هل كان نظام الأسد يشكل خطراً على إسرائيل كي تتآمر عليه؟

ما أن اندلعت الثورة السورية قبل ست سنوات حتى راحت وسائل إعلام ما يسمى بمحور الممانعة والمقاومة وعلى رأسها طبعاً إعلام النظام السوري، راحت تتهم إسرائيل بأنها وراء الثورة السورية، وبأن كل من رفع صوته ضد النظام هو عميل للصهيونية. تهمة يكررها النظام منذ عشرات السنين في وجه كل من يوجه انتقاداً ولو حتى لأسعار الفجل والخس والبطاطا في سوريا الأسد. أسهل تهمة في سوريا تجعلك تختفي وراء الشمس هي تهمة العمالة لإسرائيل. وقد استغل النظام هذه الكذبة استغلالاً بارعاً على مدى عقود، بحيث لم يعد السوريون قادرين حتى على انتقاد رئيس البلدية في القرية لتقصيره في تزويد القرية بالمياه خشية أن يتهمهم النظام بالعمالة للصهيونية والامبريالية. وبالتالي، لم يجد النظام أفضل من الشماعة الإسرائيلية لتشويه الثورة ووصمها بالخيانة والعمالة لإسرائيل.
لا شك أن إسرائيل عدوة لسوريا ومن صالحها أن يكون أعداؤها في أسوأ حال على مبدأ نابليون الشهير: إذا رأيت عدوك يدمر نفسه، فلا تقاطعه. ولو كان النظام نفسه مكان إسرائيل لربما تعامل مع الأزمة في أي بلد مجاور معاد له بنفس الطريقة النابليونية الاستغلالية.
لكن السؤال الأهم الذي يسأله كثيرون الآن بعد كل ما حصل في سوريا: هل كان من مصلحة إسرائيل التآمر على نظام الأسد وإيصاله إلى هذا الوضع الكارثي؟ ما هو السبب الجوهري الذي يجعل إسرائيل تريد أن تنتقم من النظام السوري الذي يحمي حدودها منذ خمسين عاماً كما يحمي عينيه برموشه؟ هل إذا كان لديك كلب مخلص يحمي بيتك ستقوم بالقضاء عليه؟ مستحيل، فمن عادة الناس أن تعامل كلاب الحراسة معاملة طيبة جداً مكافأة لها على خدماتها الجليلة في توفير الأمن والسلام لها.
لو كان الجيش السوري على وشك الهجوم على إسرائيل وتحرير فلسطين أو على الأقل تحرير الجولان السوري المحتل، لربما صدقنا كذبة التآمر الإسرائيلي على نظام الأسد، لكن الإسرائيليين في الجولان تفرغوا على مدى عشرات السنين لكتابة الشعر والاستماع إلى الموسيقى لأن الجولان تحول إلى أجمل وأهدأ منطقة للاستجمام في إسرائيل بعد أن منع النظام حتى العصافير أن تخترق الحدود الإسرائيلية. إن من يسمع الإعلام السوري وهو يتهم إسرائيل بالوقوف وراء الثورة السورية على النظام يأخذ الانطباع فوراً بأن الجيش السوري كان على أبواب القدس عندما ندلعت الثورة، فقامت إسرائيل بتحريض السوريين على رئيسهم كي تبعد خطر الجيش الأسدي عن المسجد الأقصى.
أرجوكم أن يجيبوني على هذه الأسئلة التالية لربما أنا مخدوع أو غابت عني حقائق خطيرة. هل كانت سوريا منذ أن حكمها النظام الحالي تشكل خطراً على إسرائيل كي تخشى منها إسرائيل وأمريكا وتتآمرا عليها لتدميرها؟ كل شيء في سوريا كان لمصلحة إسرائيل قبل الثورة. شعب مقموع ذليل لا يمكن أن يرمي حجراً على إسرائيل. وكلنا شاهدنا ماذا حصل للجنود والضباط السوريين الذين صدقوا كذبة المقاومة فحاولوا مهاجمة الحدود الإسرائيلية، فكانت النتيجة أن النظام أخفاهم وراء الشمس عقاباً لهم على مجرد تعكير صفو إسرائيل. ولا ننسى أن الطيران الإسرائيلي يطير أسبوعياً فوق قصر الرئيس دون أن يتجرأ أحد على إطلاق رشة ماء على الإسرائيليين.
هل من مصلحة إسرائيل التآمر على بلد محكوم بالحديد والنار والبسطار العسكري والمخابراتي منذ عام 1970 كما تريد إسرائيل تماماً؟ ما مصلحتها في تحريك الشعب السوري الخائف المقموع المستكين الذي لا يستطيع أن يفتح فمه إلا عند طبيب الأسنان؟ هل كانت تخاف من النهضة الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية السورية التي تنافس النهضة اليابانية كي تعرقلها وتقضي عليها؟ ألم يعمل النظام على تعطيل أي نهضة صناعية أو تكنولوجية أو حتى زراعية في سوريا تنفيذاً للمطالب الإسرائيلية؟ لو نظرت فقط إلى الشروط التعجيزية المطلوبة لفتح مدجنة دجاج في سوريا لعرفت فوراً أن مهمة النظام الأولى هي حماية إسرائيل من أي نهضة علمية يمكن أن تهدد إسرائيل لاحقاً. لقد تحولت سوريا في عهد القائد الخالد إلى أفسد دولة في العالم من أجل أن تبقى إسرائيل النموذج الأفضل في المنطقة؟
لقد هجرت معظم العقول السورية النابغة إلى الخارج لأن النظام كان يمنعها من تحقيق أحلامها وطموحاتها في البلد خدمة لإسرائيل.
هل كان لدى سوريا قبل الثورة اقتصاد عظيم يهدد الاقتصاد الإسرائيلي؟ أم كان اقتصاداً ذليلاً لا يمكن أن ينافس حتى بوركينا فاسو فما بالك أن ينافس اسرائيل هل يمكن أن تخشى إسرائيل من نظام سياسي قذر ومتسلط وطغياني وفاشي يجعل أحقر دول العالم تبدو ديمقراطية بالمقارنة معه؟ ألم يكن النظام السوري مثالياً بالنسبة لإسرائيل كي تبقى إسرائيل في نظر العالم الديمقراطية الأجمل في المنطقة؟
هل تآمرت إسرائيل على نظام الأسد فعلاً، أم انها سبب بقائه حتى الآن لأنها لم تجداً كلب حراسة أفضل منه؟

٭ كاتب وإعلامي سوري
[email protected]

هل كان نظام الأسد يشكل خطراً على إسرائيل كي تتآمر عليه؟

د. فيصل القاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح:

    ايهما افضل لاسرائيل نظام يقود دولة قوية موحدة ويدعم الفصائل الفلسطينية ام جماعات مسلحة متشرذمة متقاتلة متناحرة وتعالج جرحاها في مشافي تل ابيب ؟؟؟

  2. يقول ماجدة:

    اذا كان النظام سلم الجولان لاسرائيل فالمعارضة ستسلمها دمشق دون شك

  3. يقول Moussalim Ali:

    .
    – السيد سامح .
    .
    – بدون شك جماعة مهارضة متشرذمة لا تصلح لحكم سوريا .
    .
    – كما ان نظام دكتاتوري كيماوي طائفي براميلي سكاكيني لا يصلح لحكم سوريا .
    .
    – فما هو الحل إذن ؟ .
    .
    – الحل هو ان يتم إسقاط النظام المجرم في حق شعبه، وفي حق الإنسانية جمعاء .
    .وان يغادر سوريا الإستعمار الروسي . وتحاكم دوليا على جرائمها في مشافي ومدارس ومساجد وأسواق حلب .
    .وان تنسحب الجحافيل الإرهابية الإيرانية إلى إيران ، وتحاكم دوليا .
    وتنسحب كل العشرات من المنظمات الإرهابية التي أتى بها بشار الأسد لفتل الشعب السوري .
    .
    **** والحل هو ان تكون سوريا تحت وصاية دولية ، انتظارا لتحرير الدستور من قبل الشعب وليس من قبل مخابرات بشار.
    وتنظيم – تحت الإشراف الدولي – إنتخابات حرة نزيهة شفافة دمقراطية .
    ويترأس سوريا في النهاية ، إبن شعب سوريا، و ليس إبن طائفة أسدية باعت وعبثت في سوريا ****

  4. يقول تونسي ابن الثورة:

    تحيّة من أرض تونس مهد ثورات الرّبيع العربي إلى الإعلامي المناضل صاحب القلم الذّهبي الأستاذ فيصل القاسم وإلى كلّ أحرار الشعب السّوري المناضل من أجل حريّته وكرامته ومواطنته ، يقول الشاعر السّوري الفذّ المرحوم نزار قبّاني :” كانت لكم فلسطين دجاجة من بيضها الثّمين تأكلون ” . وهذا الكلام يهمّ كلّ الأنظمة العربيّة دون استثناء وعلى رأسها النّظام المجرم في سوريا.

    1. يقول تونسي ابن الجمهورية:

      @تونسي ابن الثورة: مواطنى العزيز ازول …كلامك صحيح لكن اضف لهم الحركات القومجية العربية و حركات الاسلام السياسي الذين يتاجرون بهذه القضية النبيلة و جعلها اصل تجارى ….لحشد الانصار لمشروع ﻻ يهم الفلسطينيين اصلا و ﻻ يعترف بهم كشعب ووطن …بل مجرد كيان فى محيط يسمونه امة عربية و اسلامية هى نفسها ليس لها وجد اصلا…و هذا اصل الداء الذي اوصل هذه القضية النبيلة الى اتسع حضيض …و اكاد اجزم ان فلسطين انتهت فعليا كقضية إنسانية اذا لم يبتعد الفلسطينيين عن تجار القضية من كل الانواع ….تحيا تونس تحيا الجمهورية

  5. يقول فادي / لبنان:

    لا حول ولا قوة الا بالله
    شو هالحل هاد
    وصاية دولية
    تنظيم واشراف دولي
    لا وصلنا !

  6. يقول كريم الياس/فرنسا:

    لقد افلس نظام ما يسمى( الممانعة و المقاومة و المماتعة) منذ زمن بعيد يا ( دكتور فيصل) منذ إعتلاء آل الأسد سدة الحكم في سوريا ، هذا النظام المجرم الذي وجد لحماية ظهر الكيان الصهيوني و تنفيذ سياسات مشبوهة في المنطقة على شاكلة ( دعم ايران في حربها ضد العراق….!! و تسخين الجبهة اللبنانية على حساب جبهة الجولان التي تنعم بالهدوء و آخيرا و ليس آخراً تدمير سوريا الممنهج بعد عسكرة الحراك الشعبي الذي تحول الى ثورة ضد الطغيان و هيمنة آل الأسد على مفاصل الدولة و تحويلها الى ملكية خاصة.. بالوراثة !؟ بالمحصلة الكيان الصهيوني لن يتخلى عن حليفه غير المعلن و سيبقى يدعمه من وراء الستار حتى إكمال مهمته الموكلة له و هى محو سوريا من الخارطة و تفتيتها الى دويلات….و تشريد شعبها عبر أصقاع العالم و اقامة مملكة آل الأسد على ما تبقى ،على شاكلة ( دولة اسراءيل على ارض فلسطين) و لكن في معركة الحرية الهزيمة داءما ما تكون من نصيب الطغاة المجرمين،. و شكرا لقدسنا الموقرة

  7. يقول علي النويلاتي:

    ينطبق على نظام الأسد قول “يقول قول الملائكة ويفعل أفعال الشياطين”. أليس هذا النظام من سلم العدو الإسرائيلي الجولان، ومن يحميه ويحمي حدوده؟ أليس هذا النظام من فرض الحصار على القوى اللبنانية والفلسطينية ومنع دخول المتطوعين للقتال (بمن فيهم 20 ألف متطوع من إيران) والأكل والدواء والسلاح خلال إجتياح إسرائيل للبنان عام 1982؟ أليس هذا النظام من حاول إغتيال القائد الشهيد أبو عمار، وحاول شق منظمة التحرير الفلسطينية وفتح؟ أليس هذا النظام من حقق ما عجز شارون عنه في طرد ما تبقى من القوى الفلسطينية من شمال لبنان بعد شنه الحرب عليها في شمال لبنان؟ أليس هذا النظام من أنقذ الكتائب عام 1976 عندما كانت على وشكل الإنهيار، بأوامر أمريكية إسرائيلية سعودية؟ أليس هذا النظام من تحالف مع أمريكا في حربها ضد العراق؟ أليس هذا النظام من قام بإغتيال القائد كمال جنبلاط وبطل صمود لبنان القائد سعيد صائل والحريري وعشرات القادة والمناضلين العرب والآلاف من المناضلين السوريين؟

  8. يقول نبيله من كندا:

    النظام السوري يعلم جيدا بأن إسرائيل ليست الخطر الحقيقي لنظامه ، إنما الشعب السوري المقموع. لذلك عندما قامت الثوره السوريه هدد إسرائيل ودول الجوار بالفوضى والإرهاب وبذلك استطاع بذكاء شرير أن يحتفظ بنظامه واسلوبه القمعي ،وايضا دعم الدول الخائفه على نظامها وامنها من الإرهاب والوقوف بجانبه. بس انشاء الله بتفرج في يوم من الأيام.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      إن شاء الله أختي نبيلة حفظكم الله وليس إنشاء الله
      مع تحياتي وإحتراماتي لكِ وللجميع
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  9. يقول كنعان - ستوكهولم:

    يروي لي صديق سوري دعي إلى الخدمة الإلزامية في الجيش السوري ، من أنه في الفترة التي جرت فيها حرب ” تحرير الكويت” بتحالف دولي وساهمت وحدات رمزية من الجيش السوري مع قوات للتحالف في منطقة ” حفر الباطن” ، قيل أثناءها أن القوات العراقية أطلقت عددا من الصواريخ على الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وكان رد الفعل لوحدة القوات السورية التهليل والتكبير واطلاق عيارات النيران الرمزية فرحا بعملية إطلاق الصواريخ العراقية على دولة الكيان ، رد الفعل هذا أدى إلى قيام قيادة الوحدة العسكرية السورية باعتقال الجنود والضباط الذين قاموا بإبداء فرحهم، كما جرى اعتقال أكثر من خمسة آلاف مواطن مدني في الأراضي السورية جرى تدوين التهمة في سجلات الامن بتهمة ” مبتهج” من جراء إطلاق الصواريخ العراقية.
    هذا واقع قد جرى ليوضح الموقف الرسمي للنظام تجاه اى ” اعتداء” ضد دولة الكيان الصهيوني ؟؟؟

  10. يقول Passerby:

    الرجاء من الدكتور المحترم كاتب المقال ومن الأخوة المعلقين أن لا يُستخدم مصطلح ” النظام السوري” لأن هذا يلطخ اسم سوريا بنظام إجرام قمعي فاسد شوَه التاريخ الناصع لسوريا وكل بلاد الشام الذي بناه أبناءها على مر العصور.
    من التهم السخيفة والمضحكة المدرجة في بنك تهم النظام تهمة تجعل الأطفال الرضع يضحكون من هكذا نظام جاهل الا وهي تهمة “إضعاف الروح القومية لدى الشعب وتوهين عزيمة الأمة في الصراع مع العدو الصهيوني”، بالله عليكم هل يستطيع أحد أن يفهم شيء من هذه التهمة، بالمناسبة أنا لا أمزح هذه تهمة وُجهت للكثير من النشطاء منذ عهد القبور الأب وذلك عندما كان يعجز النظام الأسدي عن إيجاد تهمة مناسبة.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية