سبقني زميلي واسيني الأعرج إلى شكر ترامب إثر تصريحه بخصوص القدس عاصمة أبدية لإسرائيل. رأيت في إقدام ترامب على هذا الفعل رغبته في دخول التاريخ من بابه الواسع، من جهة، ومن جهة ثانية تنفيذه لقرار لم يقدم عليه أي من رؤساء أمريكا السابقين عليه. ألقى ترامب حجرة في بركة العرب والمسلمين الآسنة بعد أن تبين له أن الجسد الذي يمتلكها بلغت جراحه النازفة أقصاها، وأنه لا يقوى على أي حراك لتنقيتها مما وحل فيها. وكانت دواعي شكري له تكمن في أنه أبرز، من خلال ردود الفعل الشعبية العربية ـ الإسلامية، أن القلب الذي يحمله ذاك الجسد ما زال ينبض بالحياة رغم كل النزيف، وأن فلسطين الذي تم شغل الناس عنها منذ عقود بدواع لا حصر لها، ما تزال تحتل حيزا في الذاكرة والوجدان.
جاء هذا التصريح مباشرة بعد أن شرع التلويح ببداية نهاية أسطورة «داعش» في العراق وسوريا، من جهة، وبعد التأكد من انقسام العرب على أنفسهم شذر مذر، بحيث يستحيل اجتماعهم مرة أخرى على كلمة واحدة، من جهة ثانية، بل وبداية بوادر اعتبار قضية فلسطين ثانوية، من جهة ثالثة. وكان لا بد من استغلال بدايات تلك النهاية، والانقسام، والتبعية المطلقة لخلق بداية جديدة تصب في اتجاه توتير العلاقات من جديد وتعقيدها في المنطقة، عبر التوجه إلى «بيت القصيد» في كل الحروب التي جعلت الشرق الأوسط بؤرة مشتعلة منذ أواخر الأربعينيات من القرن الماضي إلى الآن تحت دوال مختلفة، يتم خلقها، أمة بعد أمة، لكن المدلول الجوهري واحد: القضية الفلسطينية.
إن حل كل المشاكل التي يتخبط فيها العالم المعاصر، ليتوجه إلى القضايا البيئية التي تهم البشرية جمعاء، يتجسد في كلمة واحدة: وضع حد لمشكلة القضية الفلسطينية. وما الحرب على العراق، وتدمير قدراته، وبروز الإرهاب والتطرف، بدءا من القاعدة وصولا إلى «داعش»، وتعريض سوريا للتدمير، وإحداث شرخ كبير في البيت العربي، واستنزاف خيرات المنطقة عبر بيع الأسلحة… كل ذلك ليس سوى من تداعيات القضية الفلسطينية، مباشرة أو ضمنا. وإذا كانت الحروب الثلاثة في 48، و67، و73، قد خاضتها إسرائيل بشكل مباشر ضد الفلسطينيين، بدعم لاحد له من أمريكا، فإن كل الحروب بعدها، بدءا من حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، والثانية ضد العراق، والحرب على الإرهاب، كلها تكلفت بها أمريكا، معفية إسرائيل من الانخراط فيها، بجعلها تهتم بالحرب الداخلية ضد الفلسطينيين عبر تقسيمهم أولا، من جهة، ومواجهتهم، من جهة أخرى، بفرض المزيد من الاستيطان لخلق واقع ثابت يعلو على أي واقع محتمل بعد نهاية كل الدواعي التي تخاض فيها حروب باسمها في المنطقة.
في هذه الصيرورة التي بات فيها الجسد العربي والإسلامي عاجزا، ومنقسما، وغير قادر على فعل أي شيء، يتم إلهاؤه بالحروب العربية ـ العربية ـ الإسلامية، وتضخيمها على أنها القضايا الكبرى التي عليه الانشغال بها. وستظل العراق وسوريا، في حال حل مشاكلهما المستعصية عاجزتين عن أية مقاومة، ولو على المستوى الافتراضي، لأن الواقع منذ بداية السبعينيات أثبت أن الممانعة ليست سوى شماعة ضد الشعوب، وليست ضد إسرائيل. وصل ترامب إلى البيت الأبيض، في هذا السياق، ليستكمل المسيرة، وهو يرى أن الأوان قد حان لقطف ثمار أسطورة «إسرائيل الكبرى» و»الحرب المقدسة» على العرب والمسلمين بإعلان القدس عاصمة «أبدية»، وإثبات أن الرؤساء السابقين كانوا جميعا يمهدون من أجل الوصول إلى هذه المرحلة. وها هي ساعة القرار قد دقت. ولم يبق سوى نفاذ أسطورة الدعوى الصهيونية.
اعتبرت إسرائيل القرار تاريخيا، بمعنيين: أولهما أنه يأتي في أوانه. وأنه ثانيا يحقق الحلم التاريخي الذي استفاق عليه الصهاينة مع وعد بلفور، وأن اليهود عادوا إلى أرضهم بعد ثلاثة آلاف سنة. وأن القرار واقعي لأنه يتأسس على ما جعلته إسرائيل واقعا حقيقيا، عن طريق المستوطنات، في الوقت التي كانت تخاض فيه الحروب عنها بالوكالة لإضعاف دول المنطقة، وإنهاكها، وجعل الشعوب العربية منشغلة عنها بقضاياها ومطالبها في تحقيق الحرية.
ليس الأمر قضية شخصية لترامب، كما تزعم التحليلات السطحية ذات النزوع النفسي. كما أن الرجل ليس أحمقا ولا مجنونا، كما تقدمه بعض الوسائط الاجتماعية، فهو يدير السياسة كرجل أعمال ناجح، ويتصرف كمدير مقاولة مسؤول. وما قدمه في برنامجه الدعائي بدأ في تطبيقه مباشرة بعد فوزه في الانتخابات. ابتدأ بجمع الأموال من الخليج على اعتبار أنها غنية، وعليها أن تدفع فاتورة الحروب الأمريكية. وهدد كوريا الشمالية، وادعى بأنه سيمحوها من الوجود، وتوعد إيران، وها هو يعمل على تخفيض الضرائب في بلاده، ويواصل رفع التحدي بما مهد له الرؤساء السابقون حول القدس… وما تهديده بقطع «المساعدات» عن الدول التي تصوت ضد القرار بتبرير توفير مليارات الدولارات لفائدة الخزينة الأمريكية، كما يقول غير آبه للقوانين الدولية، أو سيادة الدول في اتخاذ قرارتها، أو لاشتراطات الخطاب الدبلوماسي واستراتيجياته التي تنظر لها أدبيات تحليل الخطاب.
إن ترامب يريد بتبريره هذا أن يبين للعالم أن «المساعدات» التي تذهب إلى بعض الدول المستضعفة سواء كانت غنية أو فقيرة هي باب «الصدقات» التي يتبرع بها على الآخرين، غير مدرك، أو غير معترف بالأحرى، أن تلك «المساعدات» المسمومة ترهن تلك الدول وتجرها إلى التبعية المطلقة للسياسة الأمريكية، وتعرض تلك المناطق إلى المزيد من التخلف والخنوع بدعوى الحماية من الأخطار المفترضة، والمساندة «اللامشروطة». لكن أمريكا حين تظهر مصالحها المهددة تنفض يديها من كل التزاماتها تجاه الدول التي رهنت مصيرها بها، وتفرط فيها بين عشية وضحاها. وتاريخ علاقات أمريكا مع حلفائها يقدم عشرات الأمثلة. ليس لأمريكا سوى حليف واحد، هو نفسها، ووحيد هو إسرائيل باعتبارها ولاية أمريكية في الشرق الأوسط، مهما كان الحزب الذي يتولى البيت الأبيض.
كنت أود شكر ترامب ليس لأنه اتخذ قرارا، ولكن لأني رأيت أن بإمكان قراره هذا أن يدفع الفلسطينيين إلى نسيان كل تاريخ صراعاتهم، وإلى الأبد، وأن يتفرغوا يدا واحدة لمواجهة الاحتلال الصهيوني. وأن يدرك العرب والمسلمون أن كل خلافاتهم تافهة أمام ما يدبر لكل واحد منهم، وبالتناوب، من استراتيجيات ترمي إلى إدامة تأخرهم، واستمرار تناحرهم، والحرب الإيرانية ـ العراقية خير مثال. وما بروز نبض قلب الشارع العربي والإسلامي، رغم كل المآسي، سوى تجسيد لهذا الموقف المطلوب. بدون وحدة العرب والمسلمين، وتجاوز كل الخلافات المصطنعة لا يمكن الحفاظ على العروش، ولا تحقيق أحلام الشعوب في العيش الكريم.
كنت أود شكر ترامب لأنه أعاد سيناريو بوش حين قال: إما أن تكون مع أمريكا، أو ضدها، وهو يتوعد الدول بابتزاز تاجر حقير لا يقل دناءة عن تاجر البندقية، فجاء التصويت عنيفا: «لا لأمريكا»، إعلانا لاستيقاظ الضمير العالمي، وإبرازا لكون أسطورة أمريكا العظمى هي في بدايات نهايتها، تماما مثل الأسطورة الصهيونية. وكل بداية جديدة في التاريخ لا بد لها من رجل مثل ترامب، فهل سيكون العرب في مستوى اللحظة التاريخية؟ ويستيقظون من أوهام الارتباط بأمريكا؟
آه … تلك هي المسألة!
كاتب مغربي
سعيد يقطين
أصبت استاذ يقطين انها الصحوة من جديد وأتمنى أن تصل الشعوب العربية إلى تضافر جهودها لنصرة فلسطين والمسألة بسيطة وناجعة في آن معا:
ـ المطالبة بسن قوانين تمنع التطبيع مع الدول المغتصبة كما حصل في وقفة شعبية في تونس
ـ مقاطعة البضائع الامريكية والاسرائيلية في سائر الدول العربية والاسلامية
ـ التبرع بدولار شهري لإخوتنا في فلسطين
شكرا ترامب
الشكر الجزيل يستحقه الشعب الفلسطيني
–
مزيدا من الصمود
–
تحياتي
اتمنى ان تكون هذه الصحوه يتبعها نهضه صناعيه وزراعيه بحيث نعتمد على انفسنا ولا نستجدّي الفاسد من الصناعات الغربيه وخاصة السلاح ولا نأكل الاّ ما تخرجه ارضنا من خيرات واستشهد بقوال الدكتور العالم المصري احمد بن زويل
“الغرب ليسوا عباقره ونحن اغبياء هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل”
والكل يعرف السبب………؟؟؟؟
أخي شوقي الجمل, أنا أعرف المرحوم أحمد زويل وقابلته مرة في برلين في أحد المؤتمرات العلمية. وبغض النظر عن إنجازاته العلمية وغير العلمية الكبيرة والكثيرة, يؤسفني جدا أن أقول أن المرحوم العالم الكبير أحمد زويل نسى! فلسطين والشعب الفلسطيني عندما تذّكر أن اليهود كانوا ضحايا للنازية بجرائمها البشعة والتي لايمكن ولايسمح بإنكارها طبعا, ولا أعتقد حسب معرفتي (وسأكون شاكراَ لكل من يزودني بمعلومات أخرى) أنه كان ضد الصهيونية بجرائمها البشعة أيضاً (على الأقل لم أجد ذلك حتى الأن) والتي يحاول العالم الغربي مع الصهيونية إنكارها وطمسها. هذه هو أحد الأدلة على أننا نعيش مأزق حضاري عميق, ويعلم الله كيف نستطيع الخروج منه.
آه يا أخي سعيد يقطين, كلماتك الأخيرة وضعت الأصبع على موضع الجرح كما يقول المثل الشعبي. هل سنكون على مستوى اللحظة التاريخية, هل هناك شعلة مضيئة أو بادرة آمل في الأفق؟ لايستطيع الانسان أن يرى ذلك ولايبدو الأمر كذلك, ولكني أستطيع القول بكل ثقة أننا على الدرب سائرون.
يجب على العرب والمسلمون إن كانوا يومنون بالله واليوم الآخر أن يعلموا أن الذي يرزق هو الله تعالى وليس أمريكا.الله هو من يرزف أمريكا وغير أمريكا.والإفراط في المباديء من أجل حفنة من الدولارات سيجعلهم رهينة عبودية ورق للعم سام لأننا لا نتوكل على الله ونتوكل على غيرنا.التصويت ضد قرار ترامب بداية حسنة ولكن يجب اتباعها بخطوات ملموسة على الأرض تؤلم العدو لكي نسترد حقوقنا المشروعة.
اعتقد ترامب بانقسام العرب واحترابهم فيما بينهم أن القضية الفلسطينية ماتت من الوجدان العربي والإسلامي وبقراره هذا الذي يعتبر كهدية أيقضت الضمير العالمي الذي تصدى لهذا القرار الجائر والذي أثبت أن القضية الفلسطينية هي المتصدرة لرقم 1 وحتى وإن تدحرجت إلى أرقام خلفية بين الفينة والأخرى فهي لب مشكلة الشرق الأوسط التي لا يمكن القفز عليها مهما تم التآمر عليها ومهما حيكت ضدها من مؤامرات.
تحياتي الى الاستاذ سعيد يقطين …واقدر فيه ثباته على عهد مناصرة الحق الفلسطيني المسلوب…وحرصه على ابراز حقيقة الامور وجوهرها حتى في هذه المرحلة الكارثية التي كثر فيها النصب السياسي والاعلامي..وسادت فيها ايضا مظاهر انفصام الشخصية الفردية والجماعية على مستوى الانسياق لتدليس اشباه المنظرين وتجار الاحداث ….والطرواديون الجدد الذين تقمصوا شكل الحصان الخشبي المشهور في التاريخ…؛ وكان من نتيجة ذلك ان اصبح عتاة الصهاينة والعنصريين ودعاة الفصل العنصري من امثال ليفي وماكين …قادة عند ضحايا التسطيح السياسي والافك الاعلامي…. للثورات ورموزا للتحرر والتطور والتبشير بالربيع الذي يورق دما وقتلا وتنكيلا وتقسيما وتهجيرا وتفقيرا…!!!! بل ووصل الامر ببعض الخلايا الصهيونية الناءمة عندنا في حقول الفن والاعلام والكتابة بانواعها الى استغلال الفرصة والطعن في كل ثوابت القضية ورموزها التاريخية باسلوب يراهن على وصول المتلقي الى درجة الاستحمار المطلوبة بعد مراحل التكريس المكثفة في السنوات الاخيرة…، وليس من الصدفة انك لو تتبعت كلمة المندوب الصهيوني في الامم المتحدة يوم التصويت…ان تجد مايروجه هؤلاء استنساخا ونقلا حرفيا لكل ما ورد في تلك الكلمة…بالادعاء والتواريخ والزيف الجغرافي والفكري ….الى درجة تكشف بداهة عن الارتباط الوثيق بين الاصل والفرع…!!! واكرر تحياتي اليك والى كل الاخوة ومنهم الاخ فؤاد مهاني والاخ اسامة من المانيا.وشكرا.
الاخ اسامة كلية : من شروط منح جائزة نوبل ( غير المعلنة رسميا ) ان لا تتعارض مواقف المرشح للجائزة مع اسرائيل والصهيونية.وهذه حقيقة وليست دعاية.
أخي أشرف, لا أعرف لماذا تقصدني بتعليقك؟ أنا لم أتحدث عن هذا الأمر وليس في المقال أو التعليقات شيء يذكر بما يتعلق برأيك هذا, فماذا تعني بالضبط.
