القاهرة ـ «القدس العربي» لا بد أن الإخوان ومن والاهم يتنفسون الصعداء الآن، رغم جراحهم التي تتمدد بطول البلاد وعرضها.. فالرجل الذي يلقبونه بالسفاح والذي يحملونه مسؤولية إزهاق أرواح المئات من عناصرهم، شرعت السماء في الانتقام منه أخيراً..
يقولها آباء اقتيد ابناؤهم بليل إلى الزنازين الموحشة، ونسوة يدعين رب المستضعفين أن يشفي صدورهن من أولئك الذين حولوا الفرح لجنازة، واقتادوا الأزهار من الحدائق إلى حيث حفل العشاء الأخير.. محمد إبراهيم الذي ترعرع في دولة مبارك واستنشق الهواء في زمن محمد مرسي وتمدد بنيانه لعنان السماء في زمن السيسي، ربما يحل الآن الكلمات المتقاطعة شأن ملايين المحالين إلى التقاعد.. رحيل الرجل الذي كان رحيله المتوقع للكثير من المراقبين عنوان الصحف جمعاء أمس، فبعد كثير من التفكير اتخذ السيسي القرار الصعب، الذي طالما فكر فيه من قبل ملياً، فمحمد إبراهيم وزير الداخلية، الذي غادر منذ ساعات ليس مجرد مقعد وزاري فحسب، أو رقم صعب في حكومة إبراهيم محلب، بل هو الرجل الذي يمثل خزانة الرئيس وكاتم أسراره، وهو منه بمقام هامان من فرعون، كما يحلو لأنصار الرئيس المعزول أن يطلقوا عليه، أو بمنزلة هارون من موسى، وفق رأي معسكر 30 يونيو/حزيران. فعلها السيسي واستجاب لغضب عارم في صدور معظم النخب، سواء التي تنتمي لليسار أو اليمين. ومن المفارقات أن الصحف التي كانت تصفق لوزير الداخلية حتى يوم أمس، هللت لقرار عزله، لا لشيء إلا لأنه صادر من صاحب المقام العالي.. «الأخبار» أفردت الخبر في صدر صفحتها مؤكدة انها توقعت القرار وتساءلت عن اسباب عزل محمد إبراهيم. واعتبرت «الأهرام» القرار يؤكد على يقظة الرئيس واهتمامه بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وان الرئيس استجاب لمقتضيات اللحظة. أما «الوطن» فعنونت.. «ضربة رئاسية تطيح بوزير الداخلية.. استبعاد 6 وزراء واستحداث وزارتين»..
فيما ذهبت «الجمهورية» لأبعد من ذلك، حيث اعتبرت عزل اللواء إبراهيم ورفاقه زلزالا بقوة 8 على مقياس ريختر.. وعلى هديها سارت «المساء». و»اليوم السابع» تحدثت وأشادت بالقرار. أما «المصري اليوم» فأفردت المانشيت الرئيسي للحظات التي عاشها إبراهيم قبل أن يعلم بإقالته، غير أن كثيرا من الذين أهطلوا الرئيس بوابل من الثناء والتقدير، لم يفتشوا في توابع القرار، رغم أنه يكشف بجلاء قلق الرئيس من عدم نجاح حكومته حتى الآن في إحراز أهم وعوده التي قطعها على نفسه باستعادة الأمن.. صحف الأمس اكتفت بالتصفيق، ولم يعبأ المسؤولون عنها بتوديع اللواء الذي أمسك بمقاليد الأمور خلال الفترة الماضية بقبلة على جبينه أو حتى بجملة شكر أو شطر بيت من قصيدة، وهو الذي كان محل إعجاب معظم الكتاب ومختلف من أشادوا بعصاه الغليظة، وكعادة أي نظام يستلهم وقوده من الدم البشري لا قيمة للجياد التي تحال إلى التقاعد.
