسلمين ومسيحيين. نحن في مواجهة مستمرة وسنبدع بأساليب في مواجهة الاحتلال الصهيوني. لا شك بذلك».
■ لا أمل إذن لدى القيادة الفلسطينية من ترامب ووعوده بإحراز صفقة كما وعد؟
■ ترامب رجل شعبوي تصور أنه قادر على وقف التاريخ بأنامله وتصريحاته على أساس أن العالم لم يتغير وأمريكا هي مالكة ناصية القرار في العالم. كل أدواته كانت فاشلة في العالم بالكامل. لم يتمكن من منع المسلمين من زيارة أمريكا وأراد وقف إلغاء علاقات بالصين وتراجع ورغب في وقف الدعم الأمريكي للاتحاد الأوروبي وللناتو وتراجع مثلما تراجع عن الجزء الأكبر من مشاريعه الشعبوية التي أتاحت له بلوغ سدة الحكم في الانتخابات للرئاسة. ومن بين هذه المشروعات إنه هو القادر على حل مشكلة عويصة في العالم السلام الأكبر الفلسطيني- الإسرائيلي . كيف؟ لا نعرف بأي طريقة. لا نعرف… ماهو المشروع لا أعرف.
■ لكن من حق السلطة أن تشرح له شرحا كافيا ووافيا ماذا نريد وما هو الحال وأبلغوه بضرورة تحديد ما الهدف من محاولتك الوصول لحل؟
■ إذا كان الهدف إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 واستكمال حل مشكلة اللاجئين فأهلا وسهلا. ثانيا ما هي مرجعية هذه المفاوضات؟ مرجعية دولية وقانونية وحقوق للشعب الفلسطيني وعندها نقول: أهلا وسهلا فنحن لا نريد أن نبدأ بالصفر والعالم كله يعترف بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال. حتى الآن لم يرد ولم نستلم منه شيئا يدل على الإجابة حول هذين الموضوعين.
■ والاستنتاج … ترامب لن يختلف عن براك أوباما؟
■ اوباما حاول وفشل وهذا لم يصل لمرتبة المحاولة. أعتقد أن نجاحه الوحيد في الـ 200 يوم في الرئاسة الأمريكية حتى اليوم كان استخدام وعده بحل القضية الفلسطينية بالحصول على 500 مليار دولار من مؤتمر الرياض، من السعودية. هو جبى الثمن واستفاد من القضية الفلسطينية ولكن لا أريد استبعاد أي احتمال حتى وإن كان ضئيلا بأن يأتي الخلاص ربما من مواقفه الفاشلة قد يكون في الساحة الفلسطينية باعتبار أن امريكا هي القادرة على الضغط على إسرائيل أو إغرائها ولكن للحقيقة لا أرى ذلك حتى الآن.
■ ماذا يمكن أن تفعله القيادة الفلسطينية بعد تجريب المجرب منذ بيل كلينتون وإسحاق رابين، وإيهود باراك، وإيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو.. فمسلسل أوسلو ثبت أنه طحن ماء؟
■ يا عزيزي لم يفلح لا الكفاح المسلح ولا غير المسلح ولا المفاوضات ولا الابتعاد عن المفاوضات في استعادة كامل التراب الوطني ولا تحرير التراب في الأرض المحتلة عام 1967. لم نقدر بكل الأدوات ومع ذلك لا نستسلم. لم نقبل بأنه لا أمل في حل لقضيتنا ونروح.. نروح فين ؟ أرفض هذا المنطق.
■ والحل؟
■ الحل بكفاح مستمر وبأدوات مختلفة تتناسب مع إمكانياتنا ونقاط ضعف العدو وتتفق مع تحليلنا للموقف الدولي والقوى الدولية. في الماضي وجدنا فرصة للتحالف مع الاتحاد السوفيتي ومع كتلة عدم الانحياز وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1990 وجدنا طريقا للضغط وانتقلنا لأساليب جديدة تتناسب مع تغير موازين القوى وأيضا بعد هزيمة الأنظمة العربية عام 1967 انطلق الكفاح المسلح من الأردن ولبنان وسوريا. وعاد الوضع وتغير في حرب 1973 المواقف الدولية والحسابات الدولية والعربية ونقاط قوتنا ونقاط ضعف الاحتلال هي التي تفرض نوع الأدوات التي نستخدمها. هبة القدس الأخيرة نموذج جديد تعمل فيه القاعدة والقيادة معا في مواجهة العدو بأدوات فاعلة وغير مسلحة ونجحت.
■ ولكن السلطة الفلسطينية تقول إنها مع المقاومة السلمية لكنها على أرض الواقع تمنع النضال الشعبي ضد الاحتلال؟
■ لا بالعكس. كان هناك تأييد شامل وواضح للنضال الشعبي في القدس وقامت بوقف التنسيق الأمني والتنسيق السياسي مع إسرائيل، وأثناء الهبة توجهنا رأسا للمحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة إسرائيل».
■ وماذا مع التنسيق الأمني هل سيعلن وقفه وعلى الأرض مستمر؟
■ رأيي ورأي الرئيس أنه لا عودة للتنسيق الأمني مع إسرائيل إلا إذا أعيد النظر في أدواته الرئيسية وأن تمتنع عن دخول غزة واريحا ومناطق أ. إسرائيل تقتحم أراضينا وتطلب منا التنسيق الأمني. هل يعقل ذلك؟
■ وفي ظل ما تصفه هناك، من يقول إن الأوضاع تعود للمربع الأول وسيجد الفلسطينيون في طرفي الخط الأخضر من خان يونس إلى رأس الناقورة يناضلون ضد نظام فصل عنصري واحد وليس نضالا من أجل تسوية دولتين؟
■ هذا ما هو قائم اليوم على الأرض والأهم من الدولة هو إنهاء الاحتلال على أي بقعة من الوطن لكن الدولة هي تجسيد لأمانينا الوطنية بالسيادة والاستقلال كشعب».
■ وبشأن الرئيس ألا ترى بوجود حاجة لأن يسمي خليفته أو تحديد آلية واضحة لمواصلة المشوار من بعده؟
■ الرئيس يتحدث عن ذلك ويؤكد أن المؤسسات الفلسطينية المخولة هي التي ستبت في ذلك وهو غير قلق من نشوء أي فوضى من بعده.
■ وبشأن فلسطينيي الداخل ودورهم المراد؟
■ هؤلاء فعلا كشجرة الزيتون والسنديان حافظوا على هوية البلاد والمطلوب منهم المزيد من التشبث بالوطن والنضال لنيل مساواة بالحقوق المدنية والقومية وقد أبدعوا في تشكل وحدتهم المتمثلة بالمشتركة التي ينبغي المحافظة عليها وحمايتها وإنهاء الإشكاليات التي تهدد سلامتها.
وكان نادي حيفا الثقافي قد استضاف الدكتور شعث في ندوة حول كتابه الجديد «من النكبة إلى الثورة» بمشاركة رئيس «القائمة المشتركة « النائب أيمن عودة وعدد من الباحثين الفلسطينيين. ويعتبر شعث أن هذا الكتاب هو رواية لسيرته ومسيرته لا كتابا في التاريخ، لافتا إلى أن الجزأين الثاني والثالث على الطريق. وقال إنه بعدما التحق بحركة التحرير الوطني (فتح) في مصر شعر في البداية بالحرج لأنه لا يوجد من هو شهيد أو أسير في عائلته وأنه بخلاف كثيرين فاز بفرصة للتعلم الجامعي وتعلم العزف على البيانو. وتابع «كنت وقتها أشعر بالحاجة لتقديم المزيد من التضحيات لتعويض ذلك مقارنة مع من سددوا من كرامتهم وحريتهم وحياتهم في سبيل الوطن. ومع الوقت أدركت أهمية العمل الثقافي والدبلوماسي لخدمة قضية شعبنا العادلة.
علينا اليوم العمل لتعزيز التواصل بين الكتل الفلسطينية الأربع وقال إن أهالي الضفة يبحثون عن الدولة، وأهالي غزة يبحثون عن الحرية والوحدة ويبحث فلسطينيو الداخل عن التحرر من الاضطهاد ونيل المساواة في الحقوق ومساعدة شعبهم بالتحرر فيما يريد الفلسطينيون في الشتات العودة. وتابع «لا يوجد تناقض بين هذه التوجهات، بالعكس فالتكامل بينها هو ما ينبغي أن يكون هدفنا الآن».
هذا الكتاب زبدة تجربتي وفيه استعرضت مسيرتي وتجربتي السياسية والشخصية، واستذكار طفولتي في صفد ويافا وزياراتي لكل أرجاء الوطن بعد العودة في 1994. وتابع «فور عودتي للبلاد كرست شهرين لزيارة مدن وأرياف فلسطين التاريخية حتى ارتويت منها، حتى تيقنت أنني متعطش لها من جديد. في يافا لي ذكريات طفولة وحنين بالغ للمدرسة العامرية وللبحر ولكل ما فيها. بيد أنني مسكون بهوس حيفا فالكرمل فيها يمنحها وبحق لقب تاج العروس. في كل مرة أزور مدينة يلتقي فيها الجبل والبحر تحضرني حيفا بكل بهائها.
ونوه أنه سعد وقتها بزيارة عاصمة صحراء النقب مدينة بئر السبع التي شغل جدها فيها منصب رئيس بلديتها في فترة الاستعمار البريطاني طيلة 34 عاما. وقال شعث إنه اضطر للرحيل مع أسرته لمدينة الاسكندرية للعمل كمدير فرع البنك العربي عام 1946 بعد وقف السلطات البريطانية والده عن العمل كمدير مدرسة بذريعة السماح للمعلمين والطلاب في مدرسة العامرية التظاهر ضد الاحتجاج حيث طردت وقتها عشرة معلمين ومئة طالب منها كان هو منهم لمشاركتهم في المظاهرات. وتابع «بعد عام حصلت النكبة ومنعنا من العودة ولذا فإن اللاجئ هو ليس من يطرد من وطنه فحسب بل من يحرم من العودة لدياره. شعث الذي ولد لأب أصله من غزة عمل مديرا لمدرسة في صفد بعد تخرجه من الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم مديرا لمدرسة العامرية في يافا، وقد أنهى أمس زيارة لمدينة حيفا ولبلدة كفركنا في الجليل حيث التقى عددا من المثقفين فيها وزار كنيسة العرس التاريخية فيها.
وديع عواودة: