صور اللاجئين السوريين الذين تعرّضوا للضرب والإهانة و»الدعس» على يد الجيش اللبناني أخيراً لا يمكن تفريقها عن صور سابقة رأيناها في غير مكان من سوريا على يد جيش النظام السوري، في البياضة وبانياس وفي تل منين وأحياء حمص ودرعا وسواها.
لا نحسب أن أحداً يمكنه تبرير تلك الصور، لكن نديم قطيش، المذيع اللبناني، الذي يفترض أنه واقف ضد النظام السوري وضد نظام الممانعة عموماً، بإمكانه أن يسوّغ فظاعات وانتهاكات الجيش اللبناني ضد اللاجئين، بطريقة لم يقدر عليها أفيخاي أدرعي وهو يزيّن فظاعات الجيش الإسرائيلي.
أطلّ قطيش في مقابلة مع الإعلامية الزميلة ديمة صادق في «نهاركم سعيد» على «أل بي سي» اللبنانية، سئل عن رأيه في ما حدث في مخيمات اللاجئين، لم تكد المذيعة تنطق بعبارة «تعنيف زائد» حتى انبرى ليقول إن من «عنّف هو من فجّر نفسه بعائلته، حين قرر أن ينهي حياتها بسياق المواجهة مع الجيش اللبناني. هذا الذي مش فارق معه سلامة وأمن النازحين».
ولكي لا يكون هناك أي لبس في تفسير كلام قطيش يؤكد صاحب برنامج «DNA» أن «لا يجب أن تكون هناك خطوط حمراء أمام الجيش بالتعامل مع هذا الملف الأمني الحساس». وعندما يُسأل إن كان شاهد الصور من مخيمات اللاجئين السوريين يجيب «لن أدخل ولا لحظة بنقاش إذا كان الجيش راح يكون أقسى أكثر أو أقل في مواجهة ندرك جميعاً مستوى الخطورة التي تشكلها على أمن البلد والناس واللاجئين»، بمعنى آخر، لا يتردد قطيش في تبرير القسوة التي جاءت في الصور تحت ذريعة الأمن والسلامة.
حينما تأتي ديمة صادق على سيرة الناشطين، ويبدو أنها تتحدث عن الصور التي نقلها الناشطون من المخيمات، يقاطعها قطيش بضحكة سخرية، تسأله لم الضحك؟ فيجيب إن «كل من معه تلفون حقه 50 دولار، وخط واي فاي بعشرين دولار (ويبدو أن هذه الأرقام ذاتها للحطّ من قيمة الناشطين) صار صاحب رأي ومحقق وقاض..». نعرف جيداً هذه النبرة الرخيصة يا نديم، لكن ألم تفكر لحظة بأن أصحاب تلك الهواتف هم من صنعوا أجمل ربيع في تاريخ العرب، الربيع الذي تعتبر نفسك أحد المدافعين عنه. ثم ما هذه اللغة التي تحطّ من قدر الناس عبر الحطّ من ممتلكاتهم، على طريقة الفنان السوري جمال سليمان حين هاجم الصحافة ذات مرة بالقول إن صحافياً يكتب بقلم ثمنه نصف ليرة! يختم قطيش بالقول «ماذا أفعل (يقصد كجيش لبناني)، هل أرسل أربع خمس أساتذة من «الفرير» (مدرسة لبنانية) يحكوا معهم؟ بأي مداهمة كل الناس، ما عدا الأطفال، مشتبه بهم».
كلام ليس أقل من أن يقال عنه إنه فاش بغيض، إنه تبرير كامل للجرائم والانتهاكات التي قام بها الجيش اللبناني، وبالتالي هو تبرير لأي أفعال مماثلة لأي جيش كان. دائما هناك مبررات يمكن سوقها، كالأمن والاستقرار والسلامة العامة وصولاً إلى الوحدة الوطنية وعدم انقسام البلاد وسواها من حجج. الجريمة هي الجريمة، والانتهاك هو الانتهاك، لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة وشعار. لكن يبدو أنها فرصة ليعزز المرء قناعاته بأن قطيش لم يقف على ما يبدو مع الثورة السورية لانحياز أصيل تجاه الحق والعدل والكرامة الإنسانية، يبدو أن ذلك بسبب عمله في مؤسسة صدف لها هذا الموقف المناهض للنظام السوري، تماماً مثل مصادفة أنه يعمل الآن في مؤسسات تقتضي منه، ربما، مواقف كالتي رأيناها.
هذا هو بالضبط ما نطلق عليه عادة لقب «صحافي للإيجار».
مقابلات سوريالية
لا يذكر اسم العميد سهيل الحسن إلا ويذكر معه اسم مراسل تلفزيون النظام السوري الميداني شادي حلوة، وذلك رغم الإهانة التي وجهها الحسن، وهو قائد عسكري بارز في جيش النظام، إلى مراسل القناة الرسمية وشوهدت (الإهانة) على نطاق واسع في فيديو. ظهور الثنائي بات له وقع كوميدي، أولاً بسبب امّحاء شخصية المراسل، الذي زادته الإهانة إعجاباً بالضابط المكلف بقيادة معارك الرقة وقبلها حلب وحماه، وثانياً بسبب الأجوبة التي يقدمها الحسن، بكلام بالغ الإنشائية، كلام بات مثالاً في الهزل، الكلام الذي يبدو للجاهل أنه ذو قيمة ومعنى، لكنه لن يحتاج إلى خبير لاكتشاف كم هو فارغ وبلا قيمة، كأنما أعدّه مهرج للضحك.
من فرط الكوميديا في كلام هذا القائد العسكري، الذي لا يظهر إلا مع بندقيته وكامل سلاحه الميداني أثناء المقابلات، سألت إن كان ذلك حقيقياً أم مفبركاً، قلت لربما خضعت المقابلات للمونتاج، جواب جاء كثيرين مؤكداً إياها. لقد صدقت أخيراً أن مقابلات سهيل الحسن مع شادي حلوة حقيقية لم تخضع لمونتاج، ما لا أصدقه أن السوريين، في مناطق سيطرة النظام، يمكنهم أن يشاهدوا ذلك الهراء وتجرّعه من دون أن يموت أحدهم قهراً أو دهشة أو ضحكاً، وهذا أضعف الإيمان.
الصحافة والاستبداد
باتت لعبة الصحافة في أنظمة الاستبداد مكشوفة للجميع، هل يمكن لنظام مستبد أن يعتمد مراسلاً من دون غطاء أمني، أو حزبي، أو ما شابه! وإذا كنّا نتحدث عن وضع الصحافة في سوريا، هل كان ممكناً أن يُعتمد مراسل لصحيفة أو قناة تلفزيونية من دون الرضا الرسمي، الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى الاستعمال الأمني المباشر، عبر بث أخبار بعينها، أو مقالات، أو تقارير موجهة؟ الجواب تعرفه جيداً كل الصحف والقنوات التلفزيونية على الإطلاق، ومع ذلك كانت هذه القنوات تنصاع بهذه الدرجة أو تلك بحسب قوة البلد الذي تنتمي إليه. لكن كيف تتصرف اليوم قناة مثل الـ «بي بي سي» العربية إزاء مراسلها في دمشق عساف عبود، وهو على صراحته المعهودة في الانحياز للنظام؟ نقول ذلك ونحن نرى تقاريره على القناة من حلب، المشكلة أنه حتى على المستوى المهني هي من أكثر أعمال القناة رداءة، إذ يتصف عبود بأداء بارد وغير حيوي، عدا عن استضافته وجوهاً بارزة في موالاة النظام (مثلا فارس الشهابي في أحد التقارير عن عودة مصانع حلب للعمل، وهو أحد أبرز المدافعين بقوة عن النظام).
نسمع أحياناً عن قنوات أو صحف قد تطرد صحافياً بسبب زلة لسان عنصرية، أو بسبب انحياز في قضية ما، فما بال تلك المحطات، حين يتعلق الأمر بالمجال العربي، تتصرف بلا مهنية خالصة!
مقابلة متواضعة لمحمد بكري
حاورتْ «فرانس24» أخيراً السينمائي الفلسطيني محمد بكري، وذلك أثناء زيارته إلى باريس مكرماً في تظاهرة للسينما الفلسطينية. بكري تحدث عن «المهرجان المتواضع» (ولا أدري أي غرور يجعله يصف مهرجاناً يدعوه ويكرمه بالمتواضع!)، وأجاب على بضعة أسئلة تقليدية، من قبيل «ماذا يعني لك هذا التكريم»، و»ما هي أدوارك المفضلة»، و»أي أدوار تتمنى أن تلعب»، إلى ما هنالك من أسئلة لا تحتاج حتى إلى تحضير مسبق. تستطيع أن تخرج من الحلقة تماماً كما دخلت، خاوي الوفاض من حكاية أو فكرة بديعة أو تجربة غنية، علماً أن الرجل تاريخ من السينما والمسرح والسياسة والجدل، ولا بدّ أن تحضيراً جيداً للحلقة كان بإمكانه أن يقدّم نصف ساعة مشتعلة.
لكن واضح أن ليس بإمكان مذيعة ما زالت تتعثر بالمفعول به فترفعه وبالمكسور فتنصبه، أن ترفع الحلقة إلى مستوى الجدل الذي يطرح الأسئلة الكبيرة.
ترامب يستهدف الـ «سي أن أن»
غرّد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمقطع فيديو يظهره وهو يضرب شخصاً وضع على رأسه شعار شبكة «سي أن أن» الإخبارية. الفيديو هو مقطع معدّل أضيف إليه لوغو «سي أن أن» الأحمر، والتغريدة موجهة للمحطة العريقة كإنذار أو تحد أو مناكفة. ففي المقطع يصرع ترامب الرجل، الـ «سي أن أن» في الحالة الجديدة، ثم يتابع مسيرته منتشياً بالانتصار.
شبكة «سي أن أن» ردت ببيان قالت فيه «إنه يوم حزين نشهده عندما يشجع رئيس الولايات المتحدة العنف ضد الصحفيين،.. إنه ينخرط بسلوك صبياني ينحدر بأقل من مستوى كرامة منصبه، سنستمر بممارسة عملنا ويتوجب عليه أن يبدأ بممارسة عمله».وبالفعل، إذا كان هذا مستوى تصرف الرئيس الأمريكي مع الإعلام فكيف يكون تصرّف «داعش»، أو بشار الأسد، أو خامنئي؟!
في الظاهر تبدو المسألة وكأنها حرب كلام وفيديو، لكن لا شك تكبر في مكان آخر، تتدحرج لتصبح إلى أفعال ليست أقل من قطع الرؤوس.
كاتب من أسرة «القدس العربي»
راشد عيسى
Thank you for your essay. It looks like everyone now has a price .That Nadeem Qateesh was paid to show the hate against the Syrian refugees
شكراً أخي راشد عيسى. نديم قطيش المضحك المبكي لا أعرفه وأضحكني مشهد العقيد النمر سهيل الحسن هههه, شر البلية مايضحك.
الجيش اللبناني يصبح اسدا جسورا في تعامله مع اللاجيء السوري الأعزل والمغلوب على أمره،ونعامةفي مواجهة الجيش الإسرائيلي وميلشيا حزب الله.حتى بلغ به الأمر ان يعجز عن اعتقال أباطرة مخدرات مرتبطين بهذا الحزب.أما عن نديم قطيش فما قاله قد يفقده شعبيته التي كسبها خصوصا من وراء الثورة السورية وليس قبل.
أستاذ راشد (الراشد)
تحيه طيبه على تسليطتك الضوء على قضيه اللاجئين السوريين،،هؤلاء الأخوه مطلوب من كل أنسان شريف وحر أن يدعم قضيتهم ويسلط الضوء عليها وذلك أضعف الإيمان،،
في مقال له بالأمس استفاض فيه الأستاذ أيلي عبده وفصل في موضوع الاعتداء الأخير للجيش اللبناني على مخيم للاجئين، وكان حري بنديم قطيش أن يقرأ أو يتعلم شيء مما ذكر الأستاذ عبدو ،،
وكان الأخوه السوري لا يحتاجون فوق محنتهم إلا إلى ألقاء اللوم عليهم واظهارهم بمظهر مثيري الشغب وشيطنتهم،،وتشويه صورتهم،،بل والاتهام بدعم (الإرهاب)
طبعا نتفهم مدى نفوذ حزب اللات وكونه دوله داخل الدويله اللبنانيه،،أنما نتوجه إلى الأهالي ونشر الكلمه الطيبه بينهم وتذكيرهم بان السوريون هم من فتح أذرعهم مستقبلين اللبنانيين عامه ومقاتلي هذا الحزب بشكل خاص عندما تم العدوان عليهم من قبل اسرائيل تموز ٢٠٠٦.
نتوجه اكبار لك أستاذنا مره أخرى لأنك فعلا (راشد)
آخ يا أخي حسين/لندن بالذات أهل القصير وحمص وأعرف بعضاَمنهم ضم اللبنانيين إلى صدورهم وفتح لهم الأبواب لكن حزب الله فعل ما لايفعله الإنسان الكريم!