كاتالونيا على أبواب انتخابات مبكرة يتوقع إجراؤها في 21 ديسمبر المقبل. والسؤال المطروح هو التالي: إلى أي حد يمكن القول إن نتائج هذه الانتخابات ستغير مصير كاتالونيا، وفقا لادعاء «معسكر الانفصاليين» الذين يبنون حساباتهم، أو على الاقل يروجونها، على أساس فشل رئيس الوزراء ماريانو راخوي في توصيل مناورة آخر فرصة (أي هذه الانتخابات الإقليمية المبكرة) الى بر الأمان؟
إلى أي حد وليس العكس تماما مرجحا حصوله؟ فثمة عدد من المؤشرات تترك الانطباع بأن احتمال تحقق الموقف الأخير وارد أكثر. ومن أبرز هذه المؤشرات دلالة، حصول انشقاقات في صفوف المعسكر الانفصالي، الذي لم ينجح بالتالي في تقديم تحالف للانتخابات الإقليمية المقبلة.
ينتج فشل الأحزاب المؤيدة لاستقلال كاتالونيا في تشكيل تحالف موحد لخوض الانتخابات المبكرة، عن واقع أجهز على تماسك كان بإمكانه أن يغير مجرى الأمور لو لم يحصل. يتمثل هذا الواقع في تشتت القوتين الرئيسيتين اللتين شكلتا تحالفا لحكم الإقليم – خلال العامين الماضيين- في إطار تمتع الإقليم بالحكم الذاتي. ومن شأن زعزعة هذا التماسك أن يساهم، وبقوة، في عرقلة مسعى المعسكر الانفصالي إلى حكم كاتالونيا، بعد الانتخابات، والمضي قدما في مخطط الانفصال عن إسبانيا.
في تقدير الكثيرين، بمن فيهم كاتالونيون راسخون في نصرة خصوصيات الإقليم، لم يمثل استفتاء الانفصال سوى خطوة عرجاء، كان مكتوبا عليها في كل الأحوال التأرجح بين الملهاة والمأساة، فلا عجب بالتالي إن أدخلت البلد في أزمة سياسية كبرى. ولا عجب أيضا إن أثارت الأزمة الكاتالونية ومصير سكان الإقليم البالغ عددهم ما يقارب الـ7 ملايين نسمة، قلق الاتحاد الأوروبي المنهمك أصلا في التوسط لاتفاق مع بريطانيا، بشأن ملف خروج الأخيرة من الاتحاد. ونعلم ما استتبع الحالة اللندنية من إجراءات اقتصادية حادة، تمثلت في نقل مقرات مؤسسات وشركات كبرى إلى دول أوروبية، وهو سيناريو بدا يتكرر في صورة 2400 شركة كاتالونية عمدت إلى نقل مقارها من الإقليم إلى مدن ومناطق أخرى.
من بروكسل، انتقد رئيس إقليم كاتالونيا المعزول كارلس بيغديمونت وبلغة فرنسية راقية الاتحاد الأوروبي، متهما اياه بـ»دعم انقلاب راخوي» على «السلطات المنتخبة في الإقليم»، ولكن أي هامش مناورة يملكها بيغديمونت وهو ينتظر نظر القضاء في مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها بشأنه إسبانيا؟ في سياق متصل، تجمع في 8 نوفمبر الأخير أكثر من 200 رئيس بلدية كاتالوني في بروكسل أمام مقر الاتحاد الأوروبي دعما للقضية الكاتالونية. السؤال نفسه هنا موجه لهؤلاء، يذكر بأن الحكومة المركزية وضعت كاتالونيا تحت وصايتها وأقالت حكومتها وحلّت برلمانها فدعت إلى هذه الانتخابات الإقليمية في 21 ديسمبر، أي نفوذ إذن لمؤسسات دخلت في حكم غير المعترف بها إسبانيا ودوليا؟
رئيسة برلمان كاتالونيا ملاحقة بتهمة «التمرد والعصيان والاختلاس». وقد أفرج عنها بعد أن قضت ليلة في سجن النساء في برشلونة، بعد دفعها كفالة وصلت قيمتها إلى 150 ألف يورو. وباتت الآن تحت مراقبة قضائية وصلت إلى مصادرة جواز سفرها، ثم منعها من مغادرة الأراضي الإسبانية. كل هذه التدابير، رغم ان السيدة فوركاديل شرحت أن إعلان الاستقلال «لم تكن له آثار قانونية» فتكون قد التزمت إذن «بالإطار الدستوري». حلقة مفرغة تلوح في الأفق، نعود بها الى النقطة التي انطلقنا منها. فهل يصح قولا إن «كاتالونيا تواجه مصيرها»؟ أليس الأجدى أن نقر بأن مصير كاتالونيا كأقليم يمنحه الحكم الذاتي صلاحيات واسعة، مرتبط اصلا بقدرتها على مواصلة سياسة اقتصادية أثبتت السنين فعاليتها، كما هو مرتبط اصلا بقدرة الإقليم على التخلي عن مزايدات سياسية أثبتت السنين فشلها؟
باحث أكاديمي وإعلامي فرنسي
بيار لوي ريمون
من سيطر على شرق البحر المتوسط أمكنه وبسهولة السيطرة على غربه. وعليه فإن روسيا التي أصبح لها منفذا على البحر الأبيض المتوسط من خلال سوريا الفرصة الآن مُؤاتية لبسط نفوذها على كاتالونيا جارة فرنسا غريمة روسيا. فرنسا التي ما فتئت تقزم روسيا خاصة بعد الحرب العالمة الثانية.
تفعيل الجوسسة ثم الحصول على موطئ قدم في غرب أوروبا من شأنه أن يزيد في قوة روسيا ضد أوروبا. وبذلك تندم مدريد كما باريس على عدم منح كاتالونيا إستقلالها على إثر الإستفتاء الذي وقع.