وقعت بالصدفة على مجلة تصدر في برلين وهامبورغ تحمل اسم «ميدان» (كنت أحلم مع بدايات الثورة في سوريا بصحيفة تحمل هذا الاسم)، موضوع الغلاف وعنوانه هكذا:
«مشروع تهويد القدس والمسجد الأقصى إلى أين…؟!؟!؟» (الإشارات هنا كما وردت في المصدر بدقة: ثلاث نقاط وإشارات استفهام وتعجب). وعلى كامل الغلاف تمتد صورة للمسجد الأقصى.
حين تقلّب صفحات المجلة سيدوّخك كمّ الإعلانات والصور التي تدور كلها حول الطبخ والمطاعم العربية، صور الفلافل، والمكسرات، واللحم الحلال، والحلويات العربية.. مقابلة مع الشيف الفلاني، ما الذي يجعل من ماركة الشاي الفلانية لامعة إلى هذا الحد..
اللافت أن هذه السطوة للطبخ لا تتوقف على الصحافة، فالمطبخ العربي بالذات يصبح ذريعة لأعمال فنيّة، إن لم نقل فعاليات سياسية واجتماعية، المسرح، الفن التشكيلي، عروض الشارع،.. لا يغيب عن البال عرض مسرحي قُدم في غير مدينة أوروبية، يقوم على لقاء حبيبين على طبق كبّة سبـق للحبيبة أن تذوقتـه في دمشـق.
لقد انقضت إذاً أزمنة الرومانس، حيث كان العشاق يلتقون في ظلال الياسمين، أو على نبع الماء، وهذا أضعف الإيمان. اليوم لا لقاء ولا صحافة ولا كاميرا إلا مع تلك الأطباق العربية النادرة، والتي يعزّ وجودها في أوروبا.
يبدو الناس هنا وكأنهم توصلوا إلى حلّ كافة مشاكلهم، تجدهم هائمين على وجوههم طوال الوقت، بحثاً عن عرق بقدونس له رائحة تلك البلاد، البقلاوة الشامية، الباذنجان الحمصي، وهكذا.
مذهل فعلاً هذا التلخيص لاهتماماتنا، مذهل أن جالياتنا لم تتعلم شيئاً من صحافة وحرية هذه البلاد.
صحافة صفراء
«فضيحة مذيعة إيرانية بين محافظة متشددة ومتحررة تخلع الحجاب وتشرب البيرة»..
يصـعب فهم هذا العنوان على موقع الكتروني يعـود لقـناة تلفزيونية رصينة مثل «فرانس24». موقع القـناة لا يكـتفي بهذا العنوان الرخيص، فهو يحرص على نشر صور للمذيعة، التي يذكرها بالاسم الصريح، مسرّبة ومجهولة المصدر، ملتقـطة على طريقة الباباراتزي، في حديقة خاصة لمنزل، مع زجـاجـات البـيرة، ومن دون اللبـاس الـديني المعـروف للمذيعـة المتشـددة في الأسـاس.
لا يخفى الفارق بين تناول الظاهرة الإيرانية، الفصام الإيراني بين الصورة العمومية الرسمية والسلوك الخاص، لكن الشكل الذي ظهر فيها الموضوع بدا شخصياً، بل أقرب إلى المساهمة في التشهير بتلك المذيعة، مستخلصاً «أنه من الصعوبة أن تدافع عن موقفها.» الفارق بين الصحافة الجادة والصحافة الصفراء ليس طفيفاً حتى يتعامى عنه الصحافيون، لو أردنا نموذجاً لكان هذا العنوان، هذا الموضوع، الذي تجده الآن على صفحات «فرانس24».
وهاب متهماً السنيورة
لم أر بشكل مباشر مقابلة السياسي اللبناني وئام وهاب على تلفزيون «الجديد»، رأيتها حين شاركها ناقد سينمائي لبناني على صفحته في فيسبوك. في المقابلة يتّهم وهاب رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة بأنه جاسوس (للأمريكان، وللأجهزة..)، ينقل وهاب عن المناضل الراحل (وصْف المناضل يسوقه وهاب من أجل مصداقية روايته) تيسير قبعة (هو أحد القادة التاريخين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، أن الأخير روى للصحافي سامي كليب وثريا عاصي أنهم أيام «حركة القوميين العرب» كانوا يفاجأون بمن يسرّب أسماءهم، ثم اكتشفوا ان «الجاسوس» لم يكن سوى السنيورة، الشاب العشريني آنذاك. فاتخذوا قرار إعدامه في ضوء ذلك، بل إن قبعة شخصياً أخذه بسيارته للإعدام لولا مصادفة مرور سيارة للأمن اللبناني حسبوها تطاردهم جعلتهم يلقون بالسنيورة على قارعة الطريق قبل تنفيذ الحكم.
الناقد اللبناني سعيد بهذه الرواية، لأنه يتمنى للسنيورة السوء بأي شكل، حسب قوله في أحد التعليقات. تلك «السعادة» التي هي تماماً ما يسمّى التصيّد، والانتقام بأي ثمن ممن نكره، أو ممن يختلف معنا. ألا يفكر الناس أن يبقوا، حتى في قلب العداوة والاختلاف السياسي، على ذرّة من ضمير، على بعض الأصول في العداء، أو قل باختصار على قليل من النبل!
نحن أمام حكاية، أطرافها وئام وهاب، تلفزيون «الجديد»، مناضل راحل، سامي كليب، مذيعة تهز برأسها وتبتسم، وناقد لبناني سعيد بمشاركة مقابلة لوئام وهاب. من هو قليل الضمير في هذه المعادلة برأيكم؟
فورة اليوتيوب
لا أحد يمكنه أن ينكر أن «الربيع العربي» دفع إلى التعجيل باستثمار وسائط التواصل الاجتماعي، بالذات يوتيوب، إحدى أدوات غوغـل، كان له حـظ كبير من الاستخدام، كثر أنشأوا قنواتهم الشخـصية، وبـدأوا منـها رحـلتهم الخاصـة إلى جمـهور التلفـزيون.
المغامرون كثر، وكل يوم تجد محاولات لشبان اختراع قنواتهم الخاصة، خصوصاً مع الانسداد الكبير لآفاق العمل المؤسسي، ومن جهة أخرى مع فضاء أكثر حرية، خصوصاً للاجئين الذين يجدون متسعاً كبيراً للقول في أماكن لجوئهم من دون خوف.
الشكل يلعب هنا دوراً كبيراً، الغرافيك، التصوير، المونتاج، الإيقاع الحيوي والسريع، كل ذلك ضروري، لكن هناك أمرين لا بدّ منهما، الحضور الشخصي والنص المكتوب. وهما عنصران لم يتوفرا إلا لقلّة قليلة من المقدمين، من بينهم المصري أحمد أمين، الذي تجده على الدوام يقدّم تعليقات في غاية الخفة، وتعليقات في غاية الظرافة، من دون أن يتوجه للناس مرة بالوعظ والتقريع.
هذه الوفرة لن تكون بلا جدوى، لا بد أنها ستثمر مع الأيام أداء أفضل، وأشكالاً لا حصر لها في التعبير.
كاتب فلسطيني
راشد عيسى
المجلة يا أستاذ راشد يجب أن تكون منوعة الأخبار حتى تحقق الإنتشار
ألا يقال بأن أقرب طريق لقلب الرجل هو عبر معدته ؟
ولهذا تبحث النساء عن فنون الطبخات
ولا حول ولا قوة الا بالله
وهل صارت العماله والجاسوسيه لمصلحة العدو ديموقراطيه ومجرد إختلاف في وجهات النظر؟
والله ياعزيزي بتنا في وضع الحليم الحيران لم نعد ندري من هو الوطني ومن هو الجاسوس
أما فورة اليوتيوب فأجزم أنه سيكون بديل التلفاز الذي الذي سوف يصبح قريبا من الماضي .
أستاذ عيسى (الراشد)
رغم المتعه الحقيقيه لقراءه مقالتك الإسبوعيه والتي دائما ما تكون خفيفه ورشيقه ومباشره، وانيقه، وراشده، ورغم قيمه المعلومه وأهميتها،،إلا أن ما لفت انتباهي في مقاله اليوم الفقره التاليه((ألا يفكر الناس أن يبقوا، حتى في قلب العداوة والاختلاف السياسي، على ذرّة من ضمير، على بعض الأصول في العداء، أو قل باختصار على قليل من النبل!)).
هذا برأيي المتواضع هو عباره عن نشر الفضيله وبث قيمه أخلاقيه اجتماعيه،،النبل صفه أو قل عمله أصبحت شبه نادره بين الناس (دع عنك أهل السياسه).
هذه هي أمانه نشر الوعي المناط بأصحاب الرأي(أمثالك).
وفي موضوع الكلمه الطيبه يقول الحق سبحانه ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ). سوره ابراهيم (24)
تحياتي أستاذنا ألراشد