«القدس العربي»: صرح قائد «جيش أسود الشرقية»، طلاس السلامة، لـ«القدس العربي» أن فصائل جيشه «سيطرت على مناطق داعش في كامل ريف السويداء الشرقي والشمالي وأغلب مناطق البادية في محافظة ريف دمشق»، وذلك ضمن تطورات معركة «سرجنا الجياد لتحرير الحماد».
وأضاف السلامة، الذي يقود غرفة عمليات المعارك، أن الغرفة «تتكون من ثلاث فصائل، هي قوات الشهيد أحمد العبدو، ولواء شهداء القريتين، وجيش أسود الشرقية.
وأشار إلى أن هدف العملية التالي هو المحسة، والسيطرة عليها تعني وصل القلمون الشرقي بالبادية والجنوب، و«قطع الطريق أمام داعش في حال طرده من الرقة والتجائه إلى منطقة القلمون الوعرة».
واعتبر كسر الحصار عن القلمون الشرقي وطرد التنظيم من منطقة بير القصب وجبل دكوة بمثابة تطور «سيسمح بالمبادرة لكسر الحصار عن الغوطة الشرقية من منطقة العتيبة، على اعتبار ان بير القصب تبعد نحو 20 كم عن النشابية، أقرب نقطة يسيطر عليها جيش الإسلام في الغوطة الشرقية».
وتشارك فصائل جيش التحرير وقوات أحمد العبدو وجيش الإسلام وفيلق الرحمن وجيش اسود الشرقية في المعركة من جهة القلمون الشرقي المحاصر، وتحاول مساعدة رفاق السلاح الذين يتقدمون من تل عادة والكتيبة المهجورة وبير مداد. واستطاعت هذه الفصائل، رغم الحصار الذي انهكها لمدة عامين، التقدم والسيطرة على عدة نقاط على المحور الشمالي، هي الجبل الشرقي، جبل الأفاعي، النقب، بير المنقورة، وصولا إلى جبل الضبع والضبعة على مشارف منطقة المحسة في ريف حمص. وتعتبر هذه المنــطــقة أهم مــعـاقل التنــظــيـم، والتي عزز فيها مقاتليه إضافة إلى منطــقــة العليـانية إلى الشرق منها.
في السياق، قال عضو المكتب الإعلامي في قوات الشهيد أحمد العبدو، أبو سيف الضمير، إن «المعركة قطعت الطرق الاستراتيجية لداعش، الواصلة من الشمال الشرقي إلى منطقة القلمون الشرقي وإلى الجنوب السوري».
وأشار الضمير في حديث إلى «القدس العربي» أن «تحرير المناطق وضع حدا لمعاناة النازحين على الحدود الأردنية في مخيم الركبان، حيث بدأت بعض الأسر بالرجوع إلى منطقة بير القصب والمناطق المحيطة بها. وبعد انجاز المرحلة الثانية وتحرير المحسة ستستوعب مهين والقريتين أعدادا كبيرة من النازحين».
وتوقع مقاومة عنيفة من قبل التنظيم للإبقاء على المحسة بهدف «الحفاظ على خطوط إمداد إضافية، حيث استخدم سابقا ريف السويداء لشراء الأدوية والذخيرة عبر تجار السلاح والمهربين».
وحاصر تنظيم «الدولة» بلدات القلمون الشرقي مع بدء توسعه جنوبا، منتصف عام 2014، في رحيبة، جيرود، الناصرية، ومدينة الضمير، محاولاً اقتحامها والتضييق على مناطق سيطرة فصائل الجيش الحر.
وستخفف السيطرة على المحسة وطريقها من القبضة الأمنية للنظام على عدة قرى وبلدات في القلمون الشرقي. وبذلك سوف تزداد فرص سيطرة فصائل الجيش الحر على البلدة الاستراتيجية، بعد التقدم على عدة مناطق من محوريها الغربي والشرقي.
وتفتح معارك القلمون والبادية الحالية، شهية فصائل الجيش الحر، مثل جيش أسود الشرقية و«مغاوير الثورة»، من أجل التقدم باتجاه مدينة البوكمال ودير الزور، التي منها ينحدر أغلب مقاتلي جيش أسود الشرقية والذين هربوا من مناطق دير الزور بعد معارك طاحنة مع تنظيم «الدولة» عام 2014.
من الناحية السياسية، يحسب هذا التقدم الكبير لفصائل الجيش الحر في مشاركتها في محاربة الإرهاب والقضاء على تنظيم «الدولة». ويعزز هذا التقدم فرص توسيع رقعة سيطرة هذه الفصائل باتجاه الشمال والشرق، بالإضافة إلى أن معارك الأيام الماضية تترجم سياسيا بطرد التنظيم من محافظتين (السويداء وريف دمشق)، وبدء طرده من محافظة حمص، التي تعتبر أكبر المحافظات السورية مساحةً.
كذلك، فان تثبيت نقاط فصائل الجيش الحر في جبل مكحول وجبل دكوة وبير القصب يعطي بارقة أمل ودفعاً معنوياً لأهالي الغوطة المحاصرة وفصائلها، حول إمكانية كسر الحصار وإبعاد شبح الهزيمة العسكرية أو فكرة القبول بهدنة تفضي إلى تحييد الغوطة من الصراع أو تهجير أهلها قسرا على غرار بلدات طوق دمشق أو الوعر، أو حتى اتفاق البلدات الأربع الأخيرة (مضايا، الزبداني والفوعة، وكفريا)، بموجب الاتفاق الأخير بين هيئة تحرير الشام وأحرار الشام من جهة، وحزب الله وإيران من جهة أخرى.
العمليات المستمرة أدت إلى سيطرة فصائل الجيش الحر على كامل طريق دمشق بغداد، والممتد من التنف شرقا إلى حاجز المثلث شمال مطار السين وبمسافة تزيد عن 170 كم. وتخفف هذه السيطرة من مخاوف تقدم ميليشيا الحشد الشعبي إلى الأراضي السورية، حيث تسيطر على طريق بغداد في الأراضي العراقية، وتنزع أي ذريعة محتملة لتقدم الحشد الشعبي للحرب ضد تنظيم «الدولة» في البادية السورية على الأقل، فيما تبقى مخاوف التوغل إلى البوكمال عبر القائم بعد انتهاء معركة الموصل وطرد التنظيم منها.
في المقابل، فان الجيش الحر في القلمون يعاني من نقص كبير في عدد المقاتلين، وهذا لا يسمح بانتصارات كبيرة ضد التنظيم القوي. فضبط وتأمين المساحة الشاسعة التي تمت السيطرة عليها، ومنع التنظيم من اختراقها، يحتاج أضعاف المقاتلين الموجودين. وقد تشكل فرحة طرد التنظيم حافزا لدى الشباب للانضمام إلى الفصائل المقاتلة هناك، خصوصا من نازحي مدينة تدمر الذين لجأوا إلى مخيم الركبان في قلب الصحراء.
غياب استراتيجية واضحة لحرب تنظيم «الدولة» لدى المعارضة السياسية والعسكرية يؤخر أيضا تجنيد مزيد من مقاتلي الجيش الحر في الجبهة الجنوبية. هذا إضافة إلى أنّ وضع المعارضة كل جهدها في عملية «درع الفرات» يبدو أنه لم يجعلها تحقق مكاسب استراتيجية على المدى البعيد، بل اكتفت بالسيطرة على المنطقة الصغيرة، وأغلقت بوجهها طرق الوصول إلى تنظيم «الدولة».
وعليها التفكير بشكل جدي في التركيز على الجبهة الجنوبية وإشراك مزيد من عشائر منطقة دير الزور في معركة طرد التنظيم من محافظة دير الزور، مع النظر إلى حجم الفرص والجبهات التي يمكن مواجهة النظام فيها في حال سيطرة الجيش الحر على المساحات التي يسيطر عليها التنظيم، وبالتحديد، في ريف دمشق ومحافظة حمص.