عرضت قناة «آرتيه» الفرنسية فيلما وثائقيا عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس السابق لدولة الإمارات العربية المتحدة. حيث تشغل الإمارات العربية المتحدة حيزا لا يستهان به من برامج وثائقية فرنسية، سواء كانت من خلال تصوير المباني وناطحات السحاب الحديثة، أو الصحراء القاحلة التي تحيط بهذه المباني! وأحيانا أخرى تعرض القنوات الفرنسية تقارير خاصة عن الثراء وعيشة البذخ التي يتمتع بها سكان الإمارات، سواء من الأجانب الذين يذهبون للعمل فيها أم في حياة شيوخها وحكامها.
وربما تكون «أرتيه» القناة الوحيدة التي تطرقت لعرض ووصف دولة الإمارات من ناحية تاريخية معمقة، وباحثة ومتحرية في تاريخ المنطقة قبل وبعد إكتشاف الذهب الأسود.
ما أراه غريبا هو إصرار بعض القنوات الأخرى وحتى عقليات بعض الفرنسيين المعلبة عند الحديث عن الإمارات أو دولة خليجية ثرية أخرى، فهم وبمجرد سؤالهم عن مدى معرفتهم بمنطقة الخليج العربي فإنهم يردون وفورا: لا يوجد هناك حقوق إنسان، والعمال الآسيويون هم مجرد ضحايا وعبيد جدد للخليجيين الأثرياء.
ومن النفاق أن يجيب هؤلاء بمثل هكذا إجابات حقيقية، ولكنها لا تشمل تاريخ المنطقة أو تركيبتها الإقتصادية والجيوسياسية. فمثلا وكوني كما أذكر دائما قد عشت وترعرت في الإمارات فإن هذا لا يعني أنني كنت «عبدة» مهاجرة، في بلد ثري. نعم لا توجد هناك حقوق إنسانية ويتم سحب جوازات العمال الآسيويين، ويتم توظيفهم بظروف عمل قاسية تحت حرارة الشمس الساطعة، والتي تصل إلى خمسين درجة في الصيف. نعم لا زلت أذكر أبي سائقا للشاحنة التي تنقل الماء من المدينة إلى الصحراء حيث تخيم العائلات الإماراتية خلال فصل الشتاء وتبحث عن الفطر والضب! وأذكر مدى مقت أبي لهكذا عقليات لا ترى فيه سوى «فلسطيني مهاجر»!
وأذكر الكارفانات «البيوت المتحركة»، التي كان جيراننا من المهندسين المصريين والسودانيين والهندوس يقطنونها بجانب منزلنا في الصحراء بعيدا عن جو المدن. كل هذا كان في سنوات السبعينات والثمانينات.
لقد كانت الإمارات كدولة نقية وبريئة، يحكمها الشيخ زايد، رئيس «حنون» و«بدوي صافي» نقي السريرة لا يتوقف عن التقرب من شعبه وحبه، وزيارتهم بشكل مستمر لتلبية احتياجاتهم.
لقد اهتم بالأجانب والمهاجرين أيضا، كما كان يهتم بأبناء بلده من المواطنين، دون أي تفرقة. ولقد كانت لديه نظرة مستقبلية لما سيحدث في بلده من تغييرات. اكتشف النفط ولحقت دول الخليج لعنة، وأصبحت مسكونة بجيوش الغربيين وأمريكا طمعا في النفط والمصالح الإستراتيجية والاقتصادية. شركات نفط كبيرة وأعلام فرنسية، أمريكية وإنكليزية، فرضت نفسها على المنطقة واستغلت «طيبة البدو» و«كرم استقبالهم لهم» ليبقوا هناك إلى الأبد. ولتصبح الإمارات ودول الخليج اليوم هي عبارة عن أمريكا صغيرة، مليئة بالمطاعم والمقاهي والمحلات والشركات العالمية التي تشجع على الإستهلاك.
أصبح للغرب قدم أخرى جديدة في الأراضي العربية، بل وتدفع لهم الرواتب الباهظة والتي لن يحلموا بمثلها في بلادهم ولو عملوا لسنوات عديدة!
أصبحت دول الخليج مقرا ثانيا للأوروبيين الباحثين عن المال والبذخ بعيدا عن فقر وتقشف بلادهم.
بل وما زاد الطين بلة هو عدم تأقلم هؤلاء من الدخلاء على عادات وتقاليد سكان البلد، تماما كالمستعمر الذي يعيش ويشعر بفوقيته تجاه السكان الأصليين، فنراهم يعيشون في معزل عن السكان، كما في السعودية وغيرها، لا يتحدثون لغة البلد ولا يعرفون عن العادات والتقاليد شيئا. ولكي تجذبهم الإمارات إليها فإنها سارعت في بناء الكنائس والمحلات التي تبيع حاجاتهم من الطعام والشراب، وفتحت لهم البارات والأوتيلات التي وكما سبق وذكرت لم يروا ولم يحلموا بمثل وجودها في حياتهم.
إن من بنى معظم دول الخليج وشيدها وعلم أبناءها ليسوا من الأجانب الغربيين ولا الأمريكان من «المارينز»، بل هم عرب فلسطينيون ومصريون وسوريون وسودانيون، قدموا إلى الإمارات في سنوات السبعينات والثمانينات هربا من ظروف الحياة والحرب في بلادهم لكي يجدوا عملا يعيشون منه ويوفرون لأولادهم ما يلزمهم.
ما تغير اليوم هو العدد الهائل من الغربيين الذين يلجأون لدول الخليج ليس لمصلحتها وتعميرها بل طمعا في المال وبثروات المنطقة! ومن ثم يعودون إلى بلادهم في الإجازات السنوية لكي ينتقدوها ويخبروا أهاليهم وأصدقاءهم عن حال العمال الآسيويين وظروف عملهم القاسية ونظام الإستهلاك اليومي في المجتمع هناك.
لمَ لا يبق هؤلاء في أوطانهم حيث حقوق الإنسان، والحرية إن لم يعجبهم ما يحدث هناك في دول الخليج؟! ولمَ لا ينظر الغربي إلى عقده ومشاكله الإجتماعية والسياسية والاقتصادية والجنسية ويحاول حلها قبل الحديث وانتقاد الدول العربية الأخرى؟!
أنا لا أدافع عن دول الخليج وسياستها المتبعة والمتأزمة تجاه المهاجرين والعمالة الوافدة من أصول «آسيوية وعربية» ومدى الفرق الواضح في التعامل مع العمالة الوافدة بحسب «الجنس والعرق»، حيث يتلقى الإنكليزي والفرنسي والأمريكي رواتب عالية جدا في مقابل الفلسطيني والعربي الشقيق، الذي يحمل المؤهلات والكفاءات نفسها!؟
ما الذي تغير ولمَ أصبح الحال على ما هو عليه اليوم؟ وكيف سيصبح حال المهاجرين العرب والآسويين في البلاد الخليجية في السنوات المقبلة، هذا ما سننتظر معرفته!
الشيخ زايد… وثائقي فرنسي
لقد عرضت قناة آرتيه الفرنسية وثائقيا خصصته عن حياة رئيس الإمارات السابق، الشيخ زايد بن سلطان، الفيلم من إخراج الفرنسي، فريديرك ميتيران، ويتحدث فيه عن تاريخ الإمارات قبل وبعد اكتشاف البترول.
يخبرنا ميتيران بأن تاريخ الإمارات لا يعود لإكتشاف النفط فقط، بل عن إسطورة حاكمها وحكمته. الشيخ زايد وبحسب وصف ميتيران هو إنسان يستطيع أن يرأس ويحكم دولة حديثة جدا، محتفظا في الوقت نفسه بعاداته البدوية. فهو وخلال ثلاثين عاما من الحكم استطاع أن يجذب إليه إعجاب الدول العظمى.
الفيلم الوثائقي مكون من صور من الأرشيف ملونة حينا، وبالأبيض والأسود في أحيان أخرى، يقصها علينا صوت فريديرك ميتيران.
ويحدثنا عن صورة الإمارات في المخيلة، فبمجرد ذكر الإمارات سيخطر في بالنا فورا الثراء والبذخ، الجمل والصحراء، ولكن إن بحثنا في ما خلف ذلك وتعمقنا في صحراء هذا البلد فإننا ولا بد أن نرى الأثر الذي تركه حاكمها من عمار واتحاد بين الإمارات السبع خلال ثلاثين عاما من الحكم.
لقد كان رمزا، يستمد حكمته وقرارته من عاداته وتقاليده البدوية الخالصة.
عرض الفيلم أيضا الحكم الإنكليزي لأبوظبي، والتي كانت قرية صحراوية صغيرة للصيادين، يحكمها منذ عام 1928 الشيخ شخبوط، البدوي الذي رفض أن يلوث بلاده بحضارة الغرب وكان حذرا من التقدم على الطريقة الغربية!
يوضح الفيلم كذلك مدى اختلاف شخبوط عن أخيه الشيخ زايد وكيف كان زايد قابعا في ظل أخيه وكان يرى في التقدم والحضارة مستقبلا لبلاده!
لقد كان آنذاك حاكما لمدينة العين منذ 1948. وحين وصل للحكم رأت أبوظبي تغيرا سريعا وملحوظا، وحين شعر بمطامع الدول المحيطة به كإيران والسعودية، وخاصة بعد قرار رحيل الإنكليز عن أبوظبي والشارقة ودبي في عام 1960، قرر أن يوحد الإمارات السبع ويتشاور مع حكامها المحليين ليكون وحدة لمواجهة التهديد الخارجي المحيط بدولتهم، ورشح نفسه حاكما لها. فصار له ما رغب وحقق أهدافه وأعلن إتحاد الإمارات في الثاني من ديسمبر/كانون الثاني من عام 1971، وتشكلت دولة الإمارات العربية المتحدة. ومنذ توليه العهد، شجع التعليم وخاصة للفتيات، وأصبح محببا لدى شعبه من المواطنين وأيضا من الحكام الأجانب والعرب، فأصبح صديقا مقربا من الرئيس فاليري جيسكار دي إيستان، وملكة إنكلترا وياسر عرفات. ولم يتخل خلال حكمه عن بداوته عند اتخاذه للقرارات الحاسمة التي تهم بلاده وشعبه طوال فترة حكمه وحتى لحظة وفاته في عام 2004.
المتابع للفيلم سيرى سيرة الشيخ الخاصة والعامة من خلال صور من الأرشيف وفيديوهات تلفزيونية تصور رحلاته ودعواته لدول عالمية. وأيضا فيديوهات تصور مدى قربه من شعبه حيث يقف بينهم من دون خوف ومن دون أي حواجز أمنية. لقد ترك فراغا كبيرا بعد موته.
أيكفي فيلم وثائقي لمخرج فرنسي مغرم بالإمارات، لكي ينظر الخليجيون لأنفسهم لتعزيز جذورهم الجميلة بدل الهرب منها للغرب؟
كاتبة فلسطينية تقيم في فرنسا
أسمى العطاونة
صحيح أن أبناء البلد لهم الأولوية
ولكن أولاد عمهم العرب أولى من غيرهم
لماذا يسمى العرب أجانب ببعض بلدان الخليج العربي
هل نسى الخليجيين أن عبدالناصر كان يبعث المدرسين ورواتبهم اليهم
ولا حول ولا قوة الا بالله
الحقيقه المعروفه ان الملك فيصل دعم الشيخ زايد لقيام دول الامارات السبع لصد مطامع شاه ايران(شرطي الخليج)….اعدلوا هو اقرب للتقوى !
* الله يرحم الشيخ ( زايد ) حكيم العرب ومؤسس دولة الإمارات الحديثة .
* حاليا أصبحت المدن الإماراتية ( أبوظبي / دبي / الشارقة / العين )
تنافس المدن الأوروبية في جميع المجالات وخاصة ( الخدمات ) والسياحة .
* شكرا
* شعب الإمارات بسيط وطيب وكريم ومن أسعد الشعوب العربية
والإمارات بفضل الله وحكمة حكامها تحولت الى واحة ( أمن وأمان وسلام) .
* شكرا
الأخت أسمى أن تقولين تماما نفس مايقوله البعض من الأوروبيين بحق الأجانب, هم يقولون كذلك :” لماذا لم يبقوا في بلدانهم , لماذا يأتون إلينا ويفسدون بلداننا ” وهم مجرمون ولا يحترمون حقوق النساء ” مع أن الأوروبيين والأمريكان وغيرهم من الدول المتقدمة صناعيا لهم خبرات تقنية واقتصادية مهمة بدونهما قد تتوقف الحركة في بلدان الخليج .
يجب النظر لنصف الكأس المليان كذلك أحيانا.
اخال ضعف العرب نابعا من تشردمهم وسيبقون مجرد وسائل عند الغرب وابنتهم سواء بالعلاقة المباشرة او المتعدية ان ارادوا ان يحتلوا مكانا تحت الشمس عليهم ببعث حوار شامل ومعمق يقودهم الى بعث الولايات العربية المتحدة التي تجمع العرب كل العرب بجميع انواع العرب تحت راية واحدة ورئيس منتخب ديموقراطيا واحدا ولا باس ان تحتفظ كل دولة او امارة بخصوصياتها وبحكمها الذاتي.وعملة واحدة ونشيد وطني واحد…لعلهم بذلك يستحقون ان نقول عنهم انهم يشكلون امة عاقلة.اما بشان السيد المحترم جدا حدا الشيخ زائد بن سلطان ال نهيان رحمه الله واسكنه فسيح جنانه فقد قدم للامة خدمة جليلة ببعثه لدولة الامارات العربية المتحدة .الا فلنقتدي به ونوسع النواة لتشمل جميع الاقطار العربية.
تحدثت السيدة أسمى عن ” فقر وتقشف أروبا”, وعن ” البارات والأوتيلات التي لم يروا ولم يحلموا بمثل وجودها “…أقول للكاتبة: هدا تحامل غريب ناتج عن قلة إطلاع على التركيبة النفسية الأروبية. من بولندا إلى البرتغال هناك شبه إجماع على نبد مظاهر البدخ يرافقه ترشيد صارم للنفقات العامة, أروبا اليوم منصرفة إلى إستشراف ما بعد الثورة الصناعية ومجتمع الأستهلاك, نمودج دبي لا يمكن أن يُغريها لأنها ببساطة تخطّته, محتفظة ببعض قيمها. أروبا ” الفقر و التقشف ” تظل دوماً كشعوب في مقدمة المانحين والمتطوعين في العمل الأنساني.. نعم هي اليوم في حالة وهن, هده ضريبة العراقة..لكن هل هدا يبرر التحامل عليها؟ الأجدر أن نركز على نقاط الضعف في منطقتنا حتى نحرم الخصم من إستغلالها..
العقليات المعلبة…ليس عند الفرنسين فقط…بل عند العرب تجاه بعضهم.. معرفة سطحية وأراء مسبقة ..