هل تسعى أمريكا والناتو لتوريط تركيا في «معركة» خاسرة مع الدب الروسي؟

حجم الخط
3

إسطنبول ـ «القدس العربي»: يبدي سياسيون أتراك ومختصون بالشأن التركي ريبة كبيرة من حقيقة الموقف الأمريكي والأوروبي من التدخل الروسي في سوريا، لا سيما بعد المواقف والتصريحات التي وصفت بـ«التحريضية» لتركيا للوقوف في وجه الدب الروسي والتي فتحت الباب واسعاً أمام التكهنات بحقيقة وجود رغبة أمريكية أوروبية بـ«توريط» تركيا في «معركة خاسرة» مع روسيا.
مسؤولون أتراك التقتهم «القدس العربي» لم يخفوا خشيتهم وريبتهم من الموقف الأمريكي، معتبرين أن إدارة الرئيس باراك أورباما تقف متفرجة أمام ما يحدث في سوريا من 5 سنوات وعاجزة أمام التدخل الروسي بالمنطقة وتتجاهل المخاطر المتزايدة التي واجهتها تركيا طوال الفترة الماضية.
وصدرت مواقف «غير مسبوقة» ضد روسيا من قبل الناتو وأمريكا رداً على إعلان تركيا أن طائرات حربية روسية اخترقت المجال الجوي التركي، وهددت أنقرة بتفعيل قواعد الاشتباك في حال تكرار الحادثة، واستدعت السفير الروسي للاحتجاج، لكن مصادر تركية كشفت أن الحادث تكرر للمرة الثانية حيث اخترقت الأجواء التركية بالقرب من الحدود السورية طائرات حربية يعتقد أنها روسية.
النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم رسول طورسون اعتبر أن «أمريكا لا يوثق بها أبداً ومواقفها متبدلة بحسب مصالحها لا مصالح حلفائها، قالت منذ بداية الربيع العربي والثورة السورية إن نظام الأسد فقد شرعيته وعليه الرحيل، والآن تغير موقفها المتذبذب أصلاً.. الإدارة الأمريكية تكذب وتدعم نظام الأسد».
وعن مواقف دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» قال في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «الناتو عليه أن يقف إلى جانب تركيا، وذلك بحسب الاتفاقيات المنظمة لعمل الحلف لا سيما المادتين الرابعة والخامسة اللتان تنصان على الدفاع عن الأعضاء في حال تعرضهم لمخاطر واعتداءات من الخارج»، مضيفاً: «مهما كانت المواقف النظرية والتصريحات للناتو قوية الآن غير مهم، الأهم هو التطبيق ومما لا شك فيه أن الناتو سيقف مع أي دولة غربية أكثر من الوقوف مع تركيا، لذلك تركيا لا تثق بهذه المواقف».
وشدد على أنه «إلى أن تتراجع روسيا عن اعتداءاتها على المجال الجوي التركي ستقوم أنقرة بالتعامل معها حسب قواعد الاشتباك وستتعامل معها كما تعاملت مع طائرات الأسد التي اخترقت الأجواء التركية وتم التعامل معها عسكرياً».
ويرى مراقبون أن التدخل الروسي المباشر في سوريا عقد حسابات أنقرة وحد من نفوذها في سوريا من خلال إضعاف الجيش الحر المدعوم من قبل تركيا والقضاء على فكرة إقامة منطقة آمنة لإيواء اللاجئين السوريين ودعم المعارضة في مساعيها لإسقاط نظام الأسد.
وعن مدى وجود تنسيق أمريكي روسي حول ما يحصل في سوريا ومراعاة ذلك لمصالح أنقرة، يقول الكاتب والمحلل السياسي علي باكير: «باعتقادي فان ما يوصف بأنه توتر أمريكي ـ روسي بسبب سوريا هو شكلي ومحدود، إذ لا يمكن لروسيا التدخل في سوريا بهذا الشكل والحجم وان تقوم بعمليات تنسيق مع إيران والعراق من دون أن يكون هناك موافقة ضمنية أمريكية، وربما ترتيب مسبق أيضا.. الخلاف قد يتعلق بحجم الدور الروسي أو شكله، لكن ما دون ذلك باعتقادي هو متفق عليه».
وأضاف لـ«القدس العربي»: «تصريحات إدارة اوباما هي للاستهلاك، جميعا يعلم من خلال التجربة الممتدة لأكثر من أربع سنوات أن جميع أفعال هذه الإدارة تناقض أقوالها لا سيما في الملف السوري»، مؤكداً: «تركيا منذ العام الثاني تدرك حقيقة الموقف الأمريكي تماما».
وعن إمكانية وجود مؤامرة لإضعاف تركيا في المنطقة، يتابع: «لا يتعلق الأمر بمؤامرات بقدر تعلّقه بمصالح، من الواضح جدا أن إدارة أوباما لا تهتم بتاتا لمصالح حلفائها في المنطقة، فهي تسعى إلى جسر الهوة مع خصوم الأمس على حساب الحلفاء. وقد انعكس هذا الأمر أيضا على موقف كبرى الدول الأوروبية، فباستثناء فرنسا لا نرى مواقف داعمة لتركيا حقيقة بل على العكس في كثير من الأحيان هناك مواقف مناقضة كالموقف الألماني».
وتعيش تركيا فترة انتقالية أقرب لـ«الفراغ السياسي» الأمر الذي يمنعها من الإقدام على أي خطوات عسكرية أو قرارات سياسية، حتى موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في الأول من نوفمبر/كانون الثاني المقبل والتي يسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى رفع نسبته للحصول على الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده.
ويخوض الجيش التركي منذ أسابيع معارك يومية مع المسلحين الأكراد في المحافظات الشرقية والجنوبية للبلاد، كما تشن الطائرات الحربية التركية غارات متواصلة ضد مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات من قوات الجيش والشرطة التركية، أكثر من 1000 من مسلحي الحزب، بحسب الجهات الرسمية.
ياسين أقطاي المستشار والنائب السابق لرئيس الوزراء التركي عبر عن قلق أنقرة البالغ من الموقف الأمريكي اتجاه ما يحصل في سوريا، معتبراً أن «الجميع يتخذ من شعار مكافحة الإرهاب وتنظيم الدولة الإسلامية ستارا لتدخلاتهم في سوريا… تركيا ترى في استمرار نظام الأسد استمرارا لإنتاج الإرهاب على حدودها».
وقال أقطاي لـ«القدس العربي»، الاثنين: «أن تكون أمريكا متفرجة أمام كل هذه التطورات فهو أمر مقلق ومزعج لتركيا، أنقرة لديها تفاهمات واتفاقيات مع واشنطن وتحالف استراتيجي، ولكن الصمت الأمريكي اتجاه ما يحدث في سوريا يضر بالثقة بين الدولتين».
والثلاثاء، قال الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي (ناتو)، ينس شتولتنبرغ، «إن انتهاك روسيا للأجواء التركية لا يبدو حادثا»، مطالباً بعدم انتهاك الأجواء التركية مرة أخرى، مضيفاً «تم انتهاك الأجواء التركية مرتين في نهاية الأسبوع».
وكانت وزارة الخارجية التركية أصدرت بيانًا، الأثنين، أعلنت فيه أن طائرة روسية انتهكت المجال الجوي التركي، بولاية هطاي (جنوب) المحاذية لسوريا، عند الساعة 12.08 ظهرا بتوقيت تركيا (09:08 صباحا بتوقيت غرينتش)، السبت الماضي. وأشار البيان إلى أن الطائرة الروسية غادرت المجال الجوي التركي، بعد أن اعترضتها مقاتلتان تركيتان من طراز إف ـ 16، كانتا في مهمة دورية على الحدود السورية التركية.
وعلى الفور استدعت وزارة الخارجية التركية سفير روسيا لدى أنقرة، وقدمت إليه مذكرة احتجاج على الانتهاك، وطالبت بعدم تكراره، وأبلغته أن روسيا ستكون مسؤولة عن أي حدث غير مرغوب به قد يقع مستقبلا، في حين بررت وزارة الدفاع الروسية على لسان متحدثها بأن الحادث وقع بسبب سوء الأحوال الجوية.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    تركيا رفضت السماح للقوات الأمريكية بالعبور من أراضيها لاحتلال العراق بسنة 2003 ولا حتى قصف العراق من مجالها الجوي
    ولذلك تظهر اللامبالاة الأمريكية في حماية حدود تركيا الجنوبية والدليل هو بسحب صواريخ باتريوت الأمريكية المضادة للصواريخ من الحدود التركية السورية قبل شهر مضى

    هناك خطة أمريكية بتوريط حزب العدالة التركي بالحرب على روسيا
    ولهذا أتوقع تهريب صواريخ أرض جو للثوار بسوريا من تركيا قريبا

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول يوسف - دلاس:

    اي دولة يحكمها حزب ديني مصيرها الفشل

  3. يقول ابوطاهر الكوجر:

    تركياالسيد اردوغان مثلها مثل بلاع الموس لاتستطيع
    بلعه ولاقذفه. تركيا تريد ان تصبح امريكا خادمتها
    في المنطقه وتكون الطفله المدللة للناتو في نفس الوقت.
    تريد ان تحترم مصالحها على حساب مصالح الاخرين
    وهي تتصرف وفق مبداء هات ولاتاخذ وهذا غير ممكن.
    كونوا على يقين حتى لو اخترقت الطاىرات الروسيه عشرات
    المرات الاخرى فتركيا لا تستطيع مواجهتها الا بالبكاء
    والعويل والتهديدات الفارغه. قريبا سوف تدفع تركيا
    ثمن سياساتها في المنطقه.

إشترك في قائمتنا البريدية