هل أظهرت الثورة السورية واقع الانقسامات بين الفصائل السلفية وكشفت هشاشة تنظيراتها؟ 

حجم الخط
2

إدلب – «القدس العربي»: قبل انفصالها عن القاعدة، استطاعت جبهة النصرة، ان تستميل عدداً كبيراً من منظري الجهادية السلفية إلى جانبها، ووقفوا ضد تنظيم «الدولة»، ولكن تطور مجريات الوضع في سوريا، خاصة بعد التدخل الروسي وانطلاق عمليات «درع الفرات» بدعم من تركيا، وتخلي النصرة عن ارتباطها بالقاعدة، كل هذه التطورات فرضت صداماً في العلن بين المنظرين للجهادية وفصائلهم، ولاسيما بين المنظر البارز للجهادية السلفية، أبو محمد المقدسي، وقادة هيئة تحرير الشام، الشرعيين منهم، أمثال أبي عبد الله عطون والزبير الغزي.
وحول تلك الخلافات يقول الصحافي المتابع لشؤون الجماعات الجهادية، شمس الدين النقاز لـ«القدس العربي» «ان الخلاف بين سامي العريدي وأبي محمد المقدسي من جهة،  وجبهة تحرير الشام من جهة اخرى، يزداد حدة منذ شهر شباط/فبراير الماضي، بعد أن عارضا تشكيل هيئة تحرير الشام وضمّ فصائل سوريّة معارضة شاركت القوات التركية في عمليّة «درع الفرات» لمحارية تنظيم الدولة الإسلامية وإخراجه من المناطق المحاذية للحدود السورية التركية، حيث سبق أن أفتى «المقدسي» بـ»ردّة» الفصائل التي تقاتل تحت رايتها».
الشرعيان الأردنيان البارزان، انقلبا على الهيئة وهاجماها في أكثر من مناسبة، بسبب ضمّها لمن سموهم بـ«المميّعة» و«المرجئة»، في حين يؤكد شرعيون في الهيئة أن المعلومات التي تصل المقدسي دوريّاً عما يحدث في الساحة السورية «خاطئة».
ويذهب النقاز إلى أن صداماً حدث بين التنظير الفكري للجهاديين وتطبيقاته على الواقع ، خاصة في ما يتعلق بسوريا،  «‏الثورة السورية كشفت عن هشاشة تنظيرات رموز السلفية الجهادية ومصادمتها للواقع، فبينما كان المنظّرون يكتبون عن طبيعة الصراع وضرورة الوحدة والتجمّع تحت راية واحدة لمقاتلة العدوّ المشترك، نراهم اليوم غارقين في حرب البيانات والتأصيلات الشرعية التي تخدم منهج كل واحد منهم، ما يكشف عن تصادم بين المنشود والموجود،  كما أكدت الخلافات بين الشرعيين وجود «هوى» في الفتوى وفي إطلاق الأحكام أثّر سلباً على مجريات الأحداث على الأرض».
خلال السنوات التي سبقت بداية الثورة السورية، أشبع منظّرو السلفية الجهادية المسائل التالية نقاشاً، «من هم المرجئة» و»من هم الخوارج» و»أحكام التكفير»، بحثاً وتقعيداً وتأصيلاً، إلا أنهم عجزوا عن تنزيلها في الوقت والمكان الصحيح، حيث اصطدمت الأصول التي بنى عليها الجهاديون نظريّاتهم، بواقع متغيّر وغير ثابت فعجزت المرجعيّات السلفية الجهادية عن «فقه الواقع».
وبينما تعيش السلفية الجهادية مرحلة من الانقسام وتعدد التيارات، تجد انه حتى تنظيم الدولة الذي عرف بصلابة تركيبته، يعاني من بروز تيار «الغلاة» داخله،  بسبب بعض الشرعيين والقضاة الذين جيء بهم من تونس والسعودية خصّيصاً، لنشر مذهب «تكفير العاذر» داخل المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، كذلك القاعدة لا تبدو أنها متماسكة، ففيها تياران أو ثلاثة، واحد موال للقيادة المركزية التي يرأسها أيمن الظواهري، وبمقتضى ذلك ففي عنقها بيعة لحركة طالبان، وأخرى رافضة لهذا التحالف بين «طالبان ما بعد الملا عمر» وقاعدة «أسامة بن لادن»، وتيار ثالث مناصر لتنظيم الدولة ورافض للـ»فتنة» التي حدثت بينه وبين «جبهة النصرة» في سوريا، وإن كان التيار الأول هو النافذ والمهيمن والمسيطر، إلا أن التيارين الأخيرين يؤكدان أن هناك انقساماً وإن بدا غير ظاهر داخل تنظيم القاعدة».
وفي إدلب، فان هيئة تحرير الشام، وحسب المطلعين، تتجاذبها تيارات معتددة،  أحدها يتبع المقدسي، كما يوضح شمس الدين النقاز «هناك جناح في تحرير الشام يتبع المقدسي، فرسائل الأخير وبياناته تلقى صدى واسعاً داخل الهيئة، فكثير من الشرعيين والعسكريين بمراتبهم المختلفة، يسمعون ويطيعون له، ويدافعون عنه وعن مواقفه، خاصة وأنهم تأثروا بكتبه».
ويرى الكاتب في شؤون الجماعات الجهادية،  أحمد أبو فرحة، أن أصل الخلاف بين هيئة تحرير الشام حاليا (جبهة النصرة سابقا)، يعود في جذوره إلى خلافات بين القاعدة والمقدسي نفسه، ويضيف ابو فرحة في حديثه لـ»القدس العربي» «‏أدبيات القاعدة و منظريها داخل التنظيم تختلف بشكل كبير عن ادبيات الشيخ المقدسي حيث ان القاعدة تعتبر نفسها مشروعاً تجميعياً للامة يهدف إلى تحكيم الشريعة ولا يهم الفقه الذي سيحكم او من سيحكم، في حين ان نظرة الشيخ المقدسي للحكم هي فرض الرؤية السلفية الجهادية على الناس والارض، لذا فان القاعدة والمقدسي يلتقيان في العموميات ويختلفان في كثير من التفاصيل، وهناك بعض العناصر والقادة السابقين في فتح الشام، ربما يطمحون لتشكيل جسم جديد يناسب أفكارهم، لكنه سيكون ضعيفًا، وقد تبتره هيئة تحرير الشام قبل صعوده، فالهيئة اليوم تسعى لتسويق نفسها انها الأقدر على إدارة مناطق المعارضة في ادلب، وتريد فرض نفسها على الأتراك كأمر واقع، ولن يسمحوا بوجود عناصر أو فصائل تفسد عليهم هذا الأمر».

هل أظهرت الثورة السورية واقع الانقسامات بين الفصائل السلفية وكشفت هشاشة تنظيراتها؟ 

وائل عصام وسلطان الكنج:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    على هيئة تحرير الشام رفع علم الثورة حتى يتحدوا مع بقية الثوار السوريين
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول خالد مصطفي الجزائر:

    الاسلام طبعا له جناحين هما الاسلام السني والشيعي ما يحقق نجاحات الان وتمدد هو الاسلام الشيعي اما الاسلام السني فهو يتخبط ويعاني من الا خفاقات والفشل احيانا باستثناء تركيا أما ما عدا هذا فالاسلام السني محاصر ويتخبط في شباك ومشاكل عدبدة.

إشترك في قائمتنا البريدية