هوس كأس العالم

حجم الخط
0

القاهرة – «القدس العربي»: رغم ان الجزائر هو المنتخب العربي الوحيد الذي سيشارك في نهائيات كأس العالم التي تستضيفها البرازيل منتصف الشهر الجاري، الا ان حمى المونديال والهوس بالمنتخبات المشاركة التي قد لا تنم لنا بصلة، تصل ذروتها في الأيام المقبلة. فيما يلي نصف لكم أجواء المنديال في مصر
سأل طفل عمره ست سنوات والده قائلاً: «أبي ما هذا الضجيج والصيحات التى نسمعها؟ ولماذا تمتلئ الشوارع والحارات إلى هذا الحد؟ ما هي المناسبة التي تجمع على حبها هذا الكم من الناس؟»… أجاب الأب قائلاً: «أنه مونديال كأس العالم لكرة القدم يا بني، فهو أمل اللاعبين والمشجعين معاً… به يأمل كل منتخب أن يحقق هذه البطولة لأنها الأغلى والأبرز فى مسابقات اللعبة على الإطلاق، وبه أيضاً يأمل المشجع، أياً كانت جنسيته أن يشبع ويستمتع بأرقى مستوى للكرة وبنخبة من ألمع نجوم العالم لا يجتمعون معاً سوى كل أربع سنوات، ودائماً ما يتفرغ الجمهور المحب للكرة وغيره للاستمتاع بهذه البطولة العالمية حتى أكثرهم إنشغالاَ»…
هذا ما دار من حوار بين أب وابنه فى احدى بطولات كأس العالم السابقة. واختلفت الأجيال من جيل إلى جيل، واختلفت إنتماءاتهم وطموحاتهم، لكن استمر عشق كأس العالم يجري فى عروقهم، إلى أن وصل إلى كأس العالم 2014، الذي يأتي بأجواء ساحرة كعادته، لكن هذه المرة سحره سيكون أكثر تأثيراً على نغمات رقصات السامبا. فالبلد المستضيف هي البرازيل، التى تحتضن المسابقة للمرة الأولى منذ عام 1950. فبعض عشاق الكرة في مصر يؤمنون بأن البلد المستضيف له تأثير على مستوى المسابقة وأداء فرقها. على عكس ما تستضيفه بلاد منتخبات ضعيفة كروياً في أمريكا وآسيا. ومع قرب إنطلاق فاعليات البطولة التي يبقى على بدئها نحو أسبوعين، بدأت اللهجة في مصر بين فئات عمرية متعددة تأخد الطابع الكروي، خاصة عن كأس العالم، والحديث عن نجومهم ومنتخباتهم المفضلة ومتابعة مستواهم مع أنديتهم أولاً.
فلم يعد المشجع المصري مقتصرا فقط على تشجيع الأهلي والزمالك ومنافسيهم فى مسابقات أصبحت بلا طابع مميز، خاصة في الفترة الأخيرة، وحرمانهم من حضور المباريات، ففي غضون عشر سنوات انفتح هذا المشجع على الكرة العالمية أكثر فأكثر خاصة بعد إنتشار القنوات الفضائية، فلم يعد بحاجة لإنتظار مباراة أوروبية تبثها القنوات المحلية من دوري أبطال أوروبا أسبوعياً، أو كأس الأمم الأوروبية، أو كأس العالم كل أربع سنوات ليعلم ما يحدث في العالم الكروي. بل على العكس أصبح المشاهد المصري العاشق للكرة على دراية كاملة بما يحدث في الدوريات الأوروبية، ومتابعة مبارياتها، وترتيب فرقها، فأصبح النادي الأجنبي كالمصري بالنسبة للمشجع المحلي، خاصة البطولتين الأسبانية والإنكليزية اللتين تحظيان بنسبة مشاهدة عالية، على عكس البطولتين الايطالية والألمانية بعدما ضعف مستوى أنديتها بإستثناء بايرن ميونيخ الألماني.
وظهر ذلك الإهتمام واضحاً في صفحات التواصل الإجتماعي «فيسبوك» و»تويتر» وغيرهما، فيمكن ملاحظة أن ردود فعل النشطاء بعد كل مكسب كبير لبرشلونة أو ريال مدريد أو تشلسي ومانشستر يونايتد أو حتى أتلتيكو مدريد وغيرها أصبحت أكثر تفعالاً من ردود فعلهم على نتائج الدوري المصري الذي يحتوي على 22 فريقا ويشهد العديد من المباريات القوية.
ومن هنا نتوقع أن أجواء كأس العالم المقبلة في البرازيل، سيكون لها طابع ومذاق خاص، فالجميع في حالة من التأهب، فالمقاهي على استعداد خاص لإستقبال عشاق كأس العالم بكل فئاتهم العمرية المختلفة، وذلك بالتزيين وزيادة أعداد شاشات العرض الكبيرة، وبالطبع زيادة أسعار المشروبات والكراسي، فمن المتوقع أن تصل نسبة الإشغال إلى 100 ٪، خاصة أن مواعيد المباريات مناسبة تماماً لموعيد العمل لأغلب المشاهدين، فهي في الساعات الأخيرة من المساء، والسبب الآخر هو تشفير المباريات وإرتفاع سعر الاشتراك بها هذا العام ليصل إلى أكثر من 2200 جنيه مصري، فلن يتمكن الكثيرون من مشاهدته في المنزل. والمقاهي ليست الوحيدة التي تستعد فقط لكاس العالم بل الأندية الرياضية التي تسعى هي الأخرى لجذب أعضائها لمشاهدة البطولة داخل أسوار النادي، أيضاً والمطاعم والكافيهات.
وتختلف طقوس المصريين فى مشاهدة كأس العالم، فمنهم من يستمتع داخل منزله وسط عائلته مع كم هائل من التسالي والمشروبات الغازية التي لا تنقطع عن المنزل طوال شهر البطولة، ومنهم من يجتمع مع أصدقائه في الكافيهات أو المطاعم وهم الفئة الأقل تعصباً للكرة، لكن لا مانع من الإستمتاع بشكل أنيق، أما الغالبية العظمى فهي جمهور المقهى وسط الجيران والأصدقاء والغرباء أيضاً والإستمتاع بتحليل أداء الفريقين خلال المباراة من وجهة نظرهم، ومشاركتهم الحماس والصيحات والإحتفالات.
هذا بالإضافة إلى من يتحمس لمنتخبه المفضل، فيرتدي قميصه طوال الشهر، ومن ينتظر طريقة قص شعر لاعبه المفضل ليقلدها في اليوم التالي، وهناك من يريد أن يشعر وكأنه فى البلد المستضيف فيرسم علم البلد على الوجه ويطوف بعلمه في الشوراع، أو تبني تقليعة ما تظهر مع بدء البطولة لتجدها منتشرة بالقرب منك، وما لا شك به انك ستجد أغنية البطولة يومياً على صفحتك بالفيسبوك من مشاركة أحد أصدقائك. على الجانب الآخر، من الممكن أن تلقي الأجواء السياسية في مصر بظلالها على مباريات كأس العالم، خاصة أنها البطولة الأولى بعد ثورة 25 يناير، وستأتي عقب إنتهاء فترة الإنتخابات الرئاسية بأيام قليلة، حيث سيكون الجميع في حالة من الترقب مع الرئيس الجديد، ولا يعلم الشعب المصري إن كانت المشاكل السياسية ستحل ويعود الإستقرار إلى البلاد عقب هذه الإنتخابات أم لا، ولا ندري هل ستثير العمليات الإرهابية والتفجيرات مخاوف الجمهور الكروي من التجمعات الضخمة في الشوارع؟
وعلى الرغم من ذلك أتت النسخة الـ20 من كأس العالم هذا العام بحملة دعاية غير معتادة في مصر من قبل رعاة البطولة، وتنظيم مسابقات مختلفة، من ضمنها زيارة الجوهرة السوداء بيليه خلال شهر فبراير / شباط الماضي.
تقترب المسابقة يوماً بعد يوم، ولا يحتاج الجمهور المصري سوى أجواء هادئة، وأيام صيفية ممتعة، ومجموعة من المباريات المثيرة السريعة، لينسى بها كل ما جرى… أنه هوس كأس العالم.

دينا الروبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية