غزة ـ «القدس العربي»: أكد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن قرارات الرئيس الأمريكي الأخيرة تجاه القدس، لن يمررها الشعب الفلسطيني، حتى لو فصلت الرؤوس عن الأعناق، ودعا لاستمرار الاحتجاجات على هذه القرارات في المناطق الفلسطينية وفي الدول العربية والإسلامية. كما طالب الكنائس بالصلاة من أجل القدس يوم الأحد.
وجدد موقف حركة حماس الرافض للاعتراف بإسرائيل. وقال هنية في كلمة حماسية ألقاها في مهرجان جماهيري كبير أقامته حركة حماس أمس في ذكرى انطلاقتها الـ 30، إن قرارات ترامب بحق القدس «ستسقط إلى الأبد»، مضيفا «القدس عاصمة فلسطين ولا نعترف بما يسمى بإسرائيل كي تكون القدس عاصمة لها».
وتابع بنبرة غاضبة «لن نمرر وعد ترامب حتى لو ضحينا بأرواحنا، وهدفنا في الأيام القادمة إسقاط ما يسمى بصفقة القرن». وأشار رئيس حركة حماس إلى ثلاثة مسارات، لإسقاط هذه القرارات التي أقرها ترامب، والمتمثلة في نقل سفارة بلاده إلى القدس، والاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل. وتتمثل هذه المسارات أولا في تحقيق الوحدة الفلسطينية، وبناء تحالفات قوية على مستوى المنطقة، والاستمرار بالانتفاضة.
ووصف هنية قرارات ترامب بأنها «عدوان على الشعب الفلسطيني»، وأشاد بالجماهير الفلسطينية في القدس والضفة وغزة وفي مناطق 48 ومخيمات اللجوء والشتات، وبالجماهير العربية والإسلامية وأحرار العالم، الذين تضامنوا مع القدس.
وقال موجها حديثه للرئيس الأمريكي «لا يمكن لكائن من كان أن ينتزع قدسنا أو يغير هويتها، ولا يمكن لأي قوة أن تمنح القدس للمحتل»، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني كذلك سيسقط ما يسمى بـ»صفقة القرن» التي ذكر هنية أن الرئيس محمود عباس وصفها بـ»صفعة القرن»، مشيرا إلى أن موضوع القدس جاء ضمن مشاريع هدفها «تصفية القضية الفلسطينية».
وتطرق زعيم حماس إلى ملف الوحدة الوطنية، في إطار خطابه الذي خصص للحديث عما تتعرض له مدينة القدس والقضية الفلسطينية، وقال إن حركة حماس تسعى إلى تحقيق الوحدة الوطنية والشراكة في إدارة شؤون الوطن، ليكون الرد على ما يحيط القضية الفلسطينية من مؤامرات، مشيرا أيضا إلى أنه جرى قطع أشواط كبيرة في ملف المصالحة.
القدس حاضرة في خطب الجمعة
ودعا الى معالجة تفاصيل المصالحة بسرعة، داعيا إلى الاتفاق على «استراتيجية نضالية وطنية» في إطار «المقاومة الشعبية الشاملة لمواجهة هذا المحتل»، مؤكدا كذلك أن «المقاومة المسلحة» على رأس هذا العمل. وطالب علماء الأمة الإسلامية وخطباء الجُمع، بأن يجعلوا القدس «حاضرة في خطبهم ودروسهم»، وطالب الكنائس في فلسطين والمشرق العربي، بأن يخصصوا صلواتهم يوم الأحد ودعواتهم وأعمالهم للقدس ولكنيسة القيامة وللمسجد الأقصى.
وشارك في حفل الانطلاقة ممثلون عن الفصائل الوطنية والإسلامية، أبرزهم أحمد حلس، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إضافة إلى وزراء حكومة التوافق. وقال حلس لـ «القدس العربي» على هامش مهرجان الانطلاقة «الوقت الآن هو وقف تجسيد الوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقسام إلى الأبد»، مؤكدا مضي حركة فتح نحو هذا الهدف.
مطالبة بالتحلل من أوسلو
من جهته دعا حميل مزهو عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية في كلمة باسم الفصائل ألقيت في المهرجان، الرئيس محمود عباس إلى اتخاذ إجراءات وأفعال صادمة للاحتلال الإسرائيلي. كما طالب القيادة الفلسطينية بالتحلل من اتفاقيات أوسلو والخلاص من التزاماتها السياسية والأمنية والاقتصادية وسحب الاعتراف بإسرائيل التي قال إنها «ارتكبت أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني».
وخلال المهرجان صدحت فرق فنية بأغان حماسية وثورية، من بينها أغان خاصة بحركة حماس، وأخرى خاصة بمنظمة التحرير وحركة فتح، عرفت في ثمانينيات القرن الماضي. ووضعت حماس ملصقا كبيرا خلف منصة الاحتفال، كتب عليه «المقاومة قرارنا، والمصالحة خيارنا»، كما اشتمل على صورة ناشط من الحركة يضع لثاما على وجهه، ومن خلفه صورة لمدينة القدس، كتب أسفلها «القدس عاصمة فلسطين».
وأعلن عن تأسيس حماس في 14 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1987، في بدايات «انتفاضة الحجارة»، وطورت الحركة خلال السنوات الماضية من عملها، فأسست في سنوات الانتفاضة الأولى جناحها العسكري كتائب القسام، الذي ضاعف من حجم قوته خلال السنوات الماضية، بامتلاكه أسلحة متطورة، وانضمام الآلاف إليه من قطاع غزة.
وخلال أحداث «انتفاضة الأقصى» التي اندلعت عام 2000، قامت إسرائيل باغتيال عدد من قادة الحركة أبرزهم المؤسس أحمد ياسين، وكذلك عبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة وصلاح شحادة، القائد العام السابق للقسام، وجمال منصور وجمال سليم، ونزار ريان وسعيد صيام، ردا على هجمات نفذها نشطاء الحركة داخل إسرائيل.
وفازت حماس في آخر انتخابات تشريعية التي أجريت في مطلع عام 2006، بأغلبية برلمانية كبيرة، بعد أن رفضت المشاركة في أول انتخابات عام 1996، وهو ما مكنها من تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة، قبل أن تقود الحركة في عام 2007 حكومة الوحدة، التي لم تدم سوى أشهر قليلة، قبل أن يحدث الانقسام بعد أن سيطرت الحركة على قطاع غزة بقوة السلاح.
وخلال العام الحالي أعلنت الحركة عن وثيقة سياسية جديدة، لا تعترف بإسرائيل، كما جاء في ميثاقها الأساسي، غير أن الوثيقة تضمنت مرونة سياسية جديدة، تتمثل بقبول الحركة دولة على حدود عام 1967، وأكدت خلالها استقلالها وعدم تبعيتها لتنظيم الإخوان المسلمين، قبل أن تعلن انتخاب قيادة جديدة لها برئاسة إسماعيل هنية.
وتخوض الحركة حاليا مباحثات في إطار تطبيق بنود اتفاق المصالحة مع حركة فتح، بهدف إنهاء كامل للانقسام الحاصل منذ نحو 11 عاما.
يشار إلى أن حماس أكدت في بيان ذكرى الانطلاقة الثلاثين، أن مدينة القدس ستظل فلسطينية عربية إسلامية، وأن كل محاولات القرصنة والتهويد ستبوء بالفشل. وقالت إنها اختارت طريق المصالحة والقضاء على كل أشكال الانقسام «عن وعي وإصرار»، مؤكدة أنّ منظمة التحرير الفلسطينية هي «إطار وطني» للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وأنه يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية. وأكدت أيضا أن حق العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم «حق طبيعي تؤكده الشرائع السماوية والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، والقوانين الدولية. وهو حق غير قابل للتصرّف من أيّ جهة كانت، فلسطينية أو عربية أو دولية»، مستنكرة في الوقت ذاته إصرار الحكومة البريطانية على «تبني الخطأ التاريخي» المتمثل بـ «إعلان بلفور» ورفضها الاعتذار عنه.
ووعدت حماس الشعب الفلسطيني بـ «النصر والتمكين»، وتوعدت الاحتلال بالقول «ضريبة الاعتداءات على شعبنا ومقدساتنا ارتفعت، وإن موعد السداد قد اقترب».
يشار إلى أن كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس نظمت عرضا عسكريا في مدينة غزة، احياء لذكرى الانطلاقة الـ 30 للحركة.
وجاب مسلحو القسام، وهم يضعون أقنعة على وجوههم شوارع رئيسة في مدينة غزة، ويحملون بنادق رشاشة، وأسلحة مضادة للدروع، وصواريخ من صنع محلي، استخدمها الجناح المسلح في قصف إسرائيل في المواجهات الحربية السابقة.
أشرف الهور: