نيلة سات وقنوات الشعوذة والنائب الأردني المتحذلق على ذاته وهدم الآثار

قنوات الشعوذة والدجل
ليست المصيبة في التخلف و حسب، بل بالتباهي به، فلا نستتر إذا بلينا بهذا الداء..
والقصة أنني وفي ساعة ضجر نهاية الأسبوع، بدأت باكتشاف قنوات غير التي وضعها فني الستلاتيت عندي على المفضلة، يبثها قمر النايلسات، لأكتشف أنني أمام «النيلة سات».
قنوات غريبة و عجيبة بأسمائها تتراوح بين قنوات لا تخفي طائفيتها المقيتة ومذهبيتها الإقصائية، إلى قنوات كارثية تبث إعلانات الدجل والشعوذة بلا أدنى خجل وبكل ما تملك من إمكانيات.
(..للإنجاب السريع، اتصلي برقم الشيخة الفلانية)..(..نفسر لكم أحلامكم على رقم ..وبرسالة نصية)، بل ويتنطح أحدهم ليحذر المتلقين من متابعة الدجالين والمشعوذين ليؤكد أنه الوحيد الذي يقدم الخدمة الصحيحة وضمن أصولها «الشرعية» فيشفي بعلمه من السرطان والأمراض المستعصية.
طيب..
إذا افترضنا أن المؤسسات المصرية المدنية والأزهرية تسعى لترسيخ أسس الدولة المدنية، فكيف يستقيم الأمر مع قمر النايل سات المملوك ب40% من أسهمه لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري..وباقي الملاك مؤسسات مصرية مهمة، وهل هناك شروط بث معينة أم أن الأمر خاضع للإنفلات المالي ومن يدفع يحصل على صلاحية البث؟
القنوات الإباحية ممنوعة على هذا القمر، لكن ما نراه من خلاعة طائفية و دجل فيه إباحية تتفوق على قنوات الجنس، ومن هنا أقترح على الأقل أن تقوم الجهات المشرفة على قمر «النايل سات» بوضع إشارة و علامة خاصة على زاوية تلك القنوات، مثل قنوات الجنس التي درجت أن تضع إشارة تمثل ممنوع مشاهدة الأطفال برسم تعبيري لطفل مع دائرة حمراء حوله، فيمكن والحال كذلك مع قنوات التخلف الذهني أن نضع صورة «إنسان مكتمل الوعي» أو صورة دماغ بشري مع دائرة حمراء حولها، ننبه فيها مكتملي الإنسانية إلى الحذر، فتبقى القناة – حسب حرية التعبير- متاحة لغير مكتملي الوعي الإنساني.

النائب الأردني الذي فضحه الفيسبوك
في الأردن، هنالك قصة كل أسبوع، تملأ الدنيا و تشغل الناس..وأنا كنت شخصيا وعن بعد ممن انشغلوا بقصة النائب الأردني السابق الذي وضع صورة شخصية لوزيرة جديدة في الحكومة على صفحته الفيسبوكية، وعلق عليها بكلام وجدته يمسني أيضا، نظرا لأن الصورة للوزيرة الجميلة، هي في حفلة على ما يبدو، ومع زوجها المتأنق..لكن النائب السابق ارتأى أن يراها صورة خلاعية «شاذة» وإلى غير ذلك من ألفاظ تعبر عنه لا عن الصورة.
التعليق مسني بشكل مباشر، لأني رأيت فيها ما يشبة الكثير من الصور في ألبومي العائلي، وما أنشره أحيانا على الفيسبوك، من حفلات تحضرها زوجتي الجميلة، برفقة زوجها «المتأنق الوسيم الجذاب أبوعيون جريئة صاحب الطلة الساحرة المتواضع جدا» وهذا يعني حضرة جنابي بلا مؤاخذة وبكل تواضع أيضا!!
المهم، يبدو أن الصورة مست عصب الأردنيين بغالبيتهم، فشنوا هجوما شرسا ولاذعا من اللحظات الأولى لإدراج النائب السابق على صفحته الفيسبوكية، غير الصفحات والمواقع التي تولت شرشحة المتحذلق على ذاته..مما اضطره إلى الانسحاب التكتيكي الفيسبوكي..ليخرج بعدها بأيام معلنا انه لم يكتب الإدراج..»بدون اعتذار حتى» وأن صفحته تعرضت للقرصنة!!
طبعا حجته المكشوفة تحت وطأة تعليقاته التي كان يعلق بها على الإدراج لم تكن مقنعة بالمطلق..لتأتيه الضربة القاضية من تحت الحزام..(وهي المنطقة التي يستعملها للتفكير)، فيعلن الفيسبوك بمكاتبه الشرق أوسطية أن صفحة المتحذلق لم تتعرض للقرصنة بل وأكدت أن إدراجات الحساب كانت تحت التحكم الكامل لصاحب الحساب.
الشماتة غير محبذة كقيمة غير أخلاقية، لكنها وفي هذا الموضع كانت قيمة أخلاقية وإنسانية..وصحتين يا سعادة النائب.

هدم الأهرام..والتصحر الفكري
وفي سياق التخلف ذاته واشتقاقاته الداعشية، يخرج داعية كويتي يحمل لقب دكتور أيضا، اسمه إبراهيم الكندري…فيدعو إلى هدم الأهرام وأبو الهول بحكم الشرع طبعا، معتبرا أن هدمهم هو هدم للأصنام.
لا أفهم..حتى اللحظة كيف يفكر هؤلاء؟ وهل الموضوع مرتبط بحالة غيبوبة وانعزال عن الواقع؟ هل هي أمنيات مكبوتة بإعادة إنتاج فتح مكة من جديد على الطريقة الدرامية للراحل مصطفى العقاد؟
ما هو شكل العالم الذي يريده هؤلاء؟ وهل جغرافية المكان لها أثرها على تشكيل البنية الذهنية للتصحر الفكري؟
في سياق الحدث نفسه، تورد الأخبار أيضا أن ندوة تحت عنوان «التعايش» تم تنظيمها في الرياض الأسبوع الجاري، وعلى هامش معرض الكتب، وأن المتحدث في الندوة انتقد داعش على هدمها للآثار، لينبري له بعض الجمهور «جمهور عادي يرتاد ندوة عن التعايش!!» ويقاطعونه باحتجاج وتأييد لما اقترفته داعش من بشاعة بحق التراث الإنساني..مع ربط هذا التأييد بحكم الشرع!!
ولا زلنا نعيب زماننا..وغفلنا عن أن العيب فينا!!

عالم في الطب وساخر بامتياز
كما للفضائيات نجومها، فإن عالم التواصل الاجتماعي فرض نفسه وخصوصا في الفيسبوك ، القبيلة الزرقاء مترامية الأطراف بلا حدود.
ولهذا المجتمع نجومه في محيطهم اللغوي والثقافي أيضا. ومن هؤلاء طبيب أردني في أمريكا اسمه الدكتور أحمد العمري.
الدكتور أحمد له صفحة روادها بعشرات الألاف، وأطلق على تواقيعه النصية اسم «حجيات»..!!
شخصيا أتابع ما تيسر لي من تلك التواقيع النصية الساخرة والزاخرة بالمعرفة الأدبية والتاريخية والتراثية والمصاغة بطريقة رفيعة ورشيقة.
لكن.. ومن خلال متابعة الأخبار أكتشف أن هذا الطبيب الأمريكي – الأردني الساخر أول من يمنح كرسي دراسات «بوروز» لتشوهات الأوعية الدموية في مستشفى بوسطن للأطفال التابع لجامعة هارڤارد الشهيرة. الكرسي العلمي يمنح لحامله مدى الحياة، وبالنسبة للطبيب الساخر فقد كان منحه الكرسي تقديرا لأبحاثه في الأمراض الخلقية للأوعية الدموية و متلازمات التضخم و علاجها. و منها اكتشافه لمرضين (متلازمتين) لم يكونا معروفين من قبل.
من قال أن الساخر صورة نمطية لرجل عابس على مقهى أمامه قهوة ومنفضة متخمة بالسجائر؟
هناك..صور للوعي الإنساني يحق لنا أن نفخر بها!! ومنها الدكتور أحمد العمري..العالم الساخر.

إعلامي أردني يقيم في بروكسيل

مالك العثامنة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الامارات:

    * أوافق رأي الأخ الكاتب يجب مراقبة الكثير من ( الفضائيات )
    التي تنشر ( الدجل ) و ( الشعوذة ) وتضحك ع البسطاء والمغفلين
    والسذج وخاصة من ( النساء ) حيث معظم زبائن هذه المحطات
    من النساء ؟؟؟
    ** يجب محاسبة كل (شيخ ) يصدر عنه آراء متطرفة مثل
    ( هدم الأهرامات ) وما شابه .
    *** كل من يسعى الى تشويه منافسيه بطرق غير شرعية
    و( غير أخلاقية ) مُفلس أخلاقيا .
    شكرا والشكر موصول للأخ الكاتب .

إشترك في قائمتنا البريدية