أسامة كلية : ((( أنا أعرف المرحوم أحمد زويل وقابلته مرة في برلين في أحد المؤتمرات العلمية. وبغض النظر عن إنجازاته العلمية وغير العلمية الكبيرة والكثيرة, يؤسفني جدا أن أقول أن المرحوم العالم الكبير أحمد زويل نسى! فلسطين والشعب الفلسطيني عندما تذّكر أن اليهود كانوا ضحايا للنازية بجرائمها البشعة والتي لايمكن ولايسمح بإنكارها طبعا, ولا أعتقد حسب معرفتي (وسأكون شاكراَ لكل من يزودني بمعلومات أخرى) أنه كان ضد الصهيونية بجرائمها البشعة أيضاً (على الأقل لم أجد ذلك حتى الأن) والتي يحاول العالم الغربي مع الصهيونية إنكارها وطمسها ))).اليس هذا هو كلامك المنشور؟
عذراَ منك أخي أشرف لقد اختلطت علي الامور في الصباح, أنا أسف فعلاَ. من ناحية تعليقك السابق, المشكلة لابد لنا من إيجاد دلائل بالوقائع والحقائق لدعم أو إثبات هكذا رأي وإلا سيبقى الأمر بمثابة رأي عام ويستطيع أي إنسان رفضه أو الادعاء بأنه رأي غير موضوعي, وهذا أمر مهم جداً في الحقيقة.
الاخ الحبيب اسامه ليس لي معرفه شخصيه بالدكتور احمدزويل ولكن مقولته مشهوره وانا فقط استشهدت بهذه المقوله وهي تجسد واقعنا اليوم فنحن بالوطن العربي لدينا الادمغه العبقريه وقادرين على انتاج الكثير الكثير ومفكرين وايادي عامله واراضي زراعيه وثروات معدنيه بالارض تغنينا عن الغير ومع كل هذا حاول ان تصنع مضخة ماء او محرك سيارة وانتظر النتيجه……!!!!
وعلى النقيض تجد الغرب وادنى مرتبه في ذلك تشجيع المعاقين عقليا بأقامة المسابقات التي يستطيعون القيام بها وتشجيعهم بالاضافه لتبني معظم الافكار التي يطرحها الطلاب ومتابعتها والامثله كثيره فالى متى………..؟؟؟
مع احترامي وتقديري
أخي شوقي الجمل, طبعاً الأمر واضح وهذا صحيح أيضا. ولكن أردت الإشارة إلى موضوع مهم وهو موقف المثقف أو العالم العربي نفسه. لأنه من المفروض أن المثقف يشكل طليعة المجتمع والأساس الذي يستند عليه بناء المجتمع حضارةً وثقافةً. لكن للأسف كما نرى في مثال المرحوم أحمد زويل, هذا المثقف أو العالم العربي يعيش أزمة تناقض حقيقية تدفعه إلى التخلي عن أهم الأسس الحضارية والاجتماعية والفكرية والإنسانية عامة التي يرتكز عليها المجتمع الذي ينتمي إليه, وأنا أسف لأن أقول أن الجوائز تجعلهم نجوماَ لامعين لكن ليس أكثر من ذلك. وهو ثمن يدفعه لضمان نجاحة وتفوقه في هذا العالم الذي يحاربنا حضارياً بكل علانية وصراحة وبدون (هنا المهم بالأمر) أي اعتبار للقيم الإنسانية أو العدالة الإنسانية اللهم إلا ظاهرياً, بدلاً من التفاعل الحضاري الذي يمثل قاعدة إنسانية أساسية. وهذا يشكل معضلة حضارية لنا فعلاَ. مثال آخر الروائي يوسف زيدان, … وطبعاً هناك أمثلة كثيرة على تعارض وخلاف كبير مع هذا النوع من المثقف الذي يمثله هؤلاء, رغم أن تأثيرهم العالمي يتم الحد منه (أو محاربته وخاصة على المستوى العالمي) بشدة. إنهم المثقفين العرب الذين مازالوا على نقيض هذا الطربق الذي سلكه أحمد زويل وغيره. حيث أن وفائهم لمبادئهم وللقيم الإنسانية وللمجتمع وللثقافته والحضارة التي أنجبتهم هي ماتميز طريقهم, والاسماء معروفة, ومثال معروف لنا الأديبة غادة السمان.