لندن – «القدس العربي»: هل يمكن للإدارة الامريكية إقناع الفلسطينين بدعم خطتها للسلام المتجمدة في الوضع الحالي من خلال التركيز على تحسين الظروف في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ عام 2007. وترى صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير أعدته آن غيران قالت فيه إن الجزء الأكبر من خطة السلام التي تقترحها إدارة الرئيس دونالد ترامب تقف أمامها السلطة الوطنية التي ستتفاوض على تسوية لكنها لا تزال غاضبة من قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والإعتراف بالمدينة كعاصمة لإسرائيل. وفي زيارة قادها صهر الرئيس ومستشاره جارد كوشنر للمنطقة عاد منها مع مرافقيه بدون كسر الجمود.
وقد قاد هذا المسؤولين الأمريكيين للبحث عن طرق لضخ المساعدات وتنمية قطاع غزة الذي ظل نقطة توتر دائمة وتسيطر عليه حركة حماس، على أمل ان يؤدي تدفق المساعدات الإنسانية لتخفيف الأزمة. وتعلق الصحيفة أن واشنطن تريد إظهار التزامها للفلسطينيين بطريقة تعقد من موقف الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الرافض للتعاون مع الأمريكيين في العملية السلمية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز قوله: «بالتأكيد نركز على غزة في الوقت الحالي لأن الوضع كما هو هناك ونحاول المساعدة». و»لكنه ليس كما نعتقد أنه كذلك ولهذا نريد معالجة موضوع غزة قبل الإعلان عن خطة السلام».
«تحسين الخدمات»
وواحد من الطرق لحل وضع غزة هو القيام بمشاريع لتحسين الخدمات الكهربائية والمياه وسيتم تمويلها على المدى القصير من دول الخليج ودول مانحة أخرى وسيشرف عليها مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف. وتقول الصحيفة إن المسؤولين الإسرائيليين رحبوا بمدخل «غزة أولاً» كطريقة لممارسة الضغط على حماس التي تمارس السلطة الوطنية وإسرائيل ومصر عليها حصاراً.
وقال مسؤول إسرائيلي «إنها تقدم الدعم لسكان غزة كمرحلة أولى» وأضاف: «يعرفون أن الفلسطينيين ليسوا مستعدين للنظر في (الجزء الأكبر من الخطة) ولهذا بدأوا يركزون انتباهاً كبيراً على الأزمة الإنسانية في غزة». ولا تزال الخطة الأمريكية مغلفة بالسرية ولهذا رفض المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون والعرب الكشف عن هويتهم. إلا أن الولايات المتحدة قد تمضي في خطواتها وتكشف عن الخطة رغم موقف الفلسطينيين المعارض.
وتصل نسبة البطالة في القطاع إلى 40% ولا يحصل المواطنون فيه إلا على أربع ساعات من الكهرباء يومياً. والوضع فيه سيئ لدرجة توقعت الأمم المتحدة أنه سيكون غير صالح للسكن إلا في حالة جرى تدخل لتحسين الأوضاع فيه. وشهد شهرا نيسان/أبريل) وأيار/مايو احتجاجات على الشريط الحدودي مع إسرائيل مما أدى لمقتل وجرح اعداد كبيرة من الفلسطينيين فيما وقفت إدارة ترامب مع إسرائيل التي تعرضت للنقد الدولي وأن جنودها استخدموا الرصاص بطريقة غير متناسبة مع المحتجين الفلسطينيين. وتتهم الولايات المتحدة حركة حماس المصنفة كجماعة إرهابية في أمريكا باستخدامها سكان غزة كبيدق في نزاعها مع السلطة الوطنية في رام الله. وفي الوقت نفسه يتهم الفلسطينيون واشنطن باستخدامها أزمة غزة لإجبار الرئيس عباس على القبول بالخطة الأمريكية ومن موقع الضعف.
وقال عباس الشهر الماضي إنه رفض الخطة الإقتصادية الأمريكية لغزة واعتبرها محاولة لتقسيم الفلسطينيين واختصار النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي بكونه أزمة إنسانية.
هدنة وتبادل أسرى
وفي بيان من المتحدث باسمه حذر فيه الدول الإقليمية من دعم المشروع الذي سيعمق انقسام القطاع عن الضفة الغربية ويحمل تنازلاً في موضوع القدس الشرقية.وترى الصحيفة أن خطة تركز على غزة ستترك، في المدى القصير، منافع سياسية على إسرائيل خاصة لو أدت إلى هدنة على الحدود. وقال المسؤول الإسرائيلي عن الفريق الأمريكي «نريد مساعدتهم» مضيفاً أنه من غير الواضح موافقة حماس على الهدنة وتبادل الأسرى الذي تعتبره إسرائيل شرطاً لأي مقترح. وتساءل دبلوماسيون شاركوا في الجهود السلمية السابقة عن الطريقة التي ستقوم فيها الولايات المتحدة بمواءمة جهودها لتحسين الأوضاع في غزة مع قرارها العام الماضي قطع الدعم المالي عن وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا). فقد خفضت إدارة ترامب المبلغ الذي تعطيه للمنظمة إلى النصف في بداية كانون الثاني (يناير) في رد منها على الموقف الفلسطيني من إعلان ترامب نقل السفارة إلى القدس. وفي الوقت الذي تحرف فيه الإدارة نظرها نحو غزة يشكك المفاوضون المخضرمون في محادثات السلام بالشرق الأوسط بقدرته على التوصل لاتفاق يصفه بـ «الصفقة الكبرى».
وعقد ترامب المهمة لنفسه عندما اعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل بشكل أدى إلى خرق في العلاقات مع الفلسطينيين حسبما يقول فيليب غوردون، الدبلوماسي السابق في عهد الرئيس باراك أوباما. وأضاف: «لم يكن هناك وقت مناسب لتقديم خطة لها حظ للنجاح، وبهذه الطريقة أصف الوضع في ظل القيادة الحالية من الطرفين» أي الفلسطينيين والإسرائيليين. وأجلت زيارة كوشنر والوفد المرافق له على ما يبدو الإعلان عن الخطة ولم تعجل بها. وقد زار كوشنر مصر والأردن وقطر والسعودية وأخيراً إسرائيل.
وكانت الدول العربية بما فيها حلفاء الولايات المتحدة قد شجبت قراره بشأن القدس وقالت إنه لم يأخذ بعين الإعتبار الطبيعة المتفجرة لقضية السيادة على المدينة المهمة للمسلمين والمسيحيين أيضا. كما أن التحرك الأمريكي الذي كان في جزء منه وفاء بوعد انتخابي لم يترك مساحة للقادة العرب كي يساعدوه في وعده لتحقيق السلام.
وفي مقابلة مع ثلاثة دبلوماسيين عرب بعد رحلة كوشنر في حزيران (يونيو) قالوا إن بلادهم لم تغير مطلبها إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ويريد الفلسطينيون تعويضًا للذين تركوا بيوتهم بعد إنشاء دولة إسرائيل. وقال مسؤول بارز في إدارة ترامب: «كل القادة العرب يدعمون القضية الفلسطينية ولكنهم مستعدون للمساعدة وإن كنا قادرين على التوصل لصفقة سلام».
ورفض المسؤول الاقتراحات التي ترى في التركيز على غزة كمقدمة لخلق دولة فلسطينية عليها وبالضرورة استبعاد السلطة الوطنية من الخطة وقال «هذه سخافة»، «فنحن لا نحاول عمل هذا ونعتقد أن الحل في ظل خطة السلام سيكون غزة موحدة مع الضفة الغربية تحت قيادة فلسطينية».
استثمار في القطاع
وعبر كوشنر في مقابلة مع صحيفة «القدس» المقدسية الشهر الماضي عن تفاؤله من إمكانية تحويل الاستثمار والهدوء غزة. وقال: «أعتقد أن الطريق الوحيد لاهل غزة هو تشجيع القيادة على تحقيق هدنة تمنح إسرائيل ومصر الثقة لكي تسمح بمرور بضائع ومواد التدفق إلى غزة» مضيفاً أن الكثير من الدول مستعدة لكي تستثمر في غزة «لو كان هناك منظور حقيقي لطريق مختلف».
وكانت المقابلة جزءاً من الجهود الأمريكية التواصل بطريقة مباشرة مع القيادة الفلسطينية في غزة والضفة على أمل الضغط على السلطة الوطنية وحماس. ولا يمكن لفريق كوشنر التعامل مباشرة مع حماس ولكنه سيعتمد على الوسطاء والمستثمرين الدوليين في مشاريع الطاقة والمياه مع ان هذه المشاريع تحمل مخاطر تقوية حماس. ومع تراجع وتيرة الاحتجاجات في غزة إلا أن التظاهرات المتفرقة لا تزال تحدث. وكان كوشنر قد قال الشهر الماضي إن خطة السلام ستاتي قريبا وستكون أساسا للتفاوض.
وتوجه للفلسطينيين مباشرة مطالبهم بالتفكير في منافع التسوية مع إسرائيل رغم موقف قيادتهم من الولايات المتحدة وأنها لم تعد عراباً محايداً للعملية السلمية. وقال مسؤول في إدارة ترامب «لا يوجد في الحقيقة موعد نهائي» و «نحن هنا لمدة عامين ونصف أو ستة أعوام ونصف عام ومن جانبنا فلدينا الوقت والصبر ولن تتغير الخطة».
«أوبزيرفر»: ممول لعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي قابل السفير الروسي 11 مرة وليس في «غداء ثمل» واحد
غالباً ما أكد رجل الأعمال آرون بانكس الذي كان في قلب حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أنه لم يقابل سفير موسكو في لندن سوى مرة واحدة كانت عبارة عن غداء شرب فيه حتى الثمالة. ثم قال إنه قابله ثلاث مرات وبعدها أربع مرات. ويبدو أن الوثائق التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» أكدت أنه تلقى عروضًا تجارية من السفارة.
وهو وإن اعترف بها إلا أنه قال إنه لم يواصل أيا منها. وفي سجلات جديدة كشفت عنها صحيفة «أوبزيرفر» قالت إنها تعطي صورة عن حجم المقابلات وعلاقة واحد من كبار ممولي حملة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي مع الروس. وتشير السجلات التي اطلعت عليها الصحيفة أن رجل الأعمال بانكس التقى بالسفير 11 مرة. وتكشف عن أن السفارة قدمت دعوات أخرى في أربع مناسبات أخرى ولكن لا يعرف إن كان بانكس قبلها أم لا.
وهذه المرة الثالثة التي يناقض فيها بانكس تصريحاته بشأن علاقاته مع السفارة الروسية والتي أكد فيها أن اتصاله الوحيد كان غداء مع السفير شرب فيه حتى الثمالة.
وبعد كشف الصحيفة في الشهر الماضي عن عقد لقاءات متعددة عرض عليه فيها عدد من الفرص المربحة قال بانكس في شهادة امام لجنة في مجلس العموم تحقق في الأخبار المزيفة إنه عقد لقاءين أو ثلاثة مع السفير. ولكنه اعترف في الأسبوع الماضي عندما ضغطت عليه صحيفة «نيويورك تايمز» بلقاء رابع. وتشير أدلة «أوبزيرفر» إلى سبعة لقاءات أخرى. وعندما طلبت الصحيفة منه التعليق لم يرد بانكس.
وفي الصحيفة تفاصيل عن علاقاته فيما نشرت صحيفة «صاندي تايمز» رسالة ألكترونية تقترح عروضاً تجارية في اللقاء الرابع الذي تم في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 أي في اليوم الذي أعلن عن حملة «الخروج من أوروبا» التي ساعد على إنشائها. وتشير الوثائق إلى أن بانكس أرسل رسالة إلى سيمان بوفارنكين، رجل الأعمال الروسي المقرب من المؤسسة والذي قدمه إلى السفير الروسي حيث جاء فيها: «لقد تحدثت مع جيم ميلون، شريكي في البنك وكلانا مهتم في كيفية المساعدة. ولدى جيم اهتمام واسع في التجارة».
وأضاف بانكس إن شريكا آخر سيتصل معه من أجل «البدء في المحادثات وأنا متفائل بالذهب ولهذا مهتم بالنظر إليه» وفي ملاحظة إضافية يقول «جيم يعرف السفير أيضاً». وجيم هو رجل أعمال من «آيل أوف مان» وبنى ثروته التي تقدر بـ 850 مليون جنيه استرليني في روسيا بداية التسعينات من القرن الماضي. وكلاهما شريكان تجاريان مع بانكس ولديهما حصة في مجموعة ميلون مانكي المالية.
وتبرع ميلون بـ 50.000 جنيه استرليني لحملة الخروج من الاتحاد الأوروبي مع أنه كمقيم في بريطانيا لا يحق له التصويت. وقال مقرب من ميلون إنه يتذكر حديثاً جرى حول مصالح مناجم في أفريقيا إلا أنها لم تكن ذات أهمية. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في الأسبوع الماضي أن «شارلمان كابيتال» وهو صندوق استثماري أنشأه ميلون ويملك جزءاً منه، اشترى حصة من شركة «الروسا» وهي أكبر شركة تنقيب عن الماس في روسيا حيث تم توقيع العقد قبل أيام من بدء الاستفتاء على الخروج من الإتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو) 2016.
ويدير «الروسا» ابن أحد مستشاري فلاديمير بوتين وهو سيرغي إيفانوف والذي عمل معه منذ أن كان بوتين في المخابرات الروسية. وتبع الاستثمارهذا آخر عملته «شارلمان كابيتال» مع «الروسا» في تشرين الأول (اكتوبر) 2013 عندما باعت الحكومة الروسية 16% من أسهم الشركة واشترت معظمها شركات أمريكية.
ويقول ممثلون عن ميلون إنه علم بصفقة الروسا من صحافي في الأسبوع الماضي.
وقالوا إنه وإن أنشأ شارلمان إلا أنه كان يملك في ذلك الوقت 19% وكان مديراً غير تنفيذي ولا دور له في قرارات الإستثمار ولا يعرف عن امتلاك الشركة الحصص الجديدة. وقالوا إن عرض شركات فرص استثمار على المستثمرين أمر عادي.
وحصلت شارلمان على واحد منها في 6 تموز(يوليو) 2016 حيث تم الإعلان عن خطط خصخصة 10.9% من أسهم الروسا. وحصلت الحكومة الروسية على 813 مليون دولار من بيع الحصص ولكن قيمتها تضاعفت خلال عام. وبدأت شارلمان ببيع أسهمها في إيلول (سبتمبر) 2016 حسب تقريرها السنوي. وأكد ممثلون عن ميلون بيع الحصص التابعة لشارلمان مؤكدين أنه لم ينتفع شخصياً من عقدها مع الروسا.
وكشفت الوثائق التي شاهدتها «أوبزيرفر» أن بانكس وشركاه بمن فيهم شريكه التجاري والمتحدث باسم حملة الخروج أندي ويغمور ناقشوا عقدي مناجم ذهب مع بوفارينكن وليس ميلون في كانون الثاني (يناير) 2016.
إبراهيم درويش