الرمادي ـ «القدس العربي»: أكد مصدر عشائري في محافظة الأنبار العراقية أنّ القيادات الأمريكية تنوي تسليم الملف الأمني لمدينة الرمادي لقوة العشائر التي شملها البرنامج الأمريكي لتدريب المقاتلين السُنّة، تجنباً لتفاقم حدّة التنافس على النفوذ السياسي وملف إعادة الإعمار بين قوى حزبية وأخرى عشائرية ساهمت في تحرير المدينة.
وذكر المصدر لـ«القدس العربي» أنّ هناك «صراعاً»، وصفه بـ «المخيف»، بين ثلاثة أطراف «نافذة في المحافظة ويسعى كلّ طرف استثمار الظرف الاستثنائي الذي تمرُّ به المحافظة لصالح جني المزيد من المكاسب السياسية، أو الاقتصادية»، على حد قوله.
وأضاف أنه يعمل في مجال «تعهدات إعادة الإعمار» وتربطه بالقيادات الأمريكية علاقات «تمتد إلى فترة الاحتلال». ورأى من خلال ما قال عنها «معلوماتٍ حصل عليها من لقاءاتٍ مستمرةٍ بقيادات أمريكية تعمل الآن في الأنبار»، أنّ الأمريكيين يتخوفون من «احتمالات تدهور العلاقات وتطورها إلى حالة صراع مسلح بين القوى الثلاث التي تمثل الحزب الإسلامي وديوان الوقف السُنّي وأحد أكبر عشائر الرمادي التي تطمح بحصولها على امتيازات خاصة بها وتسهيلات من القيادات الأمريكية التي تشهد لها بلعب الدور الأكبر في تحرير مدينة الرمادي»، على حد تعبيره رافضاً تسمية العشيرة بالاسم.
وأشار إلى أنّ «الأمريكيين يدرسون الآن خطةً لنشر قوة عشائرية ترتبط بهم مباشرة للحفاظ على الأمن في مركز المدينة ومحيطها، ومنع سقوطها ثانية بيد تنظيم «الدولة».
وكشف عن «ارتباطاتٍ ودعم يتلقاه كلّ طرف من جهات في بغداد، حيث يرتبط ديوان الوقف السُنّي بعلاقات عميقة مع رئيس الوزراء حيدر العبادي ويتلقى الدعم والإسناد منه، أما الطرف الثاني، وهو الطرف العشائري، فيرتبط بعلاقاتٍ قوية مع قيادات الحشد الشعبي في شرق الرمادي ويتلقى الدعم منهم، في حين يحاول الحزب الإسلامي بناء علاقات تخدم مصالحه مع الأمريكيين والحكومة المركزية والحشد الشعبي في الوقت نفسه.
وذكر المصدر أنّ القيادات الأمريكية «تُدرك تماماً إنّ استمرار الصراع والتنافس على المكاسب بين القوى الفاعلة في الرمادي سوف لنْ يخدمَ خطة الولايات المتحدة في تحرير كلّ مدن الأنبار التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم».
وترفض القيادات الأمريكية «التعامل والتنسيق مع شيوخ العشائر الذين غادروا المدينة بعد سيطرة التنظيم عليها واتخذوا أماكن إقامةٍ لهم في العاصمة أو مدن إقليم كردستان أو خارج العراق على الرغم من أنّ بعضهم تعاون مع الحكومة، أو مع الحشد الشعبي»، حسب قول المصدر، الذي أكد على أنّ «عدداَ من شيوخ عشائر الأنبار تقدموا بطلبٍ خطي لعقد لقاء مشترك مع القيادات الأمريكية التي رفضت الاستجابة لطلبهم لإدراكها بسعيهم إلى استغلال ملف إعادة الإعمار من جانبه المادي».
وذكر المصدر أنّ القيادات الأمريكية، التي تتخذ من مباني جامعة الأنبار مقراً لها، حسب قوله، «لمْ تقتنع بفحوى الطلب المقدم من شيوخ العشائر الذي تضمن في بعض فقراته التعبير عن رغبتهم في عدم إسناد منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة لأطرافٍ سياسيةٍ حزبية، وضرورة أنْ يكون المنصبان من نصيب قيادات مهنية مستقلة، أو قياداتٍ عشائرية لها كلمة مسموعة في مدينة الرمادي».
وأضاف أنّ الأمريكيين عبّروا له عن رؤيتهم «بعدم التدخل في جوانب تتعلق بالتعيينات خارج إطار الملفين الأمني والعسكري»، معتبرين ذلك «شأناً داخلياً تختص به الحكومة في بغداد، ورغبة الناخبين من أبناء المحافظة».
يُذكر أنّ مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، سقطت بشكلٍ كامل بيد تنظيم «الدولة» للفترة من 17 أيار/مايو إلى 27 كانون الأول/ديسمبر 2015 حيث تمكنت من استعادتها قواتٍ عشائريةٍ وأخرى من أفواج طوارئ الأنبار والشرطة المحلية تدعمها قوة مكافحة الإرهاب بإسنادٍ جوي من طيران التحالف الدولي في معركةٍ استغرقت خمسة أيام.
رائد الحامد