هجمات داعش والعمال الكردستاني قتلت 15 رجل أمن تركيا: تركيا تعيش مخاض الحرب على ثلاث جبهات.. فهل تولد حكومة ائتلافية؟

حجم الخط
1

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تعيش تركيا منذ أيام مخاض الحرب مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، وحزب العمال الكردستاني ومسلحي بعض التنظيمات اليسارية المسلحة، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، وسط تكهنات أن تساعد التطورات الأخيرة في ولادة حكومة ائتلافية تُخرج البلاد من حالة الفراغ السياسي الذي تعيشه منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من حزيران/يونيو الماضي.
وبالتزامن مع هذه التطورات أعلنت أنقرة فتح قاعدة «إنجيرليك» الجوية أمام طائرات التحالف الدولي للمشاركة في الحرب الدولية ضد تنظيم «الدولة» في سوريا، وسط استمرار الغموض حول طبيعة الاتفاق التركي الأمريكي فيما يتعلق بإقامة منطقة عازلة شمال سوريا.

15 قتيلا وعشرات الجرحى

في العشرين من تموز/يوليو الماضي، فجر انتحاري نفسه وسط حشد من الناشطين الأكراد في بلدة «سوروج» التابعة لولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا، في هجوم أدى إلى مقتل 32 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين وحملت الحكومة التركية مسؤوليته لتنظيم الدولة الإسلامية، ومنذ ذلك التاريخ دخلت البلاد في دوامة من العنف هي الأكبر منذ سنوات طويلة.
حزب العمال الكردستاني «بي كا كا» تصدر المشهد التركي من جديد، بعد سنوات من الهدنة وتقلُص الهجمات، حيث شن التنظيم منذ ذلك التاريخ، عشرات الهجمات المسلحة ضد مواقع للجيش والشرطة التركية لا سيما في جنوب وشرقي البلاد، أسفرت عن مقتل قرابة 15 وإصابة أكثر من 30 من قوات الجيش وعناصر الشرطة في مناطق متفرقة من البلاد.
وكان جندي تركي قتل وأصيب آخرون في هجوم مسلح شنه مسلحو تنظيم الدولة ضد نقطة للجيش على الحدود مع سوريا، ردت عليه أنقرة بقصف مدفعي مكثف، وسلسلة غارات جوية هي الأولى ضد مواقع التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة من الحدود التركية السورية الممتدة على طول 900 كيلو متر.
بدء أنقرة بتوجيه ضربات جوية ضد تنظيم الدولة في سوريا، وإعلان حزب العمال الكردستاني انهيار الهدنة مع الحكومة التركية، دفعها للبدء بحملة أمنية ضخمة ضد جميع المتهمين بالانتماء للجماعات المسلحة، في محاولة للحد من قدرتها على تنفيذ هجمات بالداخل التركي.
رئاسة الوزراء التركية أعلنت توقيف أكثر من 1300 مشتبه به، خلال عمليات أمنية شملت 39 ولاية ضد «التنظيمات الإرهابية»، وأوضح بيان أن «العمليات الأمنية متواصلة داخل وخارج الحدود، ضد تنظيمات: الدولة و»بي كا كا» و»جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري» الإرهابية، التي تستهدف الأمن الوطني للجمهورية التركية، وقوات الأمن وتهدد استقرار وسلامة المواطنين المدنيين».
وشهدت المحافظات التركية طوال الأيام الماضية إجراءات أمنية غير مسبوقة، وسط حالة من الإرباك الأمني الناتج عن الاشتباه بوجود انتحاريين أو عبوات ناسفة، في الوقت الذي حذرت فيه أجهزت مخابرات دولية من نية تنظيمات إرهابية شن هجمات وتفجيرات ضد شبكة المواصلات في مدينة إسطنبول كبرى المدن التركية من حيث عدد السكان. الغارات الجوية التركية على تنظيم الدولة في سوريا، ترافقت مع سلسلة تصريحات لكبار المسؤولين الأتراك حول إقامة منطقة آمنة في سوريا بعد طرد مسلحي التنظيم من هذه المناطق، ليتم إفساح المجال لعودة قرابة 2 مليون لاجئ سوري من داخل الأراضي التركية لبلادهم، لكن عدم ذكر النظام السوري في هذا الإطار أثار الشكوك حول مدى تلبية واشنطن للمطلب التركي بإقامة منطقة آمنة من غارات قوات الأسد.
رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، قال إنه حان وقت إنشاء منطقة آمنة في سوريا، لا سيما ضد هجمات تنظيم الدولة منوها إلى أن التفاهم الذي جرى مع الولايات المتحدة، بخصوص محاربة التنظيم، ينبغي أن يشمل دعم المعارضة السورية المعتدلة من أجل مستقبل سوريا.
وأوضح في تصريحات تلفزيونية أن «تركيا دافعت منذ بداية الأزمة السورية، عن ضرورة تشكيل منطقة آمنة، لسببين الأول ضمان بقاء اللاجئين السوريين في وطنهم، مشيرا إلى أن تركيا بمفردها تستضيف حاليا نحو مليوني لاجئ سوري والسبب الثاني يتمثل في أن المنطقة الآمنة ستمنع تدفق المجموعات الإرهابية، وستشكل ملاذا آمنا للسوريين الذين يتعرضون لهجمات النظام والمجموعات الإرهابية على حد سواء».
ولفت داود أوغلو إلى أن تركيا اتفقت مع الولايات المتحدة على فتح قواعدها الجوية لمحاربة تنظيم الدولة وكافة المجموعات الإرهابية بسوريا، ضمن التحالف الدولي، مضيفا: «وفي الوقت نفسه يجب أن تكون لدينا استراتيجية من أجل مستقبل سوريا، ولذلك علينا دعم المعارضة المعتدلة».
وفي تصريح آخر، قال داود أوغلو «لا نريد رؤية تنظيم الدولة على حدود الجمهورية التركية من الآن فصاعدا». مضيفاً: «تركيا ترغب في أن تسيطر المعارضة السورية المعتدلة، على الجانب السوري من الحدود، ودحر تنظيم الدولة، نظرا لأن التحالف الدولي الذي يشن ضربات جوية ضد مواقع التنظيم لا يرغب بإرسال قوات برية».

الحكومة الائتلافية

مع انقضاء أكثر من نصف المدة الممنوحة لرئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم أحمد داود أوغلو لتشكيل حكومة ائتلافية، عادت الآمال بإمكانية التوصل لاتفاق مع حزب «الحركة القومية»، وذلك بعدما كانت كل التوقعات تصب في خانة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
الحركة القومية الذي اعلن رئيسه «دولت بهتشيلي» قبيل التطورات الأخيرة بالبلاد، أن حزبه لن ينضم لحكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية، كان يشترط بالدرجة الأولى انهاء ما تسمى بـ»مسيرة السلام الداخلي» والذي كان يهدف من خلالها العدالة والتنمية التوصل لحل نهائي للقضية الكردية، وهو الشرط الذي كان يرفضه الأخير بقوة.
لكن هذا الشرط أصبح بحكم المُطبق، بعد إعلان حزب العمال الكردستاني إنهاء الهدنة مع أنقرة، وتبادل الهجمات بين الجانبين، لكن التطور الأبرز كان مطالبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برفع الحصانة البرلمانية عن نواب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي «الداعمين للإرهاب»، وهو التصريح الذي رافقته تكهنات بإمكانية حظر الحزب الذي تمكن لأول مرة بالتاريخ من إدخال الأكراد للبرلمان كحزب سياسي.
«بولند أرينج» نائب رئيس الوزراء التركي، والمتحدث باسم الحكومة، قال إن «التنظيم (في إشارة إلى تنظيم بي كا كا) استغل مسيرة السلام الداخلية بتركيا في أفعاله وأقواله، مقابل صدق الحكومة التركية في التعاطي مع مسيرة السلام، وهذا الأمر واضح للجميع»، وهو تصريح يتوافق تماماً مع تصريحات قيادة حزب الحركة القومية.
وبحسب مراقبين، فإن فرصة تشكيل حكومة ائتلافية بين العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية باتت أقرب من أي وقت مضى، وإن كان الأغلب ما زال يعتقد أن الانتخابات المبكرة سيبقى خياراً مطروحاً وحتى وإن تم تشكيل حكومة لفترة مؤقتة.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد ، امريكا:

    للأسف الحزب الكردي تهجم بشكل وقح على حزب الحريه والعداله علما انه وصل الى البرلمان في زمن حكم الحريه والعداله ، وكان من الأفضل للحزب الكردي المحاوله بكل قوه للتحالف مع الحريه والعداله لتثبيت المكاسب لتركيا وللأكراد ولكن يبدوا ان بعض الأخوه الأكراد ما زالوا يعتقدون ان أوروبا وأمريكا ستقف معهم الى الأبد في تركيا او العراق او سوريا وهم اي الأكراد يعتقدون ان الغرب يساعدهم حبا بهم ولا يدرون انه يتم استغلالهم لاهداف عده .

إشترك في قائمتنا البريدية