هل ستعيد تركيا 2 مليون سوري إلى «المنطقة الآمنة» حال إنشائها؟

حجم الخط
2

إسطنبول ـ «القدس العربي»: يبدي عدد كبير من السوريين اللاجئين في الأراضي التركية خشية متزايدة من الأنباء التي تتحدث عن نية أنقرة إعادتهم إلى «المنطقة الآمنة» التي تنوي إنشائها بالتعاون مع الولايات المتحدة على الشريط الحدودي داخل الأراضي السورية، وذلك بسبب الخشية من الأوضاع الأمنية وعدم توفر الخدمات الأساسية.
وتتفاوت هذه الخشية بين اللاجئين الذي ما زالوا يعيشون في المخيمات المغلقة في المناطق الحدودية، وبين من يعيشون في المدن التركية الكبرى وتمكنوا من إيجاد فرص عمل ودخل مادي يمكنهم من العيش بظروف أفضل من المناطق التي يمكن أن يتم إعادتهم إليها في الداخل السوري.
وفي تصريح سابق قال رئيس الوزراء التركي المكلف أحمد داود أوغلو إن بلاده ستعمل على إعادة المهجرين إلى المنطقة الآمنة شمال سوريا، لكن محللين يستبعدون إقدام أنقرة على هذه الخطوة قريبا لا سيما أن المنطقة – حال إنشائها- تحتاج إلى فترة طويلة من التأهيل لكي تصبح قادرة على استقبال هذا العدد من اللاجئين.
لكن وزير الشؤون الأوروبية وكبير المفاوضين الأتراك فولكان بوزكير، أكد رغبة بلاده في إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، وإنشاء البيوت والمدارس فيها، تمهيدا لعودة اللاجئين السوريين إليها. وقال: «اللاجئون السوريون لم يأتوا إلى تركيا لتأسيس حياة جديدة وامتلاك منازل هنا، حيث أنهم تركوا منازلهم خلفهم وفروا من الحرب»، لافتا إلى أن اتفاقا تركيا أمريكيا عُقد بهذا الخصوص.
وأشار إلى أن زمن إشادة الغرب بالخدمات التي تقدمها تركيا للاجئين في المخيمات، قد ولّى. لافتا إلى ضرورة التحرك لمعالجة المشكلة في أرضها. مضيفا أن تركيا أنفقت أكثر من 6 مليارات دولار على اللاجئين، إلا أنها لم تطالب يوما في تعويض تلك النفقات. وأكد «استحالة عيش اللاجئين في المخيمات إلى الأبد»، لافتا «إلا أن شركاءنا لم يقدموا لنا الدعم الكافي في استضافتنا لللاجئين».
وما زال الغموض يكتنف تفاصيل الاتفاق الأمريكي التركي القاضي بإنشاء منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، ففي حين يؤكد الجانبان وجود اتفاق في هذا الإطار، تنفي الولايات المتحدة العديد من تصريحات المسؤولين الأتراك حول مساحة المنطقة والجهة المستهدفة والهدف منها، في تناقض يظهر تواصل الاختلاف في وجهات النظر بين الجانبين.
ويعيش قرابة 260 ألف لاجئ سوري في 26 مخيما أقامتها الدولة التركية في مناطق بالقرب من الحدود مزودة بجميع الخدمات التعليمية والصحية، ويتلقى القاطنون فيها مساعدات عينية ومالية، في المقابل يتوزع العدد الأكبر من اللاجئين في المدن الكبرى، حيث تتفاوت ظروفهم المالية والمعيشية.
وتباينت ردود فعل العديد من السوريين الذين التقتهم «القدس العربي» في تركيا، لكن أغلبهم رفض فكرة العودة إلى هذه المناطق من دون ضمان استتباب الأمن بشكل كامل فيها، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية، مشيرين إلى أن عودتهم تعني تكرار مسلسل التشرد والبطالة.
وباتت شريحة – ليست قليلة – من اللاجئين السوريين لا سيما في مدينة اسطنبول مرتبطة بأعمال تجارية ومهنية وتمتلك بيوتا ومشاريع، أو عائلات صغيرة تستأجر شققا سكنية ويعمل أحد أفرادها، الأمر الذي ولد قناعة لديهم بأفضلية البقاء في تركيا على العودة إلى الداخل السوري.
ويقول غزوان المصري الخبير بالشؤون التركية: «تركيا قامت بتحديد مكان المنطقة الآمنة، معالمها ومساحتها، وطريقة حمايتها، وطريقة إدارتها، وكيفية إخلائها من التنظيمات المسلحة، وطريقة جعلها منطقة آمنة وملاذا يلجأ إليه المدنيون السوريون الفارون من جحيم الحرب الدائرة منذ خمس سنوات».
ويضيف في مقال له: «تعتقد تركيا بضرورة إقامة هذه المنطقة الآمنة للحد من تدفق اللاجئين السوريين باتجاه الأراضي التركية، وتسعى لتكون هذه المنطقة مكانا آمنا لهم ضمن الأراضي السورية بدل إيوائهم في تركيا، وبالتالي تكون الحكومة التركية قد خففت من الأعباء المترتبة على عاتقها جراء نزوح اللاجئين إلى أراضيها والذي تجاوز عددهم المليوني لاجئ، وتكون بذلك قد أمنت لهم مكانا يلجأون إليه ضمن وطنهم وبلدهم». ويلفت المصري إلى أنه من المستحيل أن تقدم تركيا على إرسال جميع اللاجئين إلى المخيمات الحدودية – كما يزعم البعض – كونه أمر لا تستطيع تطبيقه ولارتفاع تكلفته، كما أنه من المستبعد أن تقوم بإعادة جميع من هم على أراضيها إلى المنطقة الآمنة حال إنشائها. ويبدو أن دولا أخرى باتت ترى في «المنطقة الآمنة» مخرجا للحد من أزمة اللاجئين السوريين، حيث اعتبر لبنان قبل أيام أن المنطقة الآمنة تشكل «بارقة أمل»؛ لأن هذه المنطقة ستمكّن الدولة اللبنانية من إعاة حوالي نصف اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس: «نرى الآن في لبنان أن بارقة أمل تحدث في الخارج وهناك مناطق آمنة ستصبح واقعا قرب الحدود التركية»، منوها بوجود إحصاءات للمفوضية العليا للاجئين تفيد بأن أكثر من 43٪ من اللاجئين السوريين في لبنان أتوا من شمال سوريا. والعام الماضي خاض الجيش معارك شرسة لعدة أيام مع جماعات مسلحة من بينها تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة ذراع القاعدة في سوريا، حينما توغلت في عرسال.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    تركيا ستجبر اللاجئين السوريين على الذهاب للمنطقة الآمنة
    طبعا بعد تجهيزها بالمنشئات والخدمات والطرق ووو
    والسبب لقطع انشاء دولة كردية بشمال سوريا
    وكذلك التخفيف عن الأتراك بالداخل

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول محمد:

    فهنا القصة تركيا تريد قطع الطربق على دولة كردية شمال تركيا باعادت الاجيين السوريين احسنتم ياتراك تتاجرون ايضاء بالرواح المشردين سبحان الله حتى من كلنا نظنه زعيم للمسمين يتاجر بهم

إشترك في قائمتنا البريدية