هل يتمكن الاقتصاد التركي من الصمود أمام «المشاكل المتعاظمة» لحين تجاوز «محنة الانتخابات»؟

حجم الخط
1

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تتعاظم المصاعب والمشاكل التي يتعرض لها الاقتصاد التركي كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستجري بشكل مبكر في الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو المقبل وسط شكوك حول مدى قدرته على الصمود حتى ذلك التاريخ.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأركان حكومته ألمحوا في أكثر مناسبة إلى أن أحد أبرز أسباب تقديم موعد الانتخابات كان تجنب «مؤامرات اقتصادية واسعة» كانت تحاك ضد الاقتصاد التركي وتهدف إلى إنهاكه وتوجيه ضربات ضخمة له حتى موعد الانتخابات التي كانت مقررة في نوفمبر 2019 المقبل، قبل أن يتم تقديمها لحزيران/يونيو المقيل.
وعلى الرغم من أن تجنب «المؤامرات الاقتصادية» كان السبب الرئيسي لتقديم الانتخابات، إلا أن الاقتصاد التركي ما زال يتعرض لمتاعب كبيرة من ذلك التاريخ تتزايد تدريجياً منذ أسابيع إلى أن وصلت إلى ذروتها، الأربعاء، بهبوط الليرة التركية إلى مستوى قياسي غير مسبوق أمام الدولار الأمريكي وتجاوزها حاجز 4.35. هذا التطور الذي وصفه خبراء اقتصاديون بـ«الخطير» استدعى من أردوغان الدعوة لعقد قمة وصفتها الرئاسة بـ«قمة اقتصادية»، وقالت المعارضة إنها «قمة أزمة» في محاولة لاتخاذ إجراءات تمنع مزيد من المشاكل الاقتصادية لحين انتهاء فترة الغموض السياسي التي تمر بها البلاد.
ومساء الأربعاء، اجتمع أردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة بالمسؤولين الاقتصاديين في البلاد من وزراء ومستشارين في الحكومة والرئاسة، وبينما جرى الإعلام عن مجموعة إجراءات لدعم الاقتصاد، توقعت مصادر تركية أن القمة خرجت بقرارات أخرى غير معلنة تهدف بالدرجة الأولى إلى إدارة الملف الاقتصادي لحين تجاوز مرحلة الانتخابات، قبيل الإعلان عن قمة اقتصادية أخرى الخميس لكبار الاقتصاديين في البلاد.
وحسب بيان المكتب الإعلامي للرئاسة «أكد الاجتماع على أنه سيجري اتخاذ التدابير اللازمة للحد من ضغوط أسعار الفائدة وارتفاع سعر العملة ومكافحة التضخم بشكل أكثر فعالية»، وعقب التأكيد على أن تركيا ستواصل «سياساتها الاقتصادية القائمة على النمو»، أعلن أنه سيجري اتخاذ خطوات لجذب المزيد من المستثمرين الدوليين إلى البلاد، وشدد على أنه «لن يتم المساس بالانضباط المالي الذي يعد من أهم عناصر اقتصاد البلاد».
ومع الإعلان عن القمة وقراراتها، تحسن سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار قليلاً، وسط شكوك واسعة بقدر هذه القرارات على إحداث تغيير كبير وسريع لإنعاش الليرة التي فقدت أكثر من 10٪ من قيمتها منذ بداية العام الحالي.
وسبق ذلك إعلان الحكومة عن سلسلة إجراءات لإنقاذ ودعم قطاع العقارات الذي يشهد ركوداً كبيراً، كان أبرزها العمل على تغيير قانون منح الجنسية للأجانب الذين يشترون عقاراً بقيمة مليون دولار، وتخفيض المبلغ إلى 300 ألف دولار.
وقبل أيام أيضاً، أعلنت الحكومة تخفيض ضريبة العقارات من 18٪ إلى 8٪، وتخفيض مصروفات الطابو للعقارات من 4 إلى 3٪ إلى جانب إعلان بنوك حكومية تخفيض نسبة الفائدة على بيع العقارات بالتقسيط، وجميعها إجراءات محصورة بفترة زمنية محددة ويتوقع أن تؤدي إلى خفض أسعار العقارات وتشجيع المواطنين والأجانب على شراء العقارات.
وفي إجراء آخر، أعلن وزير المالية ماجي إقبال عفو كامل عن الضرائب المفروضة على الأموال والذهب المجلوب من الخارج إلى تركيا حتى شهر تموز/يوليو المقبل، وتخفيضها إلى 2٪ بعد هذا التاريخ، في خطوة تهدف إلى تشجيع الاستثمار وزيادة العملات الصعبة الداخلية إلى البلاد. والأسبوع الماضي أعلنت الحكومة التركية منح وإعفاءات وتسهيلات للمواطنين بعشرات المليارات قالت الحكومة إنها تهدف إلى حث المواطنين على دفع الضرائب والمتأخرات وتشجيع الاستثمار، وقالت المعارضة إنها بمثابة محاولة من الحكومة لـ«شراء أصوات الناخبين». ورد رئيس الوزراء بن علي يلدريم على ذلك بالقول إن «التسهيلات الضريبية والإعفاءات لن تتسبب في نتائج سلبية على الاقتصاد، لأنها مرتبطة بحث المواطنين على تسديد ديونهم مقابل الحصول عليها، ما يعني أن خزينة الدولة سوف تشهد فائضاً لافتاً العام الحالي رغم زيادة الدفعات».
وفي خطوة جلبت مزيداً من الخسائر للعملة التركية، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية، الثلاثاء الماضي، تصنيفها للدين السيادي لتركيا مجددا، حيث خفضت علامة الديون السيادية التركية طويلة الأجل من «BB» إلى « ـ BB»، والقصيرة الأجل من «+BB» إلى «BB»، لكن مع نظرة مستقبلية مستقرة، في خطوة رأت فيها الحكومة التركية أنها تأتي في إطار «الضغوط والمؤامرات السياسية والاقتصادية المتواصلة ضد تركيا».

هل يتمكن الاقتصاد التركي من الصمود أمام «المشاكل المتعاظمة» لحين تجاوز «محنة الانتخابات»؟
قمم متلاحقة وقرارات حكومية لاحتواء الأزمة
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول S.S.Abdullah:

    على أرض الواقع لغة الاقتصاد والحداثة أولا، كانت سر نجاح رجب طيب أردوغان منذ 2002 وحتى 2018، فهو عكس أجداده من النخب الحاكمة للدولة العثمانية، حال قيام الثورة الصناعية الأولى، كانت سياسة الدولة الاقتصادية حماية المهن والحرف والصناعات بداية من مهنة التدوين (الخطاط) فمنعت أجهزة وآلات الطبع، فالدولة تعتمد على ما تجبيه من ضرائب من أصحاب المهن والحرف والصناعات، ومن حقهم على الدولة، هو المحافظة على خلق أجواء الوظيفة للإنسان، بينما في حالة رجب طيب أردوغان هو استلم دولة أساسها مفهوم الحداثة وبيروقراطية عقلية الآلة في أداء أي وظيفة، ومن هنا كان هو المبادر في مشروع الفاتح التركي، لتخفيض وزن الحقيبة المدرسية بواسطة، تحويل مفهوم الكتاب الورقي إلى كتاب إليكتروني، بينما في النموذك السنغافوري لتخفيض وزن الحقيبة المدرسية كان في إلفاء مفهوم الكتاب نفسه، والاعتماد على المادة المعرفيّة الموجودة على الإنترنت/الشابكة، واعتماد اللوحة الإليكترونية بدل الحقيبة المدرسية، واللوحة الإليكترونيةن أصبحت الصف الإليكتروني ومن ثم المدرسة والجامعة الإليكترونية، والآن مفهوم التعليم الإليكتروني والحكومة الإليكترونية والاقتصاد الإليكتروني، أي أن أساس الاقتصاد الإليكتروني في عام 2018 هو مشروع الفاتح التركي ومشروع القدوة النغافوري، نضيف له ما أنتجته الشركة الأمريكية أي بي أم تحت اسم واتسون والذي عملت به على تغيير منطق الآلة من منطق ثنائي (0/1) (مسموح/ممنوع) (أبيض/أسود) إلى منطق لغوي، لكي تستطيع الجيل الرابع من الآلات لثورة الحداثة الصناعية محاكاة عقل الإنسان في أداء أي وظيفة بالإضافة إلى عضلاته كما كان الحال في الجيل الأول والثاني والثالث.
    الذي لا يجب أن يفوت على الرئيس رجب طيب أردوغان اختلاف ما حصل يوم 14/7/2016 في فرنسا من فشل لعقلية الآلة هناك، كما فشلت عقلية الآلة في اليوم التالي في تركيا 15/7/2016 وانتصار عقلية الإنسان في تركيا لوقف انقلاب الآلة العسكرية لحماية الدولة والنظام، بواسطة المواطن والمقيم والزائر، ولذلك تركيا في حاجة إلى الجيل الثاني من مشروع الفاتح التركي الذي بدأ الأتمتة من فوق إلى أسفل في الدولة حسب رغبة ورؤية النخب، آن الآوان لتثق بالإنسان ويكون هو صاحب المبادرة في كيفية التطوير والتحديث للنظام، للتحول من اقتصاد الفرد إلى اقتصاد الأسرة (مشروع صالح التايواني) من خلال احتضان رؤية الموظف

إشترك في قائمتنا البريدية