القاهرة ـ «القدس العربي»: أعادت المعلومات التي كشفتها صحف إيطالية قبل أيام، حول ضبط عشرات القطع الأثرية بعد تهريبها من ميناء الإسكندرية، على متن حمولة دبلوماسية، الجدل في مصر بخصوص تورط شخصيات من داخل النظام بعمليات تهريب للآثار إلى خارج البلاد.
وسارعت وزارة الخارجية المصرية إلى نفي أن تكون القطع الأثرية التي ضبطتها السلطات الإيطالية هربت ضمن حاوية تابعة للسفارة المصرية لدى روما أو أحد أعضائها، وأكدت أن واقعة ضبط الآثار المهربة تعود لشهر مارس/ آذار الماضي.
وكانت صحف إيطالية بينها صحيفة «ايمو لا اوجي»، كشفت قبل أيام عن ضبط عشرات القطع الأثرية بعد تهريبها من ميناء الإسكندرية، ومصادرتها في ميناء ساليرنو الإيطالي.
وأشارت إلى أن حاويات هبطت من السفينة في ميناء ساليرنو، وتم العثور على 118 قطعة أثرية مصرية، بينها قناع مصري ذهبي، وتابوت حجري، وقارب يحوي 14 مجدافا.
وأوضحت أن هذه القطع الأثرية كانت على متن حمولة دبلوماسية، مشيرة إلى أن المدعي العام في ساليرنو يحقق في تلك العملية، خاصة وأن تلك القطع الأثرية كانت بيعت في السوق السوداء، وقيمتها لا تقدر بثمن.
المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، قال عبر الصفحة الرسمية للوزارة على «الفيسبوك»، إن «شرطة الآثار والسياحة الإيطالية أبلغت السفارة المصرية في روما في 14 مارس/ آذار الماضي بعثورها على 23700 قطعة أثرية، بينها 118 قطعة مصرية في حاوية دبلوماسية».
وأضاف أن «السفارة طبقت الإجراءات المتبعة في مثل هذه الأحوال وأرسلت إسطوانة تحمل صور القطع إلى القطاع الثقافي في وزارة الخارجية في القاهرة لموافاة وزارة الآثار بها للتحقق من مدى كونها آثارا أصلية، وللإجابة على استفسارات الجانب الإيطالي في هذا الصدد لاستكمال التحقيقات».
وتابع أن «السفارة المصرية في روما تواصلت مع نائب قائد الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار ووزارة الخارجية الإيطالية لاستيضاح ما إذا كانت الحاوية خرجت من ميناء الإسكندرية، أم تم تداولها فقط في الميناء خلال رحلتها إلى إيطاليا، والجهة الراسلة للحاوية، وجنسية الدبلوماسي المصدر للشحنة وتاريخ خروجها، حيث أفاد الجانب الإيطالي بأن اتصالاتهم مع إدارة الجمارك في الميناء تشير إلى أن الآثار تم العثور عليها العام الماضي، وأن الشحنة لم تكن لدبلوماسي مصري ولكنها تخص مواطنا إيطاليا».
كما وعد الجانب الإيطالي، وفق المصدر «بتقديم المزيد من الإيضاحات بشأن تاريخ خروج الحاوية والجهة المصدرة في أقرب فرصة بعد الحصول على إذن جهات التحقيق».
وأكد المتحدث أن «وزارة الخارجية تتابع مع الجانب الإيطالي عبر السفارة المصرية في روما تلك القضية لاستيضاح كافة التفاصيل الخاصة بها ومحاسبة الأشخاص المسؤولين عن تهريب الآثار المصرية إذا ثبت أنها آثار حقيقية».
118 قطعة
شعبان عبد الجواد، مدير عام إدارة الآثار المستردة في وزارة الآثار، قال إنه «تم التحقق من أثرية 118 قطعة آثار مصرية تم ضبطها في إيطاليا، وفقًا للمعاينة المبدئية من الصور التي أرسلتها السلطات الإيطالية والسفارة المصرية».
وأضاف في تصريحات متلفزة أن «السفارة المصرية أبلغت وزارة الآثار بضبط 118 قطعة آثار مصرية، فضلًا عن قطع أثرية من بلدان أخرى»، مشيرًا إلى «إجراء تحقيق مشترك من جانب السلطات الإيطالية والسفارة المصرية للكشف عن ملابسات عملية التهريب وضبط المتورطين فيها».
وتابع أن «الآثار المضبوطة لم تسجل في وزارة الآثار، وليست من المفقودات في المتاحف وفقًا للصور التي وردت للوزارة حتى الآن»، موضحًا أنه «يرجح أن هذه القطع الأثرية خرجت نتيجة لأعمال الحفر خلسة في المواقع الأثرية».
وأوضح أن «الآثار تعود للعصر الإسلامي، وعصور ما قبل التاريخ، والعصر الروماني اليوناني»، متابعًا: «القطع الأثرية عبارة عن قطع من الكريتناج والتماثيل الصغيرة المطلية بالذهب، وبعض الأواني التي تدفن مع الموتى».
وأشار إلى أن «هناك اتفاقية بين مصر وإيطاليا، تشمل في بنودها استرجاع الآثار المهربة»، مؤكداً أنه» سيتم استرجاع القطع الأثرية في أقرب وقت، فضلًا عن إصدار بيان رسمي من الوزارة لتوضيح ما توصلت إليه التحقيقات حتى الآن».
مذبحة الرحاب
وفتحت قصة الآثار المهربة الباب للتساؤل حول دوافع حادث مقتل رجل أعمال مصري يدعى عماد سعد وأفراد أسرته في مدينة الرحاب في القاهرة، أوائل الشهر الجاري.
واتجهت تحقيقات النيابة في البداية إلى أن رجل الأعمال قتل أفراد أسرته المكونة من 4 أفراد قبل أن ينتحر، حتى ظهر تسجيل صوتي لسيدة مجهولة تدعي أنها على علاقة بالأسرة، تداوله رواد التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تتحدث فيه عن تطورات مثيرة في مذبحة الرحاب، موكدة أن رجل الأعمال عماد سعد لم يقتل أولاده ولم ينتحر، وأن الأسرة تم قتلها عن طريق «3» أفراد أحدهم معروف للضحايا، إضافة إلى اثنين آخرين «مستأجرين».
وتابعت: «حادثة القتل لها علاقة بصفقة مشبوهة متورط بها رجال من الدولة، لهم نفوذ كبير، كانوا يريدون تهريب الآثار التي تم اكتشافها، وكان عماد سعد سيشارك دون معرفة أنها عملية مشبوهة، نظرًا لوجود رجال من داخل الحكومة، كان فاكر الموضوع رسمي».
وأكدت صاحبة التسجيل الصوتي، أنه بعد معرفته بالحقيقة، رفض الاشتراك في هذه «الصفقة المشبوهة» وتم تهديده، وبعد 5 أيام وقعت المجرزة، مشيرة إلى أن الصفقة اشتركت فيها شخصيات من الصعيد، خاصة محافظة الأقصر.
ولفتت إلى أن الجناة صفوا الأسرة بالكامل خشية افتضاح أمرهم وحتى لا يذاع السر، مشيرة أنها تعرف الحقيقة كاملة إضافة إلى آخرين، متابعة: «لو قلنا الحقيقة هيتخلصوا مننا.. إحنا ناس غلابة».
وكان اللواء محمد منصور، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، تلقّى إخطارًا من قسم القاهرة الجديدة، بالعثور على 5 جثث داخل فيلا في الرحاب.
ومن المفارقات الغريبة، أن أحد المسلسلات المصرية واسمه «طايع» يعرض حالياً، يتناول قصة تهريب الآثار المصرية في حاويات دبلوماسية باعتبارها تمتلك حصانة ولا تخضع للتفتيش.
المسلسل الذي يؤدي فيه دور البطولة الفنان عمرو يوسف، تناول أحداث واقعة البحث عن الآثار في صعيد مصر من قبل عصابات تهريب، تلجأ إلى دبلوماسيين أفارقة لتهريب الآثار.