القلق يحيط بمؤتمر شرم الشيخ
الأيام المقبلة في مصر تمثل تحديا حقيقيا، خصوصا مع قرب موعد المؤتمر الاقتصادي الكبير المزمع انعقاده خلال أيام شهر مارس/آذار الحالي في مدينة السلام في شرم الشيخ، وتدعو فيه كل أو معظم مستثمري العالم. وكما تشير عزيزة فؤاد في «الأهرام» في اللحظة التي تعمل فيها مصر ومسؤولوها بكامل طاقتهم للإعداد لهذا المؤتمر، الذي يتوقع منه فتح آفاق جديدة وتغييرات اقتصادية واستثمارية ونقلة نوعية لمصر لإعادتها لخريطة العالم السياحية والاستثمارية، تتعرض مصر لهجمات إرهابية شرسة تحوم نحو تعطيل ذلك المؤتمر كي يثبت المتآمرون على مصر أنه لا يوجد أمن ولا أمان، وبالتالي يبثون الرهبة والرعب في الدول الآتية الينا باستثماراتها. وتعترف الكاتبة بأن الأيام المقبلة ستكون صعبة، وقد نرى إرهابا وحشيا ومخيفا يحتاج منا إلى إجراءات أكثر جدية، وأكثر حزما. فهم يستخدمون كل الوسائل التي لا نتخيلها. تضيف عزيزة: أننا نحارب دولا وتنظيمات عديدة تمول الإرهاب، فهذه الموجة من العنف المسلح ليست محلية فقط ولا ننتظر أن يوافق الغرب على إقرار قانون دولي لمواجهة الإرهاب، لأن ذلك معناه تقديم دول وأجهزة استخبارات معينة للمحاكمة، وبالجريمة نفسها وهذا لن يحدث أبدا في هذا العصر الذي فقد رحمته وضميره وتقطعت أوصاله وتغلبت المصالح والمطامع لدول بعينها على حساب دول الجوار، وعلى حساب أمتنا ومنطقتنا العربية، التي حولتها الأطماع الغربية والصهيونية إلى منطقة حروب وتفجيرات وإرهاب، لتقسيم المنطقة من جديد وحسب أهوائهم، مستغلين أصحاب الضمائر الفاسدة والمتطرفين لإسقاط الوطن وحرق مقدرات الشعب».
عندما يصبح الكلب مواطناً شريفاً
المستهجن والمثير للغثيان، كما يشير رضا حمودة في «الشعب»، أن يتم التفريق في الدم والإدانة والتجريم على أساس الانتماء السياسي، فيتذكر هؤلاء شيماء الصباغ لأنها يسارية وينسى عمدا سندس أبو بكر، لأنها محجبة وإخوانية، تذكروا الكلب المذبوح بعد تعذيبه بطريقة وحشية في شارع الأهرام في شبرا الخيمة، وأفردوا له مساحات من التغطية الإعلامية وفواصل من الشجب والإدانة لانتهاك حقوق الحيوان، بينما تم تعذيب المحامي كريم حمدي حتى الموت في قسم شرطة المطرية بعد 24 ساعة من قيام الأجهزة الأمنية في مديرية أمن القاهرة بإلقاء القبض عليه من منزله، واتهامه بالمشاركة في تظاهرات جماعة الإخوان المسلمين، ولم نسمع كلمة استنكار من قبل السلطة وأذرعها الإعلامية، وفق الكاتب، أو مجرد تعاطف مع الدماء التي من المفترض أن تكون كلها حراما. قتلوا أكثر من أربعين من شباب «الأولتراس» في ملعب الدفاع الجوي، ثم اتهموهم بأنهم كيانات فوضوية إرهابية، والأغرب أن الشرطة لم تقتلهم، وفي المقابل استشاطت السلطة غضبا وانتفضت انتقاما لمقتل 21 من المصريين المواطنين، ربما من الدرجة الأولى في ليبيا (لأنهم مسيحيون) على أيدي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وقام سلاح الطيران المصري بالرد في اليوم التالي بقتل مدنيين من بينهم أطفال في مدينة «درنة الليبية». يتابع حموده: في مصر دماءٌ ودماء.. دماءٌ طاهرة زكيّة يجد من يُرثيها ويبكيها حتى لو كان كلب شارع الأهرام المذبوح، فدمه أعز وأغلى عند ما يُسمى دكاكين «عقوق الإنسان»، ودم آخر رخيص لا بواكي له مهدرٌ ومباح على أساس الأيديولوجيا والانتماء السياسي، فإذا كنتَ من أبناء 30 يونيو/حزيران المخلصين وقُتلت على إثر «عطسة عنيفة» فكن مطمئنا على جنازتك المهيبة التي سيسطرها التاريخ، وتنقلها فضائيات مدينة الإنتاج الإعلامي على الهواء مباشرة».
تنظيم «داعش» أسس دينا جديدا
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف ومفتي الجمهورية السابق، أن خطابنا الديني يواجه أزمة حقيقية، تتمثل في تسارع الأحداث، واضاف جمعة في حوار مع «الأهرام»، أنه كلما حاول الأزهر أن يجدد في خطابه لمواجهة فكر معين أو جماعة متطرفة، تظهر جماعة أخرى تحتاج إلى تغيير في الخطاب والأسلوب. وأوضح أن علماء الأزهر الشريف تقع عليهم المسؤولية الجسيمة في توضيح وبيان الدين الصحيح في مقابل الدين الموازي، الذي أنشأته جماعة «داعش» الإرهابية وأمثالها من الجماعات المتطرفة. وأشار إلى أن مؤسسات الدولة جميعا ينبغي أن تتعاون في مواجهة التطرف والإرهاب، خاصة المؤسسات التعليمية والإعلام، الذي يجب عليه استضافة المتخصصين في مختلف المجالات لمواجهة الأفكار الشاذة. وفي حواره مع «الأهرام» كشف الدكتور علي جمعة، سبب البلبلة المثارة حاليا في وسائل الإعلام حول بعض فتاواه والتصريحات الخاصة به، كما تحدث معنا أيضا عن بعض الملفات الشائكة .. وإلى نص الحوار: «وحول أهمية تجديد الخطاب الديني استشهد جمعة بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «يبعث الله على رأس كل مئة عام من يجدد لأمتي أمر دينها»، أي يأتي بفهم جديد يوافق العصر والتغيرات التي تحدث في المجتمعات، في ظل الشريعة الإسلامية ومقاصدها العليا. والأزهر الشريف يقوم بهذه المهمة منذ عصور، ويطور الخطاب الديني، ولكننا نواجه أزمة حقيقية تتمثل في أن الأحداث في عصرنا متسارعة جدًا، وكلما حاول الأزهر أن يجدد في خطابه لمواجهة فكر معين أو جماعة متطرفة، تظهر جماعة أخرى تحتاج إلى تغيير في الخطاب والأسلوب، ولكن الأزهر وعلماءه قادر على التصدي لكل هذه الجماعات والأفكار المتطرفة».
الحرب ضد الإرهاب تفوق
حروب مصر جميعها
إذا ما أردنا الحقيقة والواقع، فلا بد أن ندرك بوضوح، أننا نخوض الآن حربا شرسة في مواجهة الإرهاب الأسود، لا تقل في خطورتها على أمن وسلامة الوطن، عن كل الحروب التي خضناها من قبل، إن لم تزد عليها خطرا. وزيادة الخطر ترجع كما يقر محمد بركات في «الأخبار» إلى أن العدو في كل الحروب التي خضناها من قبل، في «48» و«56» و«67» و«73» كان عدوا معلنا وخارجيا، وسافر الوجه، ولكن العدو هذه المرة له شقان أحدهما داخلي يعيش بيننا متخفيا ومدعيا البراءة، في حين أنه يعيث في الأرض فسادا ويمارس إرهابه وجرائمه بجبن ونذالة. أما الشق الثاني، وفق رأي الكاتب، فهو خارجي مؤيد للإرهابيين مساعد لهم بالمال والسلاح وأيضا بالدعم اللوجيستي، ويدعي في الوقت ذاته البراءة، بل يعلن أنه يحارب الإرهاب، في الوقت ذاته الذي يحتضنه ويستخدمه لتنفيذ أهدافه وخططه الاستراتيجية في المنطقة العربية والشرق أوسطية. وهو ما يكشف مدى كذب ادعاءاته.
ولكن رغم خطورة هذه الحرب وعلى الرغم من التهديد الجسيم الذي تمثله لحاضر ومستقبل الوطن والأمة، إلا أننا يجب أن نكون على إيمان كامل بأننا سننتصر بإذن الله وعونه، وأننا قادرون بإرادة الشعب على هزيمة قوى الشر والارهاب والضلال، وإحباط مخططاتهم الخارجية والداخلية الهادفة للنيل من مصر وكسر إرادة شعبها. ولتحقيق ذلك علينا السعي الجاد والعمل المخلص والمكثف لهزيمة الإرهاب والنصر في الحرب، والقضاء على هذه الطغمة الباغية ووضع نهاية لجرائمها الجبانة، وذلك بأن نكون جميعا على قلب رجل واحد في هذه المواجهة، وأن نكون صفا واحدا وقويا في هذه الحرب».
تأجيل الانتخابات
منح الحياة السياسية قبلة الحياة
ونتحول إلى الجدل الدائر حول تأجيل الانتخابات البرلمانية، الذي يعتبره مصطفي النجار في «الشروق» قراراً مصيباً: «كل من يتابع المشهد السياسي المصري خلال الفترة الماضية كان على يقين أن مجيء برلمان وسط هذه البيئة المحتقنة ومقاطعة أغلب القوى الديمقراطية وعبر آليات انفردت السلطة بوضعها، كان أخطرها قانون الانتخابات المعيب الذي قضت المحكمة الدستورية بعواره، كان يعني مزيدا من الارتباك وتعقد المشهد الذي صار ينذر بالخطر الشديد على المستقبل. لذلك ووفقاً للكاتب فقد جاء قرار المحكمة الدستورية الأخير كقبلة حياة للسياسة في مصر، إذ أدركت السلطة أن الأقدار قد منحتها فرصة لتصحيح المسار والخروج من النفق المظلم الذي تمضي البلاد إليه. انتقادات حلفاء السلطة الإقليميين تتعالى أصواتهم يوما بعد يوم لتبدي ضيقا وتبرما مما آلت إليه الأوضاع في مصر. تيار المؤيدين في الداخل تتمايز اليوم صفوفه ونسمع من داخله أصواتا ناقدة وساخطة، تحذر من تداعيات استمرار المعالجات الخاطئة في ملفات خارجية وداخلية، لا أحد يقول إننا نمضى في الاتجاه الصحيح سوى جموع المطبلين والمنتفعين، الذين سيقفزون من السفينة حين تعصف بها الرياح وتتلاعب بها الأمواج. أسوأ ما يمكن حدوثه الآن، كما يشير مصطفي، أن يستمر التعالي والعناد وإنكار الأزمة التي تمر بها البلاد وتحتاج لحلول غير تقليدية وخطوات جريئة تأتي من دولاب الدولة لتصحيح المسار. وأهم من يراهن على أن إجراء الانتخابات سيحل مشكلة مصر الحالية لأن هذا صار غير ممكن بالمرة، في ظل انهيار العملية السياسية، وفقدان الثقة فيها وهيمنة السلطة وأجهزتها على المسار السياسي المزعوم، الذي صار محاولة لترقيع ما لا يمكن ترقيعه. ويرى النجار أننا في لحظة تحتاج لطرح القضايا المصيرية والحقيقية بمنتهى العقلانية والتجرد بعيدا عن الهوس الإعلامي وموجات النفاق وحملات الدعاية والتأييد الرخيصة التي قادتنا لكل هذا البؤس».
هل تتحول مصر إلى خرابة؟
على مدار الأيام الثلاثة الماضية شهدت القاهرة وعدد من المحافظات المصرية عدة تفجيرات متتالية، فصلت بين بعضها ساعات، وبين بعضها الآخر دقائق، وبين بعض منها مجرد ثوان معدودات. وقد استهدفت هذه التفجيرات عدداً من فروع الشركات متعددة الجنسية (مثل شركات الاتصالات)، وأقسام شرطة، ودار القضاء العالي، وأضافت إلى ذلك عمليات استهداف جنود الجيش في سيناء. ويرى محمود خليل في «الوطن» أننا أمام عمل هادف، لا يعتمد على مجرد التفجير الاعتباطي الانتقامي، بل يسعى إلى تحقيق أهداف معينة، ويريد أن يبعث للعالم برسالة محددة، ملخصها أن النظام الحالي غير قادر على حماية الاستثمارات العالمية، لأنه عاجز عن حماية نفسه. يضيف خليل: من المفهوم بالطبع أن الذين يقفون وراء هذه التفجيرات يبذلون غاية جهدهم هذه الأيام من أجل ضرب المؤتمر الاقتصادي، الذي سيعقد منتصف الشهر الحالي. وأتصور أن هذه المسألة معلومة بالنسبة لأولي الأمر في هذا البلد. فمؤكد أن الأجهزة الأمنية تتحسب منذ فترة لمحاولات يمكن أن يقوم بها خصوم النظام لإفشال المؤتمر، وعندما يأتي الأداء على هذا النحو ونشهد تلك السلسلة المتعاقبة من التفجيرات على مدار الساعات الماضية، فمن حقنا أن نقرر أن ثمة شيئاً خاطئاً في الأداء، أو أن نكرر هذه العبارة التي كتبتها كثيراً تعليقاً على أداء هذه الأجهزة، عبارة «فيه حاجة غلط»! ويبدو أن أجهزة الأمن لا تستوعب الطريقة (المعلنة وليس السرية) التي يتحرك بها الإرهاب حالياً. أقول (معلنة) لأنها بالفعل كذلك، يكفي في هذا السياق أن تتابع صفحة «شهيد بولسين» الأمريكي الذي أسلم ويخطط مع الخلايا الإرهابية العنقودية التي تعمل الآن في مصر لما يطلق عليه «الثورة مفتوحة المصدر»، ويوجه إلى القيام بتفجيرات لا تستهدف الأفراد، قدر ما تسعى إلى ضرب المصالح».
أن تستيقظ على قنبلة أمر عادي
تزايدت بشكل ملحوظ عمليات تفجير عبوات ناسفة في أنحاء مختلفة من مصر، خصوصاً في القاهرة الكبرى. حتى صار خبراً عادياً أن تنفجر يومياً عدة قنابل، وصلت الأسبوع الماضي إلى أكثر من سبعة تفجيرات في يوم واحد، خمسة منها في القاهرة وحدها. هذا التطور في أعمال العنف، بزيادة عددها وتغير نمط توزيعها الجغرافي، دفع ذلك سامح راشد في «مصر العربية» لأن يتساءل حول تفسير تلك الحوادث ودلالاتها، وجدواها بمنطق القائمين بها (المفترضين)، والتداعيات المحتملة لتلك الطفرة الكمية مقابل التركز الجغرافي. ويدعونا راشد للتذكر بأن العنف ليس جديداً على مصر.. والتفجيرات أيضاً ليست أسلوباً جديداً للعنف. فقد شهدت مصر في أوقات سابقة عمليات تفجير لكنها في المجمل كانت عمليات محدودة ولا تمثل ظاهرة، كما هو الحال الآن. ومن أشهر تلك العمليات عملية سوزانا (فضيحة لافون) عام 1954. وبعدها بخمسين عاماً كاملة وقعت تفجيرات طابا في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2004 وبعدها بعام تفجيرا الأزهر وعبد المنعم رياض في 7 و22 أبريل/نيسان 2005، ثم ساحة مسجد الحسين في 22 فبراير/شباط 2009، ثم تفجير كنيسة القديسين، أي أن ما وقع من تفجيرات في ستين عاماً أقل من عدد القنابل التي انفجرت في القاهرة فقط في يوم واحد هو الخميس الماضي 26 فبراير.
ومما يؤكد أن أحد أهم أهداف تلك التفجيرات هو دعائي في الأساس، كما يقول الكاتب، أن كثيراً من القنابل والعبوات التي تناثرت مؤخراً، كانت هيكلية، أي صوتية فقط. والقلة المتبقية راح ضحيتها بعض المواطنين الأبرياء وليتخيل القارئ نفسه إرهابياً ولو مبتدئاً، ثم يسأل نفسه: هل كان سيلجأ إلى تلك «الفرقعات» التي لا طائل من ورائها سوى الاتهام بالإرهاب؟».
السيناويون يدفعون
من دمهم رسوم أخطاء النظام
ذهبت الجيوش إلى سيناء بلا خطة.. بلا بنك أهداف. هذه حقيقة يطلعنا عليها مسعد أبو فجر في «التحرير»، وهي حقيقة تفتح على حقيقة أخرى وهي أن النظام الذي يقف وراء الحرب مفتقر إلى المعنى. وسيناء ومساكينها اليوم يدفعون «كاش»، ومن دمهم، ثمن عدم وجود خطة وثمن افتقار إلى المعنى. ما استراتيجية النظام في سيناء؟ القضاء على «أنصار بيت المقدس»؟ اليوم وبعد أكثر من سنتين على إطلاق الحرب، صار «أنصار بيت المقدس» أكثر عددا وعُدَّة، مما كان عليه منذ سنتين. ويشدد أبو فجر على أنه حين بدأت الحرب كان بإمكاننا، كمواطنين عاديين، انتقاد تصرفات بيت المقدس علنًا. اليوم لم نعد نستطيع أن نرفع نظرنا في وجه ملثميه. في الوقت نفسه الذي علينا أن ندفع فيه ثمن غياب المعنى. وبلهجة من يشعر بالمرارة يتابع الكاتب: اليوم لم يعد أحد في العالم يخجل من الحديث عن ارتباك الحرب في سيناء، وعلينا أيضا أن لا نخجل، فنحن مَن يدفع الثمن.. إذا كنا نقول إن ما يحدث في سيناء وراءه أيادٍ خارجية، وهو كلام مثير للسخرية، ليس لأنه لا أيادي خارجية في المشهد، بل لأن الأيادي الخارجية لديها معنى يقاتل ضد لا معنانا، حتى إن كان معناها هو الموت. معنى الموت لا ينتصر حين يواجه معنى الحياة. تلك مقدمات تفرض علينا أن نراجع معنانا ووجوده. وبشأن السؤال: كم تتوقعون أن تكون نسبة مَن هاجروا بسبب الحرب؟ واحد قال: في حدود 10٪. هذه نسبة قليلة، قياسًا بمعدل الهجرة من مناطق الحروب، لكنها أيضا نسبة كاشفة عن حجم الفقر المنتشر بعد أكثر من 32 سنة على تحرير سيناء. فمعظم مَن يملكون فرصة للحياة في مكان آخر هاجروا إليه. ولم يبقَ على الأرض سوى الفقراء الذين يسترون فقرهم باستمرارهم في العيشة التي تعودوا عليها، وتعودَتْ عليهم. القصف المرعب غير مهمّ، حظر التجوال غير مهمّ، قطع الشبكات غير مهمّ، المهم أن الكثير منهم صاروا زبائن في عيادات الأطباء النفسيين».
فتنة النووي هل تبتلع السيسي؟
هذا مشروع فتن به خمسة من رؤساء مصر، والرئيس السيسي سادسهم. الفكرة لامعة، خصوصا في سنوات التحولات وانقلاب الموازين، بدأ الأمر كما يقول محمد هشام عبية في «التحرير» مع الرئيس عبد الناصر عام 1965. جاءت نكسة 1967 لتفرم في طريقها أي طموح لبناء محطة نووية في مصر، ولم يكن منطقيا بعدها بأي حاول من الأحوال والبلد يلملم شتاته من أجل أن يستعد لمعركة التحرير، أن يشطح بالرئيس السادات الخيال إلى حد أن يسعى لبناء محطة نووية، لكن في عام 1981. يتابع الكاتب غاب السادات، لكن الحلم النووي راود خَلَفَه مبارك. في 1983 طرحت مناقصة عالمية لتنفيذ المشروع، لكن ستر الله كان كامنًا في البيروقراطية المصرية الأصيلة. ظلت المناقصة عالقة في الهواء لسنوات، حتى وقعت كارثة مفاعل تشرنوبيل النووي المروعة عام 1986، وضربت سمعة المفاعلات النووية في مقتل، وعادت الفتنة عام 2007، غياب الرؤية والتخبط بين مشاريع ترسيخ مبارك الابن.. غابت فتنة مرسي ولم تغب فتنة النووي حتى في عهد رئيس انتقالي هو عدلي منصور، هو الآخر استغل أجواء ذكرى نصر أكتوبر في 2013، ليعلن إحياء حلم الضبعة النووي في زمن انتقالي متوتر. ويؤكد الكاتب أنه لا أحد الآن يتحدث عن بناء محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية غير مصر وأهلها. العالم كله يهرب من هذه المحطات الشريرة، كما يهرب العقلاء من وباء إيبولا. ويرى هشام أن التفكير في بناء محطة نووية كابوس حقيقي. كل الأمل أن يراجع الرئيس السيسي هذه الاندفاعة نحو المجهول، في بلد يتحرك فيه مترو الأنفاق وأبوابه مفتوحة بسبب عطل كهربي عابر».
حماس إرهابية.. أين حمرة الخجل؟
بمجرد أن تشاهد فيديو أوبريت «مصر قريبة» لن يأخذك العجب بخصوص تصنيف إحدى المحاكم المصرية حماس منظمة إرهابية، فهذه هي مصر الانقلاب، وفق رأي عامر شماخ في «الحرية والعدالة»: «بلد اللامعقول، بلد إنكار المعروف والاعتراف بالمنكر، بلد صار فيه الفاسق مؤمنًا والمؤمن فاسقًا، والطاهر وضيعًا، والوضيع طاهرًا ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وقد استمع شماخ إلى فيديو للإعلامي توفيق عكاشة منذ أسبوع يؤكد فيه – عدة مرات- أن «إسرائيل» ليست عدونا المرحلي – أي والله هكذا قال هذا الإعلامي، ما يعني أن مصر التي ولدنا ونشأنا فيها وعشقنا ترابها، ليست ذلك البلد الذي تدنس بعصابة أحالت نوره ظلمات وأفراحه أتراحًا وعبأته بالبلايا والأوجاع.. لأجل ذلك لم يفاجأ الكاتب بذلك الحكم الذي يعتبر حماس منظمة إرهابية، بل يتوقع – أن تصير هذه الديار ديار حرب، يحاد فيها الله ورسوله وتمنع فيها الصلوات الخمس، وقد وقعت إرهاصات ذلك بقتل المؤمنين إلا أن يقولوا ربنا الله، من الطبيعي إذًا أن تصبح حماس (المدافعة عن شرف وكرامة الأمة) إرهابية، و«إسرائيل» صديقة متعاونة، والإخوان المسلمون أعداء الشعب والوطن. وبلهجة يغلب عليها الأسى يتابع الكاتب: في أزمنة اللامعقول قد يدان الشريف لشرفه، وقد يعلو الحقير لحقارته، لكن لم نسمع في تاريخ الأمم والشعوب أن عدوًا عقائديًا صار وليًا أو صديقًا -إلا في مصر الآن. من ثم فإن الانقلابيين كما يصفهم شماخ يرون حماس إرهابية، والإخوان مجرمين، ويرون نساء مصر رخيصات، وبناتها متحللات باحثات عن رجال الخليج، ويرون رجال المحروسة – كما رأينا في فيديو مصر قريبة – إما عربجية أو بطالين لا عمل لهم، أو نصابين لا يقع نظرهم إلا على جيوب العرب الممتلئة بالدراهم والدنانير».
ابن تيمية متهم في زمن الدواعش
يتطاول الكثيرون الآن على ابن تيمية ويشتمونه شتماً مقذعاً مرددين «أن فكر ابن تيمية هو السبب في ظهور «القاعدة» و«داعش» وأخواتهما. والحقيقة التي يؤمن بها ناجح ابراهيم في «اليوم السابع»: «أن ابن تيمية بريء من فكر «القاعدة» و»داعش» وأشقائهما على السواء.. فـ«داعش» تكفر معظم المسلمين في العالم.. فـ«داعش» مثلاً تكفر كل جيوش العرب والمسلمين والشرطة أيضاً وتكفر كل حكام المسلمين وأعضاء البرلمان وكل الأحزاب، بما فيها الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية مثل، حزب النور والحرية والعدالة والبناء والتنمية في مصر وحزب النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في تركيا. أما ابن تيمية فهناك نصوص كثيرة له كما يقول إبراهيم تنهى عن تكفير المسلمين وتضع ضوابط قاسية جداً لذلك.. وهو ينفي في الكثير من أقواله ما يظنه البعض عنه أنه يكفر المسلمين. فيقول في مجموع الفتاوى 3/229 «من جالسني يعلم مني أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى.. وأنني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية.. ومازال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية». ويقول ابن تيمية في مجموعة الرسائل: « ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه.. كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة.. والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض.. ولا تحل إلا بإذن الله ورسوله».
الفيلم الإباحي في سفح الأهرامات غير مزيف
اعترف الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار، في بيان رسمي، أمس، بأن الفيلم الإباحي الذي تم تصويره داخل الأهرامات حقيقي وليس «فوتوشوب»، مؤكداً أن هناك تصويرا غير قانوني حدث لمشاهد إباحية في منطقة آثار الأهرامات، قامت بها إحدى السائحات الأجنبيات أثناء زيارتها للمنطقة الأثرية، ولفت الوزير إلى أنه تم تحويل الواقعة إلى النيابة للتحقيق.
وكانت «المصرى اليوم» قد نشرت عن الواقعة، إلا أن عددًا من القيادات البارزة في وزارة الآثار سارعت إلى تكذيبه، وادعت أن الفيلم المتداول «فوتوشوب»، حيث قال الدكتور يوسف خليفة، رئيس قطاع الآثار، أن الفيلم الإباحي والصور تم تركيبها بـ«الفوتوشوب» على يد أشخاص يخططون للإضرار بسمعة مصر. فيما أكد الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، حديث خليفة، واصفاً الفيلم بأنه غير حقيقي. أما كمال وحيد، مدير عام آثار الجيزة، فقال إن هناك عصابة «فيسبوكية» وراء ترديد هذه الأكاذيب وتساعدها مجموعة من الصحافيين، وطالب بمحاسبة المتورطين في هذا الخبر الكاذب لاعتباره سُبة للأمن القومي المصري.
وفي السياق ذاته، بدأت نيابة الهرم في الجيزة، أمس، تحقيقاتها في بلاغ مواطن، حول واقعة تصوير غير قانوني لمشاهد إباحية في منطقة آثار الأهرامات، التي قامت بها إحدى السائحات الأجنبيات أثناء زيارتها للمنطقة الأثرية. وبحسب التحقيقات، فإن تحريات الشرطة توصلت إلى أن الصور يرجع تاريخها إلى عام 2011، واستدلت التحريات على ذلك بظهور خلفيات بالصور لمواقع تم تغييرها.
الصحافيون لا يريدون نقيباً يتحرك بأوامر أمنية
نقابة الصحافيين في خطر، هكذا تدق سحر جعارة الأجراس في «المصري اليوم» مؤكدة أن هناك غزوا من بعض رجال المال والإعلام يسعى للسيطرة على النقابة وتحييدها تماما. في شارع «عبدالخالق ثروت» نقابة خرساء، لا تنطق إلا عويلاً على أرواح شهداء «صاحبة الجلالة».. وتقول سحر، إن كل من ينتمي لها يبحث عن «سبوبة» في الفضائيات، حتى النقيب الحالي الدكتور ضياء رشوان يعمل في قناة «سي بي سي إكسترا». لا يدين النقيب والزملاء البحث عن دخل عادل في ظل الأوضاع المتردية للصحافيين، شريطة ألا نصبح أسرى لهذا «الدخل»، وألا نقايض الحرية بلقمة العيش.. وأظنها معادلة مستحيلة على كل نقابي شريف. نحن نعمل وسيف الحبس مصلت على رقابنا، فالنقابة لم تتحرك لإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر والاكتفاء بالغرامة.. وكأننا بحاجة لثورة تعيد للصحافة مكانتها كـ«سلطة رابعة». ثورة تشريعية تترجم مواد الدستور المتعلقة بالصحافة والإعلام إلى قوانين تعيد تشكيل دور الصحافة، وتؤكد الحق في حرية تداول المعلومات. وتطالب جعارة بقانون جديد يحمي شباب الصحافيين والمتدربين، ويوطد علاقة النقابة بالمؤسسات الصحافية التي تعاني الترهل والفساد الإداري وتبطش بصحافييها. هذا تحديدا بعض ما جاء في البرنامج الانتخابي للزميل يحيى قلاش المرشح نقيبا للصحافيين. قلاش الذي تصفه الكاتبة بأنه نقابي متمرس، فقد انتخب سكرتيرا عاما للنقابة لمدة 8 سنوات، وهي أكبر مدة يقضيها نقابي في هذا الموقع.. كما شارك في إدارة أزمة القانون 93 لعام 1995 الذي أطلق عليه (قانون حماية الفساد).. وقت أن كانت «الجمعية العمومية» قوة ضاغطة على نظام مبارك. وترى الكاتبة أن مجلس النقابة والنقيب الحالي لا يعرفان شيئا عن أحوال الصحافيين. قائلة: لا قيمة لنقابة تُدار من «لاظوغلى» «وزارة الداخلية»».
حسام عبد البصير