ربما من السذاجة اعتبار ان عامل الخبرة هو الأهم دائما في عالم كرة القدم، مثلما هو غير منطقي ان نقول ان المال يشتري الألقاب، أو أن الموهبة وحدها كافية لحسم البطولات.
ربما أحد العوامل الثلاثة وحده كان كافيا في السنوات الماضية لحسم الألقاب، بل لاحراز أهمها، وهو دوري أبطال اوروبا، لكن خلال الاسبوع الماضي، عندما اصطدمت الفرق ذات العوامل المختلفة، فان عامل الخبرة، كانت له السطوة في حسم الجولة، فريال مدريد حامل اللقب في العامين الاخيرين كان المرشح الاقل حظا في عيون النقاد قبل لقاء باريس سان جيرمان، فالاول يعاني من عروض مخيبة في الاسابيع الاخيرة، وأخفق في الاستثمار في صفوفه بالشكل المعتاد هذا الموسم، بل رفض مدربه زين الدين زيدان أي تعزيزات خلال الانتقالات الشتوية، لمعالجة خيبة الشهور الماضية. لكن في المقابل، ومنذ العام 2011، استحوذت هيئة قطر للاستثمارات الرياضية على نادي العاصمة الفرنسية، وسخرت له امكانات مالية هائلة في سبيل تعزيز مكانته بين الأندية الكبرى في القارة العجوز، لا سيما إحراز لقب المسابقة القارية الأهم للمرة الأولى في تاريخه. لكن تبدو الهزيمة التي مني بها على ملعبه، وان كانت أمام النادي الملكي العريق حامل الرقم القياسي في احراز المسابقة (12 لقبا)، عائدا متواضعا للاستثمار القطري في النادي، والذي يقدر بأنه تجاوز عتبة المليار يورو منذ 2011. وكان مشجعو النادي يأملون في ان يكون 2018 عام دخوله بقوة الى أندية النخبة الأوروبية، بعدما أنفق نحو 400 مليون يورو في صيف 2017 للتعاقد مع النجم البرازيلي نيمار والمهاجم الواعد كيليان مبابي.
لكن خيبة بناء المواهب على مدى السنوات الماضية، افتقدت الى عامل واحد وهو الأهم، الخبرة، الذي أنقذ الريال في المباراتين، خصوصاً في الذهاب في مدريد، وكان أسلوب التعامل مع المباريات الكبيرة، وفقدان الرهبة واضحا على نجوم الريال، ومفقودا بشكل واضح عند نجوم سان جيرمان، رغم ان كثيرين يعتبرون غياب الموهبة الاكبر نيمار عن صفوفه سببا رئيسيا في الاخفاق، لكن الامر لم يكن كذلك قبل مباراة الاياب.
ورغم ان الخبرة تكون عادة مكتسبة، أي ان لكل شيء بداية، واحراز لقب يأتي عادة للمرة الاولى بناء على العاملين الآخرين، الاستثمار الكبير في الفريق والمواهب المتوافرة فيه، ولهذا فان سان جيرمان يجب ان يبقى مؤمنا بان فرصته آتية لا محالة، مع بعض التحديثات، وأبرزها استقدام مدرب، خاض معارك هذا البطولة ونجح في احراز لقبها.
الخبرة، لعبت دوراً أكثر وضوحا في انتصار «المخضرم» يوفنتوس على «الموهوب» توتنهام، فالاخير كان أفضل بكثير في مباراتي الذهاب والاياب، لكن في النهاية بضع دقائق فشل فيها النادي اللندني في التعامل مع هجوم الخصم، ونجاح دفاع صلب مكون من كيليني (34 عاما) وبارزالي (36 عاما) والحارس العملاق بوفون (40 عاما)، جعل جميع من لهم علاقة بتوتنهام يعترفون ان قلة الخبرة، وفشل التعامل مع تكتيك المباراة، كانا السبب، خصوصا عندما كان الفريق متفوقا على خصمه العنيد والمتمرس في هذه المسابقة، التي وصل الى مباراتها النهائية مرتين في الاعوام الثلاثة الاخيرة، لكن الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها لاعبو توتنهام، أمثال كاين وآلي وايركسون، كان مثل الاستثمارات الضخمة التي ضخت في سان جيرمان، لا قيمة لها عندما اصطدمت بخبرة فريقين لهما صولات وجولات في هذه المسابقة.
طبعا الخبرة هنا، في هاتين الحالتين، لعبتا دوراً حاسماً، لكن هذا لا يعني لو تكرر الامر الموسم المقبل، لن يستطيع سان جيرمان وتوتنهام اقصاء الريال واليوفي، بل حتى هذا الموسم نجح توتنهام في هزيمة النادي الملكي في لندن والتعادل معه في مدريد، مثلما نجح سان جيرمان في هزيمة العملاق المخضرم بايرن ميونيخ في دور المجموعات، والموسم المقبل، سيكون ما حدث هذا الموسم درسا مهما لهما، وهو ما يسمى اكتساب عامل الخبرة.
twitter: @khaldounElcheik
خلدون الشيخ
برأيي أجاب كاتب المقال على نفسه في السطور الأخيرة !
.
المباريات تحسم و خاصة الحاسمة منها ، في جزئيات بسيطة جداً تحصل في المباريات قد لا تستغرق ثواني و ينتهي كل شئ ، عامل الخبرة ، نعم كان موجوداً بشدة لدى الريال ولكن هل ذلك لم يعن تواجد الموهبة كذلك ؟! ما دور موهبة رونالدو و اسنسيو و مارسيلو و كاربخال و فازكيز إذن ؟! إن لم يكن هؤلاء على أعلى درجات الموهبة فمن يمتلكها اذن ؟! و موهبة اسنسيو و فازكيز و رونالدو هي من جاءت بالهدف الاول بالتأكيد ، لذا مزيج الخبرة و الموهبة و حتى المال ( لا يزال رونالدو من أعلى لاعبي العالم و ضمن الأوائل الذين دفع فيهم أعلى الاسعار رغم أن الأمر تم قبل 9 سنوات )
.
نفس الأمر ينطبق على مباراة اليوفي و توتنهام ، مهارة هيغواين و ديبالا حسمت الأمر ، إضافة إلى خبرة الفريق ككل ، و لا تزال قيمة يوفنتوس المالية ضمن القيم العالية جداً بين أندية العالم.
.
اذن هو المزيج التام لهذه العوامل الثلاثة و ليس لعامل دون آخر ، و مرة أخرى تحسم النتائج نتيجة جزئيات ، فهل يقارن فريق بازل اليوم بفريق السيتي من حيث العوامل الثلاثة ؟! بالتأكيد لا !
ومع ذلك انتصر بازل انتشاراً معنوياً و على ارض السيتي نفسه الذي صحيح أنه حسم الأمر بقوة خارج القواعد ، لكن و حتى بتشكيله الثاني المطعم بنجوم الاول ما كان ليسمح لفريق بعيد عنه بما لا يقارن من حيث العوامل الثلاثة ( الخبرة و المهارة و المال) أن يخسر أمامه مطلقاً ، ولكن حصل الأمر بالفعل بسبب جزئيات حدثت في المباراة !
.
اتذكر مباراة برشلونة و السيلتك قبل سنوات ، مجموع الوقت الذي لامست فيه الكرة ارجل لاعبي السيلتك كان أقل من دقيقة أو دقيقتين ، لا أذكر بالتحديد ، لكنه بالتأكيد لم يتجاوز الدقيقتين ، و شهدت المباراة هجوماً كاسحاً من قبل برشلونة بقيادة ميسي و من خلفه انيستا و تشافي في حينه و كانوا في قمتهم ، و داخل منطقة جزاء السيلتك طيلة المباراة ، لكنهم لم يفلحوا في تسجيل هدف ، الأمر الذي نجح فيه لاعبو السيلتك من جزئية واحدة حصلت ضمن تلك الثواني القليلة التي لمسوا فيها الكرة ، ليحسموا نتيجة المباراة لصالحهم بهدف !!