هجرة أقل وعنصرية أكثر: لماذا تختل المعادلة؟

حجم الخط
6

منذ أن شن النظام السوري حملته العسكرية الشاملة في محافظة درعا، بدعم مباشر من روسيا وبقايا ميليشيات إيرانية، وتواطؤ من الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، تتضاعف مأساة قرابة 300 ألف نسمة من أبناء المحافظة اضطروا إلى النزوح من قراهم وبلدانهم ومدنهم، فوقعوا بين مطرقة القصف الوحشي وسندان الحدود المغلقة والصمت الدولي المطبق.
في الوقت ذاته شهدت العاصمة البلجيكية بروكسيل قمة للاتحاد الأوروبي خُصصت لبحث مسألة الهجرة، وانطوت على مفاوضات شاقة بين فريق أول يسعى إلى معالجة المشكلة من زاوية إنسانية عبر اتخاذ تدابير وقائية ومراقبة الحدود وتعديل قوانين اللجوء، وفريق ثانٍ متعنت يدعو إلى رفض استقبال المزيد من اللاجئين ويطالب بتشديد الرقابة على البحار ومنافذ الهجرة. ولذلك لم يكن غريباً أن تخرج القمة بتوصيات توفيقية حول تقسيم المهاجرين إلى حصص تقبلها الدول الأوروبية أو ترفضها طوعياً، وافتتاح مراكز «فرز» و«توزيع» خاضعة للمراقبة داخل الاتحاد، وإنشاء «منصات» استقبال خارجه، وتجميد العمل مؤقتاً باتفاقية دبلن التي تفرض على بلدان الوصول تحمل مسؤولية البت في طلبات اللجوء، بالإضافة إلى العقار المهدئ المعتاد المتمثل في تقديم 500 مليون يورو مساعدة للاتحاد الأفريقي.
لكن القمة أغفلت الإشارة إلى احتشاد قرابة 70 ألف مهجر سوري على الحدود الأردنية، وبالتالي تجاهلت مجدداً واحداً من أبرز جذور مشكلة النزوح والهجرة، أي سعي المدنيين العزل إلى النجاة بعوائلهم وأنفسهم هرباً من وحشية الدكتاتوريات وأهوال الحروب، وهذا حق جوهري ومبدئي كفله القانون الدولي والتزمت به الأمم ذاتها التي تزعم رفع راية حقوق الإنسان. كذلك لم يتوقف الزعماء الأوروبيون عند أمر واقع هو أن الأردن يستقبل لتوه نحو 650 ألف لاجئ سوري، ومن الخير تمكينه مادياً ولوجستياً لاستقبال المزيد، والاقتداء بالمبادرات الأردنية الشعبية التي هبت لإغاثة النازحين السوريين حتى من وراء الحدود المغلقة.
وثمة أمر يلفت الانتباه، وهو أن أرقام المهاجرين آخذة في الانخفاض، وليس الازدياد كما توحي أجواء الاحتقان التي سادت قمة بروكسيل. الإحصائيات تقول إن أوروبا استقبلت هذا العام 43,000 لاجئ، مقابل 172,362 العام الماضي، وقرابة مليون في العام 2015. لكن إجراءات التقييد، والإجراءات القاصرة في مكافحة تهريب البشر، تسببت في غرق 12,397 لاجئ خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وهذا يُلزم الديمقراطيات الغربية باتخاذ سياسات أكثر صواباً، أي أكثر قانونية في الواقع، تستأنس بمعطيات هذه الأرقام لجهة هبوط أعداد اللاجئين وارتفاع أعداد الضحايا.
ومن نافل القول إن التذرع بتدفق اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي كان ذريعة كبرى اعتمدتها أحزاب اليمين المتطرف والعنصري من اجل تسعير خطابات الكراهية والعداء للأجانب، وتصعيد حظوظها في اجتذاب ناخب تائه بين مآزق الاقتصاد والبطالة من جهة، والتقوقع والتعصب من جهة ثانية. هذه هي الحال اليوم في إيطاليا والنمسا وهنغاريا وبولندا وتشيكيا، وقد تكون مخاطر مماثلة كامنة في بلدان أخرى كما تشهد على ذلك الأزمة الأخيرة بين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وشريكها في الحكم «الاتحاد الاجتماعي المسيحي».
هجرة أقل وعنصرية أكثر، هكذا تختل المعادلة، وهنا يتوجب البحث عن الأسباب.

هجرة أقل وعنصرية أكثر: لماذا تختل المعادلة؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    الإنسانية لدى الغرب واجهة فقط! أما المصالح فهي الحقيقة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول Dinars:

    الطمع كلف أوروبا التي اعتقدت أنها سوف تغنم بتدخلها في سوريا ولكن ما حصل هو العكس فاستقبلت العديد من اللاجئين
    لو نجحت الإنتفاضة لاستفادت أوروبا ولكنها دعمت الأسد. أوروبا آثرت العدوانية على الإستقرار. الوقت يمكن تداركه أما المكان ، سوريا، فقد خرب .
    الخراب الذي وقع في بلدان عربية ارتداده على أوروبا رغم الإستباق الذي تدعيه فهو حتمي.

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه (هجرة أقل وعنصرية أكثر: لماذا تختل المعادلة؟)
    ال300000 سوري الهاربين بارواحهم من محافظة درعا السورية (وقعوا بين مطرقة القصف الوحشي وسندان الحدود المغلقة والصمت الدولي المطبق.)
    الوحوش البشرية الشرسة يقودها النظام السوري لتذبيح شعبه في محافظة درعا وغيرها، ببراميله المتفجرة وطائراته وتعاونه في ذلك الطائرات والصواريخ الروسية وميليشيات ايران الاكثر دموية وتوحشا ويغرش عن كل هذه المذابح الوحشية التوطؤ الامريكي -الاسرائيلي والتخذال الرسمي العربي.
    الامم المتحدة والقانون الدولي كفلت (سعي المدنيين العزل إلى النجاة بعوائلهم وأنفسهم هرباً من وحشية الدكتاتوريات وأهوال الحروب). لكن الروح الصهيوماسونية الصليبية التي تسود البلدان الأوروبية تحول دون اعتبار المسلمين بشرا لهم حقوق البشر. رتظهر هذه الروح الروح المتعصبة اليوم ( في إيطاليا والنمسا وهنغاريا وبولندا وتشيكيا، وقد تكون مخاطر مماثلة كامنة في بلدان أخرى كما تشهد على ذلك الأزمة الأخيرة بين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وشريكها في الحكم «الاتحاد الاجتماعي المسيحي».)
    ومع ان الهجرة السورية الى اوروبا نقصت نسبتها كثيرا الا ان العنصرية في اوروبا تزداد توحشا، وهنا يتوجب البحث عن الأسباب، ولا اجد مبررا منطقيا للتصدي لهجرة الناجين بارواحهم وارواح اطفالهم الا العنصرية البغيضة والتعصب الاعمى ضد المسلمين.
    ويتناسى الاوروبيون وحليفهم عبر المتوسط -ترامب- ان السبب الرئيسي لهذه الهجرة هي الدمى التي ينصبونها حكاما طغاة متجبرين حراسا على مصالح الغرب الفاجر ونواطير على افقارنا وتخلفنا ومصادرة قرارنا

  4. يقول abd:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه (هجرة أقل وعنصرية أكثر: لماذا تختل المعادلة؟)
    ال300000 سوري الهاربين بارواحهم من محافظة درعا السورية (وقعوا بين مطرقة القصف الوحشي وسندان الحدود المغلقة والصمت الدولي المطبق.)
    الوحوش البشرية الشرسة يقودها النظام السوري لتذبيح شعبه في محافظة درعا وغيرها، ببراميله المتفجرة وطائراته وتعاونه في ذلك الطائرات والصواريخ الروسية وميليشيات ايران الاكثر دموية وتوحشا ويغرش عن كل هذه المذابح الوحشية التوطؤ الامريكي -الاسرائيلي والتخذال الرسمي العربي.
    الامم المتحدة والقانون الدولي كفلت (سعي المدنيين العزل إلى النجاة بعوائلهم وأنفسهم هرباً من وحشية الدكتاتوريات وأهوال الحروب). لكن الروح الصهيوماسونية الصليبية التي تسود البلدان الأوروبية تحول دون اعتبار المسلمين بشرا لهم حقوق البشر. رتظهر هذه الروح الروح المتعصبة اليوم ( في إيطاليا والنمسا وهنغاريا وبولندا وتشيكيا، وقد تكون مخاطر مماثلة كامنة في بلدان أخرى كما تشهد على ذلك الأزمة الأخيرة بين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وشريكها في الحكم «الاتحاد الاجتماعي المسيحي».)
    ومع ان الهجرة السورية الى اوروبا نقصت نسبتها كثيرا الا ان العنصرية في اوروبا تزداد توحشا، وهنا يتوجب البحث عن الأسباب، ولا اجد مبررا منطقيا للتصدي لهجرة الناجين بارواحهم وارواح اطفالهم الا العنصرية البغيضة والتعصب الاعمى ضد المسلمين.
    ويتناسى الاوروبيون وحليفهم عبر المتوسط -ترامب- ان السبب الرئيسي لهذه الهجرة هي الدمى التي ينصبونها حكاما طغاة متجبرين حراسا على مصالح الغرب الفاجر ونواطير على افقارنا وتخلفنا ومصادرة قرارنا

  5. يقول سامح //الأردن:

    *لا أعرف لماذا نلوم(أوروبا ) والغرب
    وننسى أنفسنا..؟؟!!
    *يا سادة (السعودية) لوحدها قادرة
    على استيعاب (مليون) مشرد عربي
    على الأقل بدل صرف المليارات على
    حرب مجنونة وعبثية ف (اليمن)؟؟!!
    *نفس الشيء ينطبق ع (الإمارات)
    التي تصرف المليارات على المؤامرات
    والدسائس ..؟؟!!
    *لو قادة العرب (حكماء) وراشدين
    لما وصلنا إلى حالة البؤس والتشرد
    والسقوط نحو الهاوية.
    سلام

  6. يقول Passer-by:

    بالنسبة لمسألة درعا، النظام الأردني شريك كامل في الجريمة لا شك في هذا لأن أغلب سكان درعا قبائل لها امتدادات في الأردن وهذا هو سبب الهبة لدى الشعب الأردني الطيب لنصرة أقربائه عبر الحدود. لقد تناسى النظام الأردني أن الفارين لا يريدون منه طعاماً ولا شراباً ولكن ينشدون الآمان وهذا النظام يهادن نظيره النظام الأسدي منذ اندلاع الثورة .

إشترك في قائمتنا البريدية