هجرة 150 طبيباً من المناطق الخاضعة للمعارضة السورية في ريف إدلب وحلب وحماة خلال شهرين

حجم الخط
0

إدلب ـ «القدس العربي» في الوقت الذي تزيد فيه معاناة الشعب السوري في المناطق المحررة، وتردي الأوضاع الإنسانية بظل استمرار القتل والقصف والدمار بشكل يومي، تستمر هجرة الأطباء الذين تركوا العيادات والمشافي وتوجهوا إلى مناطق النظام السوري أو إلى خارج البلد، حيث كشف الدكتور محمد اليوسف أنه خلال الشهرين الماضيين غادر المنطقة في شمال سوريا أكثر من 150 طبيبا.
وقال اليوسف لـ «القدس العربي» إن «هؤلاء الأطباء كانوا يعملون في النقاط الطبية والمشافي الميدانية الموزعة على امتداد المناطق التابعة للمعارضة السورية في ريف إدلب وحلب وحماه، ومعظم عملهم كان تطوعيا وخاصة في المشافي الميدانية».
وأكد أن السبب الأساسي الذي دعى هؤلاء الأطباء إلى أن يتركوا البلاد، يعود إلى «تدخل العسكر بعملهم الطبي وفرض قراراتهم على الأطباء وعلى المشافي والنقاط الطبية»، بالإضافة لـ «الخلافات العسكرية التي لم تنقطع في الفترة الأخيرة والتي لم تحيد العمل الطبي والمهنة الطبية بشكل عام، بل بدأ الأطباء والعاملين في المجال الطبي بدفع الثمن من خلال تعرضهم للاعتقال أو المساءلة من قبل فصيل عسكري معين نتيجة عملهم في نقطة طبية قد يشرف عليها فصيل آخر بينهما نزاع».
ويتابع «هناك أسباب أخرى أيضاً تتعلق بعمل المنظمات والجمعيات والهيئات الطبية والعبث الطبي الذي تقوم به والعشوائية في التعامل مع الأطباء والنقاط الطبية الموجودة وغياب التأهيل والتدرب الطبي الرسمي الأمر الذي انعكس وبشكل كبير على واقع الأطباء وأوصلهم إلى مرحلة ليس من السهل المتابعة فيها».
وكان اليوسف قد خرج من سوريا بعد أن كان مديراً لإحدى المشافي الميدانية في ريف إدلب المحرر نتيجة الظروف، التي قال أنها وصلت إلى حال لم يكن من المتوقع أن تصل إليه، مشيرا إلى أنه رأى أطباء خرجوا من سوريا لم يكن يتوقع خروجهم ولا بأي ظرف من الظروف.
وأشار اليوسف إلى أن الحديث هنا عن الأطباء الذين عملوا بكل ما يستطيعوا من أخلاص وتضحية وقدموا كل ما يمكن في سبيل خدمة الشعب الذي كان ولا يزال في أمس الحاجة لجهدهم الطبي، وأما الأطباء الذي خرجوا لأسباب أخرى تتعلق في المغريات المادية التي عرضت لهم أو لتأمين حياتهم في دول أخرى بعيداً عن ظروف الحرب فهم شيء آخر.
بدوره، قال الدكتور منذر خليل مدير الصحة في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية، إنه «على الرغم من كل العوائق التي عانى منها القطاع الطبي إلا أنه كان من أنجح القطاعات خلال فترة الثورة، حيث يوجد في مناطق المعارضة السورية عشرات المشافي ومعظمها مشاف ميدانية صغيرة وبسيطة تم إنشاؤها في بداية الثورة».
وأضاف أن «بعض المشافي الكبيرة المتخصصة، والتي كان قسم منها قائم بالأصل وبعضها الآخر أنشئ مؤخراً، وتقدم هذه المشافي معظم الخدمات الطبية وهي بالتالي بحاجة لكادر كبير لكي يستطيع القيام بها ففي الفترة الأولى كان الكادر شبه مؤمن لمعظم المشافي والنقاط الطبية».
ومع استمرار الحرب والصراع الدائر في سوريا بدأ القطاع الطبي كغيره من القطاعات الأخرى يعاني من الكثير من المشاكل، والتي أوجزها الدكتور منذر بالاستهداف المتكرر الذي ما زالت تتعرض له المشافي والنقاط الطبية حيث تم قصف أكثر من خمسة عشر مشفى في محافظة إدلب وحدها خلال الأربع أشهر الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى مقتل العديد من الكوادر الطبية العاملة فيها وخروج عدد من هذه المراكز عن الخدمة.
وواجهت للكوادر الطبية التي تعمل على الأرض ظروف قاسية، جعلتها تتوجه إلى الخارج، وبحسب الدكتور منذر إن الكوادر الطبية التي كان يعمل معظمها بشكل تطوعي مع استمرار ظروف الحرب أصبحت بحاجة لرواتب لكن عجز مديرية الصحة أو الهيئات التي تعمل في المجال الطبي عن تأمين الرواتب كان عائقا كبيرا أمام استمرار الكوادر الطبية في عملها.
كما أشار إلى عدم وجود حلول منطقية مقنعة للأطباء الذين تركوا اختصاصاتهم والتحقوا بالمعارضة السورية لاستمرار تحصيلهم العلمي ومنحهم شهادات مقارنة مع زملائهم الأطباء الذين تابعوا الاختصاص في مشافي الدولة أو في الدول الأخرى، وينطبق الأمر على طلاب الطب، وأخيراً ظروف العمل السيئة وعدم القدرة على ممارسة الطب الأكاديمي في معظم المشافي الموجودة في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية نتيجة نقص التجهيزات.
وبين الدكتور منذر أن تحميل الكوادر الطبية في بعض الأحيان مسؤولية التقصير الحاصل بحق الجرحى والذي يكون سببه في الغالب انعدام الامكانيات والتجهيزات الطبية وعدم كفاءة الكوادر الموجودة، حيث أن قسم كبير من أطباء الجراحة لا يحملون شهادات نتيجة تركهم الاختصاص والتحاقهم بمشافي الثورة.
وأشار الدكتور منذر خليل في نهاية حديثه إلى ثلاث نقاط واعتبرها خطوات عملية يمكن اجراؤها لتحسين الواقع الطبي في المناطق التابعة للمعارضة السورية ومنها تأمين الدعم المادي الذي يكفل الحياة الكريمة للأطباء والممرضين والعاملين في الحقل الطبي، والعمل على إيجاد مشاف آمنة قدر المستطاع، وحماية الكوادر الطبية وتحييدهم في الصراع القائم، والعمل على حل مشاكل الاختصاص ومنح الشهادات التي تخول الطبيب أو أي شخص من الكادر الطبي العمل في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية.
يشار إلى أن مديرية الصحة في المناطق التابعة للمعارضة السورية حلت عدد من المشاكل، وخاصة ما يتعلق بتأمين الأدوية والمستهلكات والتجهيزات الطبية، كما عملت على تأمين حاجة عدد من المشافي من الأوكسجين وجلسات غسيل الكلى، وقامت بحملة لقاح للأطفال على مستوى محافظة إدلب وريف حلب، وتعمل الآن المديرية على تأمين منظومة إسعافية تغطي محافظة إدلب تتألف من 65 سيارة إسعاف مجهزة مع كوادرها.

أحمد عاصي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية