«نداء تونس» و«النهضة» يتجهان لتجديد التوافق بينهما بعد الانتخابات البلدية

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي» : لم تأتِ نتائج الانتخابات البلدية (غير الرسمية) بمفاجآت كثيرة، باستثناء صعود القائمات المستقلة وقرب «اندثار» الأحزاب الهامشية، مع تنامي أحزاب صغيرة عرفت كيف تقرأ الواقع التونسي وتطوعه لمصلحتها مستعينة بالشباب الذين يرفضون منح ثقتهم للأحزاب الكبيرة والهرمة.
النتائج الأولية والتي أكدتها استطلاعات الرأي أكدت تفوق حركة «النهضة» (27.5 في المئة ) على نداء تونس (22.5 ٪) بفارق ليس كبيراً، لكنه يكفي ليؤكد وجودها كأكبر قوة سياسية والحزب الأكثر تنظيماً وتأثيراً في البلاد. ويبدو أن حصول «الحليفين اللدودين» على نصف الأصوات سيضطرهما لمواصلة تجربة «التوافق» السياسي بينهما، وهي «نبوءة» سبق أن أكدها رئيس الحركة راشد الغنوشي قبل أيام من الانتخابات.
وبعيدا عن الخطاب السياسي المتشنج قبل الانتخابات، فإن تصريحات مختلف الأطراف من كلا الحزبين تؤكد أن الأمور ستسير في اتجاه التوافق مجدداً، حيث عاد الغنوشي للتأكيد على استمر التوافق، ودوّن على صفحته في موقع «فيسبوك»: «قبل أسابيع كانت عديد الأطراف تشكّك في انعقاد الانتخابات البلدية. بفضل ملحمة التوافق الوطني تعيش الديمقراطية التونسية عرساً جديداً اختار فيه الشعب ممثليه في المجالس البلدية محققاً حلماً انتظره التونسيون منذ الثورة في محطة جديدة هي الانتخابات البلدية. المنتصر اليوم هو مسار التوافق الذي حمى تونس من الفتنة والتطاحن الذي قاده رئيس الجمهورية السيد الباجي قايد السبسي، والمنهزم هو كل من راهن على الفوضى والاستئصال».
فيما أكد محسن حسن القيادي في «النداء» أن النتائج الأولية للانتخابات البلدية «تُبين بالدليل أن البلاد فيها حزبان كبيران هما نداء تونس وحركة النهضة (…) وما يهم ليس الترتيب، بل أن المشهد السياسي واضح حيث يتضمن النهضة والنداء، وبقية الأحزاب».
ودوّن برهان بسيّس المكلف بالشؤون السياسية في «نداء تونس» على صفحته في موقع «فيسبوك»: «الآن وقد أغلقت صناديق الاقتراع ، وانتهت عملية الانتخاب بكل ما شابها من عزوف وخروقات، أختصر عليكم النتائج والدلالات ، النهضة الإولى والنداء الثاني ( بفارق من 3 إلى 5 نقاط) وبقية الأحزاب والائتلافات بعيدة كل البعد عن المنافسة وخارج نطاق التغطية الحزبية. جبهة واسعة، يميناً ووسطاً ويساراً، تحالف مقدس بين الأضداد، نيران كثيفة متهاطلة، صديقة، معادية، ملائكة ، شياطين وأجناس بين جنسين، 3 سنوات من تهرئة الحكم، ورغم ذلك بقي النداء صامداً، ويتأكد اليوم باعتباره قوة التوازن الحزبي الرئيسي والوحيدة في مواجهة حزب النهضة».
ويبدو أن الناخبين التونسيين أرادوا «معاقبة» الأحزاب السياسية من جانبين، حيث امتنع ثلثا الناخبين عن التصويت مؤكدين عدم ثقتهم بالسياسيين التونسيين، فيما لجأت نسبة كبيرة منهم إلى التصويت للقائمات المستقلة والتي شكلت مفاجأة كبيرة في النتائج المعلنة حتى الآن، حيث أكد رياض بوحوس عضو هيئة الانتخابات أن القائمات المستقلة «أحدثت مفاجأة حيث أنها استحوذت في عدة بلديات على أكثر من 50 في المئة، وهذه النتائج سترغم الجميع على التعامل مع بعضهم البعض»، أي أنه لم يعد بإمكان السياسيين الاستمرار بتهميش بقية الأطراف غير الحزبية.
وتحدث السياسي والحقوقي عبد الوهّاب الهاني (رئيس حزب المجد) عن عدة رسائل قدمتها نتائج الانتخابات البلدية للتونسيين «الرسالة الأولى التي على الجميع استيعابها هي نسبة العزوف العالية جداً خاصة في صفوف الشباب، والتي جاءت في الصدارة بنسبة عالية جداً في حدود الثلثين من عدد المسجلين فما بالك بالجسم الانتخابي النظري.. الرسالة الثانية تصدر القائمات المستقلة لنتائج التصويت بنسبة تقارب ثلاثة ناخبين من عشرة يجعل من الصعب إعطاء بُعد وطني أو جهوي لهذه الانتخابات.. الرسالة الثالثة بقاء الحزبين الحاكمين النهضة والنداء وتحالفهما الثابت «النهـداء» في صدارة المشهد السياسي بعد المستقلين ليحصدا مجتمعين قرابة نصف الأصوات المصرح بها، مع استبدال الموقع الأول بالثاني بالأول وتعزيز موقع «الشريك اللدود» لكل منهما في علاقتهما الثنائية وتقدم ملحوظ لحركة النهضة على «شريكها اللدود» حركة النداء».
وأضاف « الرسالة الرابعة نتائج مشجعة للأحزب الوسطية رغم تقدمها في قوائم منفردة أضعفت وزنها مع تقدم واضح لأصدقائنا في التيار.. خامسا نتائج محترمة للجبهة الشعبية تؤهلها للعب دور الكتلة اليسارية إذا ما تخلصت من معوقات الإيديولوجيا المقيتة.. سادسا فشل ملحوظ للأحزاب والكيانات والتحالفات المنبثقة من نداء تونس إلا في نجاحها في إضعافه وتقاسم وتراجع واهتراء خزانه الانتخابي.. سابعا انحسار واضح لغُلاة التجمعيين الاستئصاليين على أقصى يمين نداء تونس».
وتابع الهاني «ثامنا أداء ضعيف ومهزوز للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في أداء أدوارها التنظيمية والرقابية الأساسية وعدم توفقها في منع أو حتى الحد من ظاهرة المال الفاسد.. تاسعا بداية عسيرة منقوصة المشروعية ولكم واعدة لتجسيد السلطات المحلية والجهوية بمنظور الدستور الجديد تتطلب تعديل المسار.. عاشراً هوة سحيقة بين انتظارات النخبة عموما والسياسية خصوصا وانتظارات واهتمامات ومشاغل الشعب التونسي الكريم وبالاخص الشباب الذي يبحث عن الكرامة. مُجددا كل التوفيق للمجالس المنتخبة وفيها أصدقاء كثر في أغلب القوائم وعلى رأسها، على أن يعي الجميع الرسائل العشر».

«نداء تونس» و«النهضة» يتجهان لتجديد التوافق بينهما بعد الانتخابات البلدية
صعود المستقلين وتنامي الأحزاب الصغيرة وقرب اندثار الأحزاب الهامشية
حسن سلمان:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية