تحتفل إسرائيل بمرور سبعين عاما على تحقيق الحلم ـ الأسطورة وقد غدا واقعا يفقأ العين، بينما يحيي الفلسطينيون ذكرى نكبة واقع ما يفتأ يؤكد نكبة عقل ووجدان وخيال. وفي ذكرى تحقيق الحلم الأسطورة ستنقل أمريكا سفارتها إلى القدس، تأكيدا لواقع يفرض نفسه، بينما العرب يواصلون التعبير عن فقدان الذاكرة والعقل. وقد صاروا أضحوكة العالم وموضوع سخريته.
كلما وجدتني أتابع ما يجري على المستوى العربي، وما ينضح به من مشاكل وقلاقل وأزمات، واقعة ومحتملة، أرى نفسي أطرح هذا السؤال: هل قدر العرب أن يعيشوا في القرن الحادي والعشرين بكيفية لا تقل قتامة عما عرفوه في القرن الماضي وقد تجرعوا تركات «الرجل المريض»، وتعرضوا للاستعمار، وتقسيم الوطن؟ وحين أتأمل مجريات القرن الماضي أجد أن العرب، على الأقل، كان عندهم آنذاك حلم ما. وكانوا يحلمون أن يحققوا جزءا من ذاك الحلم. تمثل هذا الحلم على الأقل في الحصول على الاستقلال، وبناء الدولة الوطنية. وكانت لدى الشعوب العربية أحلام كبيرة في بناء وطن كبير يمتد من المحيط إلى الخليج، وتصبح لهم مكانة في العالم الحديث. بقيت كل تلك الأحلام الشعبية تتضاءل حتى صارت تكتفي بالرغبة في الحصول على كسرة خبز نقية، وهي ما تزال إلى الآن تبحث عنها، أما الأوطان فقد غدت منكوبة، ولا تقل نكبتها عن النكبات التاريخية الكبرى.
صارت الأحلام كوابيس واقعية يعيشها العرب بشكل يومي يوحي بأن لا إمكانية للاستيقاظ منها، وكأن قدرهم ينبئ بأنهم يعيشون حالة مرض عضال يتمثل في غياب العقل والذاكرة وغياب القدرة على الفعل. يعززون استعمار ما بعد الاستعمار، ويستجلبونه للبقاء بينهم، وقد كانوا يحاربونه، بالأمس، من أجل وطن ومستقبل. أما الآن فإننا نعيش حقبة استعمار ما بعد الاستعمار. كان الاستعمار القديم مكشوفا ومستهدفا، أما الجديد فهو يدخل بين الإخوة ويفرق بينهم، يجني ثرواتهم، ويلقي العداوة بينهم، يدرب عساكر الإخوة على قتال بعضهم البعض، ويبيع الأسلحة لهما معا، وكل منهما يخطب وده، وتستمر اللعبة على النحو الذي يبين ألا مناص من الخروج من الدائرة المغلقة، ولا يمكن لأي أن يحلم بأن واقعا ممكنا قيد التحقق. أليس في تعبير عن فقدان الفعل، تأسست تجمعات عربية فصارت تفرقات؟ تصدع مجلس التعاون، وقبله اتحاد المغرب العربي، وها هو ذاك الاتحاد يستعد الآن لنقل الحرب التي ما انطفأ أوارها في المشرق، لينقل ثفالها إلى المغرب.
إذا كانت إسرائيل تحتفي هذا العام بمرور سبعين عاما على تأسيسها فإن روسيا تحتفي باستعراض عسكري تبين فيه ما وصلت إليها ترسانتها من الصواريخ العابرة للقارات والتي تفوق سرعتها الصوت معلنة بذلك قدرتها على إعادة بناء الحلم الإمبراطوري القيصري والاشتراكي، وأنها لن تستسلم لقدر التصدع الذي أصاب انهيار المنظومة التي كانت تتزعمها على المستوى العالمي. ويمكن قول الشيء نفسه عن تركيا التي تحلم باستعادة إمبراطوريتها العثمانية بمنحها لرئيسها الصلاحية التنفيذية لتعزيز مكانتها وسط القوى العظمى. أما إيران فقد أبانت من خلال مفاوضاتها النووية أنها تعرف كيف تدبر شؤونها، ومن خلال تدخلاتها في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ونقل مجال اهتمامها إلى المغرب العربي وإفريقيا بأنها تجسد الحلم الفارسي وقد اتخذ التشيع لآل البيت منطلقا وركيزة لفرض وجودها في العالم المعاصر. ولا داعي للحديث عن الصين واليابان والغرب وأمريكا.
ماهي المنجزات التي حققها العرب منذ الاستقلالات التي حصلوا عليها؟ ماذا فعلوا بثرواتهم الطبيعية؟ وعلى ماذا حصلت الشعوب العربية على يد قادتها الثوريين أو الممسكين برقابها منذ عدة عقود؟ لن نتساءل عن الموقع الذي باتوا يحتلونه في العالم بالمعنى الإيجابي للكلمة بالقياس إلى جيرانهم، لقد صار موقعهم موضوعا يتسابق عليه العالم الخارجي، ويدفع في اتجاه التدخل في شؤونهم، والتفكير نيابة عنهم، ورسم خرائط الطرق التي عليهم اتباعها ليس لحل المشاكل، ولكن بهدف إطالة أمدها. وما مفاوضات الروس والفرس والترك حول «مستقبل» سوريا سوى دليل على ذلك. ألا يدل هذا على نكبة ولوثة أصابت العقل العربي؟
لماذا تحولت الأحلام العربية ـ الإسلامية إلى كوابيس؟ ولماذا تم الانتقال من حلم الوحدة إلى واقع التشتت والتشرذم؟ هل الإسلام، وقد تحول إلى إرهاب هو السبب؟ هل الاشتراكية التي تبنتها بعض الدول العربية وراء كل هذا الفساد؟ هل القومية العربية هي التي أدت إلى بروز الطائفية والنزعات العرقية ولم ينجم عنها غير الاقتتال الذاتي باسم الحرية وتقرير المصير؟ هل الأسئلة التي طرحت فيما يعرف بعصر النهضة كانت وراء كل هذه المشاكل؟ أم أن الاستعمار وقد خرج من النافذة، عاد من الباب ليخطط ويدبر ويساهم في التباعد بين العرب والعصر؟
أسئلة عديدة تفرض نفسها على واقعنا ونحن نعاين الأزمات التي يتخبط فيها الوطن العربي، ولا مجال لتبريرها بأحد العوامل الخارجية أو الداخلية دون غيرها. إن الأزمات متعقدة ومتركبة ومتداخلة. ويمكننا الإمساك بتعقدها من خلال الإشارة إلى العقل العربي الذي يعيش نكبة حقيقية. إن العقل العربي معتقل في الداخل، ومغتال من الخارج.
إننا لم نفك اعتقال العقل العربي في التعليم والفكر والعلم والصناعة لأننا رأينا أن كل ذلك من الغرب، وإذا ما فعلنا سنفقد هويتنا. وحتى عندما اتبعنا الشرق ضد الغرب، أملا في الوحدة والحرية والاشتراكية، كنا نقلد بدل أن نفك عقال العقل، ونفكر فيما قدمه غرب القرن التاسع عشر من أفكار لبناء عصر جديد. لماذا نجحت الصين في تبنيها للفكر الاشتراكي في الوقت الذي فشلت كل التجارب العربية؟ فهل حققنا الهوية التي كنا نتخفى وراءها؟ ما هي هذه الهوية؟ هل الإسلام الذي وصلنا إليها هو الإسلام الذي ساهم به المسلمون في الحضارة الإنسانية؟ ما هي علاقة إسلامنا اليوم بالإسلام الذي فرض وجوده في العصور الوسطى الغربية؟ لماذا لم ننجح في بناء رؤية إسلامية عصرية؟ إنه سؤال العقل الذي اعتقلته السلطات التي تمسك بالرقاب، ومارست الممانعة على غرار الممانعة الأخرى، فكان المنع قمعا واغتيالا للعقل.
اعتقال العقل العربي من الداخل يواكبه اغتيال للعقل العربي في الخارج. ماذا فعلت أمريكا بتدخلها في العراق؟ ألم يكن المستهدف الأساس هم العلماء؟ إسرائيل هذه السنة اغتالت أربعة من الأدمغة العربية. هل نذكر فادي البطش في ماليزيا، وهشام سليم مراد في فرنسا، أو حسن علي خير الدين في كندا أو إيمان حسام الرزة في فلسطين؟ أليست هجرة الأدمغة العربية إلى الغرب اعتقالا للعقل العربي الذي بدل أن تحتضنه البلاد العربية تتركه يسهم في تطور البلدان التي تستوعبه من أجل فرض المزيد من التقدم على حساب العرب؟ أليس تصدير الأسلحة إلى العرب مساهمة في قتل العقل العربي بجعله منشغلا أبدا بالحروب بدل التفكير في السلم؟
نكبة العقل العربي اعتقال واغتيال. ويتجلى ذلك في صور لا حصر لها: يكون ذلك بتحريف الاهتمام عن القضايا الكبرى التي تهم الإنسان العربي، وبالقمع ورفض الاختلاف، بالدفع إلى الهجرة، وبالدفع إلى الاعتزال، وبعدم الإيمان بالبحث العلمي وتطوير التعليم، وبالاستفراد بالسلطة واستبعاد الشعب، وبعدم حب الوطن. نهاية النكبة فك عقال العقل العربي.
كاتب مغربي
سعيد يقطين
آمل ألا تطال ماكنة النكبة صوت المثقف العربي الحي و ضميره فهو القابض
–
على الجمر في زمن القيء و الزهري و السعال الذي لم ينتهي بعد من عمر العربي
–
تحياتي
لقد تم طرح موضوع العقل العربي من اكبر مفكرين عربيين في القرن الماضي: الراحل الكبير محمد عابد الجابري، وبرهان غليون
لكن أحدا لم يع هول الهوة التي سنقع بها في القرن الواحد والعشرين من تدمير للذات وعودة الاستعمار
كــلام رائع أستاذ سعيد، المحنة كبيرة والجرح عميق فيما صار إليه الواقع العربي المريرحين يفقد الأمل في أمة ضاعت منها الفرص وباتت تتخبط يمنة ويسرة والشعوب وحدها هي التي تدفع الثمن، كثيرا ماكتبنا في الموضوع نفسه وكانت التهمة أننا متشائمون متخاذلون أكثر من ذلك كانت تغفل الكتابات عمدا ويبقي الإعلام العربي الرسمي وحده هو المدوي أننا الفئزون المنتصرون، أذكر بمرارة وخيبة شديدة وحال الأمة يتراكم ويزداد سوء وهمومنا بلغت الدرجة القصوي في الانغلاق أين المصير إلي أين ذاهبــــــــون لدرجة نشتري سلاحا هو عصارة دم ولحم وعرق شعوبنا لنعود علي أنفسنا أو قل ننتقم من أنفسنا نقتل بعضنا بعضا، كل طرف له قتلاه وله شهداؤه والعدو ضاحكا مستبشرا علي مانقوم ونفعل .
لاتنسوا أيها الإخوة في كل مكان وزمان، لاتنسوا أنه قبيل استقلالنا والعام عام 1958يوم عرض علينا الجنرال ديقول وبعد وصوله إلي الحكم، عرض علي الجزائريين الجنسية الجماعية مجانا رفضناها الرفض الكامل دون مناقشة أو تفكير، أذكرمواطنا واحدا تجنس وهو يعيش خارج البلد في ذلك التاريخ، عاد لزيارة أهله وأقاربه، قاطعه كل سكان القرية ورفضوا مصافحته أو التسليم عليه، عاد إلي إقامته متحسرا مكسورا لم يعد بعدها إلي اليوم، نقارن الزمن ذاك بزمننا اليوم، ماهو الحال لو عرضت علي أبنائنا جنسية أروبية كانت هل يبقي في البلد من يعمرها؟ الشعوب العربية لازالت أملنا هي التي توحد نفسها بنفسها وقادرة علي ذلك إن خلصت النيات ووقفت صفا واحدا في وجه أعدائها ، ودليلها خارج أوطانها، سواء في أروبا أو غيرها من بلدان العالم، تجد التكاتف والتعاطف فيما بين الجالية العربية لافرق بين جزائري ومغربي ومصري شامي أو عراقي، كلهم في الاغتراب كلهم في المحنة ســــــــــــواء .
اخي سعيد عندما تتحدث عن العرب فعليك استثناء الفلسطينيين من بينهم ؟!! كما انه يوجد نظريات فيزيائية اصبحت من شبه المسلمات , كذلك توجد ثوابت اممية لا جدال في مصداقيتها منها ان: العرب – ناقص الفلسطينيون هم شعوب ميته وفي طريقها الى الانقراض؟!!والفلسطينيون بدون العرب مثلهم كمثل طيور الرعد يفرخون من بقايا الرماد لاستمرار بقائهم ,فشتان ما بين الميت والحي والسلام.
أخي رؤوف بدران، أتفهم حرقتك وحرقة الأشقاء الفلسطينيين وخيبة أملهم من بعض العرب، ولكنني أرى أن الفلسطينيين لا يختلفون عن العرب لنقص في هؤلاء وميزة في أولئك ولكن ظروف الفلسطينيين ومعاناتهم المباشرة من الإحتلال لا تترك لهم أي خيار سوى أن يكونوا كما هم لأنهم يدركون أنهم لو اعتمدوا على بعض العرب ولا سيما أصحاب الشعارات الرنانة، فسيظلون تحت الإحتلال إلى يوم القيامة.
لقد كنا في الماضي، نعتقد أن لبنان، هو فقط بلد سياحة ودبكة وغناء وشارع الحمرا، وعندما دخل شارون بجنوده سنة 1982، إلى جنوب لبنان، رأينا فتاة صغيرة هي (سناء المحيدلي) تفجر جسدها الصغير وسط جنود الإحتلال ورأينا مقاومة اللبنانيين والفلسطينيين المشهودة.وشكرا أخي رؤوف بدران.
تشخيص دقيق. تحليل مفيد وصحيح لواقعنا العربي. مودتي لهذا المفكر الجميل والممتع في كتاباته.
اخي الجليل عبد المجيد – المغرب تحية وبعد:
لقد اصابت صرختي مواجع الضمير عند الشرفاء امثالك , وانا عند اعلائي لهذه الصرخة جائت كردة فعلٍ تلقائية لما جاء في مقالة الاخ سعيد يقطين!! كن متيقنًا اخي عبد المجيد ان ما عنيته ليس الا من باب العشم والعتب في نفس الوقت!!!والعتب اخي لا يكون الا بقدر المحبة؟!!
مع ذلك اخي عبد المجيد الا يحق لي ان اسأل, الى متى هذا العذاب ولماذا هذا التغاضي عما اصاب واناب؟؟!
سبعون عامًا والفلسطيني يتلظى بسعير نار الحقد والظلم والاستضعاف والقهر , سبعون عامًا اخي عبد المجيد وما زال البكاء رفيق درب !! اما آن لهذا الدمع من الانحباس ؟!! لقد وضعوني ( كفلسطيني ) نيشانًا واستأنسوا بصوت الرصاص حراس العدم !!!
اني على علمٍ يقين ان بين ابناء جلدتي وامتي من الشرفاء العرب مثل ( سناء المحيدلي) آلاف لا بل مئات الآلاف في المغرب والجزائر والشمال الافريقي وكل الهلال الخصيب !! عتبي مرة اخرى على من يحاول المستحيل لانجاز لعنة التطبيع مع مصاصي دمائنا وناكري حقنا في الحياة ومانعي عنا هدأة البال ؟؟!! ( من اعان ظالمًا بُلِيَ به ) .
وبالنهاية احملك اخي عبد المجيد احر السلامات واعتذر منك ان كان ما صدر مني قد احرجك او احرج اي اخٍ عزيز والسلام.
انها ليست سبعين سنة على نكبتنا الفلسطيني . هي سبعة قرون على نكبتنا العقلية مذ أن تم تجاهل اكبر فلاسفة الاسلام واعني به إبن تيمية.
لم تفهمه ولم نبني عليه وليس كل ما قاله مقبول عندي لكن اغلب ما قاله هو أكثر تطورا من غيره .
لم يكن ابن رشد سوى مترجما غير مبدع وابن سينا مجرد افلوطيني حاقد .
وابتداء من مطلع القرن الثامن عشر انكشف و وضح تهافت العالم الإسلامي. و المصيبة أن التطور انحصر الى هذا الحد أو ذاك في جنوبي اسيا .
في العالم العربي كنا نسير على توقيت الساعة الأوربية فما أحياه المستشرقون عنا احييناه وما انقلبوا عنه عدنا وانقلبنا معهم.
اليوم ليس المثقف العربي سوى استمرارا لابن المقفع وليس الشيخ سوى الخطيب السلطاني.
نكبة العقل العربي هي بنت السلطان العربي من مراكش الى بنغلادش.
الخروج من نكبة العقل العربي تكون بالفصل بين العقل والايمان . الفصل الكامل . العقل منهجه و حدوده وللايمان تصديق وتسليم
ومن جمع كليهما فقد أضاع كليهما.
قال الشاعر نزار قباني رحمه الله في قصيدة. مرسوم باقالة خالد بن الوليد
مطلعها
سرقوا منا الزمان. العربي
سرقوا فاطمة الزهراء من بيت النبي
ياصلاح الدين
باعوا النسخة الاولى من القران
باعوا الحزن في عيني علي
ياصلاح الدين
باعوك وباعونا جميعا في المزاد العلني
سرقوا منا الطموح العربي
……..
……..
وسقونا من شراب يجعل الانسان من غير مواقف
ثم اعطونا مفاتيح الولايات وسمونا ملوكا للطوائف
………..
………..
سرقوا منا الزمان العربي
…..
ياصلاح الدين
هذا زمن الردة والمد الشعوبي القوي
احرقوا بيت ابي بكر وألقوا القبض في الليل على ال النبي
فشريفات قريش صرن يغسلن صحون الأجنبي
ياصلاح الدين
ماذا تنفع الكلمة في هذا الزمان الباطني
ولماذا نكتب الشعر
وقد نسي العرب الكلام العربي
أخي سعيد يقطين شكراً جزيلا على هذا المقال القيّم. فيما أعتقد أنك تشارك معظم القراء بهذه الاسئلةوالأفكار التي تطرحها. أنا أرى أيضا أن في حالنا هناك توازي بين القرن الماضي والقرن الحالي وكما تفضلت كان هناك حلم بناء الدولة الوطنية وصارت الأحلام كوابيس نعيشها كل يوم. تسميتها أزمة أو نكبة العقل العربي وأنا أحب أن أصفها بالمأزق الحضاري, هو هذا اواقع المأسوي الذي نعيشة. إلى أين سينتهي قطار الاحداث في القرن الحالي يعلم الله. هناك دواعي للتشاؤم أكثر من التفاؤل للمستقبل. لقد تفضلت في شرح بعض أعراض هذا العقل العربي المنكوب مثلاََ, العقل الذي اعتقلته السلطات التي تمسك بالرقاب. لكن لو رجعنا قليلا إلى الوراء لوجدنا أن عبد الرحمن الكواكبي كتب عن ذلك تماماً. وبدلاً من أن يكون طبائع الاستبداد درساً لنا تحول إلى واقع لنا وكأنما الشيخ العلامة عبد الرحمن الكواكبي تنبأ بدون قصد عن مايجري اليوم- لقد تم بذلك ليس فقط نكبة العقل العربي بل يكاد هذا الاستبداد يطيح بوجودنا الحضاري ويمحوه. نكبة العقل العربي, اعتقال واغتيال لكن أيضا أزمة حقيقية تتطلب استيقاظ العقل العربي أولاً, هذا الاستيقاظ يحمل بذوره ومسؤليته العقول العربية, المثقف العربي, النخبة العربية, أكانت مهاجرة أم معتقلة. إنها خطوة مهمة برأيي ستساعد على فك عقال العقل العربي.