■ أولا: اتصل بي صديق قديم للتهنئة بحلول شهر رمضان الكريم، وتطرق حديثنا إلى تطورات المشهد السياسي والإعلامي، الذي يتراوح بين التراجيديا الاغريقية ومسرح العبث. وفاجأني صديقي وهو يعمل استاذا استشاريا في الطب النفسي في بريطانيا، بأنه يملك تفسيرات طبية لكثير مما نشاهده من أحداث إعلامية وسياسية اصبح لا يكفي لتحليلها الاستناد إلى علوم العلاقات الدولية والصراعات السياسية أو المعرفة بأصول مهنة الاعلام، سواء المكتوب أو المرئي.
وعلى سبيل المثال فإن الاصرار على بناء عالم من الاوهام والانغلاق داخله بمعزل عن الواقع، يمثل احد انواع (الشيزوفرينيا) أو الانفصام، وهذا مرض مزمن يحتاج إلى علاج طويل، نادرا ما يحقق الشفاء الكامل. ويميل من يعانون من هذا المرض إلى اليقين بأن ما يؤمنون به هو الحقيقة المطلقة، ولا يقبلون اي جدال فيها، ويعد هذا أحد الاسباب التي تزيد من صعوبة العلاج. ويمكن إسقاط هذه الحالة بسهولة على تيارات سياسية مازالت تنكر الواقع وتبشر اتباعها بما لن يحصل، مثل أن تتصرف على انها قادرة على اشعال ثورة ثانية، مع انها لم تشعل الثورة الاولى اصلا. وطبيعي أن يصاحب هذا المرض شعور عارم بالاضطهاد، والسلوك العدائي تجاه كل من سيحاول تصحيح رؤيتها للواقع.
اما الساحة الاعلامية فيؤكد صديقي انها «كنز من الحالات» لمن يود اجراء دراسات معمقة لمرض «البارانويا» من حيث أعراضه، ومنها الهلاوس والهذيان العقلي. ومثال ذلك أن يتوهم اعلامي انه «زعيم ثورة» أو أنه «صديق شخصي لزعماء العالم»، مع أن مقابلة كبار المسؤولين جزء طبيعي من عمل اغلب الصحافيين. ناهيك عن انه الاعلامي «الاشهر» أو «الاكثر مشاهدة» وما إلى ذلك. ويعاني هؤلاء من شعور دائما بانهم ضحايا لمؤامرات يحيكها الىخرون ضدهم، وفي الحالات الحادة يسمعون اصواتا تؤكد لهم هذا. ويمكن بسهولة ملاحظة هذا المرض بدرجات واعراض متفاوتة وفي العديد من الصحف والقنوات الفضائية العربية. اما القاسم المشترك بينهم، رغم التناقض الشديد احيانا بين ما يروجون له من مواقف سياسية، فهو انهم تحولوا إلى مجرد أبواق تردد ما يريده هذا الطرف أو ذاك، مقابل أموال أو «هدايا» ضخمة في شكل عقارات وغيرها، وهم يتجاهلون أن هذا امر معلوم جيدا لدى المتلقين. وحسب توصيف المرض فان المصاب بالبارانويا نادرا ما يدرك حجم ما يثيره سلوكه من نفور أو اشمئزاز احيانا لدى الاخرين.
ولا تعليق عندي إلا طلب الشفاء لكل مريض في هذه الايام المفترجة.
ثانيا: «انتم مجرد عصابة سرقت ارضنا وسنطردكم منها» هذا ما قاله الضابط المصري (الذي يجسد دوره باقتدار الممثل الأردني إياد نصار) في مسلسل «حارة اليهود» وهو مكبل بالاغلال بعد أن وقع في الاسر، للضابط الاسرائيلي الذي يجن جنونه ويهدده بأنه سيذهب إلى بيته ويغتصب اخته ووالدته، وهنا يرد عليه الضابط المصري بنطحة من رأسه ادت إلى كسر انف الاسرائيلي، وبالطبع كان جزاؤه مختلف انواع التعذيب على ايدي جنود الاحتلال. هذا المشهد من المسلسل الرمضاني الذي يحظى بمتابعة واسعة في مصر والعالم العربي، وبالطبع لا يخلو من اخطاء درامية هنا وهناك، لم يكن «وطنيا بما يكفي» بالنسبة إلى البعض الذين اتهموه بـ»التطبيع مع اسرائيل». أما السبب الحقيقي فهو انهم اعتبروا أن المسلسل «معاد للاخوان»، وبالتالي فهو لا يمكن أن يكون الا «عميلا وخائنا». الواقع أن مثل هذه المواقف التي تشبه «المعلبات الغذائية الجاهزة والمسمومة احيانا» تطرح اسئلة جدية حول اسباب معاداة البعض في تيار الاسلام السياسي للاعمال الفنية التي تركز على المشاعر الوطنية، وتسجل تفوقها احيانا على اختلافات الانتماء الديني والمذهبي، مع أن الرسول لم يتردد في اعلان حبه لوطنه، وقال ما معناه إن مكة هي أحب أرض الله إليه، ولولا أن اهلها اخرجوه منها ما كان ليتركها ابدا.
لماذا يصر هؤلاء المتأسلمون ولا أقول الإسلاميين على أن يصدموا الناس في كثير من مشاعرهم الطبيعية والانسانية؟
ثالثا : لا معنى لرمضان من دون أن يفكر المسلم في المحاصرين والمعتقلين والجائعين ومن يصومون تحت القصف، في اكثر من بلد عربي. وكانت اخبارا رائعة أن تفتح مصر معبر رفح لعشرة ايام متواصلة قبل بدء شهر الصوم، مع ادخال عدد كبير من الشاحنات التي تحمل مواد البناء بشكل خاص، وإن كانت الاوضاع الانسانية مازالت تحتاج إلى الكثير من الدعم قبل أن تتحسن.
أما في اليمن فقد اصدرت الامم المتحدة بالامس تحذيرا جديدا من تفاقم الكارثة الانسانية هناك، إذ يعاني اكثر من ثلاثة ارباع الشعب في حالة من المجاعة، فيما تتواصل المعارك بعد فشل مؤتمر جنيف. وللاسف فان كثيرين قرروا في ما يبدو أن يغضوا الطرف، أو أن يواصلوا التشويش على حقيقة الاوضاع هناك. ولا يملك المراقب الا أن يطرح سؤالا مشروعا:
– بعد ثلاثة اشهر كاملة من القصف الجوي المتواصل، وبعد الاعلان اكثر من مرة عن أن «عاصفة الحزم» (حققت اهدافها)، ما الذي تحقق حقا؟
هل كانت تلك الاهداف هي ايصال الشعب اليمني إلى حافة المجاعة، وتدمير البنية التحتية المتهالكة اصلا في اليمن، وتمكين الحوثيين والجيش من مهاجمة الاراضي السعودية، ثم قبول حوار جنيف بعد رفضه، والاقرار بحتمية الحل السياسي، ثم العودة إلى القصف ولا شيء الا القصف حتى في رمضان.
رابعا: هل تكون بداية النهاية؟ كان السؤال الذي قفز إلى ذهني وأنا أتابع خسارة تنظيم «داعش» الارهابي لمدينة تل ابيض الاستراتيجية والقريبة من «عاصمة خلافته» المزعومة في شمال سوريا. ايا كانت الاجابة، فإن هذه الانتكاسة وسط «فتوحات» لا يمكن انكارها بدءا من الرمادي إلى تدمر، تكرس حقيقة مهمة، وهي أن ذلك التنظيم يخسر كل مواجهة برية حقيقية على الارض. هذا ما حدث في تكريت وبعض قرى شمال العراق وعين العرب ثم تل ابيض. اما انتصاراته المزعومة فإنما يحققها بانسحاب اعدائه، كما حدث في الموصل والرمادي وغيرهما.
إن «تل ابيض» دليل جديد على جبن اولئك الارهابيين الذين «عيدوا» على المسلمين بفيديو جديد يظهر اعدامات بشعة لـ»مسلمين اخرين»، ثم بإعدام نساء واطفال من الاكراد (المسلمين ايضا) في عين العرب امس.
نعم يمكن طرد «داعش» من المدن التي يحتلها عبر قوات برية مدربة على حرب العصابات. اما القضاء على التنظيم نفسه فيحتاج إلى مواجهة اكثر شمولا، خاصة بعد أن انتشرت فيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر وجود انصار له داخل الحرم المكي نفسه.
فهل نأمل في أن نحتفل العام المقبل بـ»رمضان بلا داعش»؟
كاتب مصري من أسرة «القدس العربي»
خالد الشامي
مقال رائع كالعادة، أظن من الواضح من المقصودين بإعلاميين البارانويا.
وكانت اخبارا رائعة أن تفتح مصر معبر رفح لعشرة ايام متواصلة قبل بدء شهر الصوم، مع ادخال عدد كبير من الشاحنات التي تحمل مواد البناء بشكل خاص، وإن كانت الاوضاع الانسانية مازالت تحتاج إلى الكثير من الدعم قبل أن تتحسن.
– انتهى الاقتباس –
يا سلام على هذا الكرم والشهامة !!!!!! لولا خوفي على تعليقي لاستزدت
اسمحلي أن أستعير منك يا أستاذ خالد مع تغيير الكلمة الأخيرة لتصبح :
فهل نأمل في أن نحتفل العام المقبل بـ»رمضان بلا انقلاب»؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
المشكل ليس في نرجسية احمد منصور لكن المشكل انه كان سببا لفضح قضاء فاسد امام العالم.
نتمنى أيضا أن نحتفل رمضان المقبل إن شاء الله تعالى وقد زال نظام الانقلاب العسكري الفاشي في مصر وعاد الرئيس الشرعي الكتور محمد مرسي إلى كرسيه الذي وضعه فيه الشعب قبل أن ينقلب عليه العسكر ثم تبدأ المحاكمات الثورية العادلة .
غريب ان الاخوان المعلقين من الدول العربية يتمنون زوال النظام المصري لكنهم لايجرؤون على تمني زوال انظمتهم القمعية. اما بالنسبة لغزة فان الأخ المقيم في النرويج لن يفهم طبعا معنى ان يفتح المعبر ليوم واحد وليس عشرة بالنسبة لاهلنا المحاصرين.
أقول للأخ اللي عايش مرتاح في النرويج كفى متاجرة بمعاناة غزة ولو كنت حريصا عليها فعلا لكنت أشدت بقرار فتح المعبر كما فعل المقال المحترم حتى لو كان السيسي هو من اتخذه .
من الذي يتاجر بمأساة غزة يا عزيزي محمد سامحك الله
لا يجوز لمصر شرعا اقفال معبر رفح على أهل غزة
فما الفرق بربك بين النتن ياهو والسيسي بشأن غزة
تحياتي ومحبتي واحترامي لك وللعزيز السيد حسين وللجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله
تحية للكاتب المحترم
– علينا أن نشيد برحمة السيسي لفتحه معبر رفح لمدة ثلاثة أيام بعد حصار لمدة ثلاثة أعوام .
– الإعلامي الشوفيزيني الذي يخدم بالقناة المغرضة التي تريد هدم الدولة جريمته أن القضاء الألماني ليس شامخا بالتالي نجا من عدل القضاء المصري .
– وبالحديث عن الإعلام لكي تنجو من (الشيزوفرينيا) وجب عليك التطبيل والتزمير والإيمان بالكفتة وأد الدنيا والمليون وحدة والعاصمة الجديدة .
– وإلىعن داعش مهما كان خيال داعش الوحشي في التعذيب والقتل فلن يصلوا إلى إبداع السيسي في رابعة والنهضة .
ونتمنى أن يأتي رمضان القادم بدون دواعش والمتاجرين بداعش وأنظمة داعش
* ما علاقة فتح معبر رفح وتزامنه مع أسطول الحرية الذي يفضح المحاصرين الإسرائليين والعرب ؟
* وبمناسبة عودة السفير المصري إلى إسرائيل ومسلسل تجميل اليهود وحالة العداء لحماس هل الأمر مجرد مصادفة ؟
* لماذا نواجه أسهم الإنتقاد للمعتقلين والشهداء وننسى من بيده مفاتيح السجون والسياسة ويحكم بإسم الله والشعب والوطنية والنياشين العسكرية ؟
فرد عليه الضابط المصري بنطحة من رأسه ادت إلى كسر انف الاسرائيلي”
اعجبنتي هذه لانها في المسلسل فقط وليس في الواقع يا استاذ
.