هل سيؤدي التخلي عن المعارضة السورية لوصول صواريخ «مانبادز» إليها؟… استراتيجية ترامب ستكون كارثية… لن تقضي على الجهاديين بل ستقوي «القاعدة»

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: كثرت التكهنات حول الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مع الحرب السورية، في وقت تقوم فيه دول المنطقة إما بإرسال رسائل للتعاون أو تحاول خلق وقائع على الأرض.
فمن ناحية إيران التي تعتبر من الدول التي تعهد ترامب أثناء حملته الانتخابية بتمزيق الاتفاق النووي «الأسوأ في التاريخ» والموقع العام الماضي، فقادتها مثل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية «ليسوا قلقين» من وصول المرشح الجمهوري بل على العكس أرسلوا رسائل للتعاون في منطقة الشرق الأوسط.
ووجه ما يبدو ترحيباً إيرانياً بانتخاب ترامب لا هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية الخاسرة، هو أن ترامب أبدى مواقف للتعاون مع روسيا التي تعتبر حليفة للنظام السوري وأكد انه سيركز على تنظيم «الدولة» وهزيمته لا الإطاحة بنظام بشار الأسد وأبدى تحفظاً من العلاقات الأمريكية ـ السعودية وقال إنه سيقلل من التزامات بلاده في مجال الأمن الدولي.

ترامب أحسن من كلينتون

وتحدثت صحيفة «فايننشال تايمز» في هذا السياق عن رد فعل الأسواق المالية الإيرانية التي تراجعت بنسبة 5% بعد إعلان الفوز ثم تعافت بعدما أكد ترامب إنه سيعمل مع كل طرف دون عداء.
ونقلت عن مصدر مطلع ومقرب من المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي إن الأخير لم يكن حزيناً لانتخاب ترامب للرئاسة، مشيراً إلى أن الطرفين قد يجدان تقاطعاً في المصالح «وهذا بسبب هجوم ترامب على السياسة الأمريكية التقليدية ولموقفه من روسيا وتنظيم الدولة والسعودية»، و»على ما يبدو فقد فضل ترامب على هيلاري كلينتون طالما لم يدمر الاتفاق النووي».
وهذا هو السبب على ما يبدو وراء الرسائل التي بدأ القادة الإيرانيون بإرسالها للرئيس المنتخب للتعاون في منطقة الشرق الأوسط على فرضية عدم قيامه بتخريب الاتفاق النووي الذي دمج في القانون الدولي بعد إقراره في مجلس الأمن، وأن رجل الأعمال يمكن أن يصبح رئيساً براغماتياً. وقال المستشار العسكري للمرشد الأعلى يحيى رحيم صفوي هذا الأسبوع «نأمل أن يقوم الرئيس الأمريكي المنتخب بتغيرات ملموسة (في سياسات الشرق الأوسط) للمساعدة بقلع جذور اللأمن في المنطقة».
وينظر المسؤولون الإيرانيون بقلق لمن سيختاره الرئيس المنتخب وزيراً للخارجية، فمن خلاله يمكن معرفة مؤشر السياسة الخارجية وسط تكهنات بمنح المنصب إلى جون بولتون، السفير السابق في الأمم المتحدة وأحد رموز المحافظين الجدد في إدارة جورج دبليو بوش السابقة. فقد دعا بولتون العام الماضي إلى هجوم عسكري ضد إيران لمنعها من بناء القنبلة النووية.
ومن المرشحين أيضا للمنصب، رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق الذي حصل على أجور مقابل خطابات ألقاها أمام حركة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني. وستترك العلاقات مع إيران أثرها على مستقبل الرئيس الإصلاحي حسن روحاني الذي يأمل باجتذاب الاستثمارات الأجنبية وإنعاش الاقتصاد الإيراني قبل انتخابات أيار/مايو 2017 التي يأمل بأن يحصل فيها على تفويض يحد من تدخل المتشددين في الحكم خاصة الحرس الثوري. ويرى إصلاحيون إيرانيون أن من أسوأ السيناريوهات هي وصول إدارة متشددة للحكم في طهران وإدارة صقورية في واشنطن.
وتعتمد علاقة ترامب مع إيران وفيما إن كان سيمزق الاتفاق النووي كما وعد على علاقته مع روسيا. وهنا شكك مسؤولون داخل الحزب الجمهوري مثل السيناتور الجمهوري بوب كروكر، في حديث مع شبكة «سي أن أن» في أن يلغي ترامب الاتفاق وقال إن الطريق الأسلم لبداية التعامل مع الاتفاق النووي هو بناء إجماع مع الدول الأخرى من أجل إثبات أن إيران قد خرقت شروط الاتفاق النووي.
ويظل الموقف من طهران مرتبطاً بالاستراتيجية من سوريا. وكان ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الملكف بملف الشرق الأوسط قد أشار إلى أن موسكو تأمل بتبني الرئيس الجديد «مدخلاً جديداً» في سوريا.
وقال «نحن أمام منعطف، فريق جديد قادم مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب. ونحن على اتصال مع الأشخاص الذين يعتقد أنهم سيعاونون الرئيس». وأضاف «نأمل أن تعترف الإدارة المنتهية ولايتها أنه بدون روسيا فمن المستحيل حل الموضوع السوري، ونحن مستعدون للحوار المفتوح».
وتأتي تصريحات المسؤول الروسي في وقت تلقت فيه الحكومة البريطانية تحذيرات تشير لتغيرات في السياسة الأمريكية المتعلقة ببشار الأسد. وقال الأخير إن ترامب قد يكون «الحليف الطبيعي» لو تمسك بما دعا إليه أثناء الحملة الانتخابية.
وتعلق صحيفة «ديلي تلغراف» إن فوز ترامب يفرض على الرئيس فلاديمير بوتين «بالمجهول المجهول» حسب إيغور سوتياغين، الخبير العسكري في معهد الدراسات المتحدة في لندن. وعلق قائلاً «إنها لحظة خطيرة لأنه غير مجرب ولا أحد يتوقع تصرفاته أو كيف سيرد». وفي جانب آخر «قد تكون فرصة لأنه قال إنه يريد العمل مع الروس في سوريا، ولهذا السبب تم تأجيل كل القرارات المتعلقة بحلب».

تشخيص غير صحيح

وفي هذا السياق كتب الخبير تشارلس ليستر الزميل الزائر لمعهد بروكينغز ـ الدوحة في مقال نشرته مجله «فورين بوليسي» حيث ناقش فيه أن سياسة ترامب السورية ستكون كارثة. وبدأ بالتعليق على تصريحات الرئيس المنتخب الأسبوع الماضي حيث قدم بعض الملامح لسياسته المتوقعة حول سوريا. والمقصود تصريحاته لصحيفة «وول ستريت جورنال» والتي تحدث فيها عزمه إعطاء الأولوية لمكافحة تنظيم الدولة ووقف الدعم المقدم للجماعات السورية المعارضة لنظام الأسد.
ويرى ليستر أن تصريحات ترامب تمثل «تبسيطاً» غير عادي لقضية معقدة. ومع أنها تحمل نوعاً من التناسق لكنه ليس التناسق الذي يرغب بتقديمه. فهو يقول إنه يريد مكافحة تنظيم الدولة لكن الأثر الرئيسي لسياساته سيكون محو الجماعات المعتدلة والمعارضة لنظام الأسد وتقوية المتطرفين الذين يفترض أنه يريد قتالهم.
وقبل الحديث عن الأثر الكارثي لسياسة ترامب حول سوريا علينا أن نتذكر ان نظام الأسد لا يتمتع بأي من الصفات التي تؤهله لكي يكون شريكاً يوثق به في مجال مكافحة الإرهاب «فهذه حكومة قامت أجهزتها الأمنية ببناء القاعدة في العراق بطريقة منظمة والتي ولد منها تنظيم الدولة الإسلامية لاحقاً، وأصبحت قوة ضاربة لقتال القوات الأمريكية في العراق من 2003- 2010. وربما ظل مئات من الجنود الأمريكيين أحياء اليوم لو لم يدعم نظام الأسد سلف تنظيم الدولة».
أما حديث ترامب عن التشارك مع روسيا لتحطيم الجهاديين فلا قيمة له خاصة أن بوتين يركز على كل شيء باستثناء قتال تنظيم «الدولة». وبحسب الإحصائيات فإن الغارات الجوية الروسية للفترة ما بين شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر استهدفت تنظيم «الدولة» بنسبة 8% أما الباقي فقد تركز على الجماعات السورية المعارضة.

«سي آي إيه» تعرف

وعلى خلاف ما جاء في تصريحات ترامب أن الولايات المتحدة «لا تعرف من هم هؤلاء المعارضة» فوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» تدير شبكة علاقات دقيقة مع عشرات من فصائل المعارضة التي تعمل تحت مظلة الجيش السور الحر ومنذ عام 2012. ولا يزال البرنامج قائما وسمي باسم جديد هو «خشب الجميز» ويقدم دعماً لـ 80 جماعة تم التأكد من سجلاتها في أنحاء مختلفة من سوريا وبالتنسيق مع الحلفاء الإقليميين والدوليين. ويعلق ليستر أن دور الولايات المتحدة في هذه الجهود المتعددة الأطراف الدولية أكد وصول الدعم للمقاتلين السوريين وعدم تسرب السلاح للجماعات الجهادية المتطرفة.
وعلى خلاف التقارير التي تتحدث عن تسليم المقاتلين من هذه الجماعات أسلحتهم للجماعات المتشددة فلا تفكر هذه باستثناء بعض الحالات الانضمام لها. وكان حجر الأساس في دعم المعارضة هو تزويد المعارضة بصواريخ أمريكية الصنع «بي جي أم -71 تي أو دبليو» المضادة للدبابات والتي عملت على تأمين دور للمعارضة السورية وظلت لاعباً مهماً في النزاع.
وبناء على المعلومات المتوفرة فقد حصلت المعارضة على 1.073 صاروخاً مضاداً للطائرات، منها 12 تم تسربها لجماعات أخرى أي بنسبة 1.1%.ومن بين الجماعات التي تلقت دعماً من الولايات المتحدة لم تهزم سوى جماعتين من جماعات مرتبطة بـ»القاعدة».
ويبدو ترامب ميالاً لمواجهة أعراض الأزمة ـ الإرهاب- وفي الوقت نفسه تقوية السبب الرئيسي لها وهي ديكتاتورية الأسد. ويناقش ليستر أن جماعات المعارضة ليست تامة إلا أن رفع الدعم العسكري عنها والشرعية الدولية لن يؤدي إلا لتقويض المصالح الأمريكية. وهناك ملامح أكثر خطراً في سياسة ترامب وتتعلق بمفاقمة الحرب الأهلية التي مر عليها اكثر من خمسة أعوام ونصف العام.

«القاعدة» تستفيد

ويعتقد أن تنظيم القاعدة في سوريا – جبهة النصرة الذي صار يعرف بجبهة فتح الشام في موضع جيد للاستفادة من خفض الدعم العسكري الأمريكي لجماعات المعارضة المعتدلة. وقضت «جبهة النصرة» أربعة اعوام وهي تخترق الثورة السورية وتقدم نفسها للمقاتلين والمدنيين أنها الحارس والحامي للثورة الوطنية. وستزيد قوتها لو خسرت المعارضة السورية الدعم العسكري الأمريكي. وبعبارات أخرى فوصف هذه الجماعات بالمتشددة سيخلق الظروف نفسها التي أدت لصعود تنظيم الدولة في عام 2014.
فمنذ ظهور تنظيم «جبهة فتح الشام»، أكدت للسوريين أن الولايات المتحدة لن تقوم بدعمهم وأن المجتمع الدولي سيحولهم لضحية حكم أقلية. ولسوء الحظ فقد رسخت التطورات العديدة في سوريا هذه الرؤية في عقول الكثير من السوريين. فتردد المجتمع الدولي وخاصة إدارة أوباما في معاقبة الرئيس السوري على استخدامه غاز السارين عام 2013 والطريقة السهلة التي تدخلت فيها روسيا عام 2015 أدت لتقوية هذه النظرة التآمرية. ومع كل جريمة يرتكبها نظام الأسد والجماعات الموالية له تدفع السوريين نحو تصديق رواية «القاعدة».
فالموقف العام من لامبالاة الولايات المتحدة لمعاناة السوريين قربت السوريين من الجهاديين الذين أصبحوا حماة لهم بدلاً من الولايات المتحدة «قائدة العالم الحر» المفترضة. ومن هنا فمقترح ترامب القاضي بالتخلي عن جماعات المعارضة السورية سيحول سوريا إلى أفغانستان ما قبل هجمات 9/11 التي كانت تعيش على المسكنات. ويجب أن يكون هذا مثار قلق لكل من يهمه الأمن الدولي نظراً لقرب سوريا من أوروبا. ويقول ليستر إن قراراً من الولايات المتحدة للتخلي عن المعارضة السورية سيضعف الحلفاء الأوروبيين ويغضب الحلفاء الإقليميين خاصة السعودية وتركيا وقطر والتي لعبت دوراً مهماً بدعم المعارضة منذ بداية الانتفاضة السورية.
وهذا لا يعني أن هذه الدول لعبت دوراً فعالاً، فالطريقة الفوضوية وغير المنظمة التي زودت فيها المعارضة في عام 2011 و 2012 كانت سبباً في فشل الجيش السوري الحر وتحوله لجيش موحد. وكانت الولايات المتحدة هي التي أعادت توحيد والحفاظ على تماسك قوات المعارضة من خلال «غرف العمليات» في الأردن وتركيا والتي تحكمت بطريقة نقل السلاح إلى جماعات المعارضة. ومن هنا فتخلي أمريكا عن دورها يحمل مخاطر عودة الفوضى التي طبعت الثورة السورية. وسيكون الخطر أكبر في الوضع الحالي لأن تنظيم «القاعدة» في وضع أقوى من بداية الأزمة.
وستكون «جبهة النصرة» بحلتها الجديدة – فتح الشام محلاً لاهتمام الدول الإقليمية التي تريد الإطاحة بنظام الأسد. خاصة أن الجبهة أعلنت عن فك ارتباطاتها الخارجية مع تنظيم القاعدة. وبناء على هذا فليس من المستبعد أن تقدم تركيا أو قطر دعماً للجبهة وغيرها من الجماعات الجهادية حالة أوقفت واشنطن دعمها للمقاتلين المعتدلين. ولم تقرر بعد الدول الإقليمية رمي ثقلها وراء جبهة فتح الشام إلا أن قوتها ومعداتها العسكرية الفتاكة منذ تغيير الاسم تقترح دعماً من دول كما يقول الكاتب.
وقد تجد هذه الدول نفسها في حِلٍ من الالتزام بالمنع الامريكي على تزويد المقاتلين بصواريخ محمولة على الكتف «مانبادز» المضادة للطائرات. والى حدٍ ما فقد بدأت الصواريخ هذه تصل بطريقة غير شرعية للجماعات الجهادية بسبب غياب «القوة « الأمريكية لمنع ضرب معاقل المعارضة في حلب الشرقية. وبحسب مصدر مطلع وصلت ثلاث شحنات صغيرة من هذه الصواريخ للمعارضة منذ عام 2015.

منح حياة لتنظيم «الدولة»

وقد تقود الشراكة الأمريكية – الروسية إلى تقويض قوة تنظيم «الدولة» على المدى القريب ولكن في المدى البعيد ستدعم دعاية التنظيم. فلو استخدم الروس القصف السجادي الذي حاولت استخدامه مع المعارضة السورية في حلب فإن اسلوباً كهذا سيؤكد على أهمية رواية التنظيم ومحاولتها إحياء التمرد من جديد وبدعم شعبي ففي الوقت الذي انتعشت فيه الحركة الجهادية في عام 2012 و 2014 بسبب السياسات التمييزية والقهرية التي مارستها حكومة بغداد الشيعية والحرب الأهلية السورية فإن التمرد القادم سيتجذر في الحملة الدولية المشتركة الأمريكية ـ الروسية ضد السنة في سوريا.
ورغم حديث ترامب عن مخاطر الإرهاب المحلي إلا أن شراكته مع روسيا قد تلهم وتثير التعاطف المحلي مع الجهاديين وتدفع عدداً من الناشطين للقيام بهجمات في داخل الولايات المتحدة وأوروبا. ومع الخطط التي يفكر بها ترامب من ناحية فرض رقابة على المسلمين وملاحقة المهاجرين فسيناريو كهذا سيصبح خطراً كبيراً ولن يمنح أمريكا الأمن الذي وعد به المرشح الجمهوري مؤيديه.

تقوية إيران وحزب الله

من التداعيات المهمة لسياسة ترامب هي استفادة كل من إيران ووكيلها اللبناني حزب الله. فالرئيس المنتخب الذي وعد بتمزيق الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية يقترح سياسات تجاه سوريا لن تفيد إلا طهران وتعزيز موقعها الإقليمي.
فقبل ثورات الربيع العربي عام 2011 كانت سوريا بمثابة اللاصق الذي ربط مجالات التأثير الإيرانية الممتدة من بغداد إلى دمشق وبيروت. فقد اكد الاسد من خلال تحالفه مع إيران على استمرار حزب الله كقوة إرهاب ضاربة. وأصبحت إيران بعد ثورة عام 2011 عاملاً مهماً في حمايته على الأرض وبدرجة أهم من روسيا، ذلك أن هزيمة الأسد في دمشق سيقوض التحالف الإيراني بالمنطقة. وسيضعف حزب الله الذي يلعب دوراً عسكرياً وبرلمانياً في لبنان.
ورغم ما خسره الحزب من شعبية في العالم العربي إلا انه خرج من الحرب السورية قوياً وحصل على مساعدات عسكرية كبيرة من إيران وسوريا. ودليل على هذا العرض العسكري الذي نظمه في بلدة القصير السورية حيث استعرض فيها صواريخه ودباباته. وفي حالة تخلى ترامب عن المطالبة بخروج الأسد من السلطة والتأكيد على فقدانه الشرعية فستستفيد إيران من هذا الموقف وتعزز مكاسبها الكثيرة منذ الثورات العربية.

العودة الروسية

ويشير الكاتب إلى مقولات ترامب المعجبة ببوتين الذي وصفه بالرجل القوي، وهو وصف يفتقد الفهم لطبيعة الاستراتيجية الروسية في المنطقة الطامحة لبناء نفوذ في المنطقة على حساب التأثير الأمريكي وليس التعاون. ويعتقد الكاتب أن بوتين تفوق في التكتيك على باراك أوباما. ومن هنا فعندما يتحدث ترامب عن ملاحقة الإرهابيين ووقف الدعم المكلف لأمريكا فإنه بالضرورة يتخلى عن الساحة للروس. وفي الوقت نفسه فقد موضع بوتين نفسه بطريقة تجعله يستفيد من أي تعاون أو مشاركة في المستقبل مع الأمريكيين.
وفي كل الحالات فمحاولات فرض حل سياسي بناء على رؤية ترامب الخاطئة التي ترى في تنحية الأسد مضرة بمكافحة الإرهاب، ستدفع المعارضة للاستنتاج أن أمريكا تريد منها الاستسلام لرغبات المنتصر السوري – الأسد.
وقد يجد هذا وحلفاؤه الروس والإيرانيون وحزب الله وكل الميليشيات فرصة لمعاملة المعارضة السورية كجماعات إرهابية لا تختلف عن تنظيم «الدولة». وفي النهاية فسياسة ترامب المقترحة تجاه سوريا لن تعمل إلا على مفاقمة الوضع.
فبقاء الأسد في السلطة واستمرار الدعم من حلفائه يعنيان في النهاية عدم عودة ملايين السوريين الذين هربوا من بلادهم وسيظلون في دول الجوار التي استقبلتهم، وستزيد الأعباء المالية وفرص عدم الاستقرار في هذه الدول وكذا على أوروبا.

هل سيؤدي التخلي عن المعارضة السورية لوصول صواريخ «مانبادز» إليها؟… استراتيجية ترامب ستكون كارثية… لن تقضي على الجهاديين بل ستقوي «القاعدة»

